سودانيات .. تواصل ومحبة

سودانيات .. تواصل ومحبة (http://www.sudanyat.org/vb/index.php)
-   مسابقة القصة القصيرة 2009 (http://www.sudanyat.org/vb/forumdisplay.php?f=61)
-   -   الأعمال المرشًحة لمسابقة القصة القصيرة (http://www.sudanyat.org/vb/showthread.php?t=10925)

الفاتح 09-05-2009 08:51 AM

الأعمال المرشًحة لمسابقة القصة القصيرة
 
هنا نتلقى النصوص التي سيتقدًم بها المتسابقون وفق الشروط التالية :

1-بإمكان المتسابق أن يتقدًم بعملين مختلفين ، على ألا تكون هذه الأعمال نالت الفوز فى مسابقات أخرى.
2- أن لا يزيد العمل على 1500 كلمة – حد أعلى.
3- لا ترد الأعمال المشاركة إلى أصحابها.
4- يسجل المتسابق بياناته على النحو التالى:
أ‌- اسم المتسابق الثلاثى ب ـ العنوان كاملا ، البريد الإلكترونى.
5- على أن تكون المسابقة مفتوحة لجميع المبدعين السودانين بالداخل والخارج دون التقيد بالسن أو النوع/ الجنس.


* سيقرر السادة / مجلس إدارة سودانيات بخصوص الجوائز التي ستقدًم للأعمال الفائزة والمميزة.

الفاتح 09-05-2009 02:23 PM

[frame="1 80"]السادة الأعزاء..
وجب التنويه إلى أن هذا البوست مخصص فقط للنصوص المرشًحة ،
نرحًب بكل الأسئلة التي تتعلق بالمسابقة في البوست المعنون ب " مسابقة القصة القصيرة "..
أعتذر عن الإزعاج.. لكن هذا مالزم توضيحه
شليل/مشرف منتدى نوافذ
[/frame]

أمير الأمين 12-05-2009 11:45 AM

بنت ... ال...
 
[frame="7 80"][align=center]بنت ... ال...[/align]
[align=right]
هند زميلة.. سنوات الدارسة الجامعية .. ابنة وزير سابق ..مدللة.. مفتونة بنشوة تفوقها ...وإرثها الاجتماعى..تحاش الكل الاقتراب منها .. الا انا ..!! رغم فوارق الطبقات و وزيف الانا التى تميزها .. الا أننى لمست هشاشة ما وضعفا فى دواخلها ... وجدت فيه منفذا للاقتراب منها و خلق نوع من الارتياح بيننا..!!
لم تحس منى بهواجس غيرى نحوها او سعيهم للابتعاد عنها او صبرهم على وجودها فى وسطهم .. كان لى تكتيكى الخاص بى .. كثيرا ما كنت استخدمه للايقاع بزميلاتى وحتى اخوات اصدقائى .. يبداء عادة بحوار متعدد الوجوه.. مختلف و متباين القسمات..اساسه قد يكون الدين .. الفلسفة .. او البرا فيزيكس ..حديثا عن سيمون دوبوفار او بوب مارى او ديكارت او ادونيس …ويمر سريعا على السياسة و الاجتماعيات ويتبسط كثيراً عند الجسد واحواله و تبعات تعرجاته...وينتهى الحديث .... ولا تخرج منه هى بشىء .. الا .. الارباك...و الحيرة!!! وتقليل رايها فى اى شئ مهما كان صدقه...!! هذا التكتيك يعريها تماما ويجعلها فى حيرة منى ..!! ومن اهدافى تجاهها..!! و بعدها تبداء مرحلة الاستمالة و التقرب البعيد الذى لا يثير الشكوك او الظنون...وهدفه هو ابعاد الاخرين من حولها.. ليس بتقليل شأنهم او تلويث سمعتهم بل بتكبيرهم فى نظرها واعطاؤهم اكثر مما يستحقون حتى تحس انها بالنسبة اليهم لا شئ و اقل من حتى ان تفكر فى الاقتراب..منهم ..!! فتكتمل هواجس عزلتها .. الا منى .. ومن مدارات انتظارى...!!
حيل شيطانية ماكرة .. اجيدها واتفنن فى نسجها وحبك مداخلها و استداراتها .. و اجد فيها لذة لا تشبهها حتى لذة جسد فتاة مدود امامى متعريا الا من بعض حياءٍ و خجلٍ ..و شئُُ من ظنون
لم تستعصى على فتاة قط .. الكل سواسية.. جدرانً أيلة الى السقوط تحت مظلة رحمتى.. !! لا فرق عندى ..بين امرأة سوية الملامح و الانحاء والنتوءات .. او اخرى ..حديثة عهد باستدارة صدر و تمدد عجز..!!
اذكر اول التقاء لى بها فى الجامعة ...امام مدخل احدى القاعات ....
وجدتها تتحدث مع بعض الزميلات ..و الزملاء تم تقديمها بهند ابنة " فلان الوزير السابق" .. لحظتها تهلل وجهها .. اعتزازا وفخرا..كعادتها ..لم اكترث له كثيرا ووجهت عينى بنظرة فاحصة الى مفرق صدرها وتنورتها.. و اطلت النظر والبحلقة بتحدٍ وخجلٍ فى انٍ واحد .. و حين لمحت تلك الارتعاشة الدافئة فى عينيها احسست ان "قوقل" بحثى قد وجد منفذ هواه...!! و ان هواتف ندائى تقترب من ملامسة ..شغب حواسها..!! ومر اللقاء الاول .. سريعا... و تكررت بعده اللقاءات.. خلال جلسات الاستماع او حفلات الروابط ورحلاتها المثيرة.. او اركان النقاش ..كنت امارس دورى الذى رسمته لنفسى بمهارة.. حيرة وارباك.. و تمهيد للانقضاض فى لحظة ضعف ما او تحفيذ بواطن شهوتها حتى تشتعل رغباتها..ثم الانسحاب البطئ الذى يتركها اكثر حيرة واقرب الى النفور..!!
سالتها ذات لحظة شبق.. ما " اتتوق لتواصل جسد وورح" ؟
قالت " الاله لا ُيرى ..!!"
قلت لها " و لكن نوره يخطف الابصار ..و روحه تتسلل الى الدواخل"
قالت "كيف بخطف نوره وهو لايرى ؟ "
قلت " من قال اننا نحتاج الى اعين لنرى ...!؟ ارايتِ ظلام يشع؟ او اعمى بصيرة يرى ..؟ "
قالت " القدسية امتهان ..!"
قلت لها " القدسية امتهان للذات لانها ترفع النفس الى مصاف الاله.. واصلها نطفة ..فكيف تساوى هى مع الاله..؟"
قالت " او هي تعبير مبالغ عن زهو الذات و جمال فحواها "
قلت لها " الجمال هو إختبار لقدرة الحواس على الإنفعال
و رمز للتعبير ليس له مقياس محدد... وهو مراتب وقيم ومدارج....
انا ابحث دوما عن جمال الجسد يحركنى اكثر من اى جمالٍ اخر..!!"
قالت " وحين يشبخ االجمال الخارجى ماذا تفعل بالجسد ؟؟"
قلت لها " الجمال لا يشيخ ...انما يتنفس فقط...!!"
هكذا كنت اتسلى بفكفكة دفاعاتها و زيادة حيرتها وإرباكها..وهى مثلها مثل غيرها من أبناء وبنات طبقتها..!!لا تخلو من ضحالة فى الفكر وسهولة فى الانقياد والتبعية...!! لا قبل لهم ..و لا لها... بهواجس تدبيرى ..ولا طولة صبرى و انتظارى...!!
حتى جاء اليومُ الموعود .. حينُ أحسستُ ان مراكب شبقى .. تدنو من حفيف شواطئ لذتها ..و ان شقى وسهر حواسى .. يقترب من راحة موعودة .. تنتهى بارتعاشة جسد وتمدٍد..
وإنفراجٍ..وأشياءً أخرى..!
فقد ادمنت هى عشقُ التفافى حول نواصى مداراتها ومحورُ أحلامها
فاصبحتُ لها .. مزاراً تؤمه صباح ..مساء.
جهزت مكان اللقاء او" متعة الحصاد" كما كنت اسميه.. بكل تفاصيله
الدقيقة... عبق عطره .. خفوت ضؤوه.. قليل ضجيجه..
صوت شرحبيل هادئا يهذى باشواقه وأحلامه .....
" لو تعرف الشوق كنت يا المحبوب ...ترم ترلم"......
فالاهم ان تبقى فى دوخلها ذكرى اللقاء .. تلفح حواسها .. تثير رغباتها..و تكبح بوادر تمردها.. حتى تبقى أسيرة حاجتى و رهن هوى تقلباتى... وأتت كدعاشة عطر.. معطونة فى حاجة جسدها... تجر وراها حيرة لم تفارقها منذ لقاؤنا الاول.. و قلق فى انتظار نهايات لم تحسب فيها ... متعة بداياتها...!! لحظة دخولها "متعة الحصاد"... اطلقت ضحكة صارخة التفاصيل و العناد.. توقف الدم لحظتها فى مفاصل نشوتى و حدقات رغبتى..وقالت فى استهزاء واضح... " من أجل هذا فقط انفقت كل هذه الشهور والايام.. !! لو طلبت جسدى من اول لقاء لكنت منحته لك .. كما اقدمه للاخرين دون كبيرعناء.. و لكن أنتم الرجال هكذا... تريدون دوماً أن تصنعوا من أنفسكم أبطالاُ.. لا تستمعون إلا بارضاء غرور صلفكم وأوهام تكبركم..!!"[/align]

أمير الأمين
[/frame]

طارق صديق كانديك 12-05-2009 03:00 PM

خارج الإيقاع ... !!!
 
[frame="10 80"]

خارج الإيقاع ... !!!


ماردٌ يغشاهم في جلال ٍ وأزليةٍ مدهشة ، يحمل إليهم سر الحياة في مكنونها الأبدي ويستمد بهاء بقائه من الملكوت ! يرقد ذاك الأزرق المهيب بجانبهم يشاطرهم فرح السنين ويفعل فعلته التي فعل ساعة أن يحيض مهيئاً رحماً ولوداً في دلال ، ثم يفيض فينثني الزهر الجميل يطأطئ خده فيصبح معبراً لفراشة الأفراح ودنيا الحالمين ! وساعة أن يقيض يصرع الأغصان في عبثيةٍ ثكلى فتمسح أرضهم سحب الزوال بلا ضجيج إلا من التسبيح والتحميد ! فكم أغدق عليهم في ثبات سرمدي منذ الأزل ويؤرخون قديمهم بمولده الذي لا يعلمون متى ابتدأ وكيف كان ، فيهزجون : ـ

(من وقت حفرو البحر) !!!

كانوا به يتفاءلون ويمرحون وتأتيهم حيتانهم فيه فيولمون ويزرعون ! هو الحياة عندهم وتدور دنياهم به ومنه دون كلٍ أو لجاجة ، فصغارهم يغمرهم بالفرح الطفولي الكبير مثل الكبار على السواء !!

تقفز ( هناء ) من هناك ومن هنا وترقد بعض خصلاتها على خديها الصغيرين تمسح ما لحق بهما من بقايا للطعام وشيئاً من الزيت العتيق وتحمل قدماها مسحةً من غبار لا يكدر صفوها شيئاً إلا السؤال المستمر عن اللبن الزبادي ..!!

: ـ من الذي اخترع اللبن الزبادي ؟

فلا يجيب شقيقها ( مصعب ) ويكتفي بالإبتسام في وجهها حتى يلامس خدها ثم يهجم فيضع أسنانه عليه فتولول وهي باكيةً تهمهم ( خلاس خلاس ناس بعيديييييييين عملوا الزبادي ) ..!! فكني ..!

كان شقيقها حجةً في البخل !! لا يدرون لذلك سبباً كان يبخل في كل شئ !! ولم يجاوز سنيه السبع بعد وهي لا تكبره إلا بمدة بقائها في جوف أمها فقط .. !!

: ـ يمه كبي الشاي خلينا ناكل -عيشتنا- (رغيفتنا) دي ..!!

كانت تتظاهر بالنوم وفور سماعها ذلك رفعت رأسها لتشاركه الوليمة ! عندها أردف موجهاً حديثه لها : ـ ( عيش حب حب .. نومي نومك ) ..!!

لا يتسلل اليهم تعقيد الحياة في شئ إلا وقت المسلسل العربي .. ثلاثة فقط من أجهزة التلفاز عندهم يتحلقون حولها ويتركون لبعض العاشقين منهم فسحةً من أمل اللقاء بمن يحبون !!

وتتسابق إناثهم للجلوس على تلك - الحفرة – الصغيرة المنزوية عارياتٍ إلا من ذلك الصوف الذي ما أن لامس أجسادهن الملتهبة حتى تبرّج وتعرّج وتضرّج بالجمال ..!
ولسان حالهن يردد في فرحٍ لذيذ -

: ـ غايتو يا ختي الطلح دا سرّو باتع ...!!!

هو الذي لا يجدون بداً من مجالسته في أي وقت ، ينسيهم كثيراً من الأحزان ويطعمهم حب الحياة بلا رياء فأحبوه طوعاً !

: ـ والله النسوان ديل زي البطيخ تعزل لمن تفتر حتن تلقى لقيك وااااحدة – حلا وحمار !!!

: ـ والله انت قلة أدبك دي لمن تموت ما تخليها !!

يضحك ( الشفيع ) ومن معه ويقهقهون لا يؤرقهم غزو العراق أو ثقب الأوزون بقدرما يتسامرون في النساء ومعهن !! وكان صوت ( ماجد سرحان ) محطةٌ لا يتجاوزونها يومياً حينما يقرأ تقريره ذاك العجيب بصوته المميز :ـ

الخرطوم .....

وحيثما لم تذكر معضلة بشأن (الجاز .. الجازولين ) بالخرطوم لا يعنيهم من يحكم فيها !! بل لا زال منهم من يرى أن ساحة القصر التي تحتضن روح – نصّار - يحرسها ( الفريق عبود) وإن بدرت منك مسحةٌ من غرابة أو إستهجان بادرك أحسنهم طريقة الى القول : ـ

يا أخوي كلهم عساكر بس الجاز دا ما يهبشوا لينا ..!!

يحدثونك عن علومٍ للدراسة لا نبوغ لدارسيها ، تاركين ما تواضع عليه أفذاذ البلاد في زمانٍ كان فيه للأفذاذ دارٌ وقرار !! ثم تعالت صيحات التكبير وجاءوا عليها بدمٍ كذب محاطين بفقهاء الحيض والنفاس وتقدم منهم الذين يشاركون - أوديب – رؤيته للحياة ! فكان نتاج ما اقترفت أيديهم هجيناً نشازاً في كل شئ ! نبوغاً في التعري وملذات الحياة وتطاولٌ في كل شئ إلا من العلا وآمال الرجال !! فتراهم يجرون منصوبهم وضح النهار ، وكم مسكونٍٍ لديهم ضموه في حنوٍ بلا حياء وكان فاعلهم دوماً من المكسورين ..!!

تسلل جلّ صغارهم من الدراسة تاركين وراءهم أحلامهم وأحلام الذين أتوا بهم لهذه الدنيا (أم قدود ) كما يحلو لهم ! لم تبدأ رحلة صغارهم من فيلادفستك وارتستك وملدوفيا طمست معالم الإدارك في المدارس في جغرافيا الكون كما طمسوا هنالك التاريخ أيضاً .. فلا يتحدثون عن العلامات التي ما فتئت تلهم بعض الثائرين وتحزن منهم من تبقى على اليقين !! ساعتها فقط أدركوا أن الفرق الذي بين الذين يعلمون منهم والذين لا يعلمون أخذ في التلاشي حد الزوال ! وأنا الذي وحدي أردد الى متى نظل نجأر بقديمنا في كل شئ ...؟ !

طارق صديق كانديك
[/frame]

طارق صديق كانديك 12-05-2009 03:09 PM

فوضى السكون ... !!!
 
[frame="10 80"]فوضى السكون ... !!!


الشمس تميل في إصفرارها الذهبي معلنةً دخول السكون في هدؤٍ دون فوضى بينما ثغاء الأغنام في فوضاها المعهودة يأتينك من كل فجٍ عميق .. ويعم المكان غبارها المشحون بما فاضت به من بولٍ وروث وصبيةٌ يلهون ويتقافزون في خفةٍ ورشاقةٍ بسيقانٍ نحيلةٍ هزيلة لا تنفك توجعهم وتعمل أمهاتهم على صيانتها لهم بما تبقى من زيت السمسم وقتما يهجعون في خلودهم المسكون باحلامٍ ساذجةٍ بريئة !

: ـ يا ولد أفتح الزريبة !

: ـ سمح !!!

يسترد عافيته حين يكمل يومه في نمطيةٍ دقيقة يوزع فيها جهده وبعض إبتساماتٍ خجولة هنا وهناك ثم يأوي لمخدعه محاطاً بالبنين والأحفاد ! لم يألف إبنه (سيف الدين) حياتهم منذ الصغر ووصفوه بأنه شيوعي ملحد !!! وضحكت من كل أعماقي فأنا الذي يعرف أنه لا ينفك كونه برجوازياً صغيراً متخماً بالتناقضات والأحلام الكبيرة ويرغب في بعض المتعة متسلياً بوقته العريض بعدما تصدر اسمه كشوفات الصالح العام الأولى !! وهو في تسليه العريض لا يفوته المرور على بيت ( الله معانا ) وهي تعينه بما تصنعه يداها من شراب ( موت أحمر عديييل !!!) كما يحب أن يصفه لرفيق دربــه ( المامون ) !!

جمعتهما الدنيا في الزمان والمكان والإنسان .. وربطتهما أواصر صداقة ٍ قوية لم يعكر صفوها يوماً سوى بقيةٍ من شك يساور المأمون حينما تتورد وجنتيّ أخته ( إقبال ) كلما مر صديقه أو ذكر !!!

حملته أقدامه متثاقلاً بعد ساعاتٍ قضاها ينهل من ذلك الشراب بين أزقةٍ ثعبانيةٍ في التوائها يستند عليها بين الفينة والأخرى متجشئاً وهو يمسح بيمينه ما لحق بجبهته من عرقٍ لا يكاد يختلف كثيراً عما تصنعه ( الله معانا ) !! مدندناً : ـ

المالك .. - هق !
المااااالك شعوووووري - هق !!
المااالك شعوووري أنا لي - هق !!!
فيه آمااااااااال آآآآل !! ربّ الجماااال !!!

كانت (محاسن) قد فارقها بعلها من شهورٍ معدودات بعد أن كثرت عنها الأقاويل وهمس الهامسين ولا يعرف الحزن طريقاً لها، فقد كانت مقبلةٌ على الدنيا بأجنحةٍ مشرعة ! مترعةٌ بالأنوثة حد التخمة وتقتحمك أنوثتها وضح النهار فسرعان ماتهزم وقارك شرّ هزيمة ! وهي مقبلةٌ عليك (شايلة الفاتحة!) لا تنفك تنظرإليها في بلاهةٍ محمومةٍ مشحونةٍ برغبة الدنيا كلها
.. وحين تدبر راحلة لا يغشاك الأدب والوقار في تفصحها !

تدعوك في حالتيها لمصادقة ملائكة المتعة أو شياطينها !! والحال كذلك يشتهيها الكثيرون في دواخلهم ويختبئون خلف سحابةٍ مثقوبةٍ حذر الناس ! ومن بين الذين يمطرونها بنظرةٍ تفضح ما يريد (ود الصافي) كان مستعداً للتنازل عن ملحمته العتيقة قرباناً لرضاها ولو ليومٍ واحد !

: ـ ما بلقى لي فد عصريّة معاك ؟؟

: ـ نجوم السماء اقرب ليك !! تجيبه في تحدٍ ! وقد تترك ما اشترته منه أمامه وتولي الأدبار !!!

وحينها فقط يعض يده اليمنى في ألمٍ لذيذ ثم يرسل صبيه بما تريد وزيادة ! كانت لا تطيقه من بين خلق الله الذين عرفتهم أجمعين.

وقفت ذلك الليل تلاصق الحوش الخلفي وتدفعها ثمارٌ لم تكن حصاناً من أكف اللامسين رويداً عنه وهي في محاولتها أن تهمس همساً : ـ

: ـ سيف !! لكن ما.. بت .. باااالغ ؟؟

: ـ هه هه هها أنا .. ود .. باااالغ !!!

وحين هدأآ من ضحكتيهما المكبوتتين تسوّرعليها فكانت رجفة اليديّن والشفتّين والقدميّن وصدق هنالك الهامسون !! ساعتان من الفحيح الملتهب المحموم دون نقصان لم تكن فيه من الزاهدات !!

مات والدها وهو يصارع السيل مع الرجال في الخريف المشئوم منذ عشرة أعوام وأقعد المرض أمها بعد زواج إبنيها الكبيرين وحين طلقها زوجها عقب دخوله بشهرٍ واحد لم يذق فيه كل عسيلتها تنفست الصعداء .. وكان غيابه عن الديار فيه الشفاء له فحمل أمتعته وولى دون عنوان ! والحديث عن النساء عندهم مثل أكل ( الموليته ) حارق ومر لكنه لذيذ- كما يذكرعبدالعزيز ساكن- ولعله يشدهم دوماً الى (محاسن) وصويحباتها..!!

غادرها مأسوفاً على الزمن الذي هرب من بين أصابعه كالبرق ! كانت تميزه عن الباقين دوماً فهو الوحيد الذي تعلّم كثيراً عندهم واحتضنته (الخرتوم) أربعة أعوام كاملة قضاها في دراسته ثم مسترزقاً في ذلك البنك العتيق حتى تدخل الوزير البهلول وأقاله مع الكثيرين ! لذا كان إحساسها دوماً بأنه لا ينتمى لهذا المكان وهولا تنقصه الوقاحة معها أحياناً حينما يختلي بها وتسعد هي بما يقول !!!


تحسس طريقه جيداً في ذلك السكون المشحون بكل شئ ونسى ما تجرعه من كؤوس في بيت ( الله معانا) ثم استعاد وعيه بالأشياء من حوله ! لم تتجاوز الساعة عندهم التاسعة مساءاً ويرجع الصدى بعض النداءات البعيدة من هناك ومن هنا !! توجه قاصداً (مأمون) قابله منفعلاً يسب ويلعن في ّ حظه العاثر هذه الليلة وضحكات اللاعبين للورق تتبعه بعد خسرانه جولتين بالتمام والكمال !!

: ـ أبت تمشي معاي الليلة !!!

: ـ منو دي ؟؟

: ـ الكشتينة يا خي قايلة بت ؟؟ ( إنت جاي من وين ؟)

زفر بعضاً مما يحتبسه صدره المتخم بالأسرار ثم سرت فيهما قشعريرة البوح الشفيف فكان الذي كان بعد أن سكبوا النبيذ على النبيذ !! أتتهم ( إقبال ) بالعشاء وشيئٍ من ماءٍ قليل !! كانت تتحين فرصتها ثم تتورد وجنتيها المنتفختين بنونيتين ساحرتين !! لا مكان عندها لمغامراتٍ لا تحمد عواقبها !! فهي وإن كانت تهيم به عشقاً يشدّها دوماً خوفها الميمون من القيل والقال وكثرة السؤال ! فوضعت ما بيديها المرتجفتين وأشاحت بوجهها المتورد بماء الحياء !!

في محياه قسوةٌ لا تقودك مطلقاً لما في دواخله ، يسارع ( ود الصافي ) دوماً قبيل بزوغ الفجرعندهم يتبعه صبيه (فال النبي) ممسكاً بكل أدواته بيدٍ واحدة وهو الذي وهبه الله بسطةً في الجسم والصوت دون العلم ! يبتاعه الناس بعض ذبائحه حين تضيق بهم الدنيا وكم كانت تضيق ! فيأتونه بالمتردية والنطيحة ولا يفوتهم أن يرتلوا أمامه- إلاماذكيتم- !! فيضجعها وترى الودق يخرج من خلال الوريد الى الوريد !! يمازحهم دون كلفة ويؤثر بعضهم حد الفضيحة : ـ

: ـ سيف آآخوي صاحبك لا تناسبو ولا تديّن منو ؟؟؟

يبادله الحب بالحب كما الآخرين وكم يستهويه المرور عليه ثم يحمل ما تبقى من عظام تبشرهم بليلٍ ذي شجون يهيئون له البدايات الندية في وجل ثم ينسرب الضياء ويلفهم ليل السكون ولا يعلمون متى انتهى ولمَ انتهى ثم كيف !!!

طارق صديق كانديك
[/frame]

عادل عسوم 12-05-2009 03:25 PM

حبٌّ يخشى النور!
 
[frame="7 80"][align=right]

[align=center]حبً يخشى النور![/align]

تقابلا من بعد عقدين منذ افتراقهما!
رآها تحمل رضيعا في حضنها
لم يصدق عينيه في البدئ...
-السلام عليكم يااستاذ أسامة
-وعليكم السلام...
أنتي سلمى؟!
-أيوة
لكأنه في حلم!
...
يومها كان قد بقي له عام واحد ليكمل دراسته الجامعية
وهي كانت في الصف الثاني من المرحلة الثانوية
لقد أعتاد بأن يحوِّم على مدارس المنطقة (معلما مساعدا) بلا أجر خلال أجازاته الدراسية...
وكلها مدارس للبنين...
في عصر يوم جمعة
زار بيتهم مدير مدرسة البنات الثانوية في معية عم له:
-نريد عونك يااسامة لتدريس أخواتك في مدرسة البنات الثانوية
حاول الأعتذار
اذ جُبل بطبعه على تحاشي (عوالم) الجنس الآخر...
فألحّ عليه عمه...
وأضاف مدير المدرسة :
لقد قصدناك دون غيرك لما يعلمه الجميع عنك من دماثة خلق واستمساك بأهداب دينك...
لم يكن هناك بدٌّ من رضوخ وقبول...
أشرقت شمس يوم جديد
فانتقى من ملابسه أجملها
وزاد من (بخات) العطر
ولمّع حذاءه
وأدى (الحصة) الأولى بنجاح
)سلمى) كانت تجلس في الصف الثاني
جميلة كما يود
ذكية الى ابعد الحدود
مرتبة الدفاتر والأفكار
لكن...
شدّه حزن دفين يكسو وجهها وعينيها!
وبقايا دموع في عينيها الدعجاوين كل صباح...
سأل عنها زميلتها(وقريبته) فقالت:
-دي غريبة...
شكلها من الخرطوم
تصدق مافي واحدة فينا بتعرف عنها حاجة!
سألها
فأطرقت ولم تجبه!
شرع يسأل عنها هنا وهناك
علم أنها تقيم مع أخت لها على أطراف المدينة
ذهب الى حيث يعمل زوج أختها (بائعا) في أحد المحال التجارية
وحاول جاهدا التقرب اليه ومصادقته دون جدوى
لقد بدا له بأنه يحمل سرا (ما) لا يود البوح به...
أنتهت فترة أجازته وعاد الى جامعته
وبقيت صورتها طوال عامه الدراسي تجّمل لياليه...
أضحت كزهرة تنفح هدَآته بأريج معتق فواح...
فلا يملك الاّ أن تنسرب دون ارادته آهة حرى تربتُ بيد من مخمل على قلبه وأحاسيسه...
لقد أيقن بأنه قد أحبها...
فما كان منه الاّ أن أرسل اليها رسالة من خلال قريبته تلك (اذ الأتصالات الهاتفية حينها لم تكن كما هو حالها في يومنا الذي نعيش).
بثها فيها لواعج نفسه
وختمها بعشم في أن تبادله حبا بحب
ولكن...
لم يصله منها رد!
وانقضى العام الدراسي
وجاء الى أهله يحتقب غراما قضّ عليه مضجعه
جاء وقد عاهد نفسه بأن تكون هي -دون غيرها- له زوجا!
لم يستطع صبرا فانطلق في ذات صباح الخميس الذي وصل فيه الى مدرستها
دخل الى تالتة أحياء يسبقه (الشوق قبل العينين)...
فالتقت نظراتهما
يا لأئتلاق الفرح في عينيها الدعجاوين
ويالماء الشباب في خديها النضيرين
ماكان منها الاّ أن أطرقت
وماكان منه الاّ أن حول ناظريه الى الحائط
ألقى التحية على طالباته فرددنها عليه بأحسن منها
خشي أن تفضحه عيناه فقال لهن:
-اللية جيت بس أسلم عليكم ومن بكرة باذن الله نبدا
والتقاها عند الانصراف وانبأها بأنه ينوي زيارتها في منزل أختها مساء
ترددت في البدئ ثم هزت راسها بالايجاب...
أخرج من دولابه هديتين سبق أن أبتاعهما لها ولأختها ثم يمم شطر البيت على أطراف المدينة
ولج الى البيت فهاله الحال الذي يكتنف حياتهم
لم يكن هناك سوى غرفة واحدة و(ثلاث عناقريب) ودولاب قديم!
والمطبخ لم يكن سوى (راكوبة) بها بعض أواني قليلة!
ألتقه (سلمى) بكل ترحاب وعرفته بأختها
-دة أستاذ أسامة ياسوسن
-أهلا بيك يااستاذ شرفت كتييييير والله
وأضافت سلمى
-معليش البيت ما قدر المقام
تفاجأ ولم يدر كيف يجيب...ثم رأى بأن يعمد الى شيئ من مرح ليغير أجواء اللقاء
-والله بختي الليلة ...لقيت ليك مقام تمام يااسامة
وأردفها بضحكة فلم يجد منهما الاّ أبتسامة حزينة
سأل صاحبة البيت عن زوجها فقالت بأنه يتأخر عادة الى العاشرة ليلا
أخرج الهدايا فتمنعتا في البدئ ولكنهما رضختا وقبلتاهما من بعد الحاحه الشديد
ذهبت صاحبة البيت لعمل الشاي فالتفت اسامة الى سلمى قائلا:
-شوفي ياسلمى
أنا راجل بحب أن أجي للبيوت من أبوابا
بكرة باذن الله عاوز أجيب الوالدة وأجي أتكلم معا أختك وزوجها وأخطبك قلتي شنو؟
أطرقت مليا ثم قالت
-أشكرك والله على مشاعرك دي تجاهي
بس أرجوك تديني فرصة أفكر وارد عليك
-بصراحة في حاجة بتمنع؟
-مافي حاجة والله لكن في تفاصيل كدة حأتكلم معاك فيها في وكت تاني
بس رجاء ماتجيب خبر للموضوع دة هسي قدام أختي!
أحس بانقباض نتاج ردها
أكمل جلسته ثم انصرف الى البيت
وانفرط اسبوع وهو يراها كل يوم في المدرسة ولا يجد منها سوى أبتسامتها الحزينة كلما التقت نظراتهما
وفي ختام يوم الخميس
جاءته بدفترها -كغيرها من زميلاتها -فاذا برسالة في ثناياه.
أخذها -بلهفة -ودسها في جيبه...
لم يستطع صبرا ففض غلافها وشرع يقرأها وهو يسير عائدا الى بيته
(أستاذي العزي أسامة
يعلم الله كم أحببتك
وأعلم يقينا بأني لن أجد لي زوجا مثلك
لكني أستحلفك بالله أن تنساني
سعيدة هي من تكون أنت زوجا لها
أذ يندر أن يوجد أنسان في نبلك وطيب معدنك
محبت سلمى)
شلّت الدهشة تفكيره
وهال عينيه الدمعُ فلم يعد يبصر شيئا
وصل الى داره فارتمى على فراشه .
وفي صباح السبت
لم يجد لها اثرا في المدرسة
سأل عنها وكيل المدرسة فعلم بأنها قد سحبت ملفها منذ يوم الخميس
خرج مهرولا الى حيث يعمل زوج أختها فأخبروه بأنه قد غادر المدينة
وانقطعت أخبارها...
أكمل أسامة عامه الأخير في الجامعة
لم تبارح صورة سلمى خياله صحوا أو مناما
وظل يبحث عنها في كل مدينة يتوقع وجودها فيها دون جدوى
ولم يلبث أن غادر السودان ليعمل في أحدى دول الخليج
نأى بنفسه تماما عن عوالم النساء
واحتار أهله في أمره وهم يتلمسون تمنعه عن الزواج عاما وراء عام!
لقد كان يحدوه أمل في أن يراها مرة أخرى
ولكن...
هاهي السنوات تنسرب واحدة خلف الأخرى
وألحت عليه أمه في أحدى سني قدومه الى السودان
-ياولدي لو داير رضاي بس تشوف ليك بت حلال قبل ما أموت...
فما كان منه الاّ أن رضخ لرغبتها وهو المعهود عنه بره بها
تزوج ممن أرتأوها له...
وأنجب البنين والبنات
الى أن كان ذاك اليوم!
...
لم يتمالك نفسه عند رؤيتها فشرع يلومها
-بالله ماحرام عليكي ياسلمى....
-أكون شاكرة لو قعدنا في الكرسي البي هناك دا واتكلمنا
تنحيا جانبا وجلست تهدهد رضيعها وتتحدث وهي تكفكف دموعها بين الفينة والأخرى
-خليك واثق من حاجة واحدة يااسامة
أنا والله ما حصل نسيتك لحظة ولا يمكن أنساك يوم طالما أنا حية في الدنيا دي.
-طيب ...
-معليش خليني أكمل يااسامة الله يخليك
بأختصار كدة أنا (لقيطة)...
والأخت الكنت قاعدة معاها دي صديقتي وهي برضو (لقيطة)...
قررت أجي معاهم بلدكم دي ونبدا فيها كلنا حياة جديدة...
ولمن ظهرت أنت في حياتي فرحت كتيييير وحسيت أنو ربنا رسلك لي عشان تنتشلني من عذاب الأحساس العايشاهو من طفولتي
لكن صاحبتي نصحتني ووقفت في طريقي
أصلو هي كانت متزوجة واحد قبل زوجها الحالي ماكان ورتو انها لقيطة
الراجل الأولاني أهلو عرفو وجو وروها الويل وفي النهاية رماها الراجل رمي الكلاب
طبعا أنا كان ممكن أقول ليك أي كلام وأكسبك كزوج
لكني عارفة طبايع أهلكم أنهم لازم يسألوا عن اصلي وفصلي...
عشان كدة رجعت مع صاحبتي وزوجها للخرطوم وبالمناسبة (هو برضو لقيط زينا)!
وأنا الآن متزوجة من زول هو برضو (لقيط)!
ودعته وغاصت في لجة الحياة
فودعها وعاد الى حياته...
بلا قلب[/align]!
[/frame]

Osman Hamad 20-05-2009 10:24 AM

[align=right][frame="7 80"][align=center]الكـوكابــــولا والغنمـــــاية اُم شنــب[/align]
[align=right]وصار الطبيب يقلب كفيه على ماحدث، ليس نادماً ولكن حائراً مندهش لما يدور حوله وكذلك عاجزاً لعجز امكانيات ذاك المركز الصحى المتواضع الذى يعمل فيه، فأهالى قرية الغنماية اُم شنب لا يعرفون الامراض كثيراً وإن عرفوا فهى امراض بسيطة وعادية، لان غذائهم الذرة والدخن والقمح واللبن ومشتقاته، فكان ذلك الغذاء هو حصناً لهم ضد الامراض، فأهالى الغنماية ام شنب لم تدخل فى ثقافتهم بعد مصطلاحات الهامبيرجر والهوت دوك وللا الماكدونلز، اما الكوكاكولا فهى حُلم كل واحد منهم انا يراها، ناهيك عن ان يبركوا بها حلقهم الناشف، فهم قد سمعوا عنها الكثير المثير من حكاوى معاوية العوير الذى ذهب الى العُمرة ثم زاغ وذاق الكوكاكولا.
كان البكاء قد أعيى الحاجة شامة فى غرفة الطبيب، لما اصاب بنتها رجبية من مرضٍ غريب ادهش كل من سمع به، فتجمع الأهالى فى سرعة غريبة كغرابة مرض رجبية بت شامة، فهذة حاجة مُسنة جاءت والعجين يتقطر من يدها واخرى توبها نصفه على رأسها ونصفه الاخر يتشبث بتراب القرية وهذة صبية جاءت وفى يديها عروسها التى لم يكتمل صنعها من الطين بعد وهذا سرب من الشيوخ جاءوا من مزارعهم منهم من يحمل منجله ومنهم من يحمل سبحته، جاءوا من كل فجٍ عميق، فضاق بهم ذلك المركز الصحى الصغير.
إنتشر الخبر مخلوطاً بالشمار الناعم فى كل القرى المجاورة، أن رجبية بت شامة أصبحت تتبول شيئاً اسود داكن السواد، وساعد فى دق الشمار ونشره غريب الراعى فغريب له إمكانيات هائلة فى الشمشرة، فسُمى غريب لانه غريب على اهل القرية، هبط عليهم من السماء فعاش بينهم يرعى لهم الاغنام والمواشى وينقل لهم الشمارات.
نصح الطبيب ان تحول رجبية بت شامة الى طبيب المحلية، فقرية الغنماية اُم شنب تقع ريفى محلية اباط المجنونة.
عجز الطبيب فى اباط المجنونة من معرفة مرض رجبية بت شامة، فحُولت رجية الى البندر.
كانت هى المرة الاولى التى يرى فيها اهل رجبية البندر، ولكن لم تصبهم الدهشة فى البندر، ربما لأنشغالهم بمرض رجبية ، او كما قال الكاتب بشرى الفاضل (القروى تدهشه المدينة فى المرة الثانية). فى البندر انضم الى اهل رجبية ابنهم الخزين الذى يدرس فى الجامعة، فهو لم يرى اهله منذ ان دخلها.
طلب الطبيب من اهل رجبية ان يعودوا له فى اليوم التالى، حتى يتمكن من تحليل بول رجبية بت شامة. بعدها ذهب اهل رجبية الى احدى اللكوندات التى حجز لهم فيها الخزين بعد ان صار شفت وتفتيحة فى مداخل ومخارج البندر.
جاء آل رجبية فى اليوم التالى ووجدوا أن الطبيب لقد حضر لهم مشروب الكوكاكولا البارد، كانت فرحتهم بالمشروب اكبر من الحدث نفسه. فبعد ان فرغ آل رجبية من تناول الكوكاكولا، سألهم الطبيب عن رأيهم فى هذا المشروب، اجابت والدة رجبية: دى ياها ياسعادة الحكيم الشئ البقولولو الكولالولا، الكوكوكو......(هى مالا مادايرة تنطق لى مصيبة السجم والرماد دى!!!) هكذا كان تعليق الحاجة شامة، فاخرج الطبيب الحاجة شامة من هذا المأذق مجيباً: نعم ياحاجة ياها ذاتها واضاف الطبيب تعليق فى نفسه بخبثٍ لطيف (ح تنطيقيها كيف ياحاجة وانت جاية من الغنماية اُم شنب)، فعلق والد رجبية بأن الكوكاكولا حلوة بالحيل عِلا حارة فى النخرة والتِتشى والتِترع فى حلقو يبقالو متل حش البرسيم بالمنجل.
فحديثئذن فاجئهم الطبيب بأن ماشربوهوا هو ليس بمشروب الكوكاكولا وإنما هو بول رجبية.
فأصابت الدهشة والحيرة الجميع، فإندهاشئذن وضح لهم الطبيب بان بول رجبية ماهو إلا مشروب غازى أشبه بالكوكاكولا وليس خطر على رجبية، وبه نسبة عالية جداً من التركيز، فمقدار واحد لتر من بول رجبية يكفى لعمل نصف برميل من هذا المشروب إذا خلط بالماء.

عاد آل رجبية الى مسقط رأسهم الغنماية اُم شنب بعد أن أصرو على ان معاودة التحاليل مرات ومرات وكانت فى كل مرة تؤكد التحاليل نفس الشئ، الشئ الذى بدأ يدخل السعادة فى قلوب اهل رجبية.
وصل الشمار الى أهالى قرية الغنماية ام شنب قبل ان تصل لها رجبية وأهلها، فأعدوا فرحاً كبير لإستقبالها. لم يستقبلوها بالورود والزهور بل استقبل الجميع رجبية بالجُكاكا والكبابى والكوارى، فكل واحد كان يحلم بالحصول على بعضِ من قطرات بول رجبية.
تجمع الجميع فرحين ومباركين للحاجة شامة بول رجبية، بعد ان كانوا حزينين لذلك الشئ الذى جهلوهوا فى بداية الامر وندموا على كل نقطة أهدرتها رجبية من بولها المُعتق.
صارت رجبية تجد إهتماماً بالغاً من جميع اهل القرية، وكذلك زاد إهتمام أهلها بها، فبعد ان كانت تنهرها امها : يابت اوعِك تطلعى برة البيت!! فتغيرت النغمة إلى : يابت اوعِك تبولى برة البيت!!
حتى لما كانت تخرج رجبية تتجول فى القرية، كانت تجد إهتمام ونداء الجميع لها، منهم من يناديها من فوق الحائط ومنهم من يناديها من الشباك ومنهم من ترجها سحباً ان تدخل عندهم، فالكل، رجال ونساء كان يناديها ويسألها: رجبية عليك الله مامزنوقة بول!! تعالى النبى بولى عندنا، والله حضرنا ليك حلات كورة بايركس، تستاهل قعدتك فيها. كانت تستجيب أحياناً وترفض أحياناً.
ففى الصباح الباكر كان كل اهل الغنماية اُم شنب يتجهون صوب بيت الحاجة شامة، فالحاجة شامة لم تكن تبيع اللبن ولكن الكل كان يريد شيئاً من بولة الصباح حقت رجبية، لم تكن ترفض الحاجة شامة فى بدء الامر ولكن عندما زاد الطلب وكثر الناس، إتطرت الحاجة شامة يوم ان كوركت فى اهل القرية: ياجماعة والله البت بتكم وبولها خيره ليكم، عِلا كل شئ وللا بولة الصباح دى ، لانها الوحيدة القاعدين نضوقها وتركيزها عالى والباقى تراهو البت اليوم كلو بايلة فوق الحلة. ثم تعللت الحاجة شامة معتذرة لأهالى القرية قائلة: والله ياجماعة اعذرونى لانى اتفقت اليومين دى مع الحاجة فطين لانو عرس بتها قرب وقالوا نسيبتها الجديدة مرة شنافة والكركدى والعدريب مابنفعو معاها واهو نحن شوية شوية بنجمع ليها من بول رجبية، عشان المراة تستر مع نسيبتها.
فاحداثـئذن وصل الشمار الى الخزين فى البندر، أن بول اخته رجبية يوزع على اهل القرية مجاناً.
ففى اليوم التالى مباشرة هبط الخزين على أهل الغنماية اُم شنب من اللورى، وفوراً بدأ الخزين مع أبناء عمومته فى التخطيط لإستثمار خيرات بول رجبية بشكل تجارى، فيبدو ان الخزين تشبع بافكار أهل البندر، فاقنع أهله أن بول رجبية هو هبة من الله تخرج من بين الصُلب والترائب ويجب إستثمارها.
وبعد فترة قصيرة وبعد اقتنع أهل رجبية بالفكرة، تم تجميع كمية من بول رجبية وشراء الزجاج، وبدأ المشروب فى غزو سوق القرية كمرحلة اولى، فالخزين يبدو ذو عقل تجارى ماهر.
أفلح الخزين كذلك فى إختيار الاسم للمشروب، فإختار له إسم الكوكابولا، لان المشروب أصلاً بول رجبية ويحمل خصائص الكوكاكولا وبما ان الخزين يعلم بالحقوق القانونية للاسم والماركات المسجلة ولايريد ان يدخل مع شركة الكوكاكولا فى جدل، تفادى كل ذلك وإختار بكل مهارة إسم الكوكابولا.
بدأ إنتاج الكوكابولا فى التوسع ومن ثم غزو اسواق القرى المجاورة ، وبدأ ذلك التوسع يزداد شيئاً فشيئا الى ان وصل إنتاج الكوكابولا الى البندر.
كانت رجبية قبل الكوكابولا تحلم بالزواج من إى شخص، ولكن الان صارت ترفض اعظم الرجال، لانها تعتقد بان الكل يريد منها الزواج لطمعهم فى بولها.
فبعد ان توسع وزاد الانتاج بفضل الفحوصات الشهرية التى كان يجريها الخزين لرجبية فى البندر لتأكد من سلامة جهازها البولى ومدى كمية المخزون الإحتياطى فى مثانة رجبية، بداء الخزين بالتفكير فى غزو الاسواق العالمية.
وبعد فترة و ليست بالطويلة تحقق للخزين وأهله ماكانو يرنون له، فهاهى الكوكابولا تغزو الاسواق العالمية، مما سبب خسارة كبيرة لشركات الببسى والكوكاكولا وشركات المشروبات الغازية الاخرى. فما كان من الشركات المتضررة من الكوكابولا وإلا رفعت مذكرة إلى الامم المتحدة وامريكا.
فرحت امريكا بهذة المذكرة، مما سهل لها الامر ان تحشر أنفاها فى الموضوع، فامريكا كالعادة تحب ان تحشر نفسها فى كل شئ، حتى لو كان بول رجبية بت شامة فى قرية الغنماية اُم شنب ريفى اباط المجنونة.
بدأت امريكا والامم المتحدة فى إرسال الخطابات التهديدية الى الخزين بعتباره المفوض التجارى لبول رجبية ومدير اعمالها، بأن يكف عن إنتاج الكوكابولا.
أصر الخزين على موقفه وعلى مواصلة إنتاج الكوكابولا، وكتب خطاباً إلى أمريكا يثبت لهم فيه ذلك وان الكوكابولا هى إنتاج وطنى خالص لا دخل لامريكا فيه.
عرفت امريكا ان الخزين زول راسو قوى وناشف، لذلك فضلت معه إسلوب المفاوضات.
إقترحت امريكا والامم المتحدة على الخزين ان تكون المفاوضات فى نيويورك، ولكن رفض واصر الخزين انت تكون المفاوضات فى الغنماية ام شنب او كخيار تانى ان تكون فى اباط المجنونة، وجاء قوله ذلك تحت شعار (القول قولنا والبول بولنا).
وافقت امريكا والامم المتحدة على ان تقام المفاوضات فى اباط المجنونة. فحينها بدأ الإعلام فى تناول الخبر وسُميت المفاوضات بإسم مفاوضات اباط المجنونة ، مثلها ومثل مفاوضات ابوجا ونيفاشا.
بدات المفاوضات هادئة فى اباط المجنونة ولكن سرعان مابدأت تحدد، نسبة لتمسك الحزين واهل الغنماية اُم شنب برأيهم، فخرج اهل الغنماية اُم شنب والقرى المجاورة فى مظاهرات عنيفة ضد امريكا، فخرجوا يرفعون ويرددون الشعارات ضد امريكا...

يا امريكا ياعولاق
الغنماية اُم شنب اخطر من العراق
* * * * * ** *
بالدم بالروح
نفديك يارجبية
* * * * * ** *
يا امريكا ماتتنطنى
الكوكابولا مشروب وطنى
* * * * * ** *
الغنماية اُم شنب تحذر امريكا للمرة الاخيرة
* * * * * ** *
يا امريكا .. الدمار الدمار
بول رجبية حار ونار
* * * * * ** *
الخزين ياصنديد
أضرب امريكا بيد من حديد.

هكذا إحتد الموقف بين امريكا وأهالى الغنماية اُم شنب وإنتهت مفاوضات اباط المجنونة دون الوصل لحل يرضى الطرفين، فسحبت أمريكا مفاوضيها وأرجعتهم إلى نيويورك.

فرح أهالى الغنماية اُم شنب بإنسحاب امريكا من المفاوضات، فكان لهم هذا بمثابة النصر العظيم، فأقاموا الاحتفالات والافراح وسهروا اليالى الطوال فرحين.
وبعد أيام قليلة من إنسحاب امريكا من اباط المجنونة، وفى إحدى ليالى افراح قرية الغنماية اُم شنب هاجمتهم امريكا بالصاوريخ والطائرات قاصدة منزل آل رجبية فدمرت قرية الغنماية اُم شنب دماراً كامل ولم ينجى منهم أحد سوى غريب الراعى الذى كشف إلاعلام فيما بعد انه عميل أمريكا والامم المتحدة وانه لم يهبط على أهالى الغنماية اُم شنب من السماء.
بدأ إلاعلام فى تساؤل أمريكا لماذا تم ضرب وتدمير قرية الغنماية اُم شنب وقتل رجبية وأهلها!؟
فبكل سهولة اقنعت أمريكا العالم كله بأن رجبية بت شامة إرهابية وتتبول مادة كيميائية تساعد فى تخصيب اليورانيوم وصناعة أسلحة الدمار الشامل[/align].

عثمان حمد عثمان حمد
[/frame][/align]

azzam_farah 23-05-2009 08:56 AM

الحالة
 
[frame="1 80"][align=right][align=center]الحاله[/align]

- طَيِب قُبال ما يحصل الحادِث بِتشوف شِنو ؟
- ما بتذكر في كُل مرة إلا صوت واحِد بِينادي واحِد إسمو عبدالجبار وبعد ده بلقاني مَيِت وبعايِن لِروحي وأنا مَيِت ... مَيِت يا دِكتور مَيِت ...
- طَيِب إهدا ... إهدا ... الحالة دي يا سَيِد الكجر مفهومة جِداُ في الطِب ... إنو الواحِد يِشوف نفسو مَيِت أو في وضع مُختلِف عن حقيقتو ... أو يشوف الناس البِحِبهُم والبِعرِفُم في وضع مأساوي ... ده مفهمو مفهمو ... عاوزك ما تقلق أبداً ...
- لكِن يا دِكتور الحِلم ده يوماتي بِجيني يوماتي ... وأنا مُصدِقو ...
- ليه ما بِتعتبِروا حِلم ... مُش إنت مُتذكِر إنك مشيت تنوم ... أكيد نُمت وحِلِمت ...
- في زول ... في زول ... بِيحلم بِبُكره ... وبُكره يحصل ليهو نفس الحِلم بيهو ...
- إهدا ... إهدا ... هاك أبلع الحبه دي ...
- يا دِكتور أنا ما شفت روحي بس المَيِت !
- شُفت مِنو تاني يا سيدي ؟
- بعد ما شُفت روحي مَيِت ... بعد كم يَوم كِده شُفتك إنت في حِله إسِما درب النمِل برضو مَيِت !
- درب النمِل ... عِرفت إسم حِلتي كيف ... مِن وين ... إتكلم ... إتكلم ... إتكلم
- سعد ... سعد صباح الخير ... حتأخر على العِيادة ... قوم يا كسلان ...
- صباح الخير ...
- بابا ... بابا الليلة مُش عيد ميلادي ؟
- ما في صباح الخير يا نانا يا حبيبتي ؟
- طَيِب صباح الخير ... الليلة مُش عيد ميلادي ؟
- الليلة عيد ميلادِك يا أجمل نانا في الدُنيا ، حأعمل ليك حفلة كبيرة
- ما تنسى يا سعد تجيب معاك زِيادة كيك وزينة
درس الطِب النفسي بعد تخرجِهِ إفتتح عِيادة أمراض نفِسية في شارِع الدِكاترة بِأُم دُرمان ... عِيادة أمراض نفسِية سعدالدين الفاضِل عبدالله ... والِدهُ الشيخ الفاضِل عبدالله يس مِن قرِية درب النمِل ريفي القضارِف ، فقيه القرِية وإمامِها ومُعالِجُها ... كان جُل وقتِهِ يُقضيهِ في حُجرتِهِ المُظلِمة مع كُتُبِهِ الصفراء وارِد الفجالة بِمِصر ، خافهُ بعض الناس وإحترمهُ بعضِهِم ...

- أزِيك يا عم علي ... كيف حالك ؟
- بِخير يا دِكتور ... نحْمِدوهو
-أها في زبائِن ... ولا أقرا لي كِتاب كالعادة ؟
- في واحِد إسمو الكجر عثُمان عبدالسَيِد
[/align][/frame]

مجدي عوض صديق 23-05-2009 07:00 PM

السواد الأعظم منها كان من الجمال
 
[frame="7 80"][align=center]السواد الأعظم منها كان من الجمال[/align]


[align=right]كان اليوم هاديء وهي لا يسمع لها صوت متجه نحو الغرب على شارع النيل، كانت بين الأشجار الكبيرة الحجم تظهر أشعة الشمس بين الحين والآخر وجوانب الأوراق لكن الصوت لا يسمع حتى للمارة رغم انهم قليلون جداً في ذلك الوقت. الزمان كان في إحدى الايام الخريفية، الوقت عصراً شارف على المغيب.
لكن تلك العربة كانت تشابه السايح الذي يجوب شوارع الخرطوم في ذلك الجو المنعش وبه دعاش ورائحة الطين والمطر.
اتجهت تلك العربة نحو النيل على الرصيف الشمالي للفندق الكبير الخرطوم رغم أن شجر اللبخ الضخم كانت تغازله الرياح بنوع من الحب النبيل إلا ان تلك العربة توقفت فجأة في هذا المكان وهي سوداء تسر الناظرين وهنالك نوع من الوهج واللمعان رغم السواد الأعظم منها كان من الجمال.
إنفتح الباب الأمامي للعربة وخرج منها صوتاً موسيقياً لا تسمع وهي تائهة بين العربة ولون المغيب وضخامة اشجار اللبخ، ونزل على الأرض جزء من أقدام رجل بحذاء أسود لامع وظهر جزء من الجوارب الرمادية اللون والبنطال الاسود في نفس السياق، كانت تفاصيل الرجال (الكلاسيكية) وهو ضخم الجثة، وترجل من على العربة وكان ذو شيب كثيف على جانبي الرأس وسواد كاحل في ما تبقى له من شعر، وهو ذو عينان واسعة ولكنها عميقة بقدر الاتساع، اتجه الى مؤخرة العربة وفتح الحافظة وأخرج منها مقعد مطبق خاص بالرحلات واتجه الي المنصة الخاصة على النيل وهي تشرف على ضفاف النيل الأزرق وتراقب ملتقى النيلين عن كثب، وضع المقعد واتجه نحو العربة وانفتح الباب الأيمن للعربة دون أن يمسه بيديه ولكنه أخذ شابة مقعدة في ريعان الشباب وهي جليسة لا تستطيع الحركة، كانت الفتاة بشعر اقرب الى اللون البني والذهبي وهو يتصاعد مع الرياح يميناً ويسارا وهي تحاول ان تبعده عن وجهها، وهو يحاول أن يداري الوجه من المارة، وهي تمتلك عيونا يمكن أن ترى بها أشياء لا تستطيع أن تراها العين المجردة، ولكن الرجل كان لا يتأثر بما يدور حوله من الصراع بين الشعر والعيون والرياح فهو ليس طرفا في ذلك الصراع.
وهو له مبرراته الموضوعية، كان منشغل باشعال نار الغيلون الذي اخرجه من الجاكيت ومن الجانب الآخر أخرج التبغ ومن داخل الجاكيت علبة الكبريت وهو يحاول أن يشعل الدخان الي ان نجح وأخرج من فمه دخانا كثيفا، وكان الدخان متصاعدا إلى أعلى ووجه الفتاة من الجانب الغربي للدخان، والشمس في الغروب، وهي قرص ذهبي في داخله وجه الفتاة وشكل الدخان يرسم تفاصيل مبهمة على ذلك الوجه والقرص، في تكوين يلتقي بتدرج اللون الذهبي على أمواج النيل.
أعلن الغروب الكامل موعد الرحيل تحرك الرجل في نفس الهدوء متجهاً إلى الفتاة وهي لم تحرك ساكناً وفي تجانس غير منظور حملها إلى داخل العربة وحمل المقعد الي الحافظة في الخلف واتجه الي المقعد الامامي في العربة وتحركت بصوت هاديء في ذاك الطريق واللون الأزرق منسجم مع لون الغروب على السماء والإنارة بدأت تشعل نفسها على أعمدة الطرقات ولم نعرف إلى أين ولكن كانت أناقة كاملة وجمال صامت.
حتى وصلنا مكان اشبه بالقلعة وله ابواب على شكل الدائري وهي من الحجر القديم ولكن بها لمعان الحداثة وكانت صالة العرض وهي لفنان تشكيلي يعرض لوحات لم أر مثلها من قبل، كانت الواحدة منها بطول ستة أمتار وعرض ثلاثة، وهي لوحات وعدد من الجداريات ،وكانت تحمل بداخلها صالونات لملوك قدماء، مملكة الفونج، وحروب في ذلك الوقت، ورقصات، ومادحين، وخيول، وتلك المرقوعة والمجذوبين من الدراويش بالأوان البهيجة والغارقين في حلقات الذكر من يحملون أعلام الصوفية والملامتية، وكل كان في داخل لوحته يحكي لي تلك الحياة.
دخل الرجل ومعه الفتاة الى الصالة وهي تجلس على ذلك الكرسي وهو يدفعها إلى الأمام وما كانت إلا لحظات وكانت الفتاة امام لوحة بها تتويج أحد الملوك في دولة الفونج، ويظهر الككر والطاقية أم قرينات والدفوف والطبول. رأيت كما يرى النائم ان تلك الفتاة ترجلت على أرجلها واتجهت نحو اللوحة، ولم أر شيئا بعد ذلك، سوى أنني إنتبهت إلي أن الرجل كان ملكاً في دولة الفونج والفتاة أميرة في ذلك الزمان، ولها شعر طويل ممشط تلبس الدمور الأبيض والألوان الخضراء، الطبول والخيول متحركة ورجل يطير من الارض إلى أعلى ولم أشاهده ثانية ولكني بدأت كالآتي: كان اليوم هاديء وهي لا يسمع لها صوت...[/align]color]
[/frame]

خالد الحاج 23-05-2009 07:18 PM

[frame="7 80"][align=center]كيمو الشيوعي[/align]

[align=right]كانت جدران المنازل بالحي صباح أحد الأيام مليئة بشعارات وإدانات للحكومة بخط أحمر عريض .. (يسقط جعفر نميري) ، (لا للدكتاتورية) ، (عاش نضال الشعب السوداني) ...

وجوه غريبة تظهر لأول مرة في الحي وبعض الشباب يقف بعيدآ يتفرج بحذر والكل يشير لتلك الوجوه بأنهم "أمن" ...
الحاجة بتول تشتم بصوت مرتفع : الله يقلع الشيوعيين ما لقوا غير حيطتي دي يكتبوا فيها يسعلني الله كلفتني 200 جنيه " بوماستك" ...
تقف عربة بوكس بدون نمرة ينزل منها شابان يحملان علبة بوهية وفرشاة يغطيان بهاالكتابة بشخبطات جعلت منظر الحائط كأحد رسومات "سلفادور دالي" ولم يجدي صريخ الحاجة بتول نفعآ مع تلك الوجوه الصارمة والتي تتعامل بمكنيكية تخلو من أي لمسة إنسانية.. وإنتهار للجمهرة : يلا كلو زول يمش في حالو.

كان كيمو يعاني من صداع عنيف جراء سهرة الأمس في بيت مريوم وقد ضايقته رائحة "العرقي " العابقة في الغرفة وفي ثيابه.. ضخم الجثة له لحية غير مهذبة فارع الطول أشبه بمايك تايسون.
سمع كيمو الضجيج فخرج يتشمم الخبر ولم يجد خيرآ من "فاطنة زهرة" فعندها الخبر اليقين.
يا حاجة فاطنة في شنو؟
فاطمة زهرة :
الشيوعيين يا ولدي كتبوا في الحيط وشتموا الحكومة، والحتة مكهربة كلها أمن والشيوعيين ياها فلاحتهم يسقط فلان ويعيش فلان. أمش نوم نومك لا تجيبلك مصيبة لي رقبتك.

كيمو إنسان يهوي العراكات ويسميه أهل الحي كيمو حفلة لأنه مشهور "بفرتقة الحفلات" .. دائمآ ما تجده في "الفارغات" يمتلئي جسمه ووجهه علي الخصوص بكمية من الجروح القديمة تركت أثار لن تمحها الأيام.
يتحدث في كل شيئ ويعرف كل شيئ بدءآ من ثقب الأوزون وحتي الأطباق الطائرة.. يحفظ كمية من المصطلحات يحشرها حشرآ في غير ما مكانها..

كان يومآ غير عادي وقد إنتقلت الحكاية من لسان إلي لسان ومن شخصآ إلي آخر كل يضيف إليها حتي صارت كالإسطورة اليونانية.

أقبل المساء . والمكان يعج بتلك الوجوه الغريبة يظنون أنهم لا يلفتون الأنظار بالوقوف أمام كشك العم عبد الوهاب وبوابة نادي الأسرة.
إثنين من الشباب الشيوعيين يحملان شنطة "سامسونايت قديمة" بها منشورات يخرجان من ساحة البرهانية شمال النادي وهما يتلفتان.. فجأ تقف عربة بوكس بالقرب منهما فيلوزان بالفرار.. ينزل شخصان من البوكس ويجريان خلفهما.. كان كيمو يقف أما م داره المواجه الحائط الغربي للنادي يرمي أحد الشباب بالشنطة أما م كيمو فيرفعها الأخير محاولآ فتحها.
يقف أمامه فجأة شابان ويسأله أحدهما :
يا شاب الشنطة دي بتاعتك؟
كيمو: أيوة حقتي في شنو.
يا زول إنت متأكد الشنطة دي حقتك؟
كيمو: يا زول إنت أطرش ولا شنو قلت ليك الشنطة حقتي.
تقف العربة البوكس بجوارهم ويخرج أحد الرجلين بطاقة يشير بها لكيمو المسكين قائلآ :
يا زول نحن في الأمن ممكن الشنطة ؟
يمد كيمو الشنطة ووجه يمتلئ بتعبير خليط بين الرعب والحيرة والبراءة.
يفتح الرجل الشنطة المهترئة ولم تكن تحتاج لأي جهد كبير، أعداد مصورة من جريدة الميدان ومنشورات إدانة للحكومة تسقط من الشنطة علي الأرض.
يتراجع كيمو وهو يتلفت نحو باب المنزل فيمسك أحد الرجلين يده ويخرج "مسدس" يا زول ماشي وين؟
إنت حا تمش معانا مشوار صغير .

فكر كيمو للحظة بالنكران ولكن تجمع بعض الشباب جعله يستمسك بشخصيته المعاندة ويلزم الصمت..
تحركت العربة البوكس تحمل كيمو إلي مكان مجهول..
إنتقل الخبر كالنار في الهشيم والكل يتحدث عن كيمو (الشيوعي) وكيف أن الأمن قد هاجم منزله وقبض عليه وبدأت الروايات تتعدد.. من يقول أنهم وجدوا سلاح بالمنزل ومن يقول أن الأمن صادر ماكينات "رونيو" كان كيمو يطبع بها المنشورات.. كانت فاطمة زهرة هي الوحيدة التي تعرف الحقيقة.. ولكن من يستمع إليها.

كيمو من ناحية أخري في موقف لا يحسد عليه.. ربطوا له عينيه بشريط من القماش القطني.. وأدخلوه إلي منزل ليجد نفسه في غرفة ليس فيها من أساس سوي برش مهترئ.. وافترش كيمو الأرض ورأسه الذي يعاني أصلآ من الصداع وبقية "سكرة" يتحرك كبندول الساعة...

تركوه نصف يوم ثم بدأوا في التحقيق معه كأن أقصر تحقيق في التأريخ.. يا زول إنت بتطبع منشورات وكان السؤال مدعومآ بلطمة علي الوجه؟؟
بدأ كيمو هنا في النكران.. رماه كله دفعة واحدة.. يا جماعة شيوعي شنو وكتابة شنو أنا ما عندي شغلة بالحاجات دي الناس دي رمت الشنطة جنبي وجروا...
كان العسكري يعلم أن كيمو يقول الحقيقة.. ورغم هذا كان يصر علي إلصاقها بكيمو .. ربما أرادوا تأديب الآخرين في الحي في شخص كيمو.. وربما يكونوا قدموه كبشآ للفداء حتي لا يرجعوا لرؤساءهم خالي الوفاض..
في النهاية كان كيمو هو الضحية.. ونال كيمو عدة "علقات" ثم حولوه إلي كوبر..

هذا عالم جديد لكيمو.. أجلسوه في غرفة بها مجموعة من السياسيين.. كان يحس بالغربة بينهم فهم يتحدثون بلغة غريبة عليه.. ولكنه علي كل حال بدأ يستمع.. ثم يسأل وكانوا رحيمين به..
محا كيمو أميته السياسية.. وتعلم الغناء للمعتقليين وهم يغادرون وللقادم منهم.. "فقط لو يجد ليهو كاسين؟؟ كانت تبقي حاجة تمام"...
في الحي بدأ الناس يعتادوا غيابه وماتت حرارة (الشمار) واكتشفوا فوائد لإعتقال كيمو إذ صارت الحفلات تستمر حتي يوقفها البوليس بعيد منتصف الليل.. ولكن بقي أمر واحد .... (( كيمو شيوعي)) ... لا شك في ذلك ....

خرج كيمو شخصية جديدة...كان يوم إطلاق سراحه مناسبة عظيمة "للشمار" في الحي.. الكل يتحدث إليه حتي من كانوا يتحاشونه في السابق...وصار يبتدر حديثه "في الحتة دي" ويدخل مصطلحات جديدة في حديثه مثل " الديلاكتيك" و ينادي الشباب بي "يازميل" بدلآ من "يا مان" .. وخلق كيمو عداوات جديدة وصداقات جديدة فقد أعتبره جعفر الموش كافرآ بالله لا يصلي وبدأ عثمان الأطرش (أنصاري سنة) في الجهاد فيه وذلك في محاولة منه للتقرب لله تعالي في شخص كيمو بإهداءه سواء السبيل..

مرت الأيام... وبعيد الإنتفاضة إتجه كيمو للتدين.. فقد إكتشف فيه فوائد عديدة وصلت قمتها بقيام الإنقاذ.. وصار كيمو الشيوعي من عملاء بنك فيصل .. كان في أول دفعة طوعية تدخل الدفاع الشعبي.. ثم تزعم اللجان الشعبية في الحي.. ومن الديلاكتيك تحول الأمر إلي مرابحات ومضاربات.. ووووو وعربات...

شخصان فقط كانا يعلمان الحقيقة... حقيقة كيمو ...
فاطمة زهرة. وكيمو نفسه... فقد كان يعود لشخصته الحقيقة ليلآ يضع "الزجاجة " بالقرب من السرير ولا ينام إلا وهو مخدر.. كل الذي تغير أنه صار ثريآ وأميل للهدوء...

وبقيت مصيبة واحدة لا فكاك منها في الحي... فقد إلتصق به الإسم (كيمو الشيوعي)[/align] .
[/frame]

خالد الحاج 23-05-2009 07:21 PM

[frame="7 80"]"[align=center]جو سوي أباس" ... لعنة عباس تطاردني[/align]...

[align=right]في الثمانينات من القرن المنصرم
الفصل الأول ثانوي... كان من نفحات مايو "النادرة" أن أحضرت بالاتفاق مع وزارة الثقافة الفرنسية أساتذة يعلمون طلاب الثانويات اللغة الفرنسية..
كان الأستاذ "ماثيو" من نصيب مدرستنا النموذجية ...
اجتهد الرجل والحق يقال لتعليمنا إلا أننا علمناه العربية قبل أن ننطق بالفرنسية وهذه من معجزات جيلنا لم يسبقنا عليها إلا ابن ود الجبل في الحكاية الشعبية .
يدخل الأستاذ ماثيو الفصل صباحا وهو يبتسم قائلا :
bonjour
نرد جميعا :
bonjour monsieur
كان الطلاب في الفصل يتفاوتون في الاهتمام بدراسة هذه اللغة الجميلة
وربما لغرابة النطق وندرة من يتحدثونها في السودان فشلت التجربة
لكن أسباب فشل التجربة في مدرستنا لم يكن أحد هذين السببين..
كان عباس هو سبب فشل تعلمنا الفرنسية ...
عباس كان أكبرنا عمرا وكان يقارب في عمره معظم الأساتذة بالمدرسة
شديد التهذيب حتى ونحن نمارس شقاوتنا عليه لا ينفعل ويواجه كل ذلك بابتسامة ناضجة وواثقة ... جاء عباس ليتعلم ، غير ما هو الحال مع بقيتنا فنحن جميعا جئنا المدرسة كي نتلقى التعليم ولكنا كنا نفعل ذلك كواجب لا مهرب منه أما عباس فقد كنت أشعر أنه يستمتع بالعلم وبوجوده في المدرسة ...
اهتم عباس باللغة الفرنسية وشعر الأستاذ ماثيو بذلك فاهتم به هو الآخر
وكنا نشعر وكأنه يدرسه وحده ثم يلتفت إلينا كتمامة عدد..
كان يضحكني وكنت لا أخفي ذلك ببجاحة وشقاوة ..
يبدأ عباس بثقة في ترديد الجمل الفرنسية :
Bonjour Mon nom est Abas
صباح الخير اسمي عباس,
أو
Je suis Abbas
اسمي عباس.

صوته الضخم يتردد في الفصل وله صدي..
يلاحظ الأستاذ ماثيو ضحكي فيطلب مني الوقوف وترديد الجمل الفرنسية
أردد بخبث :
Je suis Abbas
اسمي عباس.

يغضب ذلك الأستاذ ماثيو فيقول غاضبا ...
vous nommé n'est pas des abas que
votre nom est khalid

"أنت لست عباس أنت خالد"
ثم يطردني خارج الفصل بجملته الشهيرة :
sortir"خروج"

لم اتعلم الفرنسية وأظنني لست الوحيد إلا أن عباس تعلمها وأجادها..
وتمر الأيام ....
العام 2007 رورموند شركة (Rockwool) حيث أعمل الآن ...
قامت الشركة بإفتتاح فرع لها في كل من فرنسا وبولندا..
جاؤوا بعدد من الموظفين للتدريب عندنا في رئاسة الشركة ..
كنت من ضمن الذين وقع علي عاتقهم تدريب هؤلاء الموظفين..
.....
........
اسمها روزلين ...
فرنسية خلاسية ...
حسن الفرنسيين نسلهم من خلال استعمارهم للشعوب..
جميلة بالجد !!! دون مكياج أو ظلال للعين .. تلبس الجينز وكأنه فصل علي مقاس جسدها ... تجلس دون تكلف وتاخد راحتها بالكامل...
وأتبعها أنا كظلها بعيني....
تسألني ..ما هو اسمك ؟
وجدتني دون أن أشعر أقول :
Je suis Abbas"اسمي عباس"

لعنة الله عليك يا ماثيو ما كان يضيرك أن تحملت شقاوتي ...
كان نصيبي أحد البولنديين أصلع بكرش ضخم وفرنسي لا يعرف معني حمام
ولم يتكرم عليه الله بهواية النظافة .. يلبس بدلة "شيك" ولكن أكتافها تمتلئ بقشرة شعر رأسه ورائحته لا تطاق...
هل لأنهم يتحدثون الإنجليزية كانوا من نصيبي أم هي لعنة عباس؟
لا زلت أتبع روزلين وتهز رأسها لي بالتحية :
monsieur Abaas bonjour "سيد عباس صباح الخير"

هي لعنة عباس دون شك[/align]...
[/frame]

الجيلى أحمد 23-05-2009 10:18 PM

[frame="7 80"][align=center]ماريا الخضرجية[/align]..


[align=right]يومين فى الاسبوع تمر ماريا الخضرجيه ناحيتنا بمقطورتها المحملة بالفاكهة والخضار الطازج..
ماريا تبدأ رحلة يومها من قمة الجبل وتطوف بمقطورتها الشوارع المتعرجة منحدرة للأسفل ,
فتصلنا بفاكهة وخضار أقل جودة,,
لهذا عمدت إلى التعرف عليها وتوصيتها بحفظ بعض الخضار الطازج جانبآ لأجلى...
ماريا طويلة القامة بشكل مذهل على عكس أهل المنطقة
متوسطى القامه أو قصارها فى الغالب والقريبى الملامح من العرب...
ماريا شعرها أسود حالك ,تتركه على كتفها وحول وجهها دون إعتناء فتبدوا غجرية لاتزعجها الريح..
هى دون شك إمرأة شاهقة الجمال باذخته, يطل من أعينها حزن مظللآ لجوف أعين
واسعة,ذات نظرة عميقة تعرف أين تنظر وماذا تود,,شفاهها ذات لون برونزى
..نادرآ ماتبتسم..قليلة الحديث ,وإذا فعلت يخرج منها صوت متهدج إنثوى تشوبه بحة من كثرة التدخين ..
كثيرة الكح..تفوح منها رائحة خمر كلما تحدثت إليها..
نساء القرية لايحببنها فجمالها جعل الكثير من رجال ذلك المجتمع التقليدى يهتمون بشراء الخضر والفاكهة بل وتقضية وقت طويل فى تنقيتها وتناول الأحاديث مع ماريا , لاحقآ وبعد أن توطدت علاقتى بها حكت لى مضايقتهم لها .....
,,,,
البداية كانت فى أمسية دافئة,درجات الحرارة جاوزت 35 -
النجوم إعتنت بتزيين السماء والشاطئ هادئ إلا من أصوات
السياح والعشاق المتناثرين على الرمال , بعضهم أوقد نارآ
وأكتفى البعض بضوء النجوم...
رائحة البحر طازجة وجديدة كأن الموج لتوه يخلق..الرمال
على إمتداد الشاطئ متحدة اللون والهيئة..وريح خفيفة ساخنة
تهب من ناحية البحر , يسمونها (الشروك) ,يقولون أنها تأتى
من أفريقيا والمدارات الساخنة..قوية بحيث تعبر طريقها خلال
المتوسط لتصل هادئة إلى شوطئهم مشحوذة بكامل دفئها....
تعرق مسام الأرض وأشجارها , وأيضآ أجساد البشر وحتى الموج
يعرق والأحجار التى تسفلت الشارع منتظمة بألوان بنية غامضة
وبيضاء ,,المرمر الذى تشتهر بإنتاجة صقلية يعكس أضواء
مصابيح الطرقات..مقاعد حجرية من المرمر
تعكس أضواء منازل فخمة قامت على أطراف الشاطئ....
الكون يعرق بهدوء وأنا ومن حولى نستجير بالماء..الساعة
تقارب الحادية عشر ليلآ..
سبحت نحو منطقة الصخور وأنا أقترب لمحت خيال شخص يجلس
على أطراف صخرة,,أقتربت أكثر فتبينت الشعر الغجرى والقامة
الطويلة,,,جالسة بلباس البحر وعلى كتفها منشفة,,فخمنت أنها
خرجت من الماء قبل قليل..بجانبها وضعت زجاجة شراب أتت على
نصفها..سبحت حتى وصلت قبالتها تمامآ ,,كانت تجلس فى منطقة
المياة تحتها غريقة وضاجة تركت جسدى يطفو على الماء حينآ
بادرتنى قائلة,,
- ماذا تفعل هنا..??
إعتمدت بيدى على أطراف الصخور وصعدت حتى بلغت ناحيتها..
قلت لها,
- ماريا ماذا تفعلين وحيدة هنا ..??

قالت ضاحكة,
- هل من عادتك أن تجيب على السؤال بسؤال..??
,,,,,,,,

ماريا الصامته كانت تنظر نحو جبل (Erice) بشرود,,
تحرك قدميها داخل الماء بتراتب,ودخان سيجارتها يرحل
نحو الموج ويتلاشى..حزنها واضح فى صفاء الليل وشرودها
متحد مع صفو المكان كتؤام..تركتها لصمتها وأستلقيت على
الصرة ألتقط أنفاسى..
سألتها بعد حين,,
- لماذا أنت حزينة هكذا ..??

أرجلها بنفس الرتابة كانت تتحرك فى الماء ..لم تعرنى جوابآ..
أحسست بفداحة سؤالى..سؤال كهذا لايلقى هكذا وفى هذا الوقت..
قررت العودة للشاطئ,,أعتمدت على الصخور مجددآ ونزلت إلى الماء..
ضربت الماء بيدى مبتعدآ عنها..
صوتها جآنى فية بعض رجاء..
- إبق قليلآ...
توقفت عن السباحة وأنا أفكر..
هذه إمرأة تعيسة..ستعكر صفو هذا المساء الحالم......
ولكن عذوبة صمتها وغرابة حزنها يشفعان لعودة وإصغاء..
أعرف أن قصة ما تكمن خلف هذا الصمت الحزين..
جلست حينآ لاأدرى ماأفعل أو أقول..تركتها حينآ ترتب
ذاكرة مرهقه..نظرت نحوها فبدت غاضبة..صفحة وجهها تبدو
واجمة كأنها تصد البحر عن شواطئه..مدت لى ماتبقى من كأسها,
دون أن تنظر نحوى..
بعمق تنظر للماء كأنما تسرب خاطرة أخرى تعبة للموج..
عكفت على صمتها.. وظللت أنا مستلقيآ على الصخرة يفصلنى
عنها نصف متر..أنفاسها تعلو وتهبط,,فجأة أخذت تهتز بقوة
وكأن صاعقة نزلت عليها..أخذت تبكى بحرقة.. بعد حين إستلقت
على الصخرة وهمدت تمامآ حتى ظننت أن الروح فارقتها..
أعدت أنا صلتى بالنجوم وظلت هى على حالتها قرابة نصف الساعة
..فكرت فى معنى الخلق والتكوين وكم هو الوقت الذى تستغرقه إدارة
ساعة الكون وتفاصيله..ترى أيهما أهم ,المسافة التى تحصر النجم فى
مسارة أم حزن إمرأة تعيسة..

هبت نسمة دافئة أخرى فكرت معها بنزع جلدى والعودة للماء..
ماريا كانت تصب لنفسها كأسآ آخر..
صوتها كان هادئآ وكأن بكاؤها بعثها حية مرة أخرى,,
,,,
,,,
,,,
المساء يرف بثوبه من جديد,بهدوء وروية يطوى أطراف الضوء
ويخيط لها لون متسارع التغير... أحمرآ ثم قانى بلون الدم
وربما طعمه..نصل حاد كان ينسل من وسط السحب المتحدة ناحية الجبل
وعندالبحر بقرب أماكن صناعة الموج ,,يشق
النصل أسفل السماء ويرتفع بتمهل غير عابى ببكاء الضوء, ,اللون القانى
يشبع مسام البحر ,هناك حيث يخلق الموج..
من أمام منزل ماريا بدأ لى الغروب شاحبآ كذكرى عديمة المعنى وتافهه..
وهى من المرات القلائل التى أحس فيها بأننى غير مجدى ...
هو ليس منزلآ كما تحمل المعنى بل (كرفانآ) قائم أسفل الجبل وليس بعيد
عن الشاطئ يحيط به سور خشبى متهالك ومتآكل بفعل الرطوبة وعدم الإعتناء
..ليس حوله منازل أو أحياء ..قائم بذاته فى تحدى مثير لمنازل الشاطئ المرمرية الفخمة..
أسبوعان لم تمر ماريا ولم يسمع أحد شيئآ عنها..فجاءة أختفت كما ظهرت..

دعتنى ذات مساء إلى كرفانها ,كانت منسابة وبسيطة ,نفس البحة والصوت المتهدج الحزين فقط كانت تضحك أحيانآ,المكان أكثر نظافة من قبل وهى
أيضآ,أعتنت بالطاولة ,وبشعرها..
بعد كأسها الرابعه أرتنى البومآ حوى صورآ لها وأطفالها, لاحظت أن أغلب الصور التى تجمعها مع أطفالها غير مكتملة ,وكأنما قرأت مايدور برأسى,
- منذ تلك الحادثة قمت بقص جميع صورة..
صوت مغنى الروك (فاسكو روسى) كان ينطلق حزينآ..
أغلقت الألبوم دون أن أكمل بقية الصور ومضت هى تنفث مجددآ من دخان سيجارها..
فجأة قالت,
- لماذا لاتودنى كما الآخرين,,
تحب ماريا الكونياك,تشربه بتلذذ مدهش ,تسرب السائل المحرق خلال أسنانها
ببطء وتخلطه بلعابها وتقفل أعينها وتبقى الخليط حينآ ثم تحركه فى فمها
كمن يلوك طعامآ وبشكل لايخلو من إنوثة ,كانت الزجاجة تمضى نحو نصفها,
لم أجبها,ولم يبدو أنها تتعجل إجابتى,
كل مافى ماريا ينضح بالأنوثة حتى حزنها ,هى تعرف أنها إمرأة لاتقاوم,
- أنت مثاليآ أكثر ممايجب,
أكملت وهى تمر أمامى بطريقة متقنة,
- ليس عيب أن تنالنى,..
بقية حديثها لم يكن واضحآ فقد عجنته بلغه المانيه ..
لاأظن بأن ماريا كانت تودنى حينها,ربما كانت تحاول هزيمة أشياء أخرى..
لست أنا من يأكل الفاكهة لأنها فاكهة..
- أوهامك الشيوعية لن تورثك سوى الجنون...

أدرى ياماريا أننى فى مكان ما متسربل بالبرجوزاية, كآخرين ولكنى
أدرك أيضآ أن الحقيقة لم توجد بعد وأن الوهم طريق مختصر لتقبل الحياة كما نحتها فلاسفة وأدباء إعتنى بهم دود الأرض دون تمايز,
أدرك ياماريا أن المرأة التى تحب العالم نادرة كما الرجل ,وأدرى أنك لست جنتى المشتاه حين يرحل الجسد فى غربته عن الجسد .. ربما صفاؤك هو السبب الأوحد لوجودى هنا..
لاتحب ماريا هذا الحديث ,,تتقبله على مضض ..
..تغير ملابسها لعدة مرات فى مساء واحد ,تغير تسريحتها وشكل الطاولة..
,,,

خرجت من منزل ماريا والسماء يعمها السواد ,,تلتحفه بصمت
ناحب ,ربما الأرض نادمة على فعلها الأخرق اليومى..تستدير وتستدير
,رغبتها ماضية..
فى نفس المساء الذى بكت فيه بحرقة ,كنت على قافية أخرى أتودد
لروحى كى تغفر,أنظر إلى السماء ولاأرى سوى ضوء عادى ,خامد,جسد كونى
آخر يسقط يقرظ الشعر لأجله وتؤجل بقية الأشياء من أجل أمنية حالمة,

ومارية بجوارى ليلتها, كانت تحاكى الأرض , ملتفة على جمال خفى وفى بقية
الكون تسكن سرها...
بعد بكاؤها بعثت حية ..السر الذى تطوية الضلوع لاينفلت إلا من عقل تغيب
,,من قلب لصيق بنبض الأله,حينما تصبح الحياة نجوم وماء وقمر ,,
إرتدت الثوب الأبيض مبكرآ ,حبها للكنيسة جعل الأمر أسهل
,فغاية حياتها كانت زوج وأطفال ,رداء تخيطه لهم ,تطهو أيضآ راضية ,هى أرض متفننة فى فعل التكرار ,اليوم يشابه الغد ,,

قالت..وقالت..
ولم أنطق أنا بحرف,

بعد أسبوعين من غيابها وجدت الكرفان حافيآ وزهوره ميته,بحثت عن المفتاح
فوجدته فى مكانه,متسخآ كعادته وصدئآ ,أن لم تتحايل عليه إستحال لجزيئن فى ثقب الباب..
رائحتها عالقة بالمكان ,رائحة ماريا لاتقاوم (هكذا كنت أتبسم وانا أنظر المكان الخالى),
حين فتحت الباب كان الكرفان مهجورآ ,بائسآ...لاشئ على الجدران ,لاطاولة
حتى الأزهار التى تحبها وتلهى بها نفسها حين يشتد غضبى ,قد أختفت ,,
بحثت عنها دون فائده ..

لم تترك ماريا أثر فى هذا المكان..

كنت فى طريقى للخارج حين لمحت مظروفآ ملصقآ على الباب من الداخل,
أغلقت الباب ووضعت المفتاح الصدئى فى مكانه...
سرت على أرجلى حتى بلغت المكان الذى التقيتها فيه ذات مساء..
جلست على نفس الصخرة ,,
أشياء تأتى وتذهب فى مران عجيب للذاكرة,
-ليس من حقك أن تخاطبنى هكذا..
أرجل حافية على الرمل وإبتسامة تحتفى بالمساء ,,
لم أدرى هل كنت غافيآ أم لا,
لكنى بوضوح أتذكر عربة تمر من خلفى وصوت أعرفة
-مساء الخير,
-هل من عادتك أن تجيب على السؤال بآخر..??
الصوت أعرفه ولكن من الذاكرة لايخرج سوى دخان..دخان
-هربت منه نحو الشرفة ,يده كانت مطبقة على حلقى ,دفعته
بكل قوتى,وحين إلتقط أنفاسى كان يرقد فى الأسفل..
كنت مشدوهآ ربما ..مندهشآ.. ,بقية كأسها الذى مدته
نحوى تحجر ,فلا يدى تمتد نحوها ولاهى قادرة على شربه..
- أين فى الأسفل..!?
غيرت ثوبها للمرة الثانية..أعينها الواسعه خالية من الحياة,
- كان كجرم طائش هوى من السماء لايهاود فى مستقره..
لم تكن تأبه بسؤالى..
-أين فى الأسفل...!!?

قالت وقالت
- كان يضربنى

-أين فى الأسفل...???



وقالت
- قبل تعرفى عليك كنت أعيش فى سلام..
وقالت
- تبآ لك إنى أكرهك...........


يهوى النجم من على متفاخرآ بإنفلاته ,يتأبط صخره والأتربه ..
يحترق
ويحترق
وتصوغ له معادلة الكون ذنبآ لاهبآ,يتناثر على مرأى من شواهد الكون ,
ليس خجلآ أو نادمآ ,
المظروف الذى أخذته من الباب لايذال فى جيبى ,
أتخوف من فتحه ,ذاك سبب كافى (لهرجلة) الذاكرة,,كم أكره هذه المظاريف
غير الأنيقة..عليها إسمك فى المنتصف ,توضع حيث حتمآ ستراها,مغلقه بعناية وكأن كاتبها تخير أجود أوقات صفاؤه لسجنك داخلها,,


Caro Gily

.............................
.................................................. ...
....................................
........................................
.................................................. .
.................................................
..................................................
.................................................. .....

,
.................................................
....................................
.................................................. .
.................................................. ..


ليتنى لم التقيك[/align]


ماريا
[/frame]

عادل عسوم 23-05-2009 10:53 PM

نوال...
 
[align=center][frame="7 80"]
[align=right]
[align=center](نوال)[/align]
هي الثانية من بعد شقيق يكبرها...
تليها شقيقات خمس...
ثم شقيقها الأصغر جعفر الذي خرج الى الدنيا بضمور في المخ ...ليعتاد الناس تسميته ب(الدريويش)...
نشأت الأسرة على كفاف من عيش بقرية وادعة في شمالنا الحبيب...
مصيرها كان كمصير العديد من بنات جيلها اللائي تركن الدراسة في مراحلها المختلفة...
فهي أذ تتساوى معهن في سمت المسغبة التي ترخي بسدولها على اسرهن ...الاّ أنها تزيد عليهن بملازمة أمها للفراش جرّاء مرض عضال...
ثم سفر شقيقها الأكبر الى ليبيا ...وانقطاع أخباره!
طالبتها أدراة المدرسة الثانوية ب(دفع) مصاريف الجلوس لأمتحانات الشهادة الثانوية فلم تستطع الى ذلك سبيلا...
أذ أخاها الأكبر لم يدع لهم شيئا ليباع ...
فهو قد باع كل شئ ليهيئ نفسه للسفر!...
ثم ان الذي بقي بيد والدها من مال لا يكاد يكفي تكلفة الدواء الذي يبتاعونه كل شهر لأمها...
في يومها ذاك...
رأى (الدريويش) عينيها محمرتين من أثر الدموع فقال لها:
-ماتبكي يانوال ...(الله في) ...
وبقي يهزج بها (الله فيه ...الله فيه...الله فيه)
فما كان منها ألاّ أن ضمته الى صدرها وقبلته على جبينه...
لقد منّت نفسها بأن تصبح معلمة لتنير عقول النشئ...ثم تستعين بما تناله من مال في رفعة شأن أسرتها...
لكنها رددت مع الدريويش ...(الله في).
وكم اراحها ترديدها لأهزوجة الدريويش...
فهي قد أعتادت بأن ترى وتجد منه الكثير المثير ...والذي لا يجده فيه أحد غيرها سوى الأم المريضة...
قالت لها أمها مرة:
-جعفر دة ما تستهونوا بيهو يانوال...
(جعفر دة فيهو سر كبيييير)!
...
وتفرغت نوال لأشغال المنزل...
لم تكلّ أو تملّ وهي تضئ كشمعة لتنير للآخرين حياتهم...
ممارضة والدتها المصابة بالسرطان...
أحتياجات والدها السبعيني...
حراك حياة شقيقاتها الخمس...
يضاف الى ذلك الأهتمام بحياة (الدريويش) والحرص على البحث عنه كل مساء لضمان مبيته في المنزل...
ولم تلبث شقيقاتها الخمس أن تزوجن خلال عام واحد!...
ولم ينصرم العام الاّ وافضى والدها الى ربه...
فجهدت (نوال) أيما جهد وهي توزع نفسها بين شقيقاتها اللاّئي أعتدن أنجاب التوائم ...
وأمها المريضة ...
وأخيها (الدريويش) الذي ماكان له غيرها ليهتم بأكله وملبسه ومتابعة حراكه ...
وأعتادت عمل الكثير لتدر دخلا تعيل منه نفسها وأمها وأخيها الدريويش...
نسج (الطواقي والمناديل)...
عمل (الطعمية والزلابية) وبيعها لطلبة المدارس...
متابعة أجير أتوا به للعناية بالارض الصغيرة التي تركها لهم الوالد...
وامتدت هباتها وعطاياها الى شقيقاتها الخمس من (خبيز وتمور ثم احتياجات رمضان في كل عام) حتى لا تشعرهن بمنقصة دون الأخريات...
وبرغم كل هذا الجهد والحراك فان الأبتسامة لم تكن تغادر شفتيها البتة...
أعتادت نوال بأن تهجع من ليلها النذر اليسير أذ قلبها دوما منشغل بأمها المريضة...
قال لها (الدريوش) مرة:
(أنتي يانوال وكت أصلك نومك قليل ...ليه ما بتقيمي الليل زي شيخنا وراق)؟!
ضمته الى صدرها وقبلته على جبينه وقالت ...صدقت...
وبدأت تقيم الليل ...
وشرعت تقرأ صفحة من كتاب الله خلال كل ليلة...
ثم تدعو الله ماشاء لها من دعاء وهي تبلل حجرها بدموع الرجاء...
وظل الدريويش ينظر اليها من طرف خفي من تحت غطائه وهو يشارك أمه الفراش...
وخلال سنوات ثلاث ...أذا بها تكمل حفظ كتاب الله !
وجاء رمضان...
فتفيأت ظلال العشر الأواخر منه...
وفي ليلة من الليالي وهي تتلو ...أذا بها ترى كل شئ قد خر ساجدا لله...
والملائكة تحوِّم داخل غرفتهم وهي تنشد طلع البدر علينا...
ويهتف بها هاتف...
(يانوال هذه ليلة القدر فادعي الله بماشئت)...
ويشتد وجيب قلبها ...
وتتعالى منها الأنفاس وكأنها تهرول المسافات الطوال...
ويتلعثم منها اللسان...
فترفع كفيها لتدعو الله...
ولكن يقع بصرها على فراش (الدريويش) لتجده خاليا...
فتقفز وجِلَة الى خارج الغرفة...
فاذا به قد ارتفع عن الارض على مستوى بصر الرائي وقد اعتمر له جناحين من ريش ...
ياللنور الباهر الذي يشع من وجهه!
وياللأبتسامة الوضيئة التي ترتسم على شفتيه!
قال لها (جعفر) من علٍ وهو يرفرف بجناحيه:
-يانوال ...
أنا ذاهب الى ربي لأجاور الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في أعالي الجنان ...
وقد سبقتني أمي قبل قليل ...فلا تحزني ياأختاه...
فصاحت به:
-وماذا عني أنا ؟!...
قال لها وقد تهلل وجهه أكثر:
-لا تحزني يانوال...
أدعي الله ياشقيقتي وقولي (اللهم آتني في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقني عذاب النار)...
فأجابته وهي تبكي:
-لكني سأصبح وحيدة...
-لا لن تصبحي وحيدة ...
ستتزوجين باذن الله ...
وستنجيبين البنين والبنات ...
ولكن عديني بأن لا تنسين تسمية ابنك البكر باسمي ...ثم علا واختفى...
عادت مهرولة الى الغرفة فاذا بوالدتها قد فارقت الحياة...
فثقل خطوها ...
وجلست على الأرض ترتعش من هول الموقف...
تذكرت الدعاء الذي أوصاها به (الدريويش) فدعت به مرارا...
...
فتحت نوال عينيها فوجدت نفسها طريحة الفراش وحولها بعض الجارات...
-أنا وين!
أجابوها بأنها في المستشفى ...
وان الله قد كتب لها عمرا جديدا...
اذ بقيت في غيبوبة لأيام ثلاث ...وقد ووريت أمها الثرى.
سمعتهم يتهامسون بأن (الدريويش) قد أختفى ولا يجدون له أثرا فلم تعر ذلك اهتماما...
فهي تعلم مكانه (يقينا)!
واجتمع شملها بشقيقاتها الخمس ...اللائي جئن لتلقي العزاء ومواساة شقيقتهن الكبرى في وفاة أمهن...
وأهلّ عيد الفطر عليهم أجمعين...
وقبيل سفر شقيقاتها تقدم لها قريب لهم يعيش في (بورسودان) ...توفيت زوجه قبل عام...
قال (فيصل) الذي قُدِّر له بأن يكون زوجا لنوال...
(منذ أول ليلة أفضيت فيها اليها ...بارك لي الله في كل شئ!!!...
لقد كان لي (كشك) صغير فقط...فاصبح لي من المحال ثلاثا!...
وما شرعت في صفقة الاّ وبارك لي الله فيها أضعافا!!...
...
أضحت نوال زوجا لأغنى تجار بورسودان...
وأنجبت العديد من الابناء والبنات ...
ولم تنس بأن تسمي أولهم بأسم جعفر...
ومافتئت يدها ندية بالعطايا الى شقيقاتها ...بل الى أهل القرية قاطبة[/align]
[/frame][/align]

محمد الطيب يوسف 24-05-2009 06:51 AM

النمل يغزو المدينة/ محمد الطيب يوسف
 
[frame="7 80"][align=right]

[align=center]النمل يغزو المدينة/ محمد الطيب يوسف[/align]

[align=right]
بدأ الأمر برمته يوم الأمس صباحاً عندما انتبهت إلي صفوف النمل وهي تعبر بمحاذاة الصنبور الذي كان يهرب نقاط الماء بانتظام ثم تابعتها وهي تمر بجوار حوض صباح الخير بأزهاره الحمراء الصغيرة وتستمر في نفس خط سيرها مروراً بأزهار دوار الشمس حتي أنني استطعت رؤيتها وهي تتجاوز شجرة دقن الباشا وصولاَ إلي السيسبانة فقررت أن أهتم بإبادتها بعد الانتهاء من الطبخ ونظافة البيت الداخلية .

دهشت عندما وجدتها قد تسللت إلي داخل المطبخ بنفس صفوفها الطويلة التي لا تدرك من أين تبدأ وانتشرت خلف الدولاب و حول حوض الغسيل ولم تنج منها حتى الثلاجة وهي تغزو بياضها الناصع فبدت كالنمش علي الوجه فقررت أن أبدأ بالإبادة فوراً وألا أرجئ الأمر لحين الانتهاء من الطبخ , فتحت دولاب النظافة بحثاً عن مبيد مناسب ولكني لم أجد شيئاَ يرضيني فنويت أن اشتري واحداَ حين خروجي للتبضع بعد الظهر ثم انهمكت في العمل متجاهلة انتشارها البطيء في كل مكان غير أني تفاجأت عندما وجدت أرتال منها خلف كراسي الجلوس وما أثار فزعي هو وجود ثقوب صغيرة في القماش الذي يغطي خلفية المقاعد وكنت متأكدة من أنها لم تكن موجودة صباح الأمس

خرجت مسرعة إلي السوق القريبة وعندما وصلت إلي هناك لمحت جارتي أم أحمد تسد المدخل بمؤخرتها الضخمة فدخلت في حرص حتى لا أحتك بها , حييتها بصوت خافت ودون أن أنظر اتجاهها فقد كنت أخشي ثرثرتها المملة والتفت إلي عم سعيد وأنا أساله عن مبيد جيد للنمل , بدا الأسف علي وجهه وهو يعتذر بأن كل الكميات التي كانت عنده قد نفذت ,ولم يتبق إلا الذي انتهت صلاحيته إن كنت راغبة فيه وهنا وجدت أم أحمد فرصتها وهي تدنو مني قائلة :

- إن النمل يجتاح المدينة

كنت قد اعتدت علي تضخيمها للأمور فاعتبرت هذه واحدة منها ثم غادرت المحل وأنا أودعها في عجلة ولكن عندما وصلت للبيت أدركت أنها لم تكن تبالغ كثيراً وأنا أبصر جيوش النمل تغزو البيت من كل الاتجاهات , أصابني الهلع عندما ولجت للداخل فقد تحول لون الجدار إلي الأسود القاتم , الطاولة ذات اللون البني المحروق بدت وكأني قد فرشت عليها مفرشاً أسود , طفح النمل من ماء المزهرية التي وضعت علي الطاولة ولكن ذلك لم يثن البقية وهي تحاول الوصول إلي الحافة في عناد غريب ¸ركضت إلي المطبخ في فزع كانت جحافل النمل قد اجتاحت مطبخي , شفاط الهواء كان معطلاً والمئات من النمل قد ملأ لفراغات التي فيه , جوال السكر مرمياً في الوسط والنمل يتدفق منه كالسيل , من دون وعي مني أمسكت بخرطوم المياه وبدأت حربي ضد النمل وعندما انتهيت كان بيتي قد تحول إلي بحيرة صغيرة ذات سطح أسود لامع وقد طفت فوقه العشرات من الأشياء , كرة البنق البيضاء الصغيرة كانت تتقافز علي السطح وكأنها قد جنت ,أوراق من صحيفة قديمة , فستان بنتي الأبيض بوروده الحمراء الفاقعة بدا وكأنه يطير علي سطح الماء وهو منتفخ كبالون ضخم , بيت النظارة التي يستخدمها زوجي كان يطفو وهو مفتوح وكأنه يقهقه , أفلتت مني ضحكة صغيرة وأنا أشاهد الفوضى التي صنعتها .
جلست علي الكرسي المبتل وأشعلت المرئي أمامي , تابعت الأخبار اليومية بنصف عقلي وأنا أفكر في كيفية إعادة تنظيف البيت وترتيب الفوضى التي صنعتها ولكن شد انتباهي مذيع النشرة وهو يقرأ خبراً متعلقاً بالنمل ثم ظهر المحافظ وهو يتحدث عن اجتياح النمل للمدينة مبرراَ ذلك بسبب السيول الأخيرة ولأن المدينة تقع في مكان مرتفع فقد فر إليها النمل هرباً من كوارث الطبيعة , اعتصرت ذاكرتي ولكني لم أتذكر سيول اجتاحت منطقتنا في التأريخ القريب بل ومنذ أكثر من عشرين عاماً كما أنها تقع في وادي بين جبلين فتبسمت ساخرة من تبريراته وأنا أعود لحديثه وهو يطمئن الشعب بأن الوضع تحت السيطرة وأنهم قد نظفوا الجزء الشرقي من المدينة تماماً وستتوالي حملات النظافة حتى تعود المدينة كما عهدها أهلها .

انتقلت الكاميرا إلي عمال النظافة بستراتهم الزرقاء وأقنعتهم الواقية والنظارات التي تغطي نصف الوجه فبدو لي وكأنهم رواد فضاء وليس عمال للنظافة وعندما عادت الكاميرا إلي المحافظ وهو يواصل في ثرثرته غير المجدية كانت هنالك نملة صغيرة تتنزه في زرقة سترته وكأنها تمد لسانها ساخرة من حديثه الممجوج



حاولت الاتصال بأمي عدة مرات ولكن هاتفها كان مشغولاً علي الدوام ثم أخيراً عبرصوتها المعتق الأسلاك إلي أذني ممزوجاً بالغضب وهي تشكو من النمل الذي تكدس في غرفة نومها وهو يطأ ذكرياتها بأقدامه ذات النهايات الشعرية .. أنهيت المكالمة ثم هاتفت أختي التي كانت أيضاً في أوج غضبها وحزنها والنمل قد أتلف عيد ميلاد ابنها وهو يدمر ترتيباتها التي أنفقت نهاية الأسبوع في إعدادها خاصة وأنه أعجب بطعم التورتة التي ظلت تعدها طوال ليلة أمس .

وضعت سماعة الهاتف مقررة إعادة تنظيف البيت وترتيبه علي أن ابدأ بغرفة النوم , كانت المياه قد وصلت إلي هناك رغم حرصي علي إغلاق باب الغرفة جيداً , شرعت في العمل بهمة ونشاط , وأنا غارقة في النظافة لفت انتباهي شيء غريب , ألقيت بالمكنسة من يدي وأنا أقترب في تعجب من دمية بنتي الصغيرة المرمية عند الركن في إهمال فبنتي لم تحبها أبداً بلونها البني وشعرها الغزير وفمها الذي فشل في أن يكون خرطوماً ولم يقنع بمكان الفم فتمدد إلي الخارج بطريقة كاريكاتيرية , الغريب في الأمر أن النمل قد صنع نصف دائرة حولها وكأنه ينظر إليها في ترقب دون أن يقترب منها وهي مرمية علي جانبها في إهمال , حملت آكل النمل في حرص وأصلحت من وضعه بحيث أصبح مواجهاً للنمل وأنا أراقب الموقف من كثب ..

تراجع النمل في ذعر وهو يتدافع نحو منافذ الغرفة في جنون .. غمرني إحساس بالسعادة وأنا أركض به نحو الفناء ثم وضعته في مواجهة النمل مرة أخري ولم تمض سوي دقائق معدودة إلا وكان الفناء خالياً من النمل تماماً

حملته في عناية وأنا مدركة لما سأفعله جيداَ , لففته بورق صحيفة قديمة ثم خرجت من البيت في عجلة , عند بداية الطريق لمحت أم أحمد جارتي (العزيزة ) وهي تتهادي في مشيتها ,حاولت تجاهلها وأنا أتظاهر بقراءة اللافتات من حولي ولكنها لم تمنحني الفرصة وهي تقطع علي الطريق لاهثة , وضعت اللفافة خلف ظهري وأنا أتظاهر بالبراءة بيد أنها لم تنتبه وهي تشرع في الحديث مباشرة

- ألم تسمعي بما حدث لعوض جارنا ؟؟

عقدت حاجبي متسائلة دون أن أتفوه بكلمة

أشرقت أساريرها وهي تسترسل قائلة

لقد حاول أن يستدرج النمل للخروج من بيته فحمل جوالاًمن الذرة وهو يلقي بقدر ضئيل منه كل مرة في طريقه والنمل يتبعه في صف طويل كل نملة تأخذ حبة ذرة ثم تولي مدبرة من حيث أتت وعندما وصل إلي خارج البيت كانت تتبعه نملة واحدة فأطلقوا عليه اسم عوض أبو نملة

ثم انطلقت تقهقه بصوتها الحاد الذي يشبه طنين البعوض غير أني لم أتجاوب معها ووقفت في بلاهة وكأنني انتظر باقي القصة

قطعت ضحكتها فجأة وهي تسأل في فضول

- لكن إلي أين أنت ذاهبة ؟؟

تملصت من بين براثنها قائلة

- ذاهبة لشراء بعض الأغراض الضرورية

(لابد أنني كنت أخشى من مصير عوض أبو نملة )

كان مكتب المحافظ يغص بالصحفيين ورجال الاعلام ولكنني لم ابال وأنا اقترب من طاولة مدير مكتبه ثم أدنو منه براسي قائلة
- أريد مقابلة المحافظ

- هل هناك موعد سابق

- لدي حل لمشكلة النمل

ثم اكملت العبارة بصوت خافت ولكنه واثق

- حل جذري

تراجع بمقعده للخلف عاقداً أصابعه أمام وجهه , تجاهلت الشك الذي ينبض من عينيه وأنا أتلفت حولي ثم عثرت علي تجمع من النمل في أحد الأركان ,أخرجت دمية آكل النمل في حرص من اللفافة ثم وبحركة مسرحية وضعتها أمام النمل

خفت الضجيج من حولي والكل يتابع في اهتمام ما يجري أمامهم
توقف النمل عن الحركة تماماً وهو يقف في مواجهة آكل النمل ثم بدا الانسحاب الفوضوي في هلع واضح وجن جنون الكاميرات وهي تلتقط العشرات من الصور ثم انتشرت الفرحة بين الجميع وعلا الصراخ وآخر فلول النمل تغادر الغرفة في هلع ..

خرج المحافظ من مكتبه يبدو عليه الانزعاج ولكن حمى الفرح اجتاحته مع الجمع وأجابت علي التساؤل الذي كان يطل من عينيه .

عندما عدت للبيت كنت منهكة حتى النخاع جوقة الصراخ التي ارتفعت حال دخولي للصالة أفزعتني وأنا أتفاجأ بأقاربي مجتمعين حول التلفاز يتابعون لقاءً أجرته معي إحدى القنوات , نظرت إلي زوجي في ترقب فلمحت في عينيه نظرة زهو وتقدير أكبرتهما فيه كثيراً


***


كان المحافظ قد وعد بتجهيز دمية ضخمة بإطارات لتسهيل حركتها علي أن تكون انطلاقتها من ميدان التحرير غداً صباحاً وقد شرع المهندسون والمصممون في تجهيزها علي أن ينتهوا منها تصميمها مساء اليوم .

أخبرني زوجي بإعلانات التوعية للمواطنين التي أغرقت التلفاز بكيفية جذب النمل إلي هناك عن طريق ماء السكر وفتافيت الخبز وإغلاق المنافذ جيداً بعد مغادرته حتى لا يستطيع العودة إلي البيوت مرة أخري

كان صباحاً مختلفاً وقد تحلق أفراد أسرتي حول التلفاز , لم تذهب بنتي للمدرسة كما لم يغادر زوجي للعمل , انتشرت في المدينة حمى شراء الدمية فارتفعت أسعارها إلي مبالغ خيالية , كانت القنوات الفضائية تتنقل ما بين ميدان التحرير لمتابعة آخر التجهيزات ومابين الجمهور مستطلعة آراء الكل حول مدى فعالية الخطة , قمت بعمل الخلطة المطلوبة ونشرتها حتى الباب الخارجي وتابعت النمل وهو يخرج في صفوف طويلة من مخابئ لم أكن منتبهة لها داخل بيتي ثم تأكدت من إغلاق النوافذ والأبواب جيداً وجلست أتابع مع عائلتي آخر التطورات , كانت الدمية عملاقة بطولها الذي يتجاوز العشرة أمتار وخرطومها الذي يقارب المتران , بدت لي اقرب للفيل منها لآكل النمل ولكني لم أعلق , المحافظ كان منتشياً والملايين من النمل يتدفق عبر الشوارع الخالية في اتجاه الميدان , سيل من النمل الأسود كان يفترش ساحات المدينة الفارغة ويتحرك بعقل واحد من شتي الاتجاهات ويقترب رويداً رويداً من الميدان مشكلاً دائرة واسعة القطر حوله , المهندس المختص كان يستعرض الدمية بزهو واضح والتقنيات التي تمت إضافتها لها مثل الصوت الذي كان حسب رأيي الشخصي مرعباً للنا نحن ولكني لم أدرك حجم أثره علي النمل بعد .

ثبتت الكاميرات حول الدمية من عدة زوايا لضمان عملية البث الدقيق ثم غادر الكل ووقفت وحدها كهضبة صغيرة عند المنتصف في انتظار الجيوش الجرارة.

بدأت بوادر النمل في الظهور حول الميدان من كل الاتجاهات والدائرة تضيق حول الدمية التي بدأت في إصدار أصواتها الغريبة , عند ما اقترب النمل بدرجة معينة توقف تماماً وهو يحيط بها إحاطة السور بالمعصم , كان الكل يترقب في قلق , تراجع النمل بسرعة حتى اتسعت الدائرة من جديد , عمت صيحات الفرح في فضاء المدينة , تحركت الدمية عدة أمتار للأمام ثم للخلف مستخدمة إطاراتها المطاطية , فتراجع النمل تبعاً لذلك من دون انتظام ولكنه لم يغادر الميدان بعد .

لوهلة كان المشهد يبدو جامداً والنمل يحيط بالدمية ثم وفي لحظة واحدة بدا الهجوم , تدفق سيل النمل من كل الجهات نحوها ثم شرع في الصعود علي جسدها مغطياً إياها من كل الجهات , عبر من أذن وخرج من الأخرى , ولج إلي جوفها من كل الجهات , اهتزت الدمية قليلاً وهي تخرج أصواتها التي كانت تبدو فزعة أكثر من كونها مفزعة ثم تهاوت كجبل ضخم بدوي هائل إلي الأرض

واشتعلت الحرب من جديد[/align]
تمت
[/align][/frame]

ناصر يوسف 24-05-2009 07:50 AM

[frame="2 80"]إنفلات

[align=right]لم يكن في مقدور الطاهرة التأقلم السريع مع أجواء المدينة الخرصانية الأسمنتية وهي في بادئة ولوجها الحياة الدراسية الجامعية . عندما جلست لإمتحان الشهادة الثانوية كان جميع أهل القرية يثقون تماما بأنه آن الآوان لإشتهار قريتهم شقلوبة القابعة علي أطراف الوطن الغربية .. إذ كانت تحمل من الذكاء ما يفوق تصور الجميع. شقلوبة قرية نائية يعمل جل أهلها بالزراعة إلا ما شذ فقد دخل خلوة الشيخ أبهندام،وبعد تخرجه إلتزم القراءة في المدارس الحكومية التي تبعد ثلاثون كيلو مترا عن القرية .
ولكن الأمر عند الطاهرة فاق حدود واقع أهل القرية ، فوالدها كان المعلم الوحيد الوافد علي القرية ، عندما تزوج من إبنة شيخ القرية الشيخ ود أحمد وبعد وفاة التوأم الأول ، جاءت إلي الوجود الطاهرة فآثر والدها الأستاذ محمود علي أن يوليها رعايته الفائقة ، فأدخلها الكتاب والثانوي وههي الآن قد أدخلت إسم القرية إلي عالم الشهرة بعد حصولها علي المرتبة السادسة في الشهادة الثانوية ، فرح أهل القرية بهذا النبوغ فبعضهم إحتفي بسماعه إسم قريتهم عبر المذياع الوحيد في القرية والموجود في مقهي عيد التمتام وحتي قدور العوقه إظهر الفرح ولأول مرة في حياته إذ لم يشاهده أحد ما بالقرية في يوم من الأيام وقد بانت نواجزه عبر إبتسامة أو صوت فرح أو رقص .
قدور العوقة ظهر هنا في شقلوبة فجأة ، جاء من مكان ما وبشكل ما ، دخل عليهم ليلا والدنيا ممطرة وظل يعوي كما تعوي الذئاب فتلغفه أحد أعيان القرية وهو مبلل يرتعد من شدة البرد فأدخله إلي داره وأطعمه . كان كما الأبكم لا يتكلم إطلاقا ، ذو بنية جسمانية قوية له عضلات مفتولة ، وكان قدور العوقة يحب الطعام كثيرا ، يبتلع كلما يصادف فكيه إبتلاعا كثعبان الأصلة وحتي صابونة الحمام المعطرة في منزل الأستاذ محمود لم تسلم من فكيه . والكل في شقلوبة كان يتعامل معه كما الخادم فأحيانا يغسل الأواني وتارة الملابس وأخري فهو يحمل الأوساخ بعيدا ويبسط الأرض بالرمال .
في أحد الأيام دعته الشول بائعة العرقي ليحول لها دولاب العدة من التكل إلي القطية ، وما أن هم بحمل الدولاب لوحده وهي تصرخ فيه (هي أقيف الدولاب ده بيقع أقيف شكيت محنك لي الله) حتي إنزلق الدولاب من بين يديه الممتلئتين بالزيت ووقع عليها حتي شج رأسها بجرح عميق إستدعي ذهابها إلي الشفخانة محمولة بين يديه المفتولتين وهي تصرخ وتولول. ومنذ ذلك التاريخ لم يدخل قدور منزل الشول ست العرقي ، الشول هي المرأة الوحيدة بالقر ية التي كرهت هذا المعتوه المدعو قدور العوقه إذ كان محبوبا جدا من سائر نساء القرية.
والطاهرة تتوغل رويدا رويدا بين ثنايا الحياة الجديدة ، وللعاصمة طعمان أحلاهما مر ... رأت تلك الفساتين الضيقة والمشقوقة علي جانبيها أو من الأمام والخلف مظهرة سوق زميلاتها الطالبات وصدورهن العارية تصارع قمصانهن في سفور وتحد علي الخروج ، ماهذا الغنج الدلال وما هذا العبث الأنثوي الفاجر ؟؟!!!..... هكذا كانت تحادث نفسها ما بين الإظهار والإستتار .. لم تنتبه الطاهرة لجلوس هيثم زميلها في الدراسة علي مقعد بالقرب منها تحت شجرة النيم الكبيرة التي تتوسط فناء الجامعة وعينيها ما زالتا تحملقان في إندهاش متفحصة هذه الأنوثة المستباحة ... وفجأة صرخت بفزع (واااااااااااااااااااااي) منتفضة عندما قرصها هيثم علي قرط أذنها الأيسر وقال مداعبا (مبحلقه كدي ويييييييييييييييييييييييييين وفاتحه خطوط يا اختي ؟؟ هي لكن ماااا بالغتي وشذيتي) وجمت الطاهرة وهي واقفة متجمدة كالصنم فأمسك هيثم بيدها اليسري وأجلسها علي المقعد بهدوء مندهشا لجحوظ عينيها وبرودة جسدها وقال(يا بت هوي ! كدي قولي بسم الله مالك ؟!) .... فك إيدي دي لو سمحت ، قالتها الطاهرة بحدة (أها فكيناها الأيد بس قولي لي ماااالك ؟؟!!) فردت عليه الطاهرة (إنتو بترضوا لأخواتكم يمسكوهن كده فوق الشارع ويقرصوهن فوق إضنينهن قدام الناس ؟؟!!!) قهقه هيثم طويلا ساندا ظهره علي خلفية المقعد رافعا أرجله لأعلي من أمامه والطاهرة تتأبط شنطة يدها القروية وتتوه في وسط زحام الطلاب ....
ثلاثة أشهر فقط مرت والطاهرة تتأبط ذراع هيثم في غنج ودلال وفستانها الأسود السيتان الضييق ملتصق بجسدها كما الجلد متموجا مع كل التضاريس الأنثوية متصالحا جدا مع أعين كل الناس نهما وإثارة ، فللطاهرة جسد صارخ أنوثتها متدفقة كما الإشتهاء الإرتواء . وكانت تضحك كثيرا بسبب أو بآخر ، الطاهرة تضحك كثيرا بتلك النبرات القاتلة (آآآآخ أنا منها أحيييييييييييييييييييي أنا وووووب وررروووووووووك) هكذا صرخ أحمد عندما دلفت من باب الكافتيريا وبجانبها هيثم وهما يضحكان فدعاهما أحمد للجلوس وتعمد أن تجلس الطاهرة علي يمينه فاسحا مجالا لزميل آخر ليجلس علي يساره وضاق المقعد فوجدت الطاهرة نفسها ملتصقة بأحمد كثيرا ، وبعد الغداء دعاهم هيثم إلي جولة بعربته الفارهة تطوافا علي شوارع العاصمة فالجو اليوم صحو وغائم.
كانوا ستة زملاء وهيثم علي المقود وأحمد بحنكته وخبرته جعل الطاهرة تستميل الجلوس علي يساره بالمقعد الخلفي الضيق وعلي يمينه كانت علياء ثم عصام ، أما الجقير وبطن الفيل فكانا علي المقعد الأمامي ، قارب الليل أن ينتصف وأحمد يذداد إلتصاقا بالطاهره وهي تذداد إنكماشا وتكورا ، وصل هيثم إلي المحطة الوسطي فنزل الجميع عدا الطاهرة وأحمد(يا أحمد ما تنزل يا خي وتخلينا نمشي) .. قالها هيثم بحنق ولكن أحمد تمنع مبديا رغبته في المبيت معه بالشقه ، تذمر هيثم قليلا ، تضايقت الطاهرة أكثر ، أوقفت علياء لتذهب معها إلي منزل زويها ، تدخل هيثم رافضا للفكرة وأخيرا كانوا ثلاثتهم داخل شقة هيثم بعد منتصف الليل .
لعواء الذئب في قرية شقلوبة مدلولين ، أولهما أن ذئبا جائعا تربص بأغنام القرية وثانيهما أنه صوت قدور العوقة وقد شبع فأصدر صافرة الشبع كعواء الذئب ، وبينما القمر ينساب بين الغيوم منذرا بالمطر وألسنة النار تطل من خلال القطاطي والرواكيب الصغيرة ساكبا الدفء علي أهلها .... وقدور العوقه متجولا عاري الصدر إلا من خرقة شال أهداه إليه الأستاذ محمود والد الطاهره ، تجده متسللا من بيت لآخر ، يدلف إلي البيت ويخرج سريعا ألي الخرابة التي خلف البيت ويتبعه ظل شخص ما . والطاهرة تعبث بالريموت كنترول محاولة عدم النوم وأحمد هنا ....
كثيرا ما قضت لياليها هنا مع هيثم ولوحدهما في الشقة ولم يخالجها الأرق ولا القلق ولا الخوف ، إذ كان هيثم لا يتمتع إطلاقا بالفعل الفحولي وكانت صحبته ظهورا قشريا ، إذ كان متصالحا تماما مع النفاق الإجتماعي يحلو له الإستعراض بما يملك من مال ولكنه كان جاهلا لأمور أخري بفعل تكوينه الفحولي. الساعة تشير إلي الثانية صباحا والطاهرة أمام التلفاز وبجانبها هيثم يتابعان فلما أجنبيا ، دلف أحمد إلي المطبخ وعاد بعد برهة يحمل عصير برتقال.
والشقلوبة نائمة تماما، وقدور العوقة يستحم علي جدول الماء وخيال ظل من خلفه يتحرك مبتعدا. الطاهرة لم تشرب سوي جرعة واحدة من عصير البرتقال بينما تجرع هيثم كوبيين متتاليين. بدأ النعاس يصافح عينيه ونام . هرعت الطاهرة وتبادرت إلي ذهنها صورا قديمة مؤلمة ، تحرك أحمد تجاهها ، إنتصبت واقفة ، خطي تجاهها وهي متحركة إلي الخلف مبتعدة من خيال تلك الصور القديمة المؤلمة ، حاول أحمد أن يمسك بها ولكنها أفلتت من يديه ودواخل أحمد العطشي لأنوثتها تتعاظم ، ركضت داخل الصالة فركض خلفها ، أنفاسها لاهثة وأحمد من خلفها ، إرتضمت بالكرسي فوقعت وأحمد من خلفها شبقا ، وقفت بسرعة وإذدادت من الجري والتملص من قبضاته ، إمتلأت يدي أحمد ووجهه بخربشات ودماء وأحمد متوتر الأعصاب يجري خلفها ، دخلت إلي الغرفة ، حاولت قفل الباب في وجهه ولكنه كان أسرع وضع رجله اليسري دون قفل الباب ، إرتعدت ، تذكرت تلك الصور القديمة الأليمة ، صرخت بأعلي صوتها ودوي الصوت أرجاء قرية شقلوبه وشبح شخص هارب يعدو بين الحشائش عدوا مخيفا وقدور العوقة منتصبا يقف من داخل كومة الحشائش .
الناس توافدوا إلي المكان فوجدوه عاريا كما خلقه الله يصدرا شخيرا غريبا والدم متقاطرا علي جبينه والطاهرة تنهار أمام هذا المد الجنوني لأحمد وهيثم نائم بفعل المخدر والخدر يسري في جسد الطاهرة والصور القديمة الأليمة تأخذ هنا شكلا آخر ، فكما للحشائش طعم فللأسرة طعم آخر ، أتوا بها الفاجر الداعر إبنة الخمسة عشر ربيعا غرر بها هذا الوحش قدور العوقة ، داعبها فاستلذت حاول فض بكارتها فصرخت حتي أيقظت كل أهل شقلوبه وقدور العوقه بجسده العاري المفتول منتصبا واقفا منتصبا وسط الحشائش يصدر ذاك الصوت الغريب والطاهرة تتلوي من اللذة السرمدية وتصرخ عند أوج التلاقح الإنساني وصوت قدور يتعملق ويزداد علوا ويصبح زئيرا يفوق الخيال والطاهرة تنسرب من بين يدي أحمد متمتمة (الله يجازيك يا قدور) .... بينما صوت شخير وصفير أحمد لم يمكنه من سماعها كما لم يسمع أهل قرية شقلوبة في ذاك الليل البهيم سوي صوت قدور العوقه وهو يتمتم بصوت مخنوق بجميع أسماء نساءالقرية [/align]

إنتهت
[/frame]

الجيلى أحمد 24-05-2009 02:19 PM

[align=right][frame="7 80"] [align=center]مقامات الشتاء الدافئ[/align]

[align=right]في الصباح .. كانت مشرقة .. تبدو
بمعرفة طيبة تنتقى ثوبها،
أمُر أمامها .. أحييها بنقاء .
أمام غرفتها تقف بزيها البسيط .. دائما تصيح " انتظرني .. لماذا تسرع "!
نهبط الدرجات دون انتظام
أمامها أسرع ..
أخاف السحر ولعنة الجمال
أن تعبر أمامي !!!
تحتضن حزمة من الكتب و الأوراق .. تتدلى من كتفها حقيبة
نسائيه جلديه - أراها فى مخيلتي وفى زجاج النوافذ -
وقد احتوت اشياءها لسنوات دون ملل ..لم يهزمها الجليد،
ولم يخترق المطر المتسائل سر الخصوصية
فقط -هى الشمس - أحالت لونها إلى مزيج من الأخضر والأحمر

اعبر أمامها الممر الضيق
" - )النساء أولاً"
"محال معها
كيف تشكى لليل المعافى
مرورها
الألق ،
العطر الخفى
وسر تواجدها "

تجابهنا ساحة الثرثرة الطلابية ..
المنتديات تفصح عن خطبائها
....
....
كنا نحتفي بالشتاء ، نعبر الحديقة و الثلج بمودة يعانق الغصون،
نجد طاولة، نزيح الثلج عن المقاعد العتيقة
ولوحة الشطرنج ...
نصُف الجند ضد الجند والوزير جانب الحاكم
نبدأ بالجنود
نحاصر الملوك
نجمع أشياءنا قبل النصر.. نرسم البقية على الورق
ونعود للمدرج ..
كانت تسميه "المتسمر" , يقف أمام البورد .. بنفس الهيئة..
يمسح غبارا وهميا عن عدساته بنفس المنديل
والحذاء ذاته
والنحنحة
++
++
+|+
تعود مساء بعد عطلة نهاية الاسبوع
محمله بالكارتوشكه )البطاطس)
والصاله (شحم اللحم المملح) .. وحكاوي عن الدادشه
"جدتى تستغرب استهلاككم للقاروخ (العدس ) .. تود رؤيتك ، لكنها
تكره المدن دون ثوار "

إلتقيتها في الصيف ، الليالي البيض .. الفرح يتودد للمساء
يغلق للحزن بابا .. أنا و أصدقائي
رأيناها فى الرصيف المقابل تحادث صديقاتها ....

"توقف عن الدراسة قليلا, سأذهب إلى غرفتي
أراك في الصباح .. التاسعة "
,,,
,,,

عبرت الرصيف ..قلت لأصدقائي :" هذه هي، أراكم لاحقاً"

الكلمات تتواثب .." أي الجمل اختار?? "
اقترب اكثر ..الضجيج يزداد..الهواء يقل
نظري يعتم
سائق عربة يلوح بإشارة بذيئة
يتوقف الزمن
أمامها.. أقف

" قل شيئآ...قل شيئآ "

"-(بريفيت) مرحبآ "

-هل اعرفك?
- آه كنت أخالها تعرفني منذ ميلادي -..

" -ليس تماماً رأيتك في الجامعة
+ " حسناً، أراك مره أخري. "
وذهبت
الطوفان ..البحر..اللهيب
العَرَق في أرجلي..مخلوقات تطل
من السماء..تقافز أمامي..
في حوجة لجرعة ماء..ابتعت زجاجه كاملة
#######
تصنع قهوتي، ترتب الفوضى وأوراقي المنثورة
في كل مكان
"أغيب يومين وأنت تستهلك الغرفة لسنوات..يا للفوضى!!"
,,,
,,,

بهدوء العارفين وضعَت قهوتها علي الطاولة..

ترتشفها بتلذذ
أراقبها من بعيد..الذاكرة
لا تكُف عن أحداث الأيام الفائتة..
لاحقتها وكأن حواء عجزت عن غيرها..

بنطلون القماش المحاك بعناية وبلوزه
قطنية تمتهن البساطة وتسرد قصة تعلقها بالخاصرة

كنت في الركن المقابل..جاهداً أحاول
حل معضلة هندسية..
تشتّت ذهني

نهر الفولغا يفيض في رأسي
لا فرار من لعنة الجمال
شددت الخطى نحوها..
لن ارتضي الهزيمة..وصلتها في عامين
القاعة صامتة تراءت لي..الكل ينظر نحوي

يدركون ما برأسي..

قبالتها وقفت
"-مره أخري أنت !! "

####

درجات الحرارة .. جاوزت (-20)
كانت تلصق القطن والورق علي
إفريز النوافذ..والفتحات الصغيرة
ثم تُعمل عليها الشريط اللاصق..
البرد يتسلل هناك..حتى عبر الصوت..

ضحِكَت بأريحية وهي تلتفت نحوي
-"هل تذكر ذاك اليوم.. ؟"
مع كتاب الدون الهادئ كنت ..اعبر
وشولوخوف قمم القوقاز..
نظرت نحوها مبتسماً .

- " كنت في الركن المقابل تدرس.. نفس
الطاولة..أحس بنظراتك..وأتمنى أن
تأتي وتتلعثم..
كنت أحب عنادك..رغم انك لا تجيد
الغزل.. "

..ضحِكَت بصفو ..وجزل
,,,
,,,

تصنع قهوتي برغبة..
لا تضع عليها الحليب
أقول لها "إنّ الحليب يشوه لون القهوة
ويستدرجها نحو المذاق الأوسط"

هي تحبها سوداء بغير سكر أو كريم
ترشفها بتمهل..لا تكف عن الكتب حتى في الصباح
مزعجة..
سريعة
وكسولة حين تود
,,,
,,,

مؤشر الحرارة يشير الى (-15)
الثلج لم يتوقف ليومين عن الهطول
في شكل رقائق صغيرة ، يتماوج ،
ليلبس الأرصفة ثوباً ابيضاً ناصعاً..
رن جرس الهاتف،
جدتها في الطرف الآخر كانت تصرخ بهستيرية

" تعال حالا...المستشفى "
رجوتها أن تعطى السماعة لشخص آخر
الممرضة أخبرتني بعنوان المستشفى
::::::::::
كانت فى طريقها إلى الداتشه بعربتها
الصغيرة و"اولغا" إلى جانبها
تغنى مع الراديو وتشاطرها حلم عنك
الجليد اللعين كان يغطى الطرق الصاعدة إلى الجبل
تعرف قيادتها حين تكون على سجيتها..

هكذا كانت جدتها تحكى من خلال دموعها
ونحن ننتظر فى الممر

سائق الشاحنة كان ثملاً..
..لم تستطع تفاديه ، اصطدمت عربتها بالحاجز..
وانقلبت ثلاث مرات

اولغا بحالة أفضل..
خطت نحونا الطبيبة و بالكاد تحملها أرجلها
قالت كأنها تهمس:
-آسفة..لم يكن بوسعنا فعل شيء.

ما حدث بعد ذلك ليس واضحا تماماً في ذهني
صراخ جدتها
طنين في أذني
اذكر أنني مشيت.. مشيت
حتى أعياني البرد
واذكر أنني كنت ممداً على سريري بكامل هيئتي
عند الفجر أبحلق في السقف ..

واذكر أنني بعد أسبوع من ذلك التاريخ

كنت من الطائرة
أودع تلك المدينة..و إلى الأبد [/align]
[/frame][/align]

محمد الطيب يوسف 26-05-2009 06:54 AM

دماء علي سفح جبل ليريا/ محمد الطيب يوسف
 
[frame="1 80"][align=right]دماء علي سفح جبل ليريا
قصة قصيرة بقلم / محمد الطيب يوسف

حبيبتي ماريا


شوقي لك و لخالد يكاد يدفعني نحو الجنون , فأنتم معي في حلي و ترحالي , أسترق اللحظات فأخرج صوركم من محفظتي وأرحل إليكم بروحي ويظل جسدي هنا مقيد بقانون المادة المجحف و قانون العسكرية الأكثر إجحافاً .
أكتب إليك رسالتي الأولي منذ رحيلي عنكم وها نحن الآن قد أكملنا ثلاثة أشهر في هذه الأرض الحمراء التي تدعي الجنوب.

بعد أن أتوا بنا إلي جوبا , لم يمهلونا سوي ثلاث ليالي ثم أتوا بنا إلي هذا الجحيم الذي يدعي جبل ليريا, نقتات علي الكوجة والويكة شيء مذاقه مثل مذاق الأحذية القديمة وقد نتبعه في بعض الأحيان بكوب من الشاي الأسود حسب التشوينات .

نقطن بين القطاطي والخنادق في سفح جبل ليريا وأنا أكتب لك في هذه الرسالة أسمع أصوات العساكر وهم يلعبون الورق ويرتشفون الشاي يقتلون الوقت في انتظار أوبة للوطن تبدو مثل حلم بعيد المنال أو الموت بسبب رصاصة طائشة لم تجد لها مستقر سوى في جسد أحدهم أو دانة لا تفرق بين العدو والصديق , بعضهم يتسلل إلى القرية القريبة من هنا ويأتون مع تباشير الصباح ورائحتهم مزيج من رائحة الخمر والنساء , يتبادلون أسرار الليلة الماضية وهم يتضاحكون فهكذا يجابهون الموت بلامبالاة تثير فيّ الدهشة .

أظن أن الضباط يعلمون بهذا ولكنهم يغضون الطرف لعلمهم بانعدام وسائل الترفيه في هذه الأحراش , أضف إلي ذلك قنينات العرقي جيد الصنع التي يبتلعها ميس الضباط كل يوم يأتي بها بعض العساكر ثم لا يفرج عنها إلا وهي فارغة.
عم عبد الخالق صول له في الجنوب حوالي العشرون عاماً .. يدفن هنا قصة زواجه الفاشلة وزوجة خائنة وابن ينتمي إليه وليس من صلبه ينسي ألمه وحزنه بين أحضان المومسات والدخان الأزرق وكأسات العرقي وعندما يدور(الكوماج ) يقاتل في بسالة أقرب للانتحار ولكن الموت لا يأتي إليه أبداً وبعد أن يثمل تماماً يبكي مثل طفل صغير ثم ينام بين دموعه
.
كم أصبح طول خالد الآن , لقد أكمل عامه الأول ولابد أنه خطا خطواته الأولي وأنا بعيد عنه , إجازات المدارس قد اقتربت وسترتاحين من الحصص وغبار الطباشير , هل تزورين أمي بانتظام , أوصيها أن تكثر لي من الدعاء فالموت هنا قريب جداً قد يأتي من خطأ صغير وأنت تنظف سلاحك دعك من المتمردين الآن , لست جباناً ولكني لا أريد أن أموت قبل أن أضمك إلي صدري مرة أخري فالليالي هنا باردة من دون عينيك و مداعبات خالد البريئة , ليتك تدركين كم افتقدكما .

هل تعلمين أن الموت هنا سهل جداً يا ماريا , قد يختبئ بين دخان سيجار فقط !
دعيني أحكي لكي قصة حدثت لنا هنا بسب سيجارة وغباء ملازم جديد فرح بنجمتين تزينان كتفيه.
التدخين ممنوع منعاَ باتاً في المعسكر ليلاً لان المتمردين يوجدون في مجموعات صغيرة بالقرب منا لذلك فإن إشعال عود ثقاب بالليل يعتبر مجازفة كبيرة دعك من تدخين سيجار كامل قد يستغرق ثلاث دقائق علي أحسن الفروض , أصر هذا الملازم علي التدخين ليلاً في عناد طفولي , فأشعلها ولكنهم لم يمنحوه فرصة أن يدخنها كاملة اصطادوه كعصفور غبي وذهب ضحية مغامرته هذه ستة من الجنود كانوا يقفون بالقرب منه .. حينها أدركت أن الموت يمكن أن يختفي وراء نجوم ليس لها بريق!!

قبل فترة قصيرة حدثت لنا حادثة غريبة سأحاول أن أحكيها لكي في هذه الرسالة فلا أدري هل سأستطيع أن أكتب لكي رسالة أخري أم لا أما الآن فسأفارقك قليلاً كي أقابل الضابط في أمر ما وسأعود إليك لاحقا

أحبك !!


حسناً ها أنا ذا أعود إليك مرة أخري كنت قد أخبرتك عن حادثة غريبة قد حدثت لنا هنا , معسكرنا يوجد عند سفح الجبل ومن الجهة الأخرى يوجد المتمردون , لا أدري من أين قد أتتهم الفكرة ولكنّا أصبحنا ذات صباح فوجدنا أحدهم قد احتل أعلي الجبل وبدا في اصطيادنا بانتظام , تحول معسكرنا إلي ساحة تنشينه الخاصة فأصبحت الحركة داخل المعسكر ضرباً من المخاطرة وما يغيظ في الأمر أننا لا نستطيع أن نرد له الجميل فهو يوجد في اعلي الجبل وعملية التصويب عليه ليست دقيقة بالتأكيد , طابت له اللعبة فأصبح يلعب معنا لعبة القط والفأر فقد يظل طول النهار يترقبنا فقط دون أن يطلق النار ثم فجأة وعند العصر يقتنص أحدنا ثم يعقب ذلك بضحكة عالية ممزوجة بالشماتة.
وعند الليل يصلنا صوت غناؤه وهو ثمل ثم يبدأ في توجيه إساءات بذيئة إلينا , في أسبوع واحد قتل منا ثلاثة عشرة رجلاً فأصدر قائد المعسكر أمراً باقتحام وكره الإتيان به حياً أو ميتاً , تحرك ثمانية منا لتنفيذ العملية ولكن لم يعد منهم أحد وعند الصباح وجدنا جثثهم مرمية عند سفح الجبل وقد زينت جبهة كل منهم برصاصة مقيتة فارتفع عدد ضحاياه إلي واحد وعشرون رجلاً , لم ييأس قائد المعسكر فأرسل فصيلة كاملة مكونة من ثلاثة وثلاثون رجلاً كنت من بينهم , كنا نقترب منه في حذر بالغ وصوت غناؤه يصلنا واضحاً .

أعتقد أنا باغتناه فلم تند منه سوي صرخ صغيرة ونحن نغرقه بنيراننا , ولكننا تفاجأنا بوجود ثلاثة معه لم نرصدهم من قبل , كان وقع المفاجأة ثقيلاً عليهم ولكنهم قاتلونا كالليوث الجريحة مما يدفعني لأن أتساءل هل لهؤلا الرجال قضية عادلة يقاتلون من أجلها في نظرهم علي الأقل؟؟ .
بعد أن توقف إطلاق النار من جانبهم اقتربنا منهم في حذر كان أحدهم مازال حياً لن تصدقي حين أقول لك من هو
العم جورج .. جارنا في الحي.... له ولد في مثل عمري اسمه وليام لا أظن أنك تعرفينه فقد ترك البيت منذ أكثر من عشرة أعوام وقتها كنت أنت دون العاشرة وكنت أنا في بداية الثانوي و كنا أنا ووليام ندرس في مدرسة واحدة وكنت أردفه معي في دراجتي في مشوار المدرسة اليومي , كان صديقي الأثير, نأتي من المدرسة فتجمعنا طرقات الحي مابين اللعب والأنس
, نشأنا معاً وعندما بلغنا مبلغ الرجال أحب وليام واحدة من فتيات حينا وهنا بدأت المأساة في
الظهور , لم يتفهم أهلها ولا أهله هذه العلاقة وبدءوا في وضع المتاريس ليحولوا دون نموها ولكن إصرار وليام علي حبه كان يكسر كل الحواجز فقاتل من أجل حبه وذهب بعيداً في هذا الأمر حتى أقنع الفتاة بالهرب معه وحين انكشف أمره كانت الطامة الكبرى , اجتمع عليه أهل الفتاة وأوباش الحي فضربوه ضرباً مبرحاً حتى شارف علي الموت وتركوه مرمياً علي قارعة الطريق بين الموت والحياة .

ما يؤلمني وقتها أنني جبنت عن نصرة صديقي الوحيد و أنا اتخذ دور المتفرج حتى حينما ضرب لم أحل بينه وبين ضاربيه , ولأن المصائب لا تأتي فرادى فقد أصر والده علي مغادرته للبيت وتبرأ من فعله حتى لا يخسر سمعته وصلاته الطيبة بأهل الحي بسبب ولد طائش علي حد تعبيره , فغادر الحي مهزوماَ مدحوراً وانقطع ذكره منذ تلك الحادثة .
وبمرور الأيام خفت الحديث عن تلك الحادثة وتناساها الجميع حتى إنا قل حضور وليام في ذاكرتي بسبب انغماسي في مشاغل الحياة والدراسة فبهتت صورته في خيالي ولم اعد أذكره إلا حين أرى العم جورج فيضمني إلى صدره في حنو وكأنه يشتم في رائحة الحبيب الغائب والندم يطل من عينيه علي فعلته فقد كان يحتاج لابنه الوحيد وهو مقبل علي كبر وعجز ولازالت عبارته التي يعزي بها نفسه تطرق ذاكرتي وكأنه قالها الآن وهو يرددها ا بعربية مكسرة

- لا يصح إلا الصحيح يا ولدي وصديقك كان خطأه كبيراً ولكنه لم يدفع الثمن وحده
ثم يودعني بقامته المديدة وأسمعه يتمتم بصوت خفيض

- ليتك نصحته يا ولدي , ليتك منعته يا ولدي

وقتها اشعر بانقباض في صدري وضميري يؤنبني لان وليام لم يجدني حين احتاجني حقاً
وما يزيد في ألمي أنني لم اجتهد حتى في البحث عنه رغم ادعائي بأنه صديقي

حسناً كان هذا الرجل الذي يلفظ أنفاسه أمامي هو وليام .. نظر إلي بصورة غريبة لابد أنه قد عرفني ولكنه لم يتكلم فقط مات في هدوء وترك لي عيناه تؤرقان نومي .
لابد أن أنبهك ألا تخبري جورج أن ولده قد مات فهو يعيش علي أمل أن يراه مرة أخري ..ولازالت أمه تصر علي ترتيب غرفته كأنه لم يغادر البيت ترى كيف سيكون وقع الأمر عليهما إذا أدركا أن ولدهما قد مات بل وربما كنت قاتله فمن يدرك أي رصاصة قد أصابته في ظل الوابل الذي أغرقنا به المكان , أي حرب هذه التي يقتل فيها الصديق صديقه تحت مسمي الواجب يا ماريا يا لوطأة الجرح وألمه و أنا أضم إلي وليام في عجز وهو ينزف حياته بين يدي قطرة قطرة , كنت أتمنى أن يتكلم , فقط عبارة واحدة تعزيني فيه ولكنه آثر الصمت الذي يقتلني ألف مرة في اليوم , كيف سأسامح نفسي وأقابل العم جورج مرة أخرى وأصافحه بيدي التي تلوثت بدم وليام , كيف لي أن أزرع الأمل في نفسه بعودة ابنه وأنا من قتل هذا الأمل لم أكن أظن أن قصة وليام ستنتهي هذه النهاية المأساوية .. ربما نكون غير محقين في حربنا هذه .. آه لا أستطيع أن أنسي عيني وليام يا ماريا.

أظن أنه ينبغي أن أختم هذه الرسالة , لا أدري كيف أوصلها إليك فقد تظل معي حتى أعود إليكم ثم أقرأها لكما أنت وخالد ونحن نجلس تحت ظل النيمة الكبيرة , وقد ييسر لي الله من يحملها لكم, لست أعلم انتبهي لصحتك ولخالد وأغرقيه بالقبلات وغطيه بالليل

أحبك بجنون

عماد خالدالطيب



طوي الضابط الرسالة في هدوء وأدخلها داخل الدرج ثم سأل الرقيب الذي يقف أمامه

- هل هذا كل ما عثرتم عليه في المعسكر ؟؟
بدت ملامح الرقيب جامدة وهو يرد في آلية
- نعم سيدي ستجد في هذا الملف أسماء الجنود جميعاً ومعه بطاقاتهم العسكرية وقد انتهينا الآن من دفنهم جميعاً في نفس المعسكر الذي تم الهجوم عليه

فتح الضابط الملف وقرأ القائمة في اهتمام

1-

2-

.
.
.

19- عماد خالد الطيب

طوي الملف وهو يتنهد في أسف

تمت
[/align][/frame]

صديق رحمة 26-05-2009 12:31 PM

[align=center][frame="2 60"]
(1) البنت التي عبرت الفرناغة دفعة واحدة

كان الوقت يخالف (الفرناغة) التي عبرتها البنت في ضاحيتنا بحي العرب ، فقد فأجات البنت (الفرناغة) بمشية الأسفلت ، وفأجات الأسفلت بثوبها المرح وروحها الدفاقة ولونها السوداني /الأبنوسي الصافي الذي يتمناه الأسفلت كثوبٍ دائم ولكن هيهات
فأفواج الغبار التي تسكن مسامه تصيبه بالشحوب ...
لم تكن (الكتاحة) تمهل المتجولين بعض صفاءٍ ونقاءٍ على تلك الشاكلة التي أمهلتها لفتاة الطريق العابرة ،
(سبلوقة) الماء تمد شفاهها لتبللها بوشاية الغبار ، والبيوت أخذت شحوبها من قلة (زبالة) المُراح ،
أطلقت البنت إبتسامتها كغواية أسطورية أحست بأصغاء الأذآن ، كانت تعرف كيف تصنع القهقهات في (مساطب)
الشباب المتهالكة ، وكانت تعرف كيف تتجنب الإرتطام بما تكدس من غبار حتى أذا وصلت لمشاورها وصلت نضرة وصافية
مثل سطح (بوخسةٍ) للسمن. وكانت تفهم بلاغة الإيقاع في مشيتها ولفتتها ، وتباغت الروح في غفلة من الإنتشاء حتى يختلس
الشاعر دهشته ويدسها في المقاطع ، وينتزع الفنان ريشته ليرسم البنفسج في لوحته ، ويؤثث ملاذاً لتناغم الالوان ، وكانت توقد
قنديل الحكايات والصولات واللزمات في أوتار العازفين الخلفية ، فيحكي أن الحفيف قد صادف الموسيقى فسألت الأودية وأنتصبت
أهداب الجبل وأورقت أشجار النيم أغصاناً تتوكأ على قيلولتها الليلية وترحل في الإخضرار بعد أن مسها الجفاف ،
لم يكن ثمة متجولٍ في فيافي البلد غير الحب في تلك الأثناء .... وحينما ركبنا الحافلة المتجهة الى السوق كانت جميع الأحذية مغبرة ومكتسية بالتراب
إلا حذاء تلك الفتاة !!!!



صديق رحمة النور عثمان
المملكة العربية السعودية - جدة 21474
ص ب 16645
[email protected]
[/frame][/align]

صديق رحمة 26-05-2009 12:34 PM

[frame="7 70"]إدريس وجيوش الهزائم – محاولة لتوثيق كوارث الألغام بكسلا

بلا وجهةٍ محددة رأيته يسوح شوارع المدينة بقدمه المبتورة يتوكأ على عكازتين من خشبٍ بالٍ ، أنه يعود للمدينة بعد عدة اعوامٍ من فراقها ، يعود اليها لا عودة تصالح بل عودة مقهور فقد قدرته على العيش في أماكن اخرى أرتداها ذات زمان مضى.
إدريس فتى ريفي بسيط ، كان يرعي البقر على حواف الغابات والخيران ، وكان ينعم بدف الطبيعة ومنتوجها الوافر الفائض ، لكنه فقد أهله بلا مقدمات حينما كانوا أهله يترددون على المدينة من أطرافها لبيع حاجاتهم فيها ، وأخذ أغراضهم منها ، كانوا في ترددهم يستغلون اللواري السفرية للوصول الى المدينة والعودة للقرية ، ولم يكن يعلموا أن الطريق الذي مشوه على أقدامهم ذات يوم أو الذي سلكته الدواب جيةً وذهاباً قد أصبح لحافاً للموت ، تكسوه أقطان الألغام والقنابل وتحيط به ملاة عزرائيل ، الألغام طريقةٌ جديدة لم يالفوها في حياتهم وطاعوناً جديد لم يحسبوا له في طبهم الشعبي الذي يطببون به أنفسهم حين تعتليهم الأمراض الفاتكة.
سحقت الألغام كلٍ من كان على ظهر ذلك البص العتيق بما فيهم أسرة أدريس قاطبة ، وحولتهم الى ركام ، وأختلطت دمائهم بالسمن واللبن وأكياس الدقيق والهتش ، وكان إدريس الوحيد من أسرته الذي لم يركب على ظهر ذلك البص في ذلك اليوم. وبعد أن أنتشرت الألغام في تلك القرى وأهلكت النسل والضرع والإنسان هجر إدريس مع غيره قريته ، ودخل الى المدينة مصحوباً بكل الخيبات وجيوش الهزائم ، فقد أهله ، وفقد أبقاره وإنتمائه ، وفقد أرضه وموطنه ، وفقد حلمه فلم يبقي أمامه إلا معاقرة المدينة التي طالما كرهها وتجنبها منذ صغره ، لم يجد بدّاً من إحتراف تجارة هامشية تقيه شر الحاجة ، فعمد الي بيع السجائر والحلوى واللبان عبر (طبلية) خشبية صغيرة في ركنٍ من أركان أحد المقاهي المهجورة ، لكن حملات الإلزامية القاهرة الزمته مرات عديدة باللوذ من طبليته ، كما أن تعقبات البلدية واصلت تضيق الخناق عليه ، وسحبت (نافذته) الوحيدة المفتوحة على أمل الحياة.
قرر إدريس الإلتحاق بالقوات المسلحة كعسكري نفر ليريح نفسه وأعصابه من هذة المطاردات ، وليجنب نفسه مزالق الإستجداء وسؤال الناس لسد حاجته ، لكنه فرحته بإلتحاقه بالجيش لم تدم طويلاً حيث أرسل الى أحراش الجنوب بعد تدريبه مباشرةً ، وفي أحدى المهمات الميدانية داعب قدمه لغمٌ أخر شبيه بذلك الذي أودي بحياة أسرته ، أخطى اللغم موقع قلب إدريس فقذف برجله الى خارج جسده ... ولم يستيقظ من كابوس غيبوبته إلا وهو في سريره الأبيض على مستشفى السلاح الطبي.
عاد إدريس الى مدينته القديمة يتوكأ على عكازتين ، وتبدلت ملامحه أسدل لحيته ، وأنتفخ جسده ، وغارت عينيه ، وكست وجهه علامات الذبول ، وجلس على ذات الكرسي الذي كان يجلس عليه حتى أن صبي القهوة الذي كان يزامله لم يتعرف عليه وقال له ( أنت تذكرني بإدريس صاحب الطبلية الذي كان يبيع السجائر هنا ) ، فكما تبدل إدريس بدلت المدينة ملامحها ، أختفت اللوحة الكبيرة التي كانت على جدرانها ، وحلّ محلها طلاءٌ قادرٌ على إلغاء الذاكرة ، أزيلت السينما وإستبدلت بمحلات إستثمارية إفتراضية ، قُطعت الأشجار ، وغابت الطيور ، وأنزوى الشخوص الذين كانوا يؤسسون للمدينة حفيفها في الأغنيات ، ولم يعد إدريس يعرف من الناس إلا لماماً ، أصبحت الخيبة ملازماً له إينما حلّ ، يتنقل بين اطراف المدينة بعكازيه لعله يرى شخصاً يعرفه أو مكاناً يسأنسه أو شيئاً يعيد له سيرته الأولى لكن لايجد إلا جيوش الهزائم ، والخيبات ، خيبة اليتم ، وخيبة الغربة عن ريفه الذي أحب ، وخيبة الإنكسار حينما يهرول نحوه طفلاً وفي يده جنيهات يقدمها له كمساعدة ، وتمر بجانبه عربات كثيرة لاتعيره من ترفها سوى الغبار والدخان ، ورجالٌ لايلقون عليه السلام ونساءً لايحتشمن - كما كن يفعلن - عند رؤيته ....

صديق رحمة النور عثمان
المملكة العربية السعودية - جدة 21474
ص ب 16645
[email protected]
[/frame]

أبوبكر حسن خليفة 27-05-2009 08:24 AM

[frame="7 80"][align=center][align=center]عندما يموت الكاهن[/align] !![/align]

[align=justify]مقدمة عن الطقس العام الذي تخلقت فيه القصة :
في الوقت الذي كانت رياح صحراء القصيم في أشد عنفوانها وغلظتها ترسل حبيبات رملها الحارق لكل مواضع الشعور الخاصة بي من دون اكتراث وبغير توقف , حتى كادت مراكز الإحساس لدي أن تنفجر , وتعلن عجزها عن مقارعة كثافة الواقع الجاف ! وصلتني رسالة "موبايل" من السودان تقول : ( الطفل صاحب الخمس سنوات ابن صديقنا ........., قد تم اغتصابه والتبشيع به بصورة في غاية القسوة , كأنه قد أرتكب جرما بمجيئه لعالمنا النتن في هذه السنوات العجاف ! لماذا كل هذا الإذلال لتلك الطفولة البريئة , وأين السماء مما يحدث لملائكة الأرض ؟؟!! ) انتهت الرسالة .
تلك الرسالة قد زادت وجعي بعد أن حسبته لا يحتمل الزيادة ـ من شدة الاتساع ـ فقد ظننته غير متناهي الأطراف ! غير أن واقع سنوات حكم الإنقاذ كذبت هواجسي وظنوني بهذا الشأن , في الوقت الذي صدق فيه الأستاذ الأكبر الشهيد محمود محمد طه تماماً حينما وصف هذه الجماعة قبل أن تصل إلى الحكم بسنين عديدة بأنهم " يفوقون سوء الظن العريض " !!

فإلى القصة.....

فجاءه مات الكاهن , وترك أهل الديرة في حيرة ووجوم شديدين ....., وكأن اعتقاداتهم تجعله في معزلٍ عن الموت ! أو هكذا بدأت المسألة في رؤوس الصبية والأطفال .. أما ( المجنونة ) زوينب فقد كانت في غاية السعادة لفراق الكاهن , الذي أيقنت أنه لا يوجد بعد اليوم منقص لحياة الديرة بمثل ما كان يفعل طيلة فترة مكوثه الطويلة ! وجعلها هذا الخبر تتقافز في العشب الأخضر المجاور للقرية كالمهر الصغير الذي ارتوى توا من ثدي أمه , كما أصبحت روحها فراشة رشيقة نضرة سهلة الانقياد تلين وتتمايل مع نسائم الربيع من دون تكلف, وكاد الخبر أن يحولها إلى بالون في أنامل وأعين الأطفال عند شروق أعياد الميلاد المجيدة ... قالت بصوت جهور ولغة فصيحة وهي تنظر ناحية السماء : اليوم فقط قد اكتست رقعة العالم بالاخضرار , وازدادت حرية الناس , ودنت السعادة من رؤوسهم ! نعم اليوم فقط قد تم إطلاق صراح السعادة وجئ بها إلى أرض الناس بعد أن كانت محتجزة دهورا طويلة فوق السماء السابعة داخل زنزانة الكاهن الكذاب !
غير أن نبرات صوت الكاهن الغليظة , وعينيه الواسعتين , كانت توحي للأطفال بأنه في معزل عن الموت أو هكذا قد ظن أطفال الملجأ , والأيتام , الذين سئموا خطبه المملة ومواعظه المتكررة التي يتوسل فيها استدرار الدموع , ومن ثم يخرج ذلك المنديل المبتل ! ويبدأ في مسح عينيه الواسعتين , وأثناء تلك الخطبة الرتيبة الخالية من التأثير .. كان يرمق أحد أطفال الملجأ دون غيره بنظرة مكتنزة بالشهوة الصامتة ..! كان يفعل ذلك في كل خطبه ( مدفوعة الأجر ) , وفي كل مرة يحاول أن يخفي ولههُ وعشقه لذلك الغلام حسن الوجه , غير أن شهوته تفضحه في كل حين , ولم يستطع لجامها وربطها كما فعل ببطنه الواسعة المتدلية ناحية التراب . وذات يوم من أيام الصيف الحار قرر أن ينزع كل ملابسه أمام ذلك الغلام بعد أن استدعاهُ إلى مكتبه الصغير ..., فأندهش الغلام وبدأ جسمه النحيل يرتعش ويتصبب عرقا من شدة الخوف , وظن أن الكاهن اليوم لا محالة سوف يبتلعه , وهو ينظر بذات الوجل إلى أسفل بطن الكاهن وهي تتحرك ويتمدد منها جسم غريب يزداد انتفاخا كل حين حتى بدأ كمخلوق ضخم ذي عين واحدة يسيل منه لعاب لزج يقرب المسافة بينهما لحد الالتصاق ..., صاح الغلام من شدة الوجع الذي ألم به صيحة أفزعت زملائه النيام , وشهقت بمقتضاها مربيتهم الودودة ( سارة ) بمستشفي الديرة وسلمت روحها إلى بارئها , وبدأت ( المجنونة ) زوينب في رمي الكنيسة بالحجارة بعد أن تمكنت من اقتحامها وأسقطت مجسم العذراء , وشج وجه المسيح وهو على الصليب بعد أكثر من ألفين عام من صلبه لأول مرة !
بدأ الغلام غير قادر على المشي بسهولة من مكتب الواعظ إلى غرفة نومه , وعينيه تدمع .. ومؤخرته قد أدميت , وأحشائه تغلي بماء الكاهن اللعين !
وقع على سريره وهو يبكي بكاء متصاعد وبحرقة شديدة .., فقد تخلت عنه أمه التي أتت به إلى هذا الملجأ البائس نظير عشيق جديد ؟! أما أباه فقد كان مجهولا , إذ لم ترتبط أمه يوما مع رجل بعقد نكاح ! وها هي المربية العظيمة ( سارة ) يفتقدها اليوم هو وزملائه بالملجأ في نفس اللحظة التي أفتقد فيها ما يدعونه بالشرف ؟!
وفوق ذلك , وقبل ذلك تخلت عنه السماء تماما , ولم يكن يسوع / الرب .., في استطاعته أن يقدم أي نوع من المساعدة لغلامنا الجريح . بل في الحقيقة لم يستطع أن يدافع عن نفسهِ ولا عن أمهِ السيدة مريم العذراء من تلك اللكمات الموجعة التي ألحقتها بهما ( المجنونة ) زوينب في ذلك اليوم البئيس .
وأما الأب الذي في السماء فلعله كان في غاية الاستمتاع وذروة النشوة , شأنه شأن واعظه الناطق باسمه في أرض الناس , وهو يفض بكارة ذلك الصبي في نفس الوقت الذي يقرر فيه الأول زهق روح المربية الجليلة إمعانا في زيادة الوجع لتلك الطفولة البريئة العاجزة عن صد الشرور !!
أشتعل الملجأ بالبكاء على فقدان المربية الودودة ( سارة ) وحزن الأطفال عليها حزنا شديدا ...
صلى الواعظ على المربية العظيمة ( سارة ) من دون أن يغتسل من أدران فعلته النكراء !
( المجنونة ) زوينب بالت وتغوطت على ما استطاعت جمعه من كتب مقدسة داخل الكنيسة ؟
الطيبون من أهل القرية كلما لمحو لوحة الحزن الأبدي وحالة الانكسار المتفاقمة على وجه الصبي الجميل ـ الذي أصبح في حضرة الناس يطأطئ رأسه ناحية الأرض , وعند عزلته ووحدته يرمق السماء بغضب واحتقار مماثل ـ تيقنوا أن لا مفازة من أن اللعنة سوف تحل بهم وبأهل قريتهم عند أقرب صباح !!
الصبي الممزق بدأ تفكيره ينحو في اتجاهات بعيدة عن السن ومقتضياتها , وعن كل ما هو معهود أو مألوف ؟ كان دائما ذهنه مشغول بالتساؤل عن الله .., ومع الله :( لماذا لم تترك مربيتي العظيمة بعد أن اخترتها لي بديلا عن أمي , ولماذا أصبتها بذلك المرض اللعين ـ السرطان ـ وجعلتها تذبل أمام عين ـ أبنائها ـ أبناء الملجأ حتى الموت , في حين تكافئ الكاهن الشرير بالصحة الجيدة , وتجعلني أنا الصبي الصغير وسادته التي متى شاء وطائها , فعل . وأفرغ فيها ماءه الآسن , الحارق , اللعين ؟؟؟!!! )
كان التساؤل قائما رغم انطواء صفحات الزمن .....,
بدأ الغلام في النضوج الغريب , وأبتسم لأول مرة في تاريخ حياته حين أكتشف أنه يمكنه أن يقوم ببعض المهام التي عجز عنها إله الكاهن ! ومن ثم جعل أهل الديرة في حيرة ووجوم شديدين .., فقبل صياح الديك فقدت القرية الكاهن وإلى الأبد ....!
جاءت ( المجنونة ) زوينب وجثت على ركبتيها أمام الفتى الممزق , وقالت له :أنت أحق بالحياة من الكاهن اللعين , وإلهه السكير الغافل ؟!! ثم ربتت على صدره , وابتسمت , لم تزد على ذلك , وهي تتقهقر إلى الوراء ملوحة بكلتا يديها والابتسامة لا تفارق وجهها الغريب .., خرجت من الملجأ , والديرة بنفس الخطوات الخلفية , حتى توارت عن الأنظار ......
يا للحسرة ....!
لقد كان الكاهن أبا ذلك الغلام , تلك حقيقة كانت تدركها ( المجنونة ) زوينب وحدها , فهي صديقة أم الغلام , وقد أسرت لها بذلك , حين حبلت , ووضعت ذلك الطفل . كان كل ذلك في بيت زوينب شبه المهجور بالقرب من الديرة , وحينما قررت أم الصبي المغتصبة من قبل الكاهن أن تذهب إليه وتخبره بأنه قد أصبح له ابن ينتظره في مقبل الأيام , وعليه أن يعترف بذلك ويلحقه باسمه ..., فعلت ذلك .., ولكنها لم تعد ؟؟!! ولعل ذلك ما فأقم من حالة زوينب , وجعلها أشد فتكاً بكل المعتقدات المألوفة الموروثة منذ زمن بعيد .
وتلك الحالة مكنت أحدى اللاهيات من أن تكسب قضية تبني الطفل , ولكن بعد أقل من عامين أتى ذلك العشيق , وأشترط عليها أن ترمي ذلك الطفل اللقيط مجهول الأبوين في الملجأ ؟ وقد فعلت ! ولم يكن من أحد يعلم تفاصيل حياة ذلك الصبي غير ( المجنونة ) زوينب , وقد حكت هذه القصة أكثر من مرة فلم يصدقها أحد , غير المربية الودودة ( سارة ) وهي على فراش الموت "المفاجئ أبداً" !!
ففي نفس تلك الليلة التي مات فيها الكاهن سمع أهل القرية صوت متحشرج أشبه بصوت ( المجنونة ) زوينب التي غابت تماما عن مسرح القرية بعد ذلك اليوم , وهو يقول : لقد نال الكاهن اليوم جزاءه الذي يستحقه هو وإلهه السكير الغافل ؟!
أستنكر أهل القرية البسطاء جميعهم هذا القول (الفاحش !) واستهجنوه , غير شخص واحد ...!!
بالطبع هو ذلك الصبي الذي كان جسده المسرح ( القذر ) لحياة الكاهن الخاصة المخفية عن أنظار الناس . " انتهت "


الساعة الأولى من صباح الجمعة 8/5/209م
محترق القصيم
أبوبكر حسن خليفة
[/align][/frame]

مالك معاذ سليمان 27-05-2009 05:09 PM

رأس السنة
 
[frame="7 80"][align=center]رأس السنة [/align]


[align=right]

بخطوات منهكة وصدر لاهث يعود الى البيت بعد يوم حافل بالجهد والحركة . دقات قلبه المتسارعة تتزامن مع دقات عقارب الساعة وتسابقها حيناً آخر كدقات درويش على دفٍ ممزق . تساءل في حيرة عن سبب ذلك . فتذكر بعد مشقة بالغة بأنه في آخر ليالي السنة ؛ سنة الفين وثلاث في ولاية كولورادو!

مدينة دينفر تشهد برداً قارصاً لم تفلح حرارة احتفالات اهلها في الحد منه . هاهي سنة الفين وثلاث تتأهب للانسحاب بهدوء وخجل مخلفة وراءها تجاعيد لاتخفى على وجهه الشاحب وشعيرات بيضاء نبتت بلا انتظام في ثنايا لحيته وشعر رأسه وشموع أمل تنطفئ في دواخله لا تحصى ولا تعد !!

لم يجد سبباً لخلع معطفه الجلدي وحذائه الشتوي الثقيل . فارتمى على اريكة الجلوس مصوباً نظراته نحو سقف غرفته المتواضعة .. غارقاً في تفكير عميق قاده الى محطات عده وجد نفسه في اغلبها غريب الوجه واليد واللسان . استغرق في دوامة من التفكير لبرهة من الزمان رغم ضجيج المكان . فقد كان وقتها خارج اطاري الزمان والمكان اذ تحسبه موجوداً . لكن بجسمه فقط . اما قلبه وفكره فقد حلقا في الافق البعيد حيث لا امنيات تطير ولا كائنات تمر !!

التقط قلمه ليدون آخر انطباعاته قبل ان تهرب منه لحظة الالهام . لكنه لم يجد ما يدونه . فترك الورقة بيضاء . ثم اسلم قياده لاغفاءة لم يدر كم استغرقت من الوقت . وحينما افاق كانت سنة الفين واربع قد ارخت سدولها مقتحمة عليه خلوته دونما استئذان . فأخفق حينها في استقبال سنته الجديدة وفي وداع الماضية بصورة لائقة .

لم يندهش بطبيعة الحال لاختفاء سنة وظهور اخرى بتلك السرعة لأن الدهشة في حد ذاتها قد ماتت في نفسه منذ امد بعيد ! لم يعد شريط اعوامه المنصرمة هذه المرة لأنه لم يجد مادة تستحق الاعادة والتأمل عدا ما اخترعه لنفسه مؤخراً من اوهام واحلام وردية عاش تحت ظل سحابتها احايين كثيرة املاً في في الحفاظ على على توازنه النفسي وتفادياً من الانزلاق في مستنقع الاحباط والجنون . السنون تمضي امام ناظريه رتيبة كحبات سبحة بين انامل عجوز مل الحياة وملته . فكر ملياً في الاحتفاء بالسنة الجديدة رغم اخفاقاته المتوالية . فتذكر في الحال دعوة صديقه بيل . فلم يجد مانعاً من تلبيتها رغم انه كان يعلم ان الاحتفاء بحلول السنة الجديدة لن يخفف من وطأة الاحباط التي تعتريه .

كان جو الحفل يدعوه بإلحاح للمشاركة لأن صمته الجليدي ذاك كان نشازاً واضحاً في خضم ذلك الصخب العنيف . اما نظراته الشاردة تلك فقد كانت معكرة لصفو تلكم العيون المغسولة بماء الفرحة والمسرة . وبينما هو يقلب فكرة الانسحاب من ذلك الحفل استرعى انتباهه صوت تلك المغنية الشابة المنتصبة كشجرة نخيل وهي تداعب بأناملها المموسقة قيثارتها المستلقية على صدرها الناهد . الح عليه حضورها المميز على طرد فكرة الانسحاب . فتوجه اليها بكل حواسه متابعاً اداءها الرائع وهي تردد : عش حياتك سعيدا مهما يكون فالدنيا بريق خاطف محالة ان يدوم !!

يأتي هذا اللحن الرائع لتتلقفه قلوب الحاضرين قبل آذانهم ولتردده خلجاتهم قبل حناجرهم . فتسري في نفسه نشوة رقيقة وتشع في روحه بارقة امل و تفاؤل يعقب ذلك احساس جميل بصدق تلك القلوب والحناجر في تجاوبها المنقطع النظير . وعندما يغوص عميقاً في عيني تلك المغنية يكتشف ذلك البحر الزاخر بلآلئ الفرح المتشبث بالحياة . لكن لايفوته ما تخبئه عيناها من لمحة حزن طالما حاولت مواراتها وسط ذلك الزخم من الموسيقى والغناء .

التفت الى الحضور يتفحصهم فوجد عيونهم لا تخلو من شارة الحزن تلك . واسقط بين يديه حينما لاحظ اتساع دائرة الحزن في بؤبؤ عيني المغنية .

في الوقت الذي كان يبحث فيه عن اجابة لتساؤلاته استرعى انتباهه نبرة الحزن المفاجئة التي تلبست صوتها واهتزاز قيثارتها بين اناملها المضطربة . فشرع يكذب ما رأته عيناه لكنه لم يستطع تكذيب ما سمعته اذناه او تكذيب حقيقة ما احس به قلبه !!

كان عليه ان يتشبث بتلك الغمامة من اللحظة السعيدة التي مرت عليه للتو قبل ان تتبخر في سماء احزانه وشجونه . تمنى حينها لو كان في نوبة من احلام يقظته التي طالما توارى خلف اطارها الزائف . احتدمت في دواخله معارك لا اول لها ولا آخر . وبدأت علامات استفهام متعددة تكبر وتتسع وتكاد تحتل كل حيز من رأسه . شعر بانفاسه تتقطع فلمح اشعة الشمس تحاول جاهدة اختراق زجاج النافذة . احس برغبة عنيدة في الخروج فاندفع كالقذيفة خارجاً .

استقبلته نفحات سنة الفين واربع الباردة . التقط نفساًً عميقاً وعندما هم بالرجوع وقعت عيناه ولأول مرة على لافتة عند المدخل تقول : نادي مرضى السرطان !!

تقلصت علامات الاستفهام في رأسه بل ذابت في ثوان . استدار نحو الشمس مرسلا اليها نظراته الملتاعة .. حاثاً خطاه المثقلة بالجليد صوب البيت ... وصوت تلك المغنية ما انفك يداعب اذنيه ... وشارة الحزن البليغ حول مقلتيها تزداد اتساعاً[/align] !!
[/frame]

مالك معاذ سليمان 27-05-2009 05:21 PM

إستشهاد أمجاد
 
[frame="7 80"][align=center]إستشهاد أمجاد [/align]


كان عصام , يتابع بدهشة طفولية , أعمدة دخان سيجارته , وهي تصعد في خطوط عمودية , نحو الأٌفق , ثم تتلوى في حركات , حلزونية , راقصة , لتختفي تدريجياً , في فضاء شرفته , المطلة على الشارع . كان يقارن ذلك بواقع حاله , وأفكاره التي سرعان , ما تذروها الرياح , كلما شرع في تنفيذها على أرض الواقع . كانت سيجارته , في رمقها الأخير , عندما همّ بإشعال الأُخرى , مؤمناً بأن , إشعال سيجارة , إثر أُخرى , سوف يدعم بنات افكاره , التي كان يقطع , تسلسلها رنين الهاتف من وقت الى آخر . في سره يصب جام غضبه , على الهاتف ؛ هذه الآلة التي لا تحمل في طياتها سوى " الهوا " . ولا ينسى تفريغ ما تبقى في جعبته من لعنات , الى صندوق البريد الذي لا يأتي الا بالفواتير , في بلد يأخذ بشماله , ما يعطيك إياه بيمينه , بكل ظرف ولطف . مع نفسه يدندن : يا زمن وقف شويه واهدي لي لحظات هنية . يردد هذا المقطع عدة مرات , مرسلاً نظراته الملتاعة , الى ساعته الحائطية , التي تتلاقى عقاربها لدرجة الالتحام , ثم ما تلبث أن تفترق , لتنفرج زاويتها شيئاً فشيئاً , كأنها تسخر منه ضاحكة , دون أن تستجيب لنداءاته المستحيلة . كان المقطع , يخرج من دواخله , بحشرجة , تثير الشفقة . ومن أعماقه يضحك على صوته الأجش , وترجع به الذاكرة الى سني المرحلة الإبتدائية , عندما تقيأ يوماً خجله , وتطوع بكل حماس , بتلحين نشيد إسماعيل والقط , وما لاقاه من زملاء صفه من موجة ضحك , وسخرية , وأخيراً , حكم الإعدام , الذي اصدره مدرس اللغة العريبة : صوتك يا عصام يذكرني , بطاحونة قريتي . انصحك بعدم تكرار هذه المهزلة .
( يا زول أمريكا دي إما بزنس إما دراسة !! ) ... عبارة , طالما سمعها مراراً وتكراراً . بعد كل جلسة نقاش , مع الأصدقاء . فآمن بها إيماناً مطلقاً , وأضحت شعاراً , يحمله بين ظهرانيه , اينما حلّ . لكن أنىَ له بالبزنس أو الدراسة , مع التزاماته المادية تجاه أهله , و" طائشة الضفائر " التي تنتظره منذ سنوات , لإقتحام القفص الذهبي ؟ . كانت المعادلة صعبة , وجد حلها أخيراً بعد اقتناعه بنظرية , خاله " ابو شنب " . فأرسل له من – دم قلبه – آلاف الدولارات , لشراء سيارة " أمجاد " , علها تغنيه , عن التحويل الشهري . وقبل أن يلتقط عصام , أنفاسه , ويتنفس الصعداء , تتوالى عليه الإتصالات الهاتفية من السودان , تخطره مرة , بهروب السائق بالايراد الشهري , ومرة بعطب السيارة , والحاجة الفورية الى قطع غيار , وأخيراً وليس آخر استشهاد أمجاد في حادث حركة مروّع , أرسلها – مأسوفاً عليها – الى زريبة الحلبي بأُمدرمان !! . وقبل أن يفيق عصام من صدمته , تتوسع دائرة الطلبات , و تأخذ طابعاً آخر هذه المرة , حينما يطالب , بمضاعفة ما كان يرسله بحجة انهيار الجنيه السوداني أمام الدولار الامريكي ! ... وتنقضي خمس سنوات حسوما بدون بزنس أو دراسة أو " بطيخ " , بل تنقلات "مكوكية " من شركة الى أُخرى , وتساؤلاتٍ متكررةٍ , من الأُم : متى تعود يا عصام للزواج ؟ اريد أن افرح بك , قبل أن اموت !!
تساؤلات صعبة , يبحث عن اجاباتها , في لفافات السيجاير , فلا يجدها الا دخاناً يتلاشى في فضاء الحيرة والضياع . رائحة حريق , تنبعث من داخل المطبخ , تعقبها صافرة انذار , يقفز على إثرها عصام , من مقعده كالملدوغ , ويندفع كالقذيفة نحو الموقد , ليجد " حلة البطاطس " قد احترقت قبل أن تنضج أفكاره المشتتة.
[/frame]

عمر عبدالكريم 27-05-2009 06:43 PM

[frame="7 80"][align=center]عندما نهرتني النمله [/align]
[align=right]بقلم : عمر عبدالكريم علي
كتبتها في يوم ما

ذات صباح بارد وانا أخطو أولى خطواتي وأتحرك من فراشي صوب الحمام إستوقفني مشهد نملة تصعد على الجدار بجانب الباب وهي تحمل على ظهرها حشرة تفوقها حجماً ووزناً وقفت مشدوهاً وأنا أتأمل هذا المشهد وأفكر كيف بإستطاعة هذا الكائن الصغير أن يحمل حملاً يفوقه وزناً لابل ويصعد به الحائط أيضاً .
وبينما أنا في دهشتي هذه إذا بصوت يحدثني ويقول : بتعاين في شنو ياوهم إنت ؟؟؟
تلفت خلفي ظناً أنه أحد أفراد منزلي لكني لم أجد أحداً ، توقعت أنه ربما كان مزاحاً من أحد إخوتي او أنه ربما لم أفق بعد من نوم طويل غسلت وجهي بسرعه من ماسورة مجاوره لباب الحمام ودون أن أشعر وجدت نفسي أحدق مرةً أخرى في تلك النمله التي كانت قد قطعت شوطاً طويلاً من مشوارها الشاق في تلكم اللحظه ، عندها أتاني نفس ذلك الصوت مره أخرى وهو يقول : ياأهبل إنت ماتمشي تشوف شغلتك ماتعاين لي ، كده ماحأقدر أشتغل بي طريقتك دي ، قرصت نفسي هل من يحدثني النملة فعلاً ام أنني أحلم ... رفعت صوتي وأنا أتلفت خلفي خشية أن لايراني أحد بالمنزل ويظن أن بي جنوناً وقلت (إنتي يانملة بتتكلمي) صاحت : مالي مابتكلم ماعندي خشم ..
-- مالكن مامفروض النمل يتكلم
-- بنتكلم وبنعرف أي حاجه ومافي شي فاقع مرارتنا غير كسلكم وبلادتكم دي يامعشر البشر
-- كيف كسلانين نحنا ماطلعنا القمر وإكتشفنا الذره والكمبيوتر وأنجزنا حاجات كتيره
-- بالنسبه للفتره الزمنيه الطويله دي ولي أحجامكم والعقول الوهبها ليكم ربنا إنتو متخلفين تماماً
وأردفت ياخي إنتو لسه بتقتلوا في بعضكم وماقادرين تعيشوا في سلام وبعدين كسلانين كسل مبالغ فيو ، شايفاك إندهشت لمن شفتني شايله حاجه أتقل من وزني
-- النصيحه لي الله إندهشت
-- الحل في إنك تحرر طاقتك الكامنه
-- كيف يعني
-- إنت عارف إنو أقوى رجل في العالم مابستخدم أكتر من 10% من قدراته البدنيه الموجوده في جسمو
--بالجد
--جد
--يعني أنا حسي ممكن أرفع العربيه بي يد واحده
-- بل بي صباع واحد كمان
-- سبحان الله
وفجأه
طاااااااخ
ياولد أصحى نايم كده زي الخروف إنت ماعندك شغل
إستيقظت (مخلوعاً) وأنا أنظر في والدتي
--معليش شالتني نومه يمه
-- قوم إستحم وصلى وألبس أمرق شغلك جنك نوم كده
-- إنتي ياأمي عارفه إني ممكن أشيل عربيه بي صباع واحد لو حررت طاقتي الكامنه
-- تشيل شنو ؟؟
-- العربييييه بي صباع واحد
-- سمح بعدين تعال أنقل لي دولابي ده ودي الجهه التانيه داير أقلب ديكور الأوضه دي شويه
-- أشيل شنو
-- الدولاااب إنت أطرش
-- ياأمي إنتي صدقتي حكاية الطاقه الكامنه دي وللا شنو أنا بهظر معاك ساي
-- سمح إنقلع من وشي[/align]
[/frame]

رحمابي 27-05-2009 07:34 PM

[frame="3 10"]

.. جدار ...


سادتي ها أنا أحكي لكم . ها ، لحظة لا أكتب لأفضح ما يختلج في سرادب الذاكرة المخجلة المعطوبة ، فتلك فصول لرواية لم تسند أحرفها على حافة الأسطر ، ستبقى كالحمم الخاملة ، فتغازل ثورة البراكين التي تتمرد من حين لحين .. سأحكي لكم – سادتي – بحيادية ( مفترضة ) ما أمكن ، فهناك ما يحرض على الثرثرة ، ففي هذه اللحظة تتواطأ جدران الغربة بصمتها الأبله .. جارتي التي يفصلني عنها جدار الصمت وحاجز التجاهل .. لا صوت لها ، تمارس تنميطها الرتيب ، تغادر نهاية كل إسبوع في صمتها المعتاد .. ترمقني أحياناً بنظراتٍ خاطفة .. قليلا ما نتصادف عند مدخل العمارة .. لا تسبقني بصعود الدرج ، حاولت مرارا أن اتذاكى عليها أنتظر بسيارتي قليلا ريثما تصعد لأتبعها .. تظل بسيارتها الفارهة تتشاغل بسماع أغنية أو ما شابه .. تكرر هذا المشهد مرات ومرات ، لا أدري ماذا تخفي خلفها!! .لا أجد إجابة لسلسلة هذه التساؤلات غير البريئة التي تداهمني.

وحيدة ، لا زيارات .. إلآ لرجلٍ يأتيها لماماً فيمكث عشية أو بعض نهار .. ، لا يفصلنا سوى عناد هذا الجدار اللعين .. فلنفترض أن هذا الجدار تلاشى في لحظة خيال جامح .. هل سيغيير ذلك في مسيرة روتيني المشبع بالرتابة واليأس؟! ، سأمنح فراغ هذا الجدار بعد تهدمه الإفتراضي شرف أن أجتازه ولو بخيال نزغ .. ولكن قبلا لماذا أسجن نفسي طواعية في عتمة هذه الشقة التي تحفظ حركاتي وسكناتي؟!!

تفاجأت بقامتي المديدة وأنا أقف أمامها ، هل تسأل نفسها من أين ولجت ،، تصلح ( روبها ) الذي إنحسر كثيراً ، وهي تواصل مضغ شريحة التفاحة التي تجمّدت بين شفتيها ، تفرك عينيها لتزيح هذه التخيلات التي داهمتها لحظة شرود؟!! .. جلست بالمقعد المقابل لها ، لن أجوس بنظراتي في مراتعها ، سأعلق نظراتي على كثافة رموشها الداكنة .. تجمّدت الصرخة بفمها كماء وضع على درجة الصفر .. أحاول رسم إبتسامة بريئة يدعمها هدوئي المتأصل حتى ترتخي أعصاب توترها ، بل تماديت قليلا في رباطة جأشي سحبت ( الروب ) المتكوم ، أسدلته كستارة مسرح بعد عرض صاخب !!

تجولتُ بنظراتي على ديكور ( الهول ) .. ينم على حس فني مدرب ، فان جوخ له حضور باذخ ، لوحات يوحي تسلسلها بألف بعد وألف مغزى .. لوحة تراثية رسمت بقلم الرصاص لرجل مسنٍ يمسك برسن ناقة في غيظ صحراء إرتسمت قسوتها على ملامحه ، ظِل الشمس ينكسر على كثبان الرمل المتموجة .. للوهلة الأولى بدت لي اللوحة قاسية كملامح الشيخ الذي يجلس حافي القدمين .. تأمّلتها بأحاسيس عميقة حتى كدت أغفو ، حولت نظراتي الخاطفة نحو جارتي بحركة لا إرادية .. كانت نظراتها مثبتة على نفس اللوحة ، ماذا يدور بذهنها الآن .. همست أو هكذا خيّل لي (Daivid Willes ) ديفيد ويلز ، هكذا وضع الرسام إسمه بطريقة لا تقل براعة عن لوحتة الآسرة .

كأن جارتي تنزع رسن الناقة لتثبته بنظراتي وتجرني للوحة أخرى .. لكأن الدموع تنحت لها مجرىً بخد ذلك الطفل الفزع .. يا لسر هذا الفن المبهم ، لوحة مملوءة بقناني الحَزَن وبحور الدمع .. التي تكاد تفيض فتغرقنا معاً .. كيف نزيّن جدران منازلنا بخيبات ومعاناة الآخرين .. كأنما ننتحب بعقلنا الباطن على مآذق مرت فتركت ذلك الأثر؟!!

سحبت معها نظراتي الي ثلاث لوحاتٍ متجاورة وضعت بطريقة تصاعدية/تنازلية ، ثلاث آلات موسيقية ، آلة ( كمان ) معلّقة في الهواء يقف بجانبها ( مايكرفون ) ، لا يخالك شك أن أوتارها تتحرك تكاد تسمع أنينها .. أسفل منها ناي ، هو أيضاُ بلا سند يحلّق في الهواء بوضع أفقي يميل قليلاً الي الأعلى ، نفس المايكرفون يشارك النأي كأنّما تراءت لي شفتي عازف .. سحبتني بتأني بنظراتها الحادة الي اللوحة الثالثة .. آلة عود مفصولة الي جزئين .. عنق العود مقلوبة تمرّق وجهها بالثرى .. صدر العود مهشّم تبدو عليه آثار قدم حافية خشنة .. أيّ سرٍ يكمن في جوف هذا العود ، وجوف هذه السيدة أو الآنسة أم الأرملة .. لا أدري!!

حاولت صرفي عن لوحة أخرى ، ليست لوحة خلقت بريشة فنان ، كأنها حادثة أثبتت بعين كاميرا ، صورة فوتغرافية لغرفة نوم ، تظهر جزء من باب دولاب مفتوح .. سرير مزدوج تبدو عليه آثار عراك غير حميم ..!! تجمّع الغطاء في منتصف السرير تغطيء إحدى الوسادتين جزء منه .. أما الأخرى فتتوسط فردتي حذاء غير متشابهين أحدهما يتطابق وقدميها الحافيتين أمامي .. كيف يجرؤ إنسان على وضع صورة بهذه الدلالات والتساؤلات على مرمى نظر ، ربما كان من الأنسب أن توضع مكان ( الحدث ) .. تصلب بذات الغرفة ! وما أدراني أن مادار يعود لهذه الساحة ؟؟!!

أشارت بأصبعها بحركة عصبية آمرة ، تطلب مغادرتي ، خطوت نحو الباب ، حدجتني بنظرة أكثر صرامة .. كأن لسان عينها يقول أخرج من حيث أتيت !! آآه الجدار .. كيف أنفذ من خلال الجدار .. ولكن! كيف ولجت؟؟



عبدالرحمن عبدالله أحمد
سلطنة عمان
[email protected]

!
[/frame]

رحمابي 27-05-2009 07:45 PM

[frame="2 80"]حبيبتي كانت تغني لي ..

كانوا – رغم صداقتهم – غرماء .. تتلاعب الغيرة بمشاعرهم ربما بإبتسامة خاطفة .. غمزة مختلسة .. أو كلمة مبهمة .. قلّ أن يجلس ثلاثتهم على كفة واحدة .. اثنان منهما أبداً على طرفي نقيض أما الثالث يتأرجح بين مركز الدائرة أو مائلاً لكفة أحدهم ..

لم يبح أي منهم للآخر بأن نسائم الهوى تهفهف قلبه .... كلٌ ينطوى على سره .. كلٌ يجفف دمع عينه بمحارم الصبر ولفافات الأمل .. كلٌ يقفز فوق سور الرقابة ليغتنم زمنا مستقطعا ليسند ظهره على حائط مبكائه علاّ اقدام القدر تحمل صدفة – منتظرة/متوهمة – كأنهم عصابة لا يدخل بند الخيانة ضمن ميثاقها ، فمن اغتنم الفرصة فلا ضير..

عصام وهو لا زال في – كرفسته – تلك .. تخرج الآهه من مكانٍ عميق كبئر بترول ، يقول زائق البصر ..( نجدية الحشا ) ..

كيف نوقف ضحك ياسر المرح غير المنقطع ..

- يعني شنو نجدية الحشى ..
- والله ما بعرف أوصف بس في حاجات كتيرة في الأغنية انا شايفها فيها ..
- أنا غايتو عاجباني ( لها مقلة ) دي .. أخ ..
- انتا شفتها وين .. عارفني بتكلم عن منو؟؟؟
- لا أنا بتكلم عن الأغنية ياخي .. يقول ليك لو نظرت بها لراهب قد صلى لله وابتهل ، برضو بتجهجه ..
- انا عايز أنوم يا جماعة .. قالها خالد بإحساس الهارب ..
- لو تقدر .. مش قال فيها ولو ولو .. ولوات كتيرة كده ..

مثل لعبة الإستغماية .. كلُ يحاول هش الآخر عن مرتع العسل .. كل يتمنى أن يسبر غور الآخر ، كل يحاول أن يتخيل ( ملامح ) ليلى الآخر .. وما ليلى عنهم ببعيدة لو يدرون .. ليتها كانت ، وليتهم دروا ..

أما ياسر فحقاً ، هو صريع لحاظها الفاتكة الجارحة .. كيف لتك الأجفان حمل عبء رموش كأنها نباتات كلما فتحت فمها لمجرى المياه كلما طالت قامتها .. عيونها ضاحكة .. يشع بريقها أمام الناظرين فمن ذا الذي يديم النظر للحاظها ولو للحظة .. فإن فاجأتها – قال ياسر – ترمقك بنظرة ممزوجة بين الدهشة والإرباك .. فيا ويلك .. قال ( سبحان الذي سخّر لنا هذا ) .. هكذا يأتيك بإستشهادات لا تتناقم أبدا والموقف ..

خالد يا أيها الحالم .. أهذه حدود طموحاتك .. والله بس لو مرة وااااحدة ( تسلم عليّ ) .. يعني تصافحني .. ( أحضن يدها البضة ) وتهمس ليّ ( كيفك أنت ) .. وتمشي معاي .. معاي .. ( مالو ) لو بس ( أعد ) أزرار بلوزتا.. لو بس طرف فستانا لامسني .. الللله يا( باريس ) أيُ عطرٍ هذا الذي كاد أن يلقنني الشهادة .. ثم يقرأ الفاتحة على روحي .. آمنت بالله ..

لازم أحاول – قالها عصام وهو ينتف شعره ساهيا – بعض خطوات للخلف سوف تسلمه لمغامرات المراهقة وتصرفاتها غير ( المحسوبة ) .. سأرمي لها رسالة عند عبورها الشارع الموازي .. ( لما ) تشيلا حا أخلع عني رداء التردد .. خلاص اليوم يوم الحسم .. ( ريم .. طيفك هو غطائي الذي يذيب جليد ليلي الذي لا يغفو .. مرآك نسائم تهفهف لفح هجيري .. أريد أن تكتبي الخلود لأحد المقاعد المتناثرة على حدائق لا تزدهر إلا بلثم خطوك .. عليييييك الله نتلاقى هناك ولو لدقيقة يتيمة .. موضوع موت أو حياة .. يا حياتي .. السادسة عند الغروب .. على أحر من الجمر .. ) هم برسم قلب يخترقه ذلك السهم الشهير وبعض ( بقع ) حمراء .. لكنه تراجع أمام هذه الفكرة المتسرعة نوعا ما ..

كأنها قطار في محطاته الأوربية .. في ذات التوقيت تهادت كحمامة سلام .. كأنها استمعت لتوها ( لأغنية مريا ) وحزام في مضيق .. إبتسامة أليفة .. ثبات يزلزل ( الشجعان ) .. عصام يكاد ان ينهار فقد الإحساس بقدميه .. دنا منها بإبتسامه بلهاء .. لو سمحتي .. قذف برسالته كأنه يتخلص من قنبلة موقوته ..و ( فص ملح وذاب ) .. وهي تغالب ضحكة تضع أرجلها على عتبت شفاهها إلتقطت الرسالة بذات الرشاقة ونفس الثبات ..

- كلٌ ينطوي على سره – إختار خالد ورقة ورديه تخللتها رسومات ناتئه تحفها من أطرافها أزهار متشابك .. أربعة ألوان وشّح بها خطوطه المنمّقة .. ريم (....) أما النقاط الأربعة التي تلت اسمها رسمها على هيئة شفاه مطبوعة .. كل قبلة بلون .. لم ينس أن ينثر زخات عطرٍ كادت تبلل الورقة .. ذيّل رسالته بعبارة حارقة ..( القلب الملتهب ) .. بلل طرف المغلّف بحافة لسانه ألصقه بعناية فائقة كأنه يدفن سرا خطيرا ..

في محطة ( الباصات ) وهي تقلّب مجلة تزيّن غلافها صورة إحدى ملكات الجمال .. تتمعن تفاصيلها وكأن لسان حاليها يقول ( قوم يا القمر حا أجلس مكانك ) .. إقتربت منها طفلة صغيرة ببراءة لا تزال طعامها وشرابها .. ( الولد داك قال لي أديك الجواب دا ) .. نظرت تجاه الإشارة لا أثر لذاك العاشق ..
- وينو الولد يا حلوة ..
- يمكن فات ..

هزت كتفها .. وبعدين معاك ..

- يا ياسر أحسن ليك تلعب بعيد .. دا شدراً ما بتقدر على طلوعوا ..
- انتٍ مالك بس كلميها .. أنا متأكد حا تقابلني .. مش شافتني معاك مرة مرتين
- يا خي انت ما فاهم حاجة .. الزولة دي ...
- أموت ليك .. بس قولي ليها الزول دا يا يقابلك يا ( يغرق ) ؟؟
- خلاص ذنبك على جنبك ..

( لما الشمس لمّت غروبا ) .. كلً ينطوي على سره .. عصام سيعود جارتهم بمستشفى الأطباء .. ، ياسر جيرانا رحلوا أم بدة قبل إسبوع لازم أبارك ليهم البيت الجديد .. خالد لا أنا الليلة ما عندي مزاج أقابل أي زول عايز اركلس في البيت .. هكذا ( كلً ينطوي على سره ) ...

أتوا من كل فجٍ عميق .. خالد سكب قارورة عطرٍ كانت لتكفيه دهراً كاملا .. يؤمن دائما بأن أناقة الرجل في حذاءه .. جعله ( يشع ) كشمس مايو الحارقة .. مسح ببصره ككاميرا تبحث عن زاوية مناسبة لتضع عدستها على وجهٍ مميز ..

عصام كأنه عريس في ليلة زفافه .. أو هكذا محاولا سبق الأحداث ، ركن سيارة أخيه عند مدخل الحدقية مباشرة ( شوفوني ) .. في كامل أناقته ( فل ست ) ربطة عنق أنيقة مثبتة بقطعة معدنية تتلألأ أطلق العنان لكشافته باحثا عن وجه القمر ..

أما ياسر رافعا شعار الأناقة في البساطة ، إلا أنه حرص على أن تكون الساعة بلون القميص .. وضعها على يده اليمنى .. كاد ن ( يشق ) شعره نصفين ، أماله للخلف .. وقف بعيداً عن محطة الباص .. بدأ في رفع يده يا ( عم ) .. يا ( عم ) ..

حدد كل منهم موقع ( الهدف ) كلً أتى من وجهة مختلفة .. دون علم بالآخر .. تقابلوا وجها لوجه فجاءة أمامها .. كان موقفا لا يحتاج لكثير شرح .. وهي ممسكة بيد ( عبده ) تكاد تغوص بين حنايا صدره تدندن له بأريحيه ..

بإسم الحب أقدم ليك حياتي
حياتي ومعاها العطف الجميل



عبدالرحمن عبدالله أحمد
سلطنة عمان
[email protected][/frame]

فتحي مسعد حنفي 28-05-2009 09:12 PM

[align=right][frame="7 80"][align=center]حكايات البعث والنشور[/align]
[align=right]
الظلام دامس وأنا أسبح في ذاك السائل اللزج والحبل ملفوف حولي وهو خارج مني وأصوات
تخترق اذني لا أدري من أين تأتي أميز صوت من بينهم أحس بأني أعرفه وهو الأقرب الي أذني وكأنه يخرج مني..يا الهي أهو كابوس لماذا هذه الأصوات وهذا الصريخ.....ما الذي يحدث ولماذا تقلقني هذه الأصوات!!!!!!
شيئ ما يسحبني ويذهب بي الي حيث لا أدري ....أحاول أن أقاوم...لا أستطيع فمع كل صرخة أجدني أعاود الأنسحاب والأصوات تعلو وتزداد قربا والخوف يتملكني...
ومضة ساطعة ضربت عيناي.....احساس جديد علي لم أعرفه من قبل والوميض آخذ في الازدياد والأصوات تزداد شدة وقربا....شيئ ما يمسكني من مؤخرة رأسي ويسحبني عبر نفق يكاد يخنقني
وأنا أرتجف من الخوف...الضوء أصبح في كل مكان والشيء الذي كان يسحبني من مؤخرة رأسي أصبح الآن يمسك بي من أسفل ساقي ورأسي متدلية للأسفل والشيئ يضربني علي مؤخرتي فأحس بالألم.....أصرخ ثم أصرخ والأصوات من حولي تصرخ هي الأخري...أخذني الشيئ ووضعني في سائل أخف من بيتي الذي أعيش فيه وأخذ يمسح في جسدي في حركة دائرية ولكنها تشعرني بالراحة فأحس بنفسي أزداد خفة وأزداد صريخا والأصوات حولي خفت حدتها وأصبحت متقطعة وهادئة...الخوف زال
عني والشيئ يلف جسدي بشيئ ناعم الملمس فأحسست بالدفئ وتجرأت وفتحت عيناي وجلت بهما من حولي فرأيت عجبا أشكال عديدة تتحرك وتقترب مني تلتصق بوجهي محدثة صوت عجيب عند الالتصاق....أين حبلي أين ذهب ....أنا لا أحسه ولا أدري أين ذهب....
هكذا بدأت حياتي بسرقة حبلي فكان أول ما سرق مني ثم توالت السرقات عند الختان وعند الحلاق وأنا أدفع وأدفع وأدفع وسأدفع وأدفع وأدفع...
الي أمي رحمة الله عليك...... ليتك تركتيني باقيا في ذاك الرحم الحنون راضيا بحبلي

الدنيا ليل والطريق من البريمي الي مسقط عمان يبدأ بسلسلة جبلية مليئة بالمنحنيات الخطيرة والظلام دامس يجعلك تحس بأنك جالس في بؤرة من النور أنت جزء منها والكاسيت يصدح بأغاني الراحل مصطفي سيدأحمد وأنا في قمة الانتشاء ...
فجأة قطعت الطريق أمامي مجموعة من الحمير لا أدري من أين جاءت وهل هي فعلا حمير أم مجموعة من الجن التي تشتهر بها سلطنة عمان...السيارة تسير من المنحدر الجبلي بسرعة بالغة لا يصلح معها استعمال الكوابح والطريق ملتوي بزاوية حادة فلم يكن أمامي غير المراوغة يمينا ويسارا وأنا في حالة ذعر تام ولساني يردد يالطيف يالطيف ألطف ثم صوت ارتطام فظلام دامس وصمت رهيب دام حتي بدأت أسمع أصوات من حولي استطعت ان أميز منها:... مازال فيه روح.... يجب أن ننقله الي غرفة العمليات فورا...
فتحت عيني وجلت بهما من حولي فرايت أشخاص يرتدون كمامات وهم ملتفين حولي ولا أدري ماذا كانوا يفعلون فأنا لم أكن أحس بشيئ وكأني عينان بلا جسد...
بدأت الصورة تختفي من عيني وبدأت أحس بأن نظري يرتفع الا أعلي ويستمر في الارتفاع وبدأت أري الذين كانوا حولي وهم تحتي أنظر اليهم من أعلي وياللهول رأيت نفسي مسجي علي طاولة بيضاء والدماء في كل مكان علي جسدي المسجي ورجل منهم يقول لقد توقف قلبه يجب أن نحاول انعاشه بالصدمات الكهربائية....ماذا يقول هذا المخبول وأي صدمات كهربائية يقصدها...ساعتها قررت الهرب فرأيت نفسي أعلو وأعلو حتي اخترقت السقف وأحسست بنفسي أطير بسرعة صاروخية الي الأعلي ولكن الغريب في الأمر ان كل هذا يحدث وأنا في حالة نشوة خالية من الخوف بل هي أقرب للاستمتاع بما يحدث...ثم كان هناك نور في الأعلي نور عجيب ليس من النور الذي أعرفه ولونه غير اللون الذي تعودت عليه ...
ثم بدأت سرعتي تقل في رحلة المعراج المدهشة حتي وصلت الي مكان لم أري أروع منه طيلة حياتي ورأيت من علي بعد مجموعة من الأشخاص يقفون ناظرين الي وهم يبتسمون والنور يشع منهم ومن ثيابهم الناصعة البياض..
هل ما أراه حقيقة أم خيال أمي وأبي في وسط هذه المجموعة محاطين بأخوالي وأعمامي الذين انتهت حياتهم في الأرض منذ مدد متفاوتة...ساعتها انتابني احساس رائع بالسعادة لرؤيتهم وهم يمدون أياديهم نحوي وأنا أسير نحوهم في حقل شديد الخضرة لم أري شيئ في مثل جماله من قبل..ثم فجأة رأيت الابتسامة تتلاشي في وجوههم والصورة تفقد بريقها شيئا فشيئا والضوء يبدأ في الخفتان وأحسست بشيئ يجذبني للخلف وأنا أقاوم دون جدوي فبدأت في الصريخ اتركوني بالله عليكم لا تبعدوني عنهم أنا أريد ان أبقي معهم بالله عليكم وأحسست بالدموع تنساب علي خدي وصراخي يتراجع وأنا أتراجع ثم السقوط بذات السرعة الي الأسفل ثم الاختراق العكسي للغرفة والدخول والذوبان في جسدي ثم سمعت صوتا يقول الحمدلله لقد أثمرت محاولة الصدمات الكهربية وبدأ القلب في الخفقان من جديد مبروك يا دكاترة....
فجأة نظرت الي صحن السمسمية أمامي فوجدته خالي الا من بعض حبات السمسم....ياخسارة [/align]
[/frame][/align]

أبوبكر حسن خليفة 30-05-2009 06:20 PM

[align=right][frame="7 80"][align=center]أخي .. صاحب الحمار !![/align]


[align=justify]بعد أن بلغ موج الأزرق المدى وأرعب سكان الشاطئ بدأ في الضمور والتقهقر مخلفا الجراح بدلا عن الأصداف واللآلئ . هكذا عهدناه منذ فجر التاريخ .. سيف ثائر (معتدى في الأخذ والعطاء) ولكنه سرعان ما يسكن غضبه ويدخل غمده و يتوارى خجلا من فعلته عند الاعتداء .. وكنا نكبر فيه هذا الحياء , في الوقت الذي لا يخجل شذاذ الآفاق من أقوالهم وأفعالهم .
وما أن يتوارى النهر حتى يغلق بيته عليه عاما أو عامين بل عقدا أو عقدين ..
غير أن النيل هذه المرة لم يفض إلا بعد ستة عشر عاما . بعد أن نمت الحشائش الطفيلية على ضفافه وثقلت أردافه , وقيدت حركته تلك القروض التي كانت تسمى (حسنة) ‍‍‍‍,‍‍‍‍ ولا أدري وجه الحسن فيها سوى أنها من كدح المزارعين الفقراء الذين ضاقت بهم السبل وأنكرتهم أرضهم اليباب فأصبحوا (حمالة الحطب) لتلك الجحيم التي ظن الأغنياء أنها أعُدت خصيصا لهؤلاء التربالة وأبناؤهم المقهورين . وتتواصل تراجيديا الإنكار.. فها هي الأشياء تنكر دورها الوجودي .. فالأرض ألقت ما فيها وتخلت ونيلنا لم يغضب زمنا طويلا ..
وتوقفت عجلات (كارو) أخانا عبد الله بعد أن أعلن حمارها الدخول في إضراب مفتوح .. لم تقف الدولة مكتوفة الأيدي فقد أصدرت المراسيم بإعلان حالة الطوارئ المعلنة سلفا منذ ستة عشر عاما ! وصدرت الأوامر باعتقال جميع الحمير بمدينة رفاعة .. ويبدأ الزبانية بالبحث الجاد عن السكرتير العام للحمير في منطقة البطانة , وهو حمار الأخ عبد الله الذي كشفت التقارير الأمنية والأجهزة الاستخباراتية أنه الداعي للإضراب والثورة ضد السياسات الضرائبية وأنه هو الذي فضح وثيقة أمن الدولة السرية ؟! يوم أن التقى به جمع كبير من الحمير وذلك في يوم وفاة زوجته التي قتلت في حادث مروري يقال أنه مدبر من قبل السلطات الأمنية . والجدير بالذكر أن حمار الأخ عبد الله قد قرأ هذه الوثيقة السرية على الملأ بكل ذلك الغضب والاحتقان . الاحتقان الذي أصابه من مرارة الأيام والقهر المفجع بل الفجيعة الكبرى بمقتل زوجته أمام عينيه ؟
ومما جاء في تلك الوثيقة :
أن لا يتم عقد قران حمار مع حماره إلا بعد موافقة السلطات المعنية ,
وأن لا يتم الإنجاب إلا بعلم السلطات وهي الجهة الوحيدة التي لها حق تحديد نسل الحمير .
كذلك يمنع منع بات تجوال الحمير في الحدائق والمقاهي ومن ثم شرب النراجيل التي هي بمثابة طلب الأجر أو أخذه بالدولار (الفاجر) عوضا عن الدينار (الصابر) فقد قررت السلطات (المختصة) حكم الإعدام فيما سبق ذكره ..
وقد استدركت الوثيقة في الختام خطر التجوال بعد صلاة العشاء .. فكل من كان في غير حظيرته بعد ذلك الوقت فقد دخل في المحظور شرعا وقانونا .. وكذا الذي يستخدم الجوال في هذا الوقت , فقد جنى وتعدى فلا يلومنَّ إلا نفسه ! وهنا (تنحنح) جحش معزول في مؤخرة بيت العزاء مما أدى إلى الالتفات إليه وقد توجس الجمع منه بعد أن لم يتم التعرف عليه من قبل الحضور , وقد (غمز) أحد أقرباء حمار أخانا عبد الله لكي يفهم !! ولكن الخطيب المفجوع لم يعره أدنى اهتمام خصوصا أنه فقد اليوم شريكة حياته , وإن لم يكن كلاب الأمن يعيرونها أدنى اهتمام فكيف به أن يلقي لهم بالا ؟
بالطبع لم تترك السلطات الأمنية مساحة لهذا الحزن أن يتفرغ سدا فقد قررت مزجه مع (رقصات البالـمـبو) و (كمال كيلا) حتى يتم تحنيطه والاحتفاظ به في متحف التاريخ الطبيعي ..
تم القبض على حمار الأخ عبد الله وكل ما يتعلق به .
كان الأخ عبد الله أول تلك المتعلقات ..
وجرى التحري على هذا النحو :
ـ ما هو الاسم ؟ وما هي الدوافع الحقيقية لهذه التسمية ؟ وصف الحالة الوجدانية لأبيك وهو يقرر لك هذا الاسم ؟!
ـ وأين ينتهي نسبك ؟! وهل صحيح أن أجدادك هم الذين أثاروا الفتنة وقتلوا عثمان ؟!!
ـ وما موقفك من علي ومعاوية وأين كنتم يوم واقعة الجمل ؟‍!
ـ تاريخ الميلاد منذ متى ولدت .. ولماذا .. هذا العام والشهر واليوم بالذات ؟!
ـ ما هي الجنسية التي تحملها ؟ وهل توجد أخرى وأي البلاد سافرت ؟ وهل تلقيت أي تدريب عسكري في الخارج ؟!
ـ والمهنة !! هل لديك رخصة عمل , وشهادة خلو طرف من الضرائب والجزية أو الزكاة ؟!
ـ هل سبق لك أن استشهدت ؟؟!!
وأختلط الأمر لدى أخي عبد الله وأصابه الدوار .. ثم سئل نفسه هل هو المعني بهذه الأسئلة أم الحمار ؟! ثم بدأت هواجس نفسه تجيب : .. ولكن هذه الأسئلة طرحت لي مباشرة ولم يكن بيننا الحمار ؟! يجب أن أجهر بالقول أنني لست مذنب .. قبل أن يأتي ذلك الحمار .. الذي أدخلني في البرك الآسنة والمضايق والمزالق أكثر من مرة !
ففي العام الماضي قضم مؤخرة ضابط شرطة ومزق سرواله حتى أضحك عليه الصبية والفتيات بموقف الحافلات الرئيسي برفاعة .. مما كلفني المبيت ثلاثة أيام بلياليها في الحبس ! ومن حسن الحظ أنه قبل أيام عندما أسقط أبوبكر " ابن القاضي" على الأرض لم يكن هنالك شخص يلقي النظر فيضحك .. فأتحمل المسئولية أنا وحدي .. وقتها تشاغلت عن هذا الطفل حتى لا يعتقد أنني رأيت سقوطه المريع من على ظهر الحمار (الكارثة) !
نعم يجب أن أصيح أنني غير مذنب !! .. وينعقد لساني مرة أخرى عندما يسألني المتحري .. لماذا كنت تضع سريرك بالقرب من مربط الحمار وما هي الكلمات التي كنت تجهر بها في الدعاء وسط جوف الليل المظلم ؟! ولماذا هذا الكره للنظام ؟! وهل أنت منظم .. وهل حمارك منظم ؟! بمعنى كم مرة حملت على ظهره الكتب والمناشير ؟!
ولماذا تسعون في فساد الذوق العام للحمير ؟!
ثم يردف المتحري قائلا : أفيد لك أن تعترف ..
هل هذا الحمار منظم أم هو (م .ع) فقط ؟!
أما بالنسبة إليك فأنت مفروغ من أمرك ..
فقد بكيت خالك عثمان البطري بالدمع السخين مرتين .. يوم طرده من السكة حديد عطبره ويوم رحيله (مغبون) من هذه الفانية , وهو يلعن الأشباح المنسلة من أضابير الكهوف المنسية يوم سطت على سدة الحكم ..
وسرعان ما أنتبه المتحري لنفسه , وانتفض قائماً وقال: لماذا هذا الشغب ‍‍؟!
ألم تسمع بالقول المأثور أسمع وأطيع وإن جلد ظهرك وأخذ حمارك ؟؟
كان المتحري يلقي الأسئلة بغير اكتراث . لم يفطن إلى أن أخي هو أيضا قد طرد بعد عشرين عام من الخدمة المدنية بغير حقوق , وذلك لأنه رفض أن يكون ذلك القطران لتلك النار المقدسة التي لم يكن من المؤمنين بها في يوم من الأيام على الإطلاق .ولأنه رفض أن يموت فيستشهد فيعود مرة أخرى ...
كان دوما يقول : وما حاجتي للعودة لتلك الحياة مرة أخرى ؟؟؟!!!


أبوبكر حسن خليفة
الاثنين 1/4/1426هـ
الموافق 9/5/2005م
[/align][/frame][/align]

أحلام إسماعيل حسن 30-05-2009 08:15 PM

والتقيته مرة أخرى في مفترق الطرق ..
 
[frame="7 80"][align=center]والتقيته مرة أخرى في مفترق الطرق ..

احلام اسماعيل حسن[/align]


[align=right]

كنت في منتهى الحزن. حزن ليس له من سبب محدد في نفسي .. إحساس عميق بالحزن. الحزن أحيانا كالفرح يداهمنا بلا أسباب واضحة. تركت العنان لدموعي فصرت ازرف دموعا غزيرة حتى ضاق صدري وشعرت بالاختناق. قررت أن أخرج إلى الشارع، أن أذهب إلى الكافتيريا التي لا تبعد كثيرا عن منزلي. جلست على طاولة سبه منعزلة عن بقية رواد المقهى. وطلبت قهوة سوداء. جاءني الغارسون بالقهوة ووضعها أمامي. قلت له شكرا دون أن أرفع بصري إليه وأنا أدير وجهي عنه حتى لا يرى دموعي.

كانت دموعي لا تزال تغالبني. أخذت رشفة صغيرة من قهوتي فذكرني طعمها أنني نسيت أن أضع عليها قطعة السكّر. ومن بين زخات دموعي بدا لي فنجان القهوة وإلى جواره قطعة السكر في صورة ضبابية وكأنني أنظر من نافذة قطار زجاجية وقد بللها المطر من الخارج.



فجأة دنت منى امرأة عجوز لم أشعر بوجودها بالمقهى ولم أشعر باقترابها مني إلى أن سمعتها وهي تسألني:

ما بك؟ .. لم تبكين؟ ..

رفعت وجهي عن يدي ونظرت إليها. لم أجبها على أسئلتها، لكني وجدت نفسي أجهش بالبكاء بحرقه، بل انتحب.

من غير أن تستأذنني كعادة أهل هذه البلاد وقبل أن أفكر في أن أدعوها للجلوس، جلست العجوز على المقعد القريب مني. ومع ذلك لم أشعر تجاهها بنفور ولم يراودني التفكير في أنها تتطفل على خلوتي بنفسي التي خرجت أبحث عنها في هذا المقهى.

هذه المرأة العجوز تتصرف معي من تلقاء نفسها! فقد تناولت يدي وربتت على ظهر يدي، وهي تقول لي:

هوني عليك يا صغيرتي... هوني عليك!

لحظات قليلة وبدأت أتوقف عن البكاء تدريجيا مثلما يتوقف المطر بعد انهمار غزير. هل بسبب تطفل هذه المرأة العجوز على خلوتي أم أنني كنت في دواخلي أبحث عمن يشاركني هذه اللحظات، لا يهم. نظرت مرة أخرى إلى وجه المرأة العجوز، هذا الوجه الذي رسم عليه الزمن خطوطا بدت وكأنها خارطة لتاريخ طويل. وأنا في هذه الأفكار أسمع المرأة العجوز تقولي وهي لا تزال تمسك بيدي وكأنها قرأت ما يدور برأسي عن خطوط وجهها:

انظري إلى وجهي العجوز هذا يا صغيرتي .. تمعني في هذه التجاعيد .. كل خط من هذه التجاعيد يحكي عن ذكرى عشتها .. أنا عشت حياة طويلة مليئة بالحب وبالحزن وبالفرح وباليأس والأمل .. عشت أياما مرّت طويلة كالدهور وأخرى مرت كلمح البصر.

نظرت مرة ثالثة إلى وجه المرأة العجوز وأخذت أتأمل في خطوط وجهها. كان كل خط منها يحملني إلى خطوط طولية وأخرى عرضية ومتقاطعة ومتوازية، بعضها غائر وبعضها رقيق. ومع ذلك بدت لي خطوط وجهها متناسقة تتعرج لتصب جميعها في اتجاه واحد .. من خطوط جبينها إلى الخطوط الصغيرة المحفورة جوار عينيها إلى خطوط خدودها النحلية وتلك الخطوط الرفيعة التي اجتمعت حول فمها. وجه متغضن لكنه ينم عن بقايا حسن قديم. بدت لي خطوط وجهها مثل أودية انهار قديمة جف ماؤها بعد أن غيرت الأنهار من مجاريها. وسرح بي الخيال إلى أزمنة كانت تتدفق فيها المياه العذبة في هذه الأودية بشطآنها الخضراء وطيورها المغردة المحلقة و ... و

تدخل العجوز على خط أفكاري وهي تسألني:

عندما تنظرين إلى وجهي ماذا ترين؟ .. هل ترين الربيع أم الخريف أم الشتاء؟

قلت: أرى خضره تمتد على مد البصر .. إلى ما لا نهاية...

ثم عادت تسألني: ما قصتك أنت؟ لم تبكين بالله عليك؟

قلت: أحس أن هناك من سرق قلبي منى هكذا بلا استئذان وبلا مقدمات فصرت أحبه ولم يكن ذلك بحسباني .. كنا قد التقينا منذ زمن بعيد .. بعيد جدا .. كنت صبية وكان شابا قسيما ذكي الفؤاد يشبه فارس أحلام كل الصبايا في عمري آنذاك .. ثم تفرقت بنا سبل الحياة. وعلى غير معاد التقيته مرة أخرى هكذا أيضا على مفترق طرق هذه الحياة. ارتجف قلبي وأحببته حبا عاصفا برغم وجدته يبادلني نفس عنفوان الحب كأننا افترقنا بالأمس! لا أدرى كيف ولا أدرى لماذا هل استيقظ ذلك الحب الطفولي أم هو حب جديد لشخص مختلف .. لذا أنا ابكي من غير سبب محدد!

ابتسمت العجوز عن أسنان بيضاء سليمة وظلت تربت على ظهر يدي قائله:

وهل في هذا ما يحزن ويدعو للبكاء؟ .. أظن أن ما حدث لكما شيء مفرح !

نظرت لوجهها ثم قلت: ولكنني التقيته في مفترق الطرق وأتحدث معه كل يوم وصرت كأنني اعرفه منذ أن خلقت لم تقع عليه عيني منذ أن افترقنا، ولكني أراه بقلبي وبإحساسي أجده في كل حواسي .. إنه معي في كل لحظة من لحظات يومي!



نظرت المرأة العجوز في وجهي مليا ثم استطردت قائله: قلت انك ترين خضرة على مد البصر؟ .. أغمضي عينيك وحدثيني إذن عن ذلك المكان الأخضر الجميل وماذا ترين فيه ..

أغمضت عيني وقلت لها أرى زهورا وبراعم تتفتح وأرى طيورا زاهية الألوان تطير في مرح وحبور

قالت: هل ترين الربيع؟

قلت: نعم أرى الربيع وبراعمه الآخذة في التفتح ..

قالت وماذا أيضا؟

قلت وأنا مغمضة العينين: اسمع أنغاما جميله .. أرى حبيبي .. أنه يمسك بيدي .. ونطير معا في الهواء .. نطير كفراشتين خرجتا للتو من شرنقتين ربيعيتين .. نحلق بعيدا في الفضاء ..

تركت المرأة العجوز يدي وفتحت أنا عيناي. نهضت العجوز بقامتها الطويلة النحيلة وقد تماوجت خطوط وجهها بأسارير من الفرحة، ثم ابتعدت قليلا عن طاولتي وأخذت تلف حول نفسها في رقصه رزينة على أنغام قطعة موسيقية قديمة هادئة تنطلق من مذياع المقهى .. رقصة فريدة لم أشاهدها من قبل هي خليط من الفالس والفلامنكو

سألتني المرأة وهي تواصل الرقص: ثم ماذا؟ ماذا كنت ترين؟

قلت: شعرت أننا حلقنا معا

تواصل المرأة رقصتها العجيبة غير هيابة لرواد المقهى الذين يرمقونها من طرف خفي وهي تسألني: ثم ماذا؟

قلت: ثم ذبنا ...

قالت وهي ترقص: وماذا أيضا؟

قلت: رحلنا في فضاء بعيد وكأنه ملك لنا.

توقفت المرأة عن الرقص وجلست إلى جواري مرة أخرى، ثم نظرت إلي عيوني وهي تسألني بعينيها دون أن تتكلم: ثم ماذا؟

قلت : واحترقنا



فجأة خطر في بالي أنني نسيت أن أدعو المرأة العجوز على فنجال قهوة أو كأس مرطبات .. وفجأة أيضا ودون أن تودعني انتصبت المرأة العجوز على قامتها الفارعة النحيلة واتجهت نحو بار المقهى. رأيتها وهي تميل برأسها ناحية الغارسون الذي كان على الجانب الآخر من بار المقهى، ثم استعادت وقفتها وظلت تتحادث معه لكني لا أسمع ما يقولان. عدت بنظري إلى فنجال قهوتي، تأملته قليلا ثم رفعته إلى فمي ورشفت منه .. كانت القهوة قد بردت .. رشفت بضع رشفات أخرى ثم وضعت قيمة القهوة على الطاولة ونهضت وأنا أستدير ببصري إلى جهة صاحبتي العجوز .. لكنها كانت قد غادرت المقهى .. اختفت فجأة مثلما وجدها بالقرب مني فجأة.

مشيت بضع خطوات ناحية الغارسون وفي رأسي أن أسأله عن تلك المرأة العجوز التي كانت تتحادث معه قبل بضع دقائق. وفي طريقي إلى الغارسون غيرت رأيي واتجهت مباشرة نحو الباب الخارجي وغادرت المقهى ... غادرت المقهى خفيفة كيوم ولدتني أمي وفي قلبي حب نوراني يعدو بي عدوا في طرقات المدينة.[/align]
[/frame]

أحلام إسماعيل حسن 30-05-2009 08:19 PM

تحت المطر
 
[align=right][align=right][frame="7 80"][align=center]تحت المطر[/align]
[align=right]


كالعادة زى كل يوم , ينتهى يوم العمل عند الساعة الخامسة والنصف , فى اثناء عودتى الى البيت رايت سحبا كثيفة سوداء حتى لتبدو وكأنها دخان, نظرت الى الشارع ممتدا طويلا امام بصرى, تنظم على جانبيه اشجار على هيئة صفين متوازيين, وحال ما ارتفع بصرى عن مدى انتهاء الشارع ليرتفع البصر الى اعلا فاذا ب بذاك السحاب الداكن ينهمر غزيرا وبعنف شديد, فما كان منى الا ان دلفت الى احد الاشجار احتماء متأخرا حيث تبللت ملابسى و ما هى الا برهة تفقدت فيها ملابسى المبتلة حيث ما زال الماء ينزل من خلال اغصان الشجرة.



نظرت حولى لقد بدأ الظلام يعم المكان وسرت رجفة شديدة فى جسدى وطغى الخوف على كامل احساسى , فالمكان كان خاليا مع اتساعه.



مع هذا المزيج غير المطمئن من الاحاسيس سرى بصرى نحو ذاك الشارع الممتد حيث بدت الاشجار كمهرجان للالوان و نظرت الى الارض فاذا هى تكتسى سجادا احمرا يملا الفراغ بين صفى الاشجار واذا بى اخطو على ذلك السجاد مرتدية فستان ابيض طويل الذيل يتجرجر من ورائى وشعرى يتماوج متدليا فى نعومة وبهجة انهداله على الاكتاف.





كنت حافية القدمين حاملة حذائى فى يدى امشى بخطوات متناسقة سهلة وكانها تتزامن مع ايقاع واداء فريد فى مسرح للبالى .



رايت جوعا من الناس على جانبى الطريق وكلما احاول الاقتراب منهم تتلاشى ملامح وجوههم ثم اعود لمنتصف الطريق اواصل المسير وخلفية صوتيه لسيمفونية بيتهوفن التاسعة تحرك مشاعرى وتضبط وقع الخطى اثناء المسير.







ثم فجأة اتوقف تصمت الموسيقى ويجف نبع الايقاع فيرتد كيانى الى قواعده بجانب تلك الشجرة وقبل ان اهز برأسى لآتبين طيف الرؤى من الواقع رجعت بى ذاكرتى عندا كان عمرى فى الرابعة عشر وفن البالى كان عشقى الاول والموسيقى بتصاويرها وابداعاتها.



رجعت الى الزمن البعيد حيث كانت القراء ة وكتابة الشعر والقصة من امهات امنياتى , ومنذ ذاك العهد عشقت الكتابة التى تعبر عن جمال الطبيعة وروعة الكون وبهجة الحياة, ثم ما لبث الحال حيث انقلبت الحياة بوجهها الاخر , تبدلت الظروف بدأت الحياة قساوتها من مربض حياتى , بيتنا حيث اصاب الشلل ابى وخمسة اخوان يصغروننى سنا, لابدا من هنا اعالة اسرتى كلهابمسؤولية اكبر من قدراتى وتحملى .



من وظيفة صغيرة فى مصنع بدوام كامل وبعض الاوفر تايم, ثلاث بنات وولدين يشقون طريقهم فى الحياة على كفاف حيلتى المتواضعة . ولكنها كانت ارادة خلق الحياة ان يشقو طريقهم فى الدراسة ثم يتخرجون الى الحياة العامة .







توقفت المطرة تحسست شعرى المبتل وجدته تقاصر اكثر مما اتوقع , التمست جسدى اتفقد الكرمشة فيه, وحين عدت ببصرى الى السماء مرة اخرى ما زال المطر يصب غزيرا ولأكثر من ثلاث ساعات



كالعادة زى كل يوم , ينتهى يوم العمل عند الساعة الخامسة والنصف , فى اثناء عودتى الى البيت رايت سحبا كثيفة سوداء حتى لتبدو وكأنها دخان, نظرت الى الشارع ممتدا طويلا امام بصرى, تنظم على جانبيه اشجار على هيئة صفين متوازيين, وحال ما ارتفع بصرى عن مدى انتهاء الشارع ليرتفع البصر الى اعلا فاذا ب بذاك السحاب الداكن ينهمر غزيرا وبعنف شديد, فما كان منى الا ان دلفت الى احد الاشجار احتماء متأخرا حيث تبللت ملابسى و ما هى الا برهة تفقدت فيها ملابسى المبتلة حيث ما زال الماء ينزل من خلال اغصان الشجرة.



نظرت حولى لقد بدأ الظلام يعم المكان وسرت رجفة شديدة فى جسدى وطغى الخوف على كامل احساسى , فالمكان كان خاليا مع اتساعه.



مع هذا المزيج غير المطمئن من الاحاسيس سرى بصرى نحو ذاك الشارع الممتد حيث بدت الاشجار كمهرجان للالوان و نظرت الى الارض فاذا هى تكتسى سجادا احمرا يملا الفراغ بين صفى الاشجار واذا بى اخطو على ذلك السجاد مرتدية فستان ابيض طويل الذيل يتجرجر من ورائى وشعرى يتماوج متدليا فى نعومة وبهجة انهداله على الاكتاف.





كنت حافية القدمين حاملة حذائى فى يدى امشى بخطوات متناسقة سهلة وكانها تتزامن مع ايقاع واداء فريد فى مسرح للبالى .



رايت جوعا من الناس على جانبى الطريق وكلما احاول الاقتراب منهم تتلاشى ملامح وجوههم ثم اعود لمنتصف الطريق اواصل المسير وخلفية صوتيه لسيمفونية بيتهوفن التاسعة تحرك مشاعرى وتضبط وقع الخطى اثناء المسير.







ثم فجأة اتوقف تصمت الموسيقى ويجف نبع الايقاع فيرتد كيانى الى قواعده بجانب تلك الشجرة وقبل ان اهز برأسى لآتبين طيف الرؤى من الواقع رجعت بى ذاكرتى عندا كان عمرى فى الرابعة عشر وفن البالى كان عشقى الاول والموسيقى بتصاويرها وابداعاتها.



رجعت الى الزمن البعيد حيث كانت القراء ة وكتابة الشعر والقصة من امهات امنياتى , ومنذ ذاك العهد عشقت الكتابة التى تعبر عن جمال الطبيعة وروعة الكون وبهجة الحياة, ثم ما لبث الحال حيث انقلبت الحياة بوجهها الاخر , تبدلت الظروف بدأت الحياة قساوتها من مربض حياتى , بيتنا حيث اصاب الشلل ابى وخمسة اخوان يصغروننى سنا, لابدا من هنا اعالة اسرتى كلهابمسؤولية اكبر من قدراتى وتحملى .



من وظيفة صغيرة فى مصنع بدوام كامل وبعض الاوفر تايم, ثلاث بنات وولدين يشقون طريقهم فى الحياة على كفاف حيلتى المتواضعة . ولكنها كانت ارادة خلق الحياة ان يشقو طريقهم فى الدراسة ثم يتخرجون الى الحياة العامة .







توقفت المطرة تحسست شعرى المبتل وجدته تقاصر اكثر مما اتوقع , التمست جسدى اتفقد الكرمشة فيه, وحين عدت ببصرى الى السماء مرة اخرى ما زال المطر يصب غزيرا ولأكثر من ثلاث ساعات



كالعادة زى كل يوم , ينتهى يوم العمل عند الساعة الخامسة والنصف , فى اثناء عودتى الى البيت رايت سحبا كثيفة سوداء حتى لتبدو وكأنها دخان, نظرت الى الشارع ممتدا طويلا امام بصرى, تنظم على جانبيه اشجار على هيئة صفين متوازيين, وحال ما ارتفع بصرى عن مدى انتهاء الشارع ليرتفع البصر الى اعلا فاذا ب بذاك السحاب الداكن ينهمر غزيرا وبعنف شديد, فما كان منى الا ان دلفت الى احد الاشجار احتماء متأخرا حيث تبللت ملابسى و ما هى الا برهة تفقدت فيها ملابسى المبتلة حيث ما زال الماء ينزل من خلال اغصان الشجرة.



نظرت حولى لقد بدأ الظلام يعم المكان وسرت رجفة شديدة فى جسدى وطغى الخوف على كامل احساسى , فالمكان كان خاليا مع اتساعه.



مع هذا المزيج غير المطمئن من الاحاسيس سرى بصرى نحو ذاك الشارع الممتد حيث بدت الاشجار كمهرجان للالوان و نظرت الى الارض فاذا هى تكتسى سجادا احمرا يملا الفراغ بين صفى الاشجار واذا بى اخطو على ذلك السجاد مرتدية فستان ابيض طويل الذيل يتجرجر من ورائى وشعرى يتماوج متدليا فى نعومة وبهجة انهداله على الاكتاف.





كنت حافية القدمين حاملة حذائى فى يدى امشى بخطوات متناسقة سهلة وكانها تتزامن مع ايقاع واداء فريد فى مسرح للبالى .



رايت جوعا من الناس على جانبى الطريق وكلما احاول الاقتراب منهم تتلاشى ملامح وجوههم ثم اعود لمنتصف الطريق اواصل المسير وخلفية صوتيه لسيمفونية بيتهوفن التاسعة تحرك مشاعرى وتضبط وقع الخطى اثناء المسير.







ثم فجأة اتوقف تصمت الموسيقى ويجف نبع الايقاع فيرتد كيانى الى قواعده بجانب تلك الشجرة وقبل ان اهز برأسى لآتبين طيف الرؤى من الواقع رجعت بى ذاكرتى عندا كان عمرى فى الرابعة عشر وفن البالى كان عشقى الاول والموسيقى بتصاويرها وابداعاتها.



رجعت الى الزمن البعيد حيث كانت القراء ة وكتابة الشعر والقصة من امهات امنياتى , ومنذ ذاك العهد عشقت الكتابة التى تعبر عن جمال الطبيعة وروعة الكون وبهجة الحياة, ثم ما لبث الحال حيث انقلبت الحياة بوجهها الاخر , تبدلت الظروف بدأت الحياة قساوتها من مربض حياتى , بيتنا حيث اصاب الشلل ابى وخمسة اخوان يصغروننى سنا, لابدا من هنا اعالة اسرتى كلهابمسؤولية اكبر من قدراتى وتحملى .



من وظيفة صغيرة فى مصنع بدوام كامل وبعض الاوفر تايم, ثلاث بنات وولدين يشقون طريقهم فى الحياة على كفاف حيلتى المتواضعة . ولكنها كانت ارادة خلق الحياة ان يشقو طريقهم فى الدراسة ثم يتخرجون الى الحياة العامة .







توقفت المطرة تحسست شعرى المبتل وجدته تقاصر اكثر مما اتوقع , التمست جسدى اتفقد الكرمشة فيه, وحين عدت ببصرى الى السماء مرة اخرى ما زال المطر يصب غزيرا ولأكثر من ثلاث ساعات[/align]
[/frame][/align][/align]

لسان الدين الخطيب 31-05-2009 09:16 PM

[frame="7 80"][align=center]كولاج بملامح المكان أو السجن بمظاهر السؤال
لسان الدين الخطيب
[/align]

[align=right]

اسمك ... ؟
تاريخ ومكان الميلاد ............. ؟
المراحل التعليمية ......................؟
العمل ونوع النشاط .............................؟
صمت........أو هكذا بدأ التحقيق .............!!!!!!!!!!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للمكان رائحة اخرى تعتقت من معاني الخوف وعدم الإطمئنان.. تتلقفك الأعين الغائرات ورائحة الهزيمة المستوطن عمق انفس التواجد القهري .. سطوة السؤال تزاحم الرهبة الكائن والصيحة الأولى من زمان و إيقاع أوتار المتحري مشروخ السؤال .. المتجهم كلف الملامح من فرط عداء شخصي يخرجة من الوهلة الأولى عن مفاهيم الحياد وشعارات ظلت ترددها الدوائر القانونية كثيراً لترسيخ مفاهيم العدالة والقانون.
في ذلك الجو ؛ المكان ؛ الزمان ؛ تتخشب أحاسيس الناس وتتيبس أحلامهم , آمالهم على صنم العادية البليد وقوافي الشعر التقليدي المتهدل عبر آلية التكرار ورصف الكلام .. النفوس سيطرت عليها عتمة المكان .. نوبات الحراسة .. خفقات قلب السجان المترصدة لإحتمالات الإمكان.. كل نفس ذائقة طعم و مواسم الوان الرتابة والتي تشكلت بملامح أزمة غباء اللحظة الأولى وسطوة ذلك السؤال ...؟؟؟
رويدا رويدا ينسرب التعود رائحة المكان ... تتعود الأحياء إحتمالات الإمكان .. تستنشق الأمل المفقود والمصلوب على ثالوث العادية وقوافي الرتابة وعبق العتمة العالق على جدران قلب الإنسان أي في لب المسام .
الكل هنا إعتاد فقط بطول الأزمان أي ان الكل إكتسى من لون المكان ؛ ويحكي بحكي السجان ومن لغتة يفتل الجالسون على ضفاف نهر الأمل حكايات عن عن مساءات الفرح والتوقع القادم باكرا .. صباح جديد .. يوم موعود .. مسيح للخروج من عتمة الحبس الروحاني التليد والذي تأسس وتشكل بكثافة الجسد الغليظ .. اليس الجسد رحم الروح وحاضن بيضة تتطورها لتفقس في العالم الأخر.. عالم الخروج .. سفرا سليم ومعافى من افكار السلطان او السجان .. لافرق فالأمر سيان مابين محنة التساؤل واستحالة إجابة السؤال 0

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إستكان الجمع .. عم الصمت المكان ..تدجنت مشاعر الإحتمال .. إنتفى همس الأحلام .. إنسد ضوء الأمل من دخول المكان .. اليأس تسيد موقف آليات الإنتظار ..انزل الجمع المتواجد بطول سنين اكثر ,خيمات دواعي الفرح .. أوردو ا عن إبل العقول فيهم مفردات مثل الشمس ,الخروج , لقاء الأحباء ،الفجر القادم, عودة يسوع ، إصلاح العالم , رتق الفتق وكل دواعي الإشتهاء 0
إلا هو .. صاح ممتطياً صهوة جواد لسانة الخطيب ..معتلياً سُدة صراط الإمكان .. متنحنحاً على وسائط الفكر وبعد ان دغدغ على مواقع الحكمة في صفحة عقلة الكلي بسمل بإسم الجمال الأزلي المبارك محدثاً نفسة الأمارة بالأمل والفرح.. بأنه زارع بذرة امل الخروج والمبشر الروحي بالقادم الأجمل من كل الأشياء وبأن عمر تواجدة أطول من عمر السجان والسلطان و كل إخوان الشيطان وقال :
أعشق الخروج من رحلة الزمن الردئ ، عن مواطن القبح والغباء , أعشق إشتهاء الخروج عن نار تراكم الشهور لأنفض عن ذاتي غُبار الأجداث ماتراكم منة على هيئة القبر أتربة وأحجار واختط على خارطة النفس أفكار عرجاء 0
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تمطى مشرئباً يسترق البصر كرتين خارج نطاق المكان وعندما إرتد الية البصر صائباً فكرة صدق الإحساس لوح بمنديل احتفظ بة في ذاكرة الزمن الجميل وأعلن تصريحاً :
لاتندهشي يا حبيبة النظر المسترق والمهابة .. فإني اكتب بملامح اخرى .. اكتب من زاوية الفراغ المعتق بالكآبة لأسطر نشيد الوحل على مكان واحد ..قبو واحد ونفس الظلام اكتب برغم كل شئ لأنثر ذاتي ..عشقي ..رغم انف السجان .. السلطان .. المتمنطق بالزي الرسمي أو الراقد جواري على حد القبر والمتماثل كلياً مع المكان 0
نعم الجسد يلتفت الى ذاتة إعتلال .. تكراراً من زوايا الإختلال .. يختصر شجن الرغبة إحتلام.. إعتمال الصحو الكد و أرق الجد من وحي الإحتمال وبعد أن سطـــر ملمح التراب تبراً من خطاب :
طافت في ذاتي عــــارية مــن كــذب .. جالت عني خارج زاوية اللعــب ..لتمسك عني عصب الفكرة .. زمام الأمر وعبق اللذة .. فإنطلقت نحو نصفها النصف الأخر تهرول تزرع القلق ألق إشتهاء .. ومريم الأخرى تنادي من بعيد صيحات قدوم السيد المسيح مخلصاً يسوع أو خروج .. نعم هو سفراً للخروج الكلي قول من رب رحيم .. المخلص العائد في النشأة عبر التوالد .. الذاهب قبلا بفعل الصــلب والغــياب ..القادم بشـوق الحب لقاء 0


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نصفها الغائب من النشأة الخلق .. استمرار الفلق إنقسام .. إشتهاء الرتق وئام .. الحب الأخر مسيح أخر باحث عن الرواء .. عشق الخلاص إحتلام .. الحب كما المسيح مفقود بفعل الصلب ومس الشجرة الحرام ..فهل نصفها الأخر إنبثاق ؟؟ أم هي ذاتها الإنبثاق ؟؟
الحبيبة تولد كما المسيح عبر الية الإتلاف .. نفخا وعشقاً للتواصل مع موقف الخليل للفداء ورحلة للمصير القادم وإستمرار مشق بين رحلتي صيف التواجد والشتاء وبين صلح الحديبية وروائح الخلاف 0
(سابا , رباب , سعود , ترحاس . باكي, او مجمل الأسماء ) هل إتفقنا ؟؟ وحددنا معنى التواجد أم إرتكبنا خطيئة التوافق واللقاء ؟؟ وهل تسرعنا عندما إجترحنا الجمال شعراً ونثراً ورسماً وكولاج للتاريخ القــــــديم 00 (ياحليل زمان)؟؟
الم نكن في الساحق واحد وإفترقنا ؟؟!!
أليس الله شاهد برسم الفطرة وقت إحتاجنا إنقسام ؟؟!!
اولم يكن فاطرنا عالماً إننا نقتفي لحظة إندماج .. ســــــاعة إحـــتياج ؟؟!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تجدد اللقاء والسلطان السجان ظل يفعل ضد رغبة الإله .. ماذا يريدون إذاً وماذا يفعلون ؟؟ هل يستطيعون فلق الشعرة شقين ؟؟..نواة التمرة نصفين خلفة إقتلاع ؟؟ هل ينتزعون توأم الزهراء من عمق الصفاء ؟؟ من بين النخلة الأولى وسدرة الإنتهاء ؟؟ ودم الحسين شاهد والأرض والسماء في كربلاء.. وعلي المقام محذراً وفاطمة زهرة أبيها المصلى عليها تستنجد بالمعصوم وقلبها كما العترة يتقطع بكاء والكل يتساءل هل عاد نسل بني امية يعتلي سدة السلطان ؟؟ أعاد الشيطان حاكماً بإسم الله
ثانبة
ثالثة
وتكرار ؟؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فيا حبيبة هاكي ومع صرخاتي المكتوب قبلة على وجنات القلب ..واسمعي همسات عشقي قبل سماع صيحات الأغنيات هتاف ..همسات كما الأغنيات بكل لغات الأرض واللهجات ..وبأكثر من لسان .. همسات من عمق الكتب الروحانية والألواح .. شهادة الإنسان للإنسان .. الله الواحد الديان ..أحاديث الرسل والأنبياء .. كل الأولياء .. عني وعنك ياحبيبة وعن كل التقاء ( انحبو بعضكم بعضا من اجل الإتحاد ..ان توحدوا في ذاتي من اجل الجمال .. ان إصنعو ارض السلام .. ان إزرعوا ورداً متعدد الألوان من اجل الحب والإنطلاق وكل التقاء )
وكانت تلك بضع ملامح من إجابة السؤال حين قال ثم التفت مسرعاً وتأكد من وضع القطبان .. لملم ماتناثر على ارض التواجد من أفكار وأحلام وأودعها جنبات صدره.. و تبقت روائح الفكرة عالقة تسيطر على المكان وتستحوز على خارطة الزمان .. ثم إسترخى بجسده باسماً ومزهواً وجال ببصره ليخط على ارض الإمكان سراً وجهراً قبلة على خد الأحلام0
استلم فرشاة رسمه المبين ليحدد ملامح الوان الكولاج ..أحمر احبك .. أخضر لنا لقاء ..أصفر تزكري قبلتنا الأولى ..بنفسج لاشك إن موسم الأعياد آت .. أسود بعد كل كدرة صفاء ..قرمزي أغلقت يومية التحري وابتسم المتحري لأول مرةً وأبرز كل نواجز الغباء .. ابيض تمت واسدل الستار 0
30 / ابريل /2004 م
سجن ونجل مرمرة[/align]
اسمراcolor]
[/frame]

لسان الدين الخطيب 31-05-2009 09:27 PM

[frame="7 80"][align=center]انبثاق أشواق اليوم الموعود
أو
بنت الألفاي *[/align]

[align=right]واقــتـــــــــــــــــــــــــــرب
وعــــد وضـــــع بذرتــــها تلك الحـــــــــرام , لعنت حظهــــــــــا في جلستــــــها تــــلك عـــلى رصيــــــف الانتظـــــــار وذلك كونها بنت (الألــــفـــاي) , ذلــك الرجــــــل مهـــــــــاب الطلعــــــــة مـــــن وحـــــي هالـــــة قداســــــة المهنـــة وبوادر الاحترام , و ما هو باحترام , فهو ليس رجل وحسب بل دين من ساحق الأزمان , دين وفكرة توارثــتها القبيلة أجيال عبر حركة الزمان ومع اعتناق القبيلة وعن بكرة أبيها دين الإســلام ألا أن المترسب في أعماق قناعات السابق انساقت تفرض نفسها عادات وتقاليد لتدير حياة القبيلة وتتحوصل مظاهر وطقوس دينية تختلط عند التقاء طرق التقرب وســائل في مخاطبة الرب طلب الرزق و الرحـــــمــة عندمــا تلوح معالم البداء موسم الأمـــطـــار وموعــده المحدد . كـل عــــام تتجه أنظــار القبيلة إليه ( الألفاي) راس القبيلة وإمامها في الذهاب إلى قمم الجبال متخــيرا أعلاها ليقيم طــقوس الطلب المعتاد توسلا ً دعــاء ً واستسقاء , فان هطل المطر بحجــــم الحـــوجة فهــو من مقــدرات ( الألــفاي )في جــد الطلب الــدعاء وإن واصل البداء تغامزت أعين القبيلة التقاء حزين بفشله أداء مهمته أي عجز التواصل مع الرب وبالضرورة شح الماء .
تقف القبيلة مترصدة عن بعد أحــداث التغــير المرتقب بفعل الـعــجـز وتواصل البداء .. ( فالألفاي) لا يرثه إلا ابنه الذي يقتله ليتنصب من بعده إلى موقعه و المصير المحتوم .
تحسست (هي) مواقع اللذة فيها جسداً .. أطالت عند أسفل بطنها ممتنع البروز , حلمت أن تنالها أشواق نصيبها حــــــلال أو حــــــرام , غــشــت بفكرها إرث الأســرة منذ عهــد قــدماء الأجــداد كدور تلعبه الأسرة في حياة القبيلة ويكسبها رزقاً حلال , فلها من جراء دور جلب المطر دعاء نصيب من كلاء الزرع وامتلاء الضرع لباء إضافة إلي لحــوم وشحــوم نشاءت شــطائرها من وفــــــرة الهطــول , لعنت حـظها ألف مرة كونها بنت ( الالفاي) الذي لاتزوجه القبيلة ولا أبناءه إلا خوفاً ...!!
آما بنات الألفاي فلا ولــن يقـترب منهـن أحـد طـلب الارتـباط , خـوف اخـتلاط الســلالات وخـوف أن يخرج من صـلب أحـدهم قــاتل أبيه أو هــكذا عادات , مـــــوعــدها دنا حـــدوثه من أقــواس الاحتمال وفيه ..أمنيات تقاطرت جزله أن يكون مولـــودها ذكراً رجلاً ولأن الرجل ليس كــالأنثى فالقبيلة تعــطيه حـظ حـقـوق الاقــتران ولــو خـوفاً من لـــــعـنة الأجــداد .. فإن ابن الألفاي الفاي من افتراض ما سيكون .
وهكذا جلست قرفصاء الحيرة على ركن شرقي من فــناء دارها عـامر الطــول ترقــب أحلامها المتعرية بخلاعة أمامها على عتبة الدار.
مولود ذكر يكون الحظ حليفه أن يكون أبا شرعيا لمولود قادم يأخذ اسمه حتى لو اختلفت ملامح الفطرة والسحنات .
تذكرت أن مولودها القادم مجهول الجنس والقسمات و من شابه أباه فقد ظـــــــلم , فهو على كل حال ابن أبيها اسما وتبنى لأنه و من ملامح تقاليد الألفاي أن ينجب من بناته بفعل ألا نابة الجماعي ولكن وا ويلها أن تكون أنثى تشاركها الاســــم وفـــــراش الاخــــــوة هـــذا ولــعنه المصير ..
هكذا و من الغوص في نهر التفكر وشواطئ الانتماء كتبت في جلســتها تلك مشروع حمل توطن أحشائها ليس كنفخ الروح ذلك المعلوم.. مخــــلصاً يسوع.. بل هو من نفخ الجماعة فـي ذلك اليوم المشهود , المرتقب الموعود ، ويومــئذ وكما اعتادت القبيلة أو شبابها في تفريق دم الانتساب بالفعل الجــمــاعـي ليفقد القـادم الموعـود شـبه الأب المحدد رسم وهيئة ومثال .
هكذا تواجه بنت الالفاي واقعها المحتوم لا فرصة لها في حياتها لآي نـوع مـن الارتـباط مـهما تعدى جمالها مـوصوف الشـعراء .. وحتى شفيف الغزل الذي تمارسه استمناء ذاتي فكرةً وخيال محرم عليها إعلانه والإعلام , حتى لا يفر منها مرجــو الــوعــد اختلاء , فرار الحمر المستنفرة لينجي بجلده وأسرته من قسورة شرور هذا الاختلاء , و من محنتها يكفي فــقط ظهور طلعتها على باحة القرية وقت الزوال حتى تخلو الباحة تماما من ملامح الذكــورة هــربا من احــتمالات أن تعجب بأحدهم وتضعـه على مخيلتها لتمارس معه فكرة الارتباط ، تذكرت من جلستها تلك طفولتها وبراءه أزمان اليفاع , وفي بداية ريعان الأنوثة وتفتق الرغبات .. تذكــرت أمــسـيات تجمعهن صويحبات الندادة علي صـحن القرية شرقي التوجه والاستدارة وهن يتسامرن إفصاحاً بينهن إعجابا بهذا الشاب وذاك .. في مجتمع يكره أن تعلن الفتاة إعجابها ملأ الإنشاء وجمع مرصود .. فلذا و خوف الإفصاح ومنه ينزوين إلى خصوصية أعمارهن وتحـلقات جليساتهن يتسلين همساً عن ما بداخلهن بعيدا عن سطوات تقاليد القبيلة والعادات فيحلو الحديث ويتعالى ضحكات عقب همس التصريح والقمر على قعر السماء خلفهن يسجل حركات انتشائهن أجساداً ظلا ًعلى أرض الساحة .. توثيق ضوءه الفضي ينثر شهاداته عبر الليالي وأحاديث الصفاء , ضحكت دامعةً اختلاط المشاعر عندما تذكرت تصريحها ذلك الأول بعفوية الطفولة اسم من عشقت شوقاً ورغبةً ملأ المراهقات , كـحديث تهــواه النفس وتحـبه حـتى أخـتفي وللتو ذلك الاسم والرسم شخـصها المعلوم في لمح من بصــر الانطلاق وكأن ارض القرية شق سطحها وابتلعت ما عليها من لحم ودم وكل ملامح شوقها والإعجاب . وفي الثالثة من إبتلآعات الأرض المتكرر لاعجاباتها المعلنة على ساحات الخصوصية تلك نهضت مرتبكة ومدركة في لحظتها همسات و أقوال البلدة عن أســـرتها من وحــي المحكي المعاش و تاريخ يماثل الأساطـــير و أدركت إن بقعة حزن كثيف جثمت على صدرها جوار القلب تلفه إحساس , وكما أدركت كل أسرار الحزن الدفين في عيون والدتها مر السنين ومن يومها بداءت في أعــــاده التفكــر كــرات ومــرات وانقطعت عن الساحة لحفظ ماء وجه البوح الشفيف . وان غشتها بإلحاح صويحباتها والمكان صامت نزراً عليها كــصوم مريم أم اليسوع أن لا تكلم الناس شوق الإعلان . أحزنها أن كل نديداتها وهــن الأقـل جمالا وتفتقاً قـــد لفهن حــظ الاقــتران ، إلا هي ناهده الصدر نفورا وإعلان بجــذوة الأنوثة وخاصرة أضرمت النحول أحكام الاتساق والتناسق قصيد علامات الامتشاق وامتلاء ردف الساق بالساق انتصاب , وهكذا ارتسمت هي تكوين جمعت به كل ذلك واستدارة الوجه والطلعة بدراً .. واسترسال شعرها سواداً دعوة إغراء ولكن لا أحد يعــــير ذلك أدنى اهتمـــــــام ...!!
سال على خدها دمع ســخين من كون الكائن مصير وهي تراقب نضـــوج أعضائها وجسدها الراغب في الإشباع وجموح الرغبة تكور على أحشائها مؤكداً تواجده من خلال بريق عينيها رغبات ومعاني , انعكست أمنيات وأحلام لفض عذريتها تلك وطلب الارتواء وعندما تلبستها الرغبة فعل التلاقح واعتصار ثمار نضجها ذلك المشهود وتملكتها صــورة هياج الجماع والاجتماع أجساداً ترتجف لتسكب رعشتها ماءً على موقع الفتنه والحريق ، إنسربت تحت بصر المراهقين مبتعدة تبحث عن مكان قصي عــســى أن يداهـمها فيه شباب القرية ليكون الأمر المكتوب ’ المرغوب وسـعت خطاها في بادئ الأمر تلهفاً بفعل دعــوتها الجماعية المرسل لفض إوار هذه العلاقة المتوجسة بينها وبين شباب القرية وكسر صليب تعارضها .. وهكذا شباب القرية يرجون وقوع المعـلوم لكسر صــليب الخوف معها لأن اســه مرتبط بعــذرية الرباط ،لمحت عينها ترصُد الفحولة خلفها من حيث المسير. ثم أثقلت الخطى إمعانا في الغواية وعادية الأشياء و خوف لفــت الانتباه وقبل أن تنتبذ لها من القرية و أهلها مكان غربيا والليل يعالج خــطوها المتغنج ويعاجلها مرخيا سدوله ليكسب الجــو روائح المغامرة وفعل التهتك المحظور ولسان حالهم يردد معاني ( التستر عند الابتلاء) .
تابعتها أعين رصاد الواقعة وليس لوقعتها تالية ، تنتصب خلفها أعين الجمع المراهق ، كل يمني نفسه فضل تبركات الضربة الأولى واجتياز فعل الفحــولة ....وهكذا تحركت قوافل الفحولة تقودهم الرغبة وتقودها في آن معا ، بحثا عن موقع قصي .. وعندما اتخذت منهم حجابا عتيا وانزوت خلف جبل المجهول جلست لتقضي حاجتها .. ولا حاجة بها ولها غير انتظار شد وثاقها ووقوع الفعل المعلوم .. جلست تنصت إرهافا وقع صوت خطوهم اشد من شوق النار لفعل الحريق ، وهم تفرقوا خلفها حذرا وشوقا وخوف فشل مهمة التنصيب القــــــادم ، تأخروا عنها وعن تصورها ، ووقع خطوهم غادر طبل أذنها مبتعداً .. أحست برعشة الخيبة إحساس مر.. وبينما همت هي خوف التفاته قد تجعل أمر هروبهم هرولة أمر محتوم داهموها في حين غرة من فكرتها تلك المترصد , فشدو وثاق عينيها وجردوها عنوة من ملابس وثياب ادعاء العــفة والستر فبانت عورات تسترت طويلا والتهابا من شوق التلاقح ، فخاطبتهم حينها بصوت متهدج علي نمط واحساس يتمنعن وهن الراغبات .
فقالت :
أعوذ بالله منكم إني مازلت بكرا ولم يمسني بشرا ولا جنيا..فقالوا لها صوت متقطع أنا رسل الطقوس إليك من ربنا لنهبك زرعا غلاما جماعيا قالت إذا فالتقم الحقوق و العادات مجراها وأنا كما تعلمون لن يفض إوار عذريتي وبكارة اللذة عندي إلا القوي الممتحن .. فعم الصمت ساعات بحساب الشوق وسرعة تحرك خلجات التفكير .. ثم واصلت صوت غائر من جوف التوقع إذا عليكم بالتباري لنصف صفوف اللعبة .. فرز الأول الأقوى..ومن بعده فليأت التالون من واقع الهزيمة حتى يقع فعل الجمعية الشرط .. وفي لحظتها .. أقاموا حركة الرقص والمصارعة التقليدية , ثم اصعدوها موصدة العينين وثاقا واليدين وعلى صخرة مسطحة اختاروها يصعد إليها وعليها المتصارعون بعد أداء طقوس التحدي و الرغبة فيها رقصا ليرتشفوا من جمال التكوين سحرا يلهمهم إصرار الغلبة والانتصار لتحديد صاحب الضربة الأولى في فتق الرتق المعتاد وعندما أذنت لهم بإشارة من رأسها حسب العرف المنقول عن كتب الأولين والمسجلة على أذهان الأجداد من وحي التجربة الطويلة والمتكرر اندفعوا نحوها مغازلين ومشبعين لواحظهم وكل واحد منهم مشهرا سيف التحدي يحاول إخافة الآخرين وتحذيرهم الابتعاد عنها كونها حق له مصون وفي حال من بداية العنف المرتقب ينسحب من تجلجلت ثقتهم في أنفسهم مخليين صخره التسامي تلك إلى ساحات الفرجة وقبول فتات المــوائد الأرضية تلك المرصودة على ساحات التنافس ومشاركة الارتواء , ويبقى أدعياء القــوة والقــوي في مـثل هــذا الــيوم واحد.
فتبداء طقوس اللعبة بمداعبة مفاتنها وكلما أشتد انهيارها رغبةً ازدادت فتنةً وجمالا شبقا يشعل في نفوس المتصارعين مواقع الغيرة نارا , تنعكس فيهم فعلا وبالدفاع عنها من مداعبات الآخرين تبداء معركة الفرز لمعرفة الأقوى المتوج على ملكة النحل تلك .. مبادرة بفعل ألا ولية في رشف العســـــــــــــــل و رحيقها المختوم
المتأهب أصلا بفعل الشوق ورغبة الالتحام ثم يأت التالون من الأقوى ثم الأضعف والكل هنا يشارك في نهل بقايا المائدة الجسدية المطروحة على ساحات الرقص تبارك يكمل مفهوم الجمعية والاجتماع وعندما قضى الأمر من وطر كلهم وفيها تركوها منهكة ، مشبعة ، ملقية ، متهالكةً على أرض الوحدة والابتعاد في حالة من خدر الارتواء وفروا هربا خوفا أن تراهم لحظتها وتميز فاعلي فعلتها وتقع كارثة لعنة الألفاي..
وفي لحظتها انهمرت الأمطار مدرارة ، في غير زمانها حتى أيقنت كل القرية .. شــيبا وشــباب .. رجــال ونســاء .. أن هناك ألفاي قادم قد زُرع في أحشاء إحدى بناته .. فهمت كل أسرة نداءً بحثاً عن شبابها لتحتضنهم كبد منازلهم خوفا من إصابة اللعنات ..
انتفضت هي مفزوعة بلل الهطول عن خدر الارتواءِ العظيم ..أسرعت فك وثاقها وبحــثت موقع ستر حجابها والثياب ..ارتدت منهم تبرجا عكسي وتأكدت جازمة حتما مقضيا أن هناك حملا تريع على ذاكرتها من فعل هذا الاستمناء الذاتي .. وكما هي جالسة صحن الدار ترصد يومها الموعود لتخرج به من دائرة .. ليس لــهم طــعاما إلا من ضــريع لا يســـمن ولا يغــني مــن جوع .. لان جوع الرغبة لا تشبعه الأحلام وزويا التأمل والتفكر الطويل ولتصل من بعد إلى معاني يقين اصل التأويل في القول المؤكد... اليوم الموعود وشاهد ومشهود...
عندها جففت دمعها المنهر بكثافة المطر النازل على ساحة الحلم والتفكير

تمت


لسان الدين الخطيب[/align]
[/frame]

أحمد عبدالوهاب على 01-06-2009 11:39 AM

لكم التحية.....
أعتز وأفخر بأن تكون أول مشاركة لى فى هذا المنبر،،هى مشاركة بقصة قصيرة،،أرجو أن تنال إعجابكم،وأتمنى التوفيق للجميع ،،وهى بعنوان"دنيا ضيقة"


[frame="6 80"][align=center]دنيـا ضيقة


"الولد الكبير" نادر" ساب المدرسة،قلنا مامشكلة خيرا فى غيرا،مشى إشتغل فنان، ومالو يمكن على الأقل يكون إضافة للفن والفنانين،لكن يصل المرحلة دى الحاجة الما كانت فى حساباتى كلو كلو،مرّة بنقو ومرات قابضنو سكران ،وأحايين كثيرة بايت فى الحراسة،مبارى ليهو شُلة زى الزفت ده غير إنو مغلِّب أخوالو وأعمامو وكل يوم شاكين منّو وماعامل أى حاجة للبيت غير المشاكل والمحاكم ،يصل بيهو الحال إسم أبوهو ينكرو، إنا لله وإنّا إليه راجعون،قال شنو.. مسمّى نفسو" نادر العُشرة" بالله ده كلام، زول يسيب أبوهو ويسمى نفسو بالحته الساكن فيها،،الله يقطعوا ويقطع يومو،،،لكن..!!والله أحسن والحمد لله،،أنا كان لقيت طريقة كان ذاتى إتبريت منّو،،فى زول بيتشرف يكون أبو لى ولد زى ده.....!!قلنا البركة فى الصغير،طلع أظرط منّو،،قال شنو عامل فيها سمسار ومرّة ميكانيكى ومبارى ليهو شلة عواليق ومن تامنة ماشاف ليهو مدرسة وكلو يوم مطيرليهو ياشكلة يا شيك،كمّل الورانا والقدامنا،،المرة المسكينة أمهم الله يكون فى عونا" سُكرى وضغط وقاوت وقدر البِنَلِمّها نمشى نلقاها شايلاها من الدكاكين دين ،،آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه ..... الله كريم والبقت بقت وربنا يسهل نتم سنتنا دى والواحد يشيل حقوقو،،ويتلمّ على وليداتو ويلحق المرة المسكينة ديك قبل تجن،،أصلو حكايتا اليومين ديل ومن إجازتى الفاتت ماعاجبانى ،،على الأقل عشان يربى البِنيّة الماعندها ذنب ديك،، أصلها ياها الفضلت،،ربنا يخليها ويطرح فيها البركة.....ولا الواطة...آآآآآآآآآآآآه....... ياحليلا الله يدينا عمر نعمّر بيهو الكم فدان الخلاهم ليهو الوالد ديلك الواحد يعيش بيهم باقى أيامو ، وسط أهلو ووليداتو بعيد من الغلغلة والقرف والإستعباد العايشنّو ده ..على الأقل يخدم بيها بلدو..اصلها العشرة سنين الأخيرة دى مافضلت لينا زول حى،،وكل يوم جاييناخبر..ولا شوفتاً تبل الشوق ولا رداً يطمن،،الغربة كملت علينا أهلنا..وما فضلت فيهم زول ياهم الوليدات ،،الله يديهم العافيه بى مغستم دى"الله يقطع الغربة وسنين الغربة...............وفجأة ..........يقطع طرقٌ بالباب أفكار عمنا سليمان الغارق فى تأملاته...وإذا بالبتانى (الباكستانى) رفيقو فى السكن وزميلو فى العمل ينادى عليه"يا هجى سليمان ..يا هجى سليمان...شيخ مبروك يقول درورى درورى....إنتا الحين تروح عندو..هو يبغاك درورى"وضع عمنا سليمان طاقيته على رأسه وخرج مسرعاً..تجاه منزل الشيخ مبروك لمعرفة مايريده فى هذا الوقت المتأخر..وتناثرت الأفكار يميناً ويساراً وهو يجابد ويكابد نوازع الدواخل ولواعج الصدر جائلاً بفكره
ماذا فعل..أو ماذا يريد منه الشيخ أن يفعل..!! .وحينما وصله وقبل إلقاء التحية بادره الشيخ مبروك بقوله" ياسليمان إنتا طبعاً عارف مشاكل البلد اليومين دى، توطين الوظائف والوضع الإقتصادى العالمى المتدهور،،وعشان كده نحن قررنا نخْلى بعض المواقع حسب التعليمات الجايانا من وزارة العمل،، ومن ضِمنها وظيفتك،،وحا تسافر إن شاء الله لى بلدك الإسبوع القادم..دحين.. جهز حالك" أومأ العم سليمان برأسه ولم يترك له الشيخ مبروك فرصةً لسؤال كان يدور بخلده،وهو ما سيختصر أو يقصر الطريق بين الذى كان يحلم به قبل قليل وبين تحقيقه ،،فبادره الشيخ قائلاً:"وحقوقك طبعاً ياحاج سليمان حاتاخدا كاملة ،حانعطيك الحين راتب شهرين والباقى حايصلك راس كل شهر ولمدة ثلاث سنوات..بس ماتنسى تترك رقم حسابك عند المدير المالى تبع الشركة..وإحنا آسفين حاج سليمان إنتا طال عمرك براك شايف الحكاية ويش لونها..والله أنا أدفع لكم مرتباتكم من مصارى العويلة ". شعر العم سليمان بغصة تكتنف الفرحة التى حلت عليه وهى علمه التام بخبث الشيخ مبروك ومكره وغدره،ولكن الفرحة كانت أكبر من أن تعتريها شبهة أو تعترضها غصة فذابت الغصة فى الحين بفعل الأمل والحلم والإحساس بوجود العم سليمان بين أسرته فى أقل من عشرة أيام، وللأبد لا تقطعها الأيام ولا الساعات ولا الإجازات إلا أمر الله بعد عمرٍ مديد إن شاء الله فى طاعته وبين من تبقى من أهله.. لذا وجد العم سليمان نفسه يجهز للسفر وعزاؤه على الأقل لم شمل أسرته المفككة ولمدة عشرين سنة....ولكن "هيهات لإناء تكسر أن ينجبر..وبعداً لرماد منثور أن يجمع"..فالزمن فاعلٌ فعلته والأيامُ طاوية للفرح..وليس اليوم كالأمس..وليست العشية كالبارحة..كما أنه وليس اليوم كالغد...
أصبح عمنا سليمان ينتظر الحوالات الشهرية والتى إنقطع إنتظامها بعد الشهر الثالث بل ومنذ الشهر الثانى لم يكن المبلغ المرسل إليه هو نفس المبلغ المتفق عليه، وبعد ثمانية أشهر بحثاً وتمحيصاً وإتصالاً بالسفارة وأصحاب الشأن جاءه خبر مفاده أن شركات الشيخ مبروك قد أعلنت إفلاسها ،،وأقفلت أبوابها،،مما ترتب عليه إسقاط كل المديونيات والإستحقاقات. ومن ضمنها قروش صاحبنا العم سليمان.."خاصة وأنّه قد تم الإعلان عن ذلك فى الصحف ولفترة كافية تبرئة للذمة "وهذا الكلام لمندوب السفارة .....كابد عمنا سليمان الأمرّين ليوفى إلتزامات أسرته الصغيرة وقد أضطر لبيع ذهب حاجة سكينة "زوجته" بالقطاعى حتّة حتّة وجرام جرام ليغطى رسوم الجامعة للبنيّة والعلاج لزوجته،،والإحتياجات واللوازم اليومية إضافة للعوائد والنفايات والصرف الصحى والكهرباء والمويه وغيرها،وقد حاول عدة جهات وواسطات بغرض إنتزاع تمويل لإنشاء مشروع بأرض والده التى لم تهنأ بسنين الغربة لا قُرباً من صاحبها ولا قُرباناً ِمن شقا مَن غاب عنها..وكأنها تلعنه وتؤنبه...فباتت تجازيه بوراً إلا من بعض الدجاج والبيض أحياناً وبعض الخضروات فى أحايين أخرى متفاوتة،،يقوم عليها العم سليمان ليسد بها بعضاً من رمقه،،
وفجأة هلّت ليلة القدر على صاحبنا،،،وبتردده على أحد البنوك لمعرفة أخبار التمويل الذى وُعِدَ به من قبل لتعمير الأرض...أخبره الموظف المسئول أنّ هنالك شركة أجنبية ترغب فى إستثمار أراضى زراعية شراكة بينها وبين المالك على أساس راتب شهرى يُتفق عليه وبعقد إيجار طويل الأمد،بضمان رهن العقار،ينال المالك مرتباً شهرياً لمدة يتمكن فيها المستثمر من إسترجاع كافة أمواله وأصوله بما فيها الرواتب المقبوضة من المالك ..ونصحه ذلك الموظف بالتسجيل وجلب بيانات قطعة الأرض إن كان يرغب فى ذلك ..وبسرعة..لأن الإقبال على العرض كبيروالكثيرون يودون الإستفادة من هذه الفرصة، خاصة وأنه لايُلزمهم بشئ ...لم يفكر العم سليمان كثيراً ولم يتوقف لمشاورة أحد،فهو بمثابة الغريق الذى ماصدق أن وجد قشة يتعلق بها ووافق على الفور ،لكنه إستغرب أمراً واحداً وهو أن الراتب الذى سيقبضه يعادل نفس الراتب الذى كان يتقاضاه أيام الغربة ..حينها ناداه صوت بداخله بأنه رزقه الثابت هنا وهناك وتمتم بتسبيحاته مسلِّماً.إذن فهو نفس الراتب ولكن الإيجابية فى ذلك الأن أنه يتقاضاه بين أسرته،وبعملة بلده، وهنا جوار أبنائه مهما كانو وكيفما كانو..ليس فرقاً..سواء أكانو هم الرعاة أم هو..كانو هم العاجزون أم هو.....
ذهب العم سليمان إلى البنك فى اليوم المعلوم لتوقيع عقد الشراكة أمام المستشار القانونى ومندوب الشركة المستثمرة بواسطة البنك المعنى ،وتم توقيع العقد فى جو من الإحتفال والبهجة أضفاه الكثيرون من أصحاب العقود المشابهة على شاكلة عمنا سليمان حتى وأنهم إستغربوا الصرف البذخى الذى قامت به الشركة إحتفاءً وإحتفالاً بهذا اليوم ..وبعد قليل دوت القاعة بالتصفيق وضجت القاعة بالأصوات العالية تهليلاً وتكبيراً إيذاناً بدخول شخص هام علم العم سليمان من أحد الجالسين من موظفى البنك، بأنه المالك للشركة المستثمرة ..تسمّرت قدما عمنا سليمان وفى لحظات حينما وجد نفسه ..فجأة وبدون سابق إنذار وجهاً لوجه أمام الشيخ مبروك صاحبه الذى أعلن إفلاسه هناك ليعلن حقيقته هنا...إنها المعلومة التى أغفلها ولم يعرفها إلا بعد توقيع العقد أن مالك الشركة فى الأصل هو صاحبنا الشيخ مبروك ...نعم هو الشيخ مبروك الذى لم يكتفى بجنى ثمار غربة العم سليمان من على جسده الخائر ....بل تعداه إلى خصوبة أرض آبائه ليزرعها دأباً سنيناً من الألم والضياع.....هى مدة عقد الإستثمار...والتى ستنتهى بالتأكيد بعد وفاة عمنا سليمان بوقت طويل...يعلن بعدها الشيخ مبروك أو من يرثه إفلاس شركاته هنا....ليُنبتوا شيطاناً جديداً فى مكان آخر....يذهب بخصوبة كل شئ......بينما تعلمون سلفاً ما الذى ورثه أبناء العم سليمان .


أحمد عبدالوهاب الأحمدى
25/مايو/2009[/align]
[/frame]

أحمد عبدالوهاب على
السودان-الخرطوم
[email protected]

لؤي 03-06-2009 07:25 AM

[frame="7 80"][align=center]رُعب حيث الدّار أمان[/align]

[align=right]
أراد لها الأمان
فأدخلها إلى غرفةٍ يراها آمنة
أصابها الرُّعب
فقد وجدتها غُرفة ضيّقة ومظلمة
غُرفة مليئة بالدّماء في كُلّ مكان
جُدران الغُرفة تهتز إهتزازات عنيفة
وتصدر منها أصوات مُزعجة وضربات قويّة كُلّ ثانية
إرتعبت
وخرجت مُسرعة دون صبر

مات هو
فقد كانت هذه الغُرفة قلبه
[/align]
[/frame]

أسامة معاوية الطيب 03-06-2009 08:09 AM

[frame="7 80"][align=center]ومات حين رعشة الجبل[/align]

[align=right]
وقف على قمة الجبل ..
كان ومنذ طفولته يقف عندها ..
ساهماً غارقاً في كون دهشته المترامية .. يحفر مع الأطفال اسمه على القمة ويرص عليه الحجارة ..
الاسم يبدو بمقدار ما اجتهد صاحبه في الحفر والرص .. تطالعه آلاف الأسماء .. وآلاف الحجارة .. وآلاف الذكريات ..
كانت القرية كلها تحته ..
كأن قبضة يده تطالها جميعاً ..
- عجيب أمر هذه الدنيا كلما صعدتَ عنها صغُرتْ .. وكلما نزلتَ إليها كبرتَ أنت فلم تحتملك الأشياء
النيل .. خيط ماء يذكره بخياطة أمه حين (ينفتق) قميصه الوحيد ذات عراكٍ أو عناق ما .. تميل الإبرة حتى تبدو آثار الخيط بلا اتزان وبلا تنسيق ... اللون الأبيض هو لون الخيط الوحيد في دكان القرية .. كان يداوي أوجاع جميع الألوان .. بلا اتزان أمه وبلا تنسيقها .. والإبرة ذاتها هي ما يخيط القميص .. وجوالات البلح حين الحصاد .. وما يخرج الشوك من الكعوب الدامية أثناء الليل .. وما (يضفر) الطبق لأعراس ربما تجئ .. تظل تطعن في جسد الجدار إلى أن تدعى للطعن في جسدٍ آخر .. النيل يذكره بأشياء كثيرة .. كانت أمه وهي تعود مساءً إلى المنزل .. تنتعل حذاء البلاستيك الأسود ذي الوردة العريضة على مقدمته .. يحمل الشوك كله في كعبه الذي يستعيد كل تواريخ حقده حين اتحاده مع حجارة الطريق القاسية .. على رأسها (رأس) القش .. يطلي ثوبها بخضرته النفَّاذة .. العشب الرطب ظلَّ يسبب لها الحساسية طوال عمرها .. تسعل حتى تغيب عيناها .. وتعودان أكثر حنيناً ودموعاً وصلابة .. النيل يفترق عند بداية القرية افتراقاً خفيفاً .. يكوّن جزيرةً صغيرة ويلتئم ثانية ليواصل تواطؤه ضد الجروف ينهكها بالهدم والغمر ولكنه يحييها بعد ذلك .. يذكِّره منظر افتراقه والتقائه هذا بنطاله المدرسي الشاحب ، غائر الجيوب وسوستته (المحلوجة) .. أحواض البرسيم متناسقة الرسم رائعة الهندسة وكأنها ليست التي اعتاد أن يمشى بينها دوماً ..
- - تحتاج هذه الدنيا أن تُرى من أعلى .. تحتاج أكثر أن تُمارس من أسفلها حتى تتصعد هي إلينا بذات الأناقة ..
كان المنزل الذي شهد شقاوة طفولته وبؤسها يبدو ناصع البياض .. تستقيم أركانه وكأن الزاوية القائمة تبدأ عندها .. بابه الأخضر نظيفٌ .. جميلٌ .. كامل الوسامة لا تُرى شخبطات الفحم عليه .. لا أثر لقفله المخلوع ولا للحبل الذي حلّ محله .. (الجردل ) المملوء بالحجارة .. يجرح الجدار منذ سنين لتثبيت حبل الغسيل بالداخل يبدو كأثرٍ منقوشٍ على الجدار الأبيض الزاهي ..
- ريشة الجبل لا ترسم التفاصيل التي تنقص اللوحة بريقها..
تذكر فجأة .. وهو يغادر الوطن متخفياً تحت اسمٍ جديدٍ ووثائق جديدة .. والطائرة تحلّق فوق مطار المدينة .. كانت ترتسم كلوحةٍ رائعةٍ ومبتسمةٍ ووديعة .. تتحرك السيارات برشاقة .. متزينة بصمتٍ طويل الابتسامة .. وكأن سباب السائقين والأبواق التي لا تهدأ حين الذروة سافرت لعالمٍ آخر .. والشوارع مغسولة .. فقط بارتفاع الطائرة عنها .. لا أثر للتراب تغطي أطرافها .. لا عرق يغيِّر ملامح المارة .. وفي نفس اللحظة التي ترسم ريشة العلو أناقتها كانت الأيادي المختفية خلف القفازات والبطاقات تلملم أوراقه وصوره وكل قصاصات كتاباته وتحرقها .. لم ير من نافذته دخان روحه المتصاعد .. ولكن رجفة قلبه ساعتها ذكرته بتفسيرات أمه ..
- - الروح يا ولدي تحلّق فوق الأشياء وتسترها ببياضها وتخفق حين يقوى عليها الزمن ..
تعاتبه أو تلومه أو تخيفه بانقباضة فتحدث تلك الرعشة .. كانت تقول له باسمة .. وقلبه يرفُّ رفيفاً متواصلاً .. خلف ابتسامتها أسئلةٌ وأجوبةٌ وبحارٌ من الحيرة.
- - ستصادف من تحبه ويحبك يا ولدي
لم تكن لتقول له :
- - ستفارق جزءاً منك وإلى الأبد
لكنها كانت تعلم ذلك .. كانت تعلم أكثر من ذلك ..
- - الأم عالمةٌ ومتحققة العلم .. ولكنها تدفنه في الدمع متقد الصبر.
بقىَ عشر سنين بالمنفى .. جاء الآن فقط ليزور قبر أمه .. جاء بشعرٍ مستعار .. واسمٍ مستعار .. وعمرٍ مستعار .. ووثائق جديدة .. ولكنه يفضح نفسه بحنينه الأصيل ودموعه الصادقة ونشيجه المميت .. قبر والدته كان قبراً استثنائياً جدا … ضمّ أمه بذكرياتها .. وألوان العشب تطبع ثوبها بالخضرة والحساسية .. وحذائها البلاستيك الذي يوقد أصابعها بهجير الصيف ويباس الشتاء .. ضمّ ابتسامتها له وهي تعدّ له العشاء .. وتمضي لتصلي .. ضمّ أحاديثها عن أبيه
- - كان شاعراً .. حاول إصلاح الكون .. فأفسده الحلم .. ومشى وحيداً نحو القبور .. لم ترافقه جموع المعزين والشامتين .. القبور يا بنّي ليست تلك المدن المأسورة بعصي الحراس وأزاميلهم .. كثيرة الشواهد وجريد النخل .. لكنها السجون التي نخلقها لأنفسنا ولا نبرحها ..
- - مضى يصلح الحال بالشعر فاستسلم لطارق الجنون
ضمّ ذكرياتها معه .. استيقاظه منتصف الليل ليغني أغنيته الحبيبة .. الغناء للأصدقاء فقط .. والليل صديقه الوحيد..
- - لأن كل أشباح الناس تمضي لهروبها المشروع .. النوم .. والغناء تفسده الآذان الهاربة
- كان يجلس عند الباب طوال اليوم .. يطالع الفراغ .. يحادث الصمت .. وحين أفاجئه بابتسامة .. يفاجئني بالحياة كلها يدسّها تحت قبلته على يديّ ويمضي .. كان لا يتحدث إلا معي .. لا يفهم إلا لغتي .. لأني كنت أتحدث إليه بعينيّ ( أبوك كان ممكن يغيّر الدنيا كلها بعيوني ديل .. ) لكنه أراد أن يغيِّرها بعينيه وهو ينظر للفراغ .. آهٍ عليه .. ضلَّ .. آهٍ عليه.
الجبل الذي شهد قبل ربع قرن حفر اسمه ورص الحجارة عليه .. يشهد الآن حفر قلبه على كل حجر .. كل كهف .. كل شجرةٍ تقاوم العطش بالتماوت .. وتقهر الموت بالصبر .. وكل ذرة رملٍ ترهقها الريح بأسفار قاتلة .. الآن وهو ينظر منه ناحية داره ويركّز حيث كان أبوه يطيل الجلوس .. يبدو كمعنىً جديد للروح تحمل الإنسان على كفّها حتى يقرأ أوراقه جيداً … المقابر وسيمة منتظمة .. على عكس حالتها وهو يقف فيها أمام قبر أمه .. كانت أمه حين تمرّ بها تتمتم بأورادٍ وآياتٍ وتنهداتٍ طويلة .. ودمعاتٍ تكسر طوق ثباتها المنهك وتطل على وجهها المملوء بالحياة موتاً ناعماً .. ترقد فيها الآن تصمت عن كل ذلك .. فقط تورثه كل اهتزازها تجاه قبر أبيه .. حيث تنبت شجيرات (السنمكة) وتحدث صفيراً رفيقاً مع صوت الريح وترسل بذورها لدنيا أخرى ..
- يا للجبل .. يصغّر الأجساد .. ويكبّر الأرواح حد الرهق.
تسلل في تلك الليلة فقيرة الضوء.. ومضى يكتب بالفرشاة على جدران المدينة ..كان يطالع نظرات أبيه نحو عالمٍ لن يأتي .. هكذا كما أراد .. وحساسية أمه وسعالها القاتل .. وشوارع القرية الغارقة في اللا شئ .. ذهب ليقضي ليلته في منزل صديقه متخفياً.. ولكن دمعتها وهي تصلي طوال الليل كانت تبلل وسادته .. فقد إحدى عينيه تحت التعذيب .. وكثيراً من عمره وأبنائه القادمين .. أصاب الشلل نصفه الأيمن .. لكن أوراقه وقصاصات كتاباته ودموع أمه ورعشتها ظلّت كما هي .. ومضى ساحباً عزمه للمنفى .. رحل معه كل شئ .. وغاب عن كل شئ .. بقى هناك .. حيث مات
- - الموت هو موت الذات .. ليس للجسد حياةٌ فيه وليس للروح خروجٌ بعده ..
ماتت أمه .. بين خضرة العشب على ثوبها .. وابتسامة أبيه .. ودمعتها الدائمة عليه .. احترقت قصائده وأحرقت قصاصاته ونامت رعشات قلبه .. عاد .. بلا أمٍ وبلا قصاصات وبلا قصائد وبلا وطن .. عاد .. بالجرح الذي عمّ كل الجسد فأهلك الروح.
قفل نازلاً عن الجبل .. كلما انخفض عن ارتفاعه تكبر القرية .. وشيئاً فشيئاً كبرت إلى مستوى نزيفه .. التفت وراءه .. رأى اسمه المنحوت في حجارة الجبل يتصاغر درجة التلاشي يكاد يرجمه بتواريخه كلها.. ولكن اسمه المنقوش في ذاكرة أمه كان يكبر درجة الخلود .. هل يبقى على القمة للحفاظ على اسمه كبيراً وصورة القرية وسيمةً ونظيفة .. أم ينزل لنقوش أمه في جدار الخلود .. وواقع القرية النازف واسمه المتصاغر .. حينها كانت القصائد تسيل من عينيه ويده المشلولة وشفته الراعشة .. تحمّل قسوة الصعود على عكازه .. وقسوة الهبوط على روحه .. ولكن صورة أبيه يبتسم للفراغ قرب الباب المتسخ بالفقر والقهر وخذلان الجميع .. كانت تحوّم حول قدرته .. ولون العشب يطلي ثوب أمه ويرهق صدرها بسعالٍ دائم وهي توقد النار لشاي المغرب .. والجدار الباهت المسحوق بتذكارات الصبية ووخز الجردل الدامي .. كانت أقسى من وهدات الجبل على رجله الثقيلة .. وروحه المثقلة .. وقصائده كسيرة القوافي .. فسقط ..
الطيور التي حلّقت حوله وهو ينزف حتى آخر حرفٍ منه كانت تعدّ العدة لموسم هجرةٍ جديد .. وتعرف أنها لن تعود أبداً.
أسامة معاوية الطيب[/align]
[/frame]

أسامة معاوية الطيب 03-06-2009 08:16 AM

[frame="7 80"][align=center]الباب السري للمدينة[/align]
[align=right]

القهوة تضج بزبائنها وروائح الشيشة تغسل الرواد بعطن كيفها فتبدو العيون في نوم صاح وصحو نائم ... الساعة أقرب للثانية ولكن المآذن لم تنتهي بعد من واجب رفع الآذان ... تظل هكذا تتناوب في رفعه لحين اقتراب العصر ... الآذان دائما لا يضر فالأفضل ألا ينقطع عن المدينة وهي تخطو صوب شيخوختها الكبری تبحث عن حسن الختام ...
حسن الختام لا يعني مطلقا إعادة رصف الطرق وتأهيل المجاري وتجميل واجهات المحال التجارية وتزيين الحدائق بالعشب الاخضر والزهور الملونة ...
لا يعني مطلقا الخروج والدخول دون تلصص وخوف ... دون رقابة ما ...
لا يعني مطلقا التفكير بحرية حتی دونما صوت ...
لا يعني مطلقا حسن النية بالناس والحكومة ... وسوء الظن بالظن
حسن الختام ؟
حسن الختام لا يعني شيء مطلقاولكنها فقط تبحث عنه.
المدينة منذ زمن بعيد ترتدي ضجيجها الصاخب لتخفي همس أحزانها ... منذ زمان بعيد كان بها مسجد يمتليء علی سعته وبار يفيض برواده ... كان بها بنات ليل باهيات وأخريات يملأن أعين النهارات الجميلة ... كانت مقاعد الرجال بها تتحول تلقائيا للنساء قبل أن يدهمها فرمان يخصص مقاعد للنساء فيضيع تلقائية الرجال ويذهب بالحب ... كان بها مآذن تنشد القرآن والمديح وآذان تتسمعه وهي تغسل قلبها بحلو الذكری ولا تخشی الغد... كانت هذه القهوة ... قهوة (الحال) ... حاجة (الحال) هي من أوقفها علی أرجل كيفها ... استغرقت سنين عمرها السبعون وهي تعد الشاي والقهوة والحلبة والشيشة لعامة روادها والخمر البلدي الحارق والبنات الوارفات وأكباد الإبل لخاصتهم ... كانت تفرش المناضد بقطع القماش الأصفر الخفيف وترش الرمل بماء معطر يخفي لهب الظهيرة بثوب من النسيم الحلو ... كانت حاجة (الحال) إمرأة فارعة الطول تملأ فمها بابتسامتها المستديمة ... وأحيانا ... بالصعوط الممتاز ...كانت تسف نادرا ولكنه كان يساند ابتسامتها بإيجابية لأنه يخرج بشفتها السفلی لعوالم أكثر رحابة ... مكتنزة الصدر ... مفضوحة الأرداف حتی لكأن الكون يرقص عليها... لا تعبأ بثوبها دائما فقط تتركه علی كتفها لتبيء عن فساتينها الجميلة ذات القصر الواضح ... كان دخان سجايرها يلعن كل روائح البخور التي تطلقها في القهوة ويغرقها بنفاذه الغاتم ... لم تكن تدخن البنقو كثيرا لإعتقادها بأنه ( بتاع ناس ما عندهم شغلة) فيما كانت تنصح بناتها
- يابنات اعملن اي شي الا البنقو دا يلخبط ليكن صورة الدنيا البراها ملخبطة دي
... ولكن البنات فيما يبدو كن يردن أن يلخبطن صورة الدنيا خصوصا أنهن كن يتحصلن عليه مجانا ... فقط بضحكات وتأوهات لا تنقص كاملا ... الحال كانت تعرف ذلك وتقول
- شقاوة بنات ... نحن والله وكت كنا قدرن كدي العرقي دا نسمعبو سمع خليك من البنقو ... لكن بنات الزمن دا بقن مفتحات
كن مفتحات جدا ...
لا أبواب ولا نوافذ ولا جدران ...
يتنشقن كل الأنفاس ...
يشربن في أنين خافت كل أنواع السوائل ...
يغسلن السكون بضحك مفضوح‌
كانت تقسم ايراد قهوتها اليومي مع طلبة كلية ضباط الجيش ... تمر علی داخليتهم ليلا وهم ينتظرونها علی حواف شوقهم ... لأن (اسماعيل) ابنها الأكبر والوحيد ... جاءت بعده ست بنات ... مات بذات الداخلية قبل أن يستوي ضابطا في جيش المدينة خاليا من الأوسمة التي يتبادلها الضباط فيما بعد ... كانت تمر عليهم وهي تغسل عينيها بطيفه يحلق في الكاكي ويستر ما يشذ عن ساقيها من نظرات المارة ويسكنها فسيح رعايته ... رحل وترك لها اثنتا عشر ساقا جديدة تبيع الستر بالستر ... اثنتا عشر ساقا ناعمة وملساء ولامعة تخفي تحت زيت النارجين آثار ألسنة وأسنان ونظرات حادة وبقايا شبق منفلت ... اثنتا عشر ساقا تظلل سقوفا كثيرة حين ترفع في المساء وأطراف الصباحات الجميلة علی قواعد من أنين خفيض ... اثنتا عشر ساقا سمراء بعضها رشيق درجة الغناء وبعضها يغوص في رمل بدانته الحبيبة ولكنها تتفق في إغرائها اللذيذ ... والقهوة في صخبها يمر الكون كله علی مناضدها وينثر ما تيسر من حياة ويمضي ... ولكن في ركنها الداخلي ... في الزقاق المؤدي للمكان المعد لغسل الأواني ... زقاق صغير غير مسقوف ... جداره قصير نسبيا يمكن مراهقي المدينة من قرص بنات حاجة (الحال) بمساعدة فقط طوبتين بالخارج واقترابهن المتواطيء بالداخل وأيادي النشوة اللاحقة... متسخ جدا وربما لم يسمع مطلقا بالمكانس ... ضيق جدا علی اتساع بناتها الست ... مظلم جدا ... وهذه الظلمة كانت تضيء للكثيرين شمعات أوقاتهم ... المنضدة التي تقبع عند مدخله بلا أدنی اهتمام ... الوحيدة التي لم تنعم بقطعة قماش صفراء كالأخريات ... ولم تبلل الماء ذرات الرمل المتسخ تحتها ... كان يرتادها (علي حميدة) و(حسن البوم) ... كانا من أشهر دراويش المدينة ... يتسامران بها دونما رشفة شاي واحدة ... كانت (منی) أصغر بنات الحال تبرهما أحيانا ببقايا الشاي من المناضد الأخری ... وكان أيضا يحمل طعم الشاي الذي تذوقه الرواد وتركوه ... كان يحمل أيضا جزءا من مزاج ولو أنه ابرد قليلا من صورته في ذاكرتهما ... وكانا يعلمانها أولی خطوات طريق حاجة (الحال) ... كل بثمنه ...
(علي حميدة)
جاء للمدينة بلا سابق إنذار ولم يؤثر فيها كثيرا ... ينام حيثما اتفق ... وحيثما لم يتفق ... لم تر منه المدينة سوی جلبابه الوحيد القذر ... وضحكاته الصاهلة ... وونسته البذيئة ... يوزع بذاءته علی كل شبر من المدينة ويسترق ابتسامات بنات المدارس الحيية ... وقهقهات (الحال) وبناتها ... يغمز بعينه للمارة ولا يعبأ بسيل الشتائم والركل والضرب ... كاد يموت مرة حينما صادفه (عبدالحميد الرباط) يغمز لزوجته... علقه علی باب منزله ثلاث أيام بلياليها وكان كل صباح يحضر سلمه الصغير ويصعد عليه حتی يصبح مساويا لدكة السروال الذي أحضره معه خصيصا لهذه المهمة ويفرغ قرطاسا من نمل السكر اللئيم ثم يربطه وهو يصفر أغنية ساقطة وينزل ... يتركه لصراخه البذيء ... أصبح يتبول بصعوبة لسنة لاحقة ولكنه مستمرفي غمزه لها في غفلة زوجها الرباط ... هي أصلا من علمه الغمز ... كان حين يعود من الجزيرة مع خيوط المغرب بادية الحمرة يرفع جلبابه حتی المنتصف ويمسك نعليه بيديه وهو يخوض ماء النهر ... كان الماء يكفي فقط لرفع الجلباب مستوی الفخذين ... ولكنه بدا يتجاوز ذلك كثيرا فيما علمته ...
- يا بوم آحسن ترفع جلابيتك لغاية صدرك عشان ما تجيك نزلة
- وانت طيب ما ترفعي توبك لغاية صدرك
- لا انا لابسة تقيل لكن انت جلابيتك خفيفة ... بعدين ذاتو الهوا ينضفك شوية يا وسخان …
وتضحك ضحكتها التي تدفعه لتقافز مؤشرات تيرمومتري ثيابه وأعصابه
بدأ يرفع جلبابه حتی نهايات الصدر خوفا من النزلة وطمعا في النظافة ... وتغرق منطقته الوسطی في النسيم البارد ونظرات النساء الحارقة ... لأنه وربما علمته إمرأة أخری في محاولة لتجنب مرض آخر ... كان لا يلبس سروالا ... ومضی لا يعلم شيئا سوی أنه يحمي نفسه شر النزلة ... ولكن وبعد أن بدأت بعض النسوة في مداعباته ... وضربه في المناطق ذات الكثافة الإنسانية العالية ... بدأ ينتظرهن بفارق العري ... وكثيرا ماكان يرفع جلبابه بعيدا عن النهر
- أرفعا ؟ ويرسل ابتسامة بلا معنی ...
- والله أسع أرفعا ... لكن ان رفعتها ماتضربيني شديد
- خلاص خلي قلة الأدب دي وارفعا ما يجي زول
- اها رفعتها ...
- شايف أسع ياهو دا البقيت نضييييييف ...
تمرر يدها علی مواطن ضعفه فيقوی ...
العيون مشرعة تراقب الشوارع ... والأيدي مشغولة بتضاريس المرتفعات ... والقلب غارق في خفقانه اللذيذ .
ضاقت به لاحقا ... كان لا يصمت عن خفقان قلبه ... يحكي وهو يغمض عينا ويفتح أخری ويبرع في التمثيل ... للحقيقة لم يكن يذكر اسمها ولكن اشاراته الذكية في الوصف لم تكن تحتاج هطلا أكثر من هطله لفهمها ... أصبح الرباط يفرض عليها حصارا كاملا ... احتملت كل ذلك حتی أكملت تربية الجرو الذي احضرته من عرب الخلاء ... كلب بري ولكنه أليف ... يحتفظ لنفسه ببعض صفات الخلاء ... جرأته التي تصل حد الجلافة من أهم ما يميزه... ولكن أهم ميزاته إطلاقا أنه لا يحدث بمغامراته ... صار الأن في أكمل الفحولة ... ما عادت تخرج من المنزل ... فقط تهتم بكلبها ... ويهتم الكلب بلسانه ... يصونه تماما ... وليس أحسن من كلب في وضع مثل الذي يفرضه الرباط عليها ... إن تحمل عليه يلحس وإن تتركه يلحس .
(حسن البوم) ...
رجل صامت ... وسخ الملابس جدا ... يميزه أنفه الضخم ... الأطفال يسمونه (حسن اب نخرة) ... يرسم ضحكته الصفراء علی طول وجهه نابت الشعر بعشوائية بالغة ... أسنانه الصفراء تقدم رائحة فمه بكثير من الصدق ... يقرأ شعرا غريبا بأوزان أغرب ... كان يغني
البنات السمحات خربن قلبي ومشن
البنات السمحات سماحة السنين
وانا ذاتي البيقعدني ليهن شنو؟
انا بس اقوم امشي القيامة
مع السلامة
مع السلامة
ويهتز وهو يرددها ويضغط علی لحنها المسكين حتی يطاير رذاذ التمباك من بين أسنانه البالية ... كان يعمل حارسا ليليا في طلمبة المياه العامة علی ضفة النهر ... لأن حارس النهار يجب أن يكون عاقلا كما صرخ في وجهه (عبدالكريم) مدير المشروع ... وبقي يسهر قرب النهر طوال الليل يناجي أشباح الظلمة ويردد أغانيه وحين تسري رعشة خوف في جسده النحيل يصفر صفيرا صارخا ويلف وجهه بشاله الرث ردئ القماش الذي يتخاصم مع شاربه القذر ... صنعت القذارة من شعره دبابيسا ومسامير
- لكن (عبدالكريم) الـ........... دا أنا بلاقيهو برا
- هو قايلنا ما عارفنو؟
- هو قايلنا ما عارفنو ؟
كاد يزهق روح (عبدالكريم) حين خرج وحيدا من حفل افتتاح المشروع مزهوا بعباءته السوداء ذهبية الحواشي ... خرج ليتحلل من البرتوكول قليلا ويعود بعدها للكراسي الأمامية الوثيرة يتقاسم نظرات الإعجاب مع رجال الحكومة ... كان (حسن البوم) قد جلس وحيدا تحت شجرة نيم يابسة ولكنها متمسكة بالحياة ... ممسكا بعود طلح غير منتظم الحواف وثقيل بدرجة تكفي لقتل ثور ... كان يتوقع خروج (عبدالكريم) بين لحظة وأخری وكانت أي لحظة تكفيه لغسل إساءته أمام الناس
- (حسن البوم) دا خلوهو في وردية الليل يصاقر البحر دا لامن تصبح وشوفو ليكم واحد عاقل لوردية الصباح لانو بيجو مسؤولين
وسكت حينها (حسن البوم) لأنه يحتاج لوردية الهطلی هذه ... وكم بكی وهو يطالع النهر ساكن التيار وحفيف الظلمة يتسرب لأضلاعه فيشرخ جزءا من قلبه وثباته ... خرج (عبدالكريم) من الحفل ... وخرج (حسن البوم) من جلده ... رفع عود الطلح الثقيل وهوی به عليه ... مال (عبدالكريم) للخلف فجاء العود علی بطنه وصرخ صراخا عاليا
- تبكي يا ............ ؟
- ما قت راجل؟
وجری (حسن البوم)... عبدالكريم كان قد أخبر بعض الذين تجمعوا علی شرفات صراخه الواسعة - من بين لهاثه - أن هذه مشكلته وسيحلها علی طريقته ... وتبسم للمسؤولين بين خفقان قلبه واستمر الحفل ... ... كانت فقط أوهام (حسن البوم) من يجري خلفه ... ظل يجري طوال الليل ... طوال ورديته وهو يجري ... عاد للمدينة بعد أسبوع يزرع التلفت في الطرقات ويجني حصاد عوده الثقيل ... ظل (عبدالكريم) يتحاشاه ولكنه فصله من عمله المظلم .
منضدة (علي حميدة) و(حسن البوم) المنعزلة في قهوة الحال تقف علی ثلاثة أرجل ودرويشين ... تحتها تنام قطة مائلة البخت ... ولكنها تبدو سعيدة في وهدتها تلك .
(حسن البوم) يضحك فجأة علی غير حال طبيعته الصامته
- لكن يا (علي) عليك الله النمل الكان في سروالك دا كان قعد يسويلك شنو؟
ضحك (علي حميدة) وهو يرشف رشفة طويلة جدا من شايه البارد
- علي اليمين الأكولة الدخلتني تاني ما تمرق لا يوم الله ... لكن عندك خبر بقيت خبرة ... أسع انا من طرف الشارع اشم ريحة النمل ... عارف من اشوف لي مرة جعابا غلاد النمل دا براهو يجي يدخل في سروالي دا ... سروالي ياتو ؟ هو أنا عندي سروال ... داك ما جابو لي الـ ........ داك ... النمل ؟ الله لا تاجر النمل يخلي ايدك ترجف السنة كلها
- انت ذاتك ان كان ماك خايب (عبدالحميد الرباط) يسويلك كدي هو (عبدالحميد) دا راجل ؟ والله كان يجي علي أنا إلا أبول ليهو في جلابيتو الصفرا السمحة ديك
مرت (منی) علی جلستهما فغمز لها (علي) وقرصها (حسن) وتركاها بين ضحكتها السايفة ... كان فستانها ضيقا ... ازرق في خطوط صفراء رفيقة ... وكانت يديها تنبت في أكمامه كوردة وهي تمسح بقطعة قماش قديمة منضدتهما وتمازحهما ... تحك بمؤخرتها علی صدر (حسن البوم) وهي تغرق في ضحكاتها الناعمة ... وكان (حسن) حين الاحتكاك هذا وكأنه جزء من المنضدة اتساخا وسكونا وأرجلا ثلاث ... كان مطر الكون كله يتقاسم رأسه ...
- عارف (عبدالحميد) دا العمل ليك فيها راجل دا جيت لقيت (خالد) ولد عمك (الحسين) ... (خالد) الجنا اللاسع ما بلغ سمح داك ... لقيتو مع مرتو في فد سرير ومقلعين حوت بس ... (خالد) ختف جلابيتو ومرق وانا دخلت علی المرة ... قت ليها أمشي يا مرة يا ما عندك أدب أسع الجنا دا ما قدر ولادك ... انت مابتخجلي؟ ... ضحكت علي ... ومرقت ... جريت أكوس في الخايب دا لامن لقيتو وكلمتو قال لي ( إن جاءكم فاسق بنبأ) بللاهي شوف الـ......... دا ...
- اي بس شقي الحال يقع في القيد ... هو (عبدالكريم) ذاتو قايلنا ما عارفين مرتو ... والله قالو هي الشغلتو ... اسع في قعادنا دا تجي (للحال) دي هنا توديها بيت الضباط
صرخت (الحال) من طاولتها المرتفعة قليلا في صدر القهوة
- دا منو الجاب سيرتي دا؟
- يازول قوم امرق والله المرة دي تلم فيك الا تختلك عقارب في سروالك دا ... دي مرة شر
اثنتا عشر عينا كانت تغسل الوقت بالمساسقة علی خطوط نظر الرواد ... التفتت مرة واحدة صوب (الحال) وهي تفارق مقعدها العالي وتتوجه صوب أقذر مناضدها بثبات يستفز الأرداف ... فتغني أغنياتها العجيبة ... وترقص رقيصها الأغرب ... حمحم (حسن) كثيرا وقال (لعلي)
- الله لا كسبك والله المرة تصلنا هنا الا تفجخنا بي صلبا الكبير دا قوم نمشي نشوف لينا محل
قالها وهو يقف مستندا علي المنضدة ويهم بالجري
- انا ما قت شي والله
- قت واللا ما قت قوم امرق رقبتك دي
- مالكم بتوسوسو؟ انا قت اجي اتونس معاكم ... يا (منی) جيبي ليك حجر شيشة (تفاحة) وتلاتة شاي ... والتفت نحوهم وهي تواصل حديثها سندوتشات طعمية كيف ؟
بلعا ريقهما وتوزعت عيناهما في المكان تقرأن هذه النعمة المفاجئة ... احضرت (زينب) كبری بنات (الحال) المقعد العالي ووضعته قربهما ... نفضته (الحال) بيدها وجلست .... بدت وكأنها من كوكب آخر قرب نجميهما المتلاشيان المظلمان المتسخان ... قامت من مقعدها وسحبته للخلف وجرت احد كراسي المنضدة وجلست عليه ... لم تثر انتباه الكثيرين لكون أن المنضدة أصلا خارج نطاق التركيز والانتباه
- جبتو سيرة بيت الضباط ؟
- لا والله بس السيرة جات ... لكن ... تمام والله
- انا ماشي ياخوانا ... خلاص بجيك بعدين يا (علي)
- اقعد
... قالتها بلهجة آمرة تماما ... جلس (حسن) واستدعي كل عرق عرفه وكل رهبة ... مر شريط من دخول وخروج الرجال من زقاق غسل الأواني ... ولفحته ضحكتين متأوهتين ... ولكنه كان يفكر في كتائب الحشرات السامة التي تعسكر علی مقربة من سرواليهم في انتظار أمر الحرب
- أنا الليلة دايرا اتونس معاكم ... اها خبركم شنو ؟ ... (عبدالحميد) تاني سألك يا (علي) ؟
- لا والله ... بس بيحمر لي من بعيد وخلاص
- انت ما مسكين ساكت انت عارف انو (عبدالحميد) دا ذاتو ما راجل ؟
كان (حسن) قد وضع السندوتش جانبا بعد أن وقفت لقمتين في حلقه الناشف ... وشعر (علي) بإهانة مباشرة لكرامته ولكنه آثر الصمت
- اي والله ما راجل ...
جرت نفسا عميقا من الشيشة وصلت كركرته لآخر نقطة دم في رجل (حسن) وهو يكاد يتلاشي من هذه المرة الشر ... وكان (علي) يتوقع العقارب في سرواله في أي لحظة ... حتی بات يشتهي لؤم النمل
- (عبدالحميد) العلقك قدام بيتو دا ... ضحكت وهي تسعل سعالا خفيفا ... وملی ليك سروالك نمل ... شفتو ... براهو جاب مرتو لي هنا وقال لي علميها الدلكة ... قت ليهو سجم خشمي دلكة شنو البعلما ليها انت معرسا ليك يبقی سبعة سنوات لا اسع ... قال لي أنا ما محتاج للدلكة بس هي لازم تتعلما ... عرفت بعد داك انها بتدلك الضباط ديل من طرف بالقروش ... كمان بالقروش حتی ماها هواية
- انا (عبد الحميد) عارفو راجل .......... ساكت لكن انت صح (عبدالكريم) مرتو هي السوتو مدير المشروع ؟
- اي هي السوتو مدير المشروع ... وانا حاضرة الكلام دا ... لكن نحن ناس في حالنا ما بنجيب سيرة الناس ... انت قايل ولادو الداخلين ومارقين ديل ولادو ؟ اسع امشوا من محلكم دا وشوفوهم ما قعد يشبهو (عادل) ضابط المجلس ؟
ارتسمت ملامح (عادل) أمامهم ... نفس الصغر في عينه اليسری ... نفس الكلام السريع المتقطع ... نفس ... نفس ... الخالق الناطق ... اثنتا عشر ساقا حينها غسلت الجهر بالسر وحفظت عن المدينة بابها السري ومضت ... برد الشاي ... وانطفأت الشيشة ... ولكن أرجل (علي) و(حسن) بدأت تقرأ نملا آخرا ... غير نمل السروايل اللئيم ... تمنوا للحظة لو أنهم عقلاء حتی يدروشوا مجددا ... كانت المدينة التي علمتهم الكثير قبلا أوقدت حلوقهم بهتاف نائم ومسيرة مليونية الرعشة تمشي بينهم ... الصور تتقافز أمامهم ... وصوت الطلمبة الليلي يخترق مخيلة (حسن البوم) وهو يحرس وردية الليل حتی يأتي الصبح بوردية العقلاء ... كان (علي حميدة) معلق بين السماء والأرض ... تتخاطفه الأيام برغباتها المجنونة ... وتغرقه الدنيا في بحار الهلوسة ... يرن في ذاكرته جرس أبيه الراحل
- (إنت يا (علي) يا ولدي ماك درويش ... إنت راجل نضيف ... شوف أي زول زيك كدي دا بس الله حافظو من وسخ الدنيا دي ... والله يا ولدي أخيرلك كدي
صوت (الحال) يأتي من أقصی المدينة يفتح كتابها أمامهم ... يفتح بابها السري عن صفحاتها الداخلية ... وهم يتطلوحون بين صراخ وصمت ... كانت (الحال) وكأنها تتمنی منذ زمان طويل أن تفتح الباب السري حتی تری المدينة نفسها ... ظلت تحكي وتحكي ... مر الإمام وبعض أساتذة المدارس ... مر (محمد صالح الفقير) ببخراته وسرواله الذي تحفظ رائحته النساء ... مرت إمرأة العمدة ... مر العمدة ذاته .. وبناتها يتوزعن علی المناضد والبيوت يكشفن ويسترن ... يكتبن في الأبواب الرئيسية ... حضرنا ولم نجدكم ... كانت الأبواب السرية تأخذهم كل مأخذ ... المدينة المغسولة بفضيحتها تغلق باب سرها عليها وتخشی فقط (الحال) علی حالها ... ولأن المفتاح أثقل من أن تحمله وحدها وزعته علی هولاء الهطلی فزادوا هطلا وظل العقلاء في عقلهم البائس يلوكون (إن جاءكم فاسق بنبأ) مع (عبدالكريم)...
كانت الحال تحكي وتحكي و تحكي ...
وكان (علي) و(حسن) يتوزعان غيما علی سهول العقل ...
كانا نغما هاربا من آلة قديمة عزفت ألحانها وضاعت ...
اثنتا عشر ساقا أسبغت عليها (الحال) جهر المدينة وأغلقت بابها السري لأن (اسماعيل) إبنها الوحيد مات قبل أن يتبادل النياشين والأوسمة وصدور البنات الممتلئة مع بقية الضباط ومضت هي لترسم سيرتها من علی مقعدها العالي ...
وتدفن مفتاح باب سر المدينة في قلب (علي حميدة) الذي جاء إليها دون أن يترك أثر وغادرها دون أن يعقل حالها ...
وفي قلب (حسن البوم) الذي قاطع وردية الهطلی ومضی دون يترك عنوانا لعود الطلح الثقيل الذي يكفي لقتل ثور وما قتل (عبدالكريم).
جاء أذان العصر علی المدينة باردا ... في نفس برودته المعتادة ... وظل يتردد حتی لاحت خيوط المغارب الحمراء ... ولكن خطوات (علي حميدة) و(حسن البوم) كانت تسمع أذانا آخرا ... وعادت (الحال) بمقعدها لمكانه وبدأت تردد صياحها المعتاد ... وعاود زقاق غسل الأواني مهمته الشبقة بمساعدة الطوبتين والإقتراب المتواطيء وأيادي النشوة اللاحقة.

أسامة معاوية الطيب
طهران 8/11/2004م
25رمضان1425هـ[/align]
[/frame]

لؤي 03-06-2009 09:11 AM

(( سكينة )) و (( جمال ))
 
[frame="7 80"][align=center](( سكينة )) و (( جمال ))[/align]

[align=right]
رفضت ( سكينة ) كُلّ أفواج العرسان
قرّرت أن تخرج عن المألوف
فصارحت ( جمال ) بمشاعرها نحوهُ
وبرغبتها في أن تقضي بقيّة عمرها زوجةً له
منحته بذلك روحها
سنوات مضت بهما حتّى الآن
ولم يزالا ، هو ( جماد ) وهي ( سجينة )
[/align]
[/frame]

Mema 06-06-2009 12:13 AM

[frame="10 80"][align=right]((كوة ضوء ..!!))


ينتظر بصبر .. عله يشهدها مره أخرى ..
فهو هنا لانتظارها فحسب ..
وعندما يحين الوقت ...تشرق للحظات يعجز فيها عن الرؤية .. فيغلق عينه مجبرا
ويكتفي بذلك الشعور الذي يغمر خلاياه عندما يتسلل وهجها إلى أعمق أعماقه ..
تتساقط منها الأشياء .. قبل ان تختفي مجددا,, ولا تعود إلا بعد زمن آخر من ازمنه الانتظار ,,
ثم يبقى عينيه مغلقتين بعد غيابها محاولا أن يحتفظ بأثر ما أشعلته فيه ...فيغوص في تفاصيله ما استطاع ثم يودعه الذاكرة بحرص شديد كزاد يقتات عليه ريثما تسطع من جديد.
والآن يفتح عينيه ثم يبتسم ساخرا ..فهو لا يحتاج لهاتين العينين إلا في لحظه واحده
تخذلانه فيها ,, لكنه على كل حال يكتفي بالتلذذ بالألم الذي يجتاحهما لحظه إشراقها ,,
وبالسطوع الذي يخترق شفافية الجفون فيغير على الظلمات التي اعتادها ليمنحه بصيص من أمل..!!
يمد يده,, يتحسس الأرض من حوله ,, ثم يعثر على ما تساقط منها .. قد تقع يده على بعض القذارة ...لكنه دائما يجد ما يبحث عنه بعد حضورها الميمون
..
ربما كان حيا ,, وربما مات ,,
لكن ..هل يتناول الأموات الطعام ,, ويرتشفون الماء؟حتى ولو كان بلون وطعم ورائحه ..؟!
هل يغمرهم ذلك الإحساس الذي يجتاحه عندما يحين موعدها فتشع بالدفء والضوء؟
وهل تخرج الفضلات من الاموات؟
ربما .!! فلم يعد أحد من الموت يوما ليخبر الآخرين بما حدث له هناك..!

يبتلع ما عثر عليه .. ثم يحاول ان يقول شيئا فيصدر منه صوت يخيفه شخصيا ,,
لازال قادرا على إصدار الأصوات ,, لكنها تؤلمه كثيرا وتخترق أذنيه كالصاعقة .. لذا فهو يتحاشى إصدارها .. عدا عن بعض الأحيان..
فعندما تتأخر ,, يخشى من اليأس فيلجأ إلى,, إثارة الألم بشتى الطرق ,, ليعرف انه لا يزال موجودا..!!
فأحيانا يطول انتظاره كثيرا ,, دون أن تشرق ودون أن يتساقط عليه ما يسد جوعه وظمأه
لا يعرف كم من الوقت... فلم يعد للوقت معنى ..هو يمضى فحسب ..دون وحدات زمن.. ودون قياس او حساب...

أكثر ما يشعره بالضيق هو ذلك الفراغ الهائل في أعماقه وكأنما سلبت أشياؤه فبقي خاو على عروشه ,,خربا مهجورا وموحشا ,,
أحيانا ,, ينام فيحلم ,,,آه ,, كم يحب ان يحلم ..!!
ففي أحلامه يرى أشياء يتوق لها كثيرا ,, يرى وجوه وأجساد جميلة ,, ويرى أطفالا ,, ينشدون فلا يؤلمون أذنيه.. يضحكون ويبتسمون ,,يرى ألوان بخلاف الأسود ,,وضوء ناعم يغلف الاشياء بهدوء فيستطيع تبينها دون ان يجبر على اغلاق عينيه .. يرى أماكن ساحره وأشجار وأزهار ذات عبير أخاذ ,,وكف غضة مخضبة بالحناء ,,تنام باستكانة على صدره ,, يقرأ نقوشها بطلاقة فيدرك انه قد يعيد النظر بخصوص اعلان كراهيته للون الأسود .. ما أجمل أن يراوده الحلم ...!!
لكن للأسف لا يحدث ذلك إلا نادرا جدا فهو عندما ينام ,, يتعرض لألوان من العذاب الأليم
يهز كيانه ووجدانه,, كوابيس بشعه تجعله يهرب الى الصمت والظلام والوحشة ..
ويدرك ان جحيم نومه يفوق نعيمه بمراحل
ربما لم يكن رجلا صالحا ,, وارتكب الكثير من الاخطاء في حياته
أهكذا يخلد في النار إذا؟
ويذوق من حين إلى آخر رشفه من نعيم الجنه؟

يحك انفه الذي اعتاد على رائحة المكان النتنة فلم يعد يشعر بها ,, لكن عندما تشرق ,, تندفع عبرها بعض الروائح المختلفة ,,لا يهم إن كانت سيئة او حارقة او كريهة المهم انه يشمها ويستمتع بشعوره بها ,, لا شيء يضاهي وقت شروقها ,, حتى الاحلام الجميلة ,, فوحدها تعطي لحواسه معنى ..!! فتمنحه ثقة اكبر بوجوده أي كان.!

أحيانا ينحسر ذلك الفراغ في اعماقة للحظة خاطفة ,, فيرى نفسه في مواقف شتى
كثيرا ما يرى وكأنه يجلس على مدرجات قاعة كبيره ويصغي لمحاضرة ما
ثم يرى وجها أنثوي جميل ,, ولا أحب له ولا اشد إيلاما من رؤية ذلك الوجه مع انه لا يبقى طويلا ليتفرس ملامحه ويروي ظمأ نفسه منها ,,فقط يبرق في خاطره كما الوميض
فيثير في نفسه تيار يجتاحه فيصعقه لذه ووجعا
قد يرى وجوه أخرى يألفها ,,وأحيانا جنود يوسعونه ضربا ,,
ورجالا يقتلعون أظافره فينتفض عندما يشعر بالألم كما لو أن ذلك يحدث الآن
ويحاول أن يتحسس أظافره فيكتشف أن لا أصابع له ,,,ثم تعاوده صوره الرجال
وهم يقطعون أصابعه..!!
ومرة أخرى تبرق في خاطره صورة تلك الأنثى فيزول الألم ويحل مكانه وجع من نوع آخر ..تتسارع دقات قلبه وهو يكاد يشعر بدفء جسدها بين ذراعيه
فيتساءل
هل تنبض قلوب الموتى أيضا؟
ثم يقرر عدم الاكتراث فما الفراق ان كان حيا او ميتا ,,المهم انه هنا
وشروقها يؤكد له انه لا يزال هنا,,,,,,لكن ..ماذا إن لم تشرق مره أخرى؟
هل يعني ذلك انه لم يعد هناك..؟ أين سيكون إذا؟!
حسنا ربما إن كان حيا فسيكون قد مات..!!
لكن ماذا إن كان ميتا ؟!
لم يزعج نفسه بهذه الاسئله ..؟
هل هذا دليل على انه يهتم؟ ,, أي انه لا يزال حيا؟

تخطر له بعض الأحيان أسماء.. فيرددها دون كلل يحرك بذكرها شفتيه دون ان يصدر
صوتاأسماء كثيرة يستحضر وجوه بعض أصحابها ويجهل البعض الآخر
ويذكر بعض الجمل فيكررها بشكل متواصل
انا لا اعرف احدا
لا اعرف شيئا
اريد ان اعود الى البيت ,,
البيت؟
كيف كان بيته يا ترى ,,؟
للأسف قد لا يسمح للموتى بأخذ ذاكراتهم معهم حيث يذهبون..
الغريب انه يملك بعض ذكريات تتسلل اليه من وقت لاخر
غرفه نومه والفوضى تعمها.. جارتهم التي تحسن صنع القهوه..!!
والدكان القديم حيث كان يجلس مع رفاقه يتسامرون ليلا
مسجد حارتهم ,, وساحه مدرسته الاعدادية ,,وشجرة النيم الضخمة حيث كانو يتأرجحون
على حبل من الليف ييتدلى من احد اغصانها
الكثير من المطارات
والفنادق الرخيصه
والكتب الضخمه
جامعته واجتهاده وتفوقه في دراسته
وزملاءه الذين يتحدثون بلغة يجهلها
يذكر شعور جامحا بالخوف كان يغمره
وحيرة لا حدود لها
يذكر اصنافا من التعذيب تنزل بجسده فتذيقه
الآلام تفوق الوصف ,,
وجوه خشنه وأيد ضخمة تنهال عليه بالصفعات
أسئلة لا يعرف لها جوابا
يذكر صراخ اخرين
وبكاء اخرين
وموت اخرين
وعبارة يقولها احد ما بصوت اجش ,,
(مجرد تشابه أسماء)
وشيء يشبه المطرقة ينهال ضربا على رأسه ثم.. لا شيء سوى الظلام...
اذا كان يمتلك بعض الذكريات حتى وان بدت مشوهة ومبتورة فقد يكون حيا اذا ..!!
ليته يذكر كيف جاء الى هنا ,, فلربما استطاع تحديد وضعه عندها ,, لكنه لا يملك في ذاكرته المعطوبة أي معلومة بهذا الشأن..

يزحف عليه الوقت لزجا هلاميا وكأنه هنا منذ الازل ,,لا يعرف ليلا ولا نهارا
لا يرى شيئا غير الظلام الدامس لا يسمع شيئا سوى صوت انفاسه ولهاثه وسعاله ويخشى ان يتكلم,,,يتألم كثيرا ,,,يعجز عن الحركة ,,,محاط بفضلاته وقيئه ,, واوعيه كانت تحوي ما يسقط عليه منها من طعام وشراب
يمد يديه المبتوره الاصابع الى الجدار فيجده أملس,, رطب ولزج كما كان دائما
وتلك المخلوقات الصغيرة لا تكف عن الدبيب على جسده وعلى الحائط و الأرض
احيانا تشاركه طعامه او تتعذى على دمائه ربما ,,
لكنه لا يبالي,, بل على العكس فهو يرتاح لوجودها على الاقل ,, هناك من يشاركه عزلته
ووحشته تلك,,
ترى أي ذنب اوصله الى ما هو فيه الان؟

يجهل من هو
واين هو
ولم هو هنا
يجهل حتى ان كان حيا او ميتا
لكنه يعلم فقط انه هنا
والفضل في ذلك لشروقها ..
لذا فهو هنا لانتظارها فحسب
وسيظل ينتظرها لانه لا يملك سوى انتظارها

هاهي تعود مجددا للشروق
وهو هنا في القاع يستسلم لذلك الإحساس اللذيذ المشبع بالألم والدفء وخليط من روائح شتى وأصوات بعيده ونسمه هواء تتسرب باردة وتثير القشعريرة في جلده..
يتساقط ما بتساقط منها ,,بعضه يصبه والبعض الاخر يرتطم بالارض قريبا
لحظات ينال فيها كل المتعة التي يحلم بها في اوقات الانتظار,,فيقرر انه لابد حي يرزق
فما يخاطب الحواس دون شك هو الشعور بالحياة ,,
ثم لا يلبث ان يعدل عن قراره عندما يخوض جوله اخرى من الانتظار ...فلايخامره شك انه يعذب في قبره عذاب ابدي اليم..!!
[/align]
[/frame]

الفاتح 07-06-2009 07:00 AM

[frame="1 80"]
الأعزاء والعزيزات..
نحيطكم علماً بأن أخر يوم لتلقي المساهمات هو الخامس عشر من يونيو2009
وعلى الراغبين في المشاركة ، إرسال إسهاماتهم قبيل ذلك التاريخ
حتى يتسنًى للجنة متابعة المهام الموكله لها
ولكم مني الشكر أجزله
[/frame]

نهى أحمد 08-06-2009 09:37 AM

[align=right][frame="7 80"][align=center]في صالة المغادرة[/align]



مئتنان وخمس وعشرون يوماً ولا زالت شفاهي معلقة في زجاج شرفة المغادرة
منذ أن غادر حبيبي
لعيني مطلق الحرية في التلصص على المودعين وإنفعالاتهم الزائفة حيناً والصادقة حيناً آخر
والتلصص كذلك على المغلفات التي تنبادل سريعاً
عبرني الركاب ، والمودعين ، والربان ، والمضيفين ، وعمال المطار
تعرفت على أوجه عدة..
كان يحرص عامل النظافة بشكل يومي على أن يدير رأسي حين يقوم بمسح الزجاج الملتصق بي
ويعيده إلى موضعه ، حتى إستطالت شفتاي
خاطبته بعيناي ذات يوم مشيرة إلى أنني لا أستطيع قراءة اللوحة الإكترونية الخاصة بجدول الرحلات بوضوح
فصنع من ياقتي إنشوطه وعلقني في السماء



























هنالك ..
أوسعوني ضرباً حين إكتشفوا أن ثمرة تفاحة قد إختفت






























و
بعيداً هناك
كان آدم ينضج ببطء
يتباهى بصوته الجهوري وبتفاحة آدم التي إختلسها مني ،
تخرج من حنجرته عشرات السحالي ، والعقارب
التي تتناسل
وتنتشر بسرعة
في صالة المغادرة ،
لتجدني مسجية هناك.
[/frame][/align]

أمير الأمين 08-06-2009 03:31 PM

نشوة ....حيرة....!!
 
[align=right][frame="7 80"]

[align=center]نشوة...حيرة...!![/align]
بداء على محياها القلق و الشرود .. رغم الابتسامة الباهتة التى زينت
بها صفراء ملامحها ..و رهق تماسكها.. لم تصدق ما حدث لها..!!
كيف تجرأ من إتمنته على حياتها..و عفاف سيرتها..
ان يسرق منها اعز ما تملك..!!
استرجعت بتنن.. شديد .. كل لحظة من لحظات هاجسها ..
ادارت شريط الاحداث ببطء مميت.. قلبت جنباته الواحدة تلو الاخرى...
!! لا جديد ..الا حيرة اخرى..!!
ما الذى اوصلهما الى نقطة النهاية تلك..
صدفة الاشياء ام حتمية الاقدار..!!
تذكر جيدا اقترابه منها..فحيح عطر انفاسه على تدرجات جيدها..
عبث اشواقه .. بهدير رغبتها...! اخرجت زفرة طويلة..من ذكرياتها..!!
مدت يدها... كعادتها...حين يساورها قلق الاشياء... اليه
حيث بقى مصوناُ و محفوظاُ ..اعوام وازمة..سحيقة..!!
رجعت يدها خالية ..
دون ان تلامس حبات عقدها ..النفيس ..!!
هدية والدتها اليها قبل وفاتها بقليل
[/frame]
[/align]


الساعة الآن 10:06 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.