[align=right][frame="7 80"][align=center]الكـوكابــــولا والغنمـــــاية اُم شنــب[/align]
[align=right]وصار الطبيب يقلب كفيه على ماحدث، ليس نادماً ولكن حائراً مندهش لما يدور حوله وكذلك عاجزاً لعجز امكانيات ذاك المركز الصحى المتواضع الذى يعمل فيه، فأهالى قرية الغنماية اُم شنب لا يعرفون الامراض كثيراً وإن عرفوا فهى امراض بسيطة وعادية، لان غذائهم الذرة والدخن والقمح واللبن ومشتقاته، فكان ذلك الغذاء هو حصناً لهم ضد الامراض، فأهالى الغنماية ام شنب لم تدخل فى ثقافتهم بعد مصطلاحات الهامبيرجر والهوت دوك وللا الماكدونلز، اما الكوكاكولا فهى حُلم كل واحد منهم انا يراها، ناهيك عن ان يبركوا بها حلقهم الناشف، فهم قد سمعوا عنها الكثير المثير من حكاوى معاوية العوير الذى ذهب الى العُمرة ثم زاغ وذاق الكوكاكولا.
كان البكاء قد أعيى الحاجة شامة فى غرفة الطبيب، لما اصاب بنتها رجبية من مرضٍ غريب ادهش كل من سمع به، فتجمع الأهالى فى سرعة غريبة كغرابة مرض رجبية بت شامة، فهذة حاجة مُسنة جاءت والعجين يتقطر من يدها واخرى توبها نصفه على رأسها ونصفه الاخر يتشبث بتراب القرية وهذة صبية جاءت وفى يديها عروسها التى لم يكتمل صنعها من الطين بعد وهذا سرب من الشيوخ جاءوا من مزارعهم منهم من يحمل منجله ومنهم من يحمل سبحته، جاءوا من كل فجٍ عميق، فضاق بهم ذلك المركز الصحى الصغير.
إنتشر الخبر مخلوطاً بالشمار الناعم فى كل القرى المجاورة، أن رجبية بت شامة أصبحت تتبول شيئاً اسود داكن السواد، وساعد فى دق الشمار ونشره غريب الراعى فغريب له إمكانيات هائلة فى الشمشرة، فسُمى غريب لانه غريب على اهل القرية، هبط عليهم من السماء فعاش بينهم يرعى لهم الاغنام والمواشى وينقل لهم الشمارات.
نصح الطبيب ان تحول رجبية بت شامة الى طبيب المحلية، فقرية الغنماية اُم شنب تقع ريفى محلية اباط المجنونة.
عجز الطبيب فى اباط المجنونة من معرفة مرض رجبية بت شامة، فحُولت رجية الى البندر.
كانت هى المرة الاولى التى يرى فيها اهل رجبية البندر، ولكن لم تصبهم الدهشة فى البندر، ربما لأنشغالهم بمرض رجبية ، او كما قال الكاتب بشرى الفاضل (القروى تدهشه المدينة فى المرة الثانية). فى البندر انضم الى اهل رجبية ابنهم الخزين الذى يدرس فى الجامعة، فهو لم يرى اهله منذ ان دخلها.
طلب الطبيب من اهل رجبية ان يعودوا له فى اليوم التالى، حتى يتمكن من تحليل بول رجبية بت شامة. بعدها ذهب اهل رجبية الى احدى اللكوندات التى حجز لهم فيها الخزين بعد ان صار شفت وتفتيحة فى مداخل ومخارج البندر.
جاء آل رجبية فى اليوم التالى ووجدوا أن الطبيب لقد حضر لهم مشروب الكوكاكولا البارد، كانت فرحتهم بالمشروب اكبر من الحدث نفسه. فبعد ان فرغ آل رجبية من تناول الكوكاكولا، سألهم الطبيب عن رأيهم فى هذا المشروب، اجابت والدة رجبية: دى ياها ياسعادة الحكيم الشئ البقولولو الكولالولا، الكوكوكو......(هى مالا مادايرة تنطق لى مصيبة السجم والرماد دى!!!) هكذا كان تعليق الحاجة شامة، فاخرج الطبيب الحاجة شامة من هذا المأذق مجيباً: نعم ياحاجة ياها ذاتها واضاف الطبيب تعليق فى نفسه بخبثٍ لطيف (ح تنطيقيها كيف ياحاجة وانت جاية من الغنماية اُم شنب)، فعلق والد رجبية بأن الكوكاكولا حلوة بالحيل عِلا حارة فى النخرة والتِتشى والتِترع فى حلقو يبقالو متل حش البرسيم بالمنجل.
فحديثئذن فاجئهم الطبيب بأن ماشربوهوا هو ليس بمشروب الكوكاكولا وإنما هو بول رجبية.
فأصابت الدهشة والحيرة الجميع، فإندهاشئذن وضح لهم الطبيب بان بول رجبية ماهو إلا مشروب غازى أشبه بالكوكاكولا وليس خطر على رجبية، وبه نسبة عالية جداً من التركيز، فمقدار واحد لتر من بول رجبية يكفى لعمل نصف برميل من هذا المشروب إذا خلط بالماء.
عاد آل رجبية الى مسقط رأسهم الغنماية اُم شنب بعد أن أصرو على ان معاودة التحاليل مرات ومرات وكانت فى كل مرة تؤكد التحاليل نفس الشئ، الشئ الذى بدأ يدخل السعادة فى قلوب اهل رجبية.
وصل الشمار الى أهالى قرية الغنماية ام شنب قبل ان تصل لها رجبية وأهلها، فأعدوا فرحاً كبير لإستقبالها. لم يستقبلوها بالورود والزهور بل استقبل الجميع رجبية بالجُكاكا والكبابى والكوارى، فكل واحد كان يحلم بالحصول على بعضِ من قطرات بول رجبية.
تجمع الجميع فرحين ومباركين للحاجة شامة بول رجبية، بعد ان كانوا حزينين لذلك الشئ الذى جهلوهوا فى بداية الامر وندموا على كل نقطة أهدرتها رجبية من بولها المُعتق.
صارت رجبية تجد إهتماماً بالغاً من جميع اهل القرية، وكذلك زاد إهتمام أهلها بها، فبعد ان كانت تنهرها امها : يابت اوعِك تطلعى برة البيت!! فتغيرت النغمة إلى : يابت اوعِك تبولى برة البيت!!
حتى لما كانت تخرج رجبية تتجول فى القرية، كانت تجد إهتمام ونداء الجميع لها، منهم من يناديها من فوق الحائط ومنهم من يناديها من الشباك ومنهم من ترجها سحباً ان تدخل عندهم، فالكل، رجال ونساء كان يناديها ويسألها: رجبية عليك الله مامزنوقة بول!! تعالى النبى بولى عندنا، والله حضرنا ليك حلات كورة بايركس، تستاهل قعدتك فيها. كانت تستجيب أحياناً وترفض أحياناً.
ففى الصباح الباكر كان كل اهل الغنماية اُم شنب يتجهون صوب بيت الحاجة شامة، فالحاجة شامة لم تكن تبيع اللبن ولكن الكل كان يريد شيئاً من بولة الصباح حقت رجبية، لم تكن ترفض الحاجة شامة فى بدء الامر ولكن عندما زاد الطلب وكثر الناس، إتطرت الحاجة شامة يوم ان كوركت فى اهل القرية: ياجماعة والله البت بتكم وبولها خيره ليكم، عِلا كل شئ وللا بولة الصباح دى ، لانها الوحيدة القاعدين نضوقها وتركيزها عالى والباقى تراهو البت اليوم كلو بايلة فوق الحلة. ثم تعللت الحاجة شامة معتذرة لأهالى القرية قائلة: والله ياجماعة اعذرونى لانى اتفقت اليومين دى مع الحاجة فطين لانو عرس بتها قرب وقالوا نسيبتها الجديدة مرة شنافة والكركدى والعدريب مابنفعو معاها واهو نحن شوية شوية بنجمع ليها من بول رجبية، عشان المراة تستر مع نسيبتها.
فاحداثـئذن وصل الشمار الى الخزين فى البندر، أن بول اخته رجبية يوزع على اهل القرية مجاناً.
ففى اليوم التالى مباشرة هبط الخزين على أهل الغنماية اُم شنب من اللورى، وفوراً بدأ الخزين مع أبناء عمومته فى التخطيط لإستثمار خيرات بول رجبية بشكل تجارى، فيبدو ان الخزين تشبع بافكار أهل البندر، فاقنع أهله أن بول رجبية هو هبة من الله تخرج من بين الصُلب والترائب ويجب إستثمارها.
وبعد فترة قصيرة وبعد اقتنع أهل رجبية بالفكرة، تم تجميع كمية من بول رجبية وشراء الزجاج، وبدأ المشروب فى غزو سوق القرية كمرحلة اولى، فالخزين يبدو ذو عقل تجارى ماهر.
أفلح الخزين كذلك فى إختيار الاسم للمشروب، فإختار له إسم الكوكابولا، لان المشروب أصلاً بول رجبية ويحمل خصائص الكوكاكولا وبما ان الخزين يعلم بالحقوق القانونية للاسم والماركات المسجلة ولايريد ان يدخل مع شركة الكوكاكولا فى جدل، تفادى كل ذلك وإختار بكل مهارة إسم الكوكابولا.
بدأ إنتاج الكوكابولا فى التوسع ومن ثم غزو اسواق القرى المجاورة ، وبدأ ذلك التوسع يزداد شيئاً فشيئا الى ان وصل إنتاج الكوكابولا الى البندر.
كانت رجبية قبل الكوكابولا تحلم بالزواج من إى شخص، ولكن الان صارت ترفض اعظم الرجال، لانها تعتقد بان الكل يريد منها الزواج لطمعهم فى بولها.
فبعد ان توسع وزاد الانتاج بفضل الفحوصات الشهرية التى كان يجريها الخزين لرجبية فى البندر لتأكد من سلامة جهازها البولى ومدى كمية المخزون الإحتياطى فى مثانة رجبية، بداء الخزين بالتفكير فى غزو الاسواق العالمية.
وبعد فترة و ليست بالطويلة تحقق للخزين وأهله ماكانو يرنون له، فهاهى الكوكابولا تغزو الاسواق العالمية، مما سبب خسارة كبيرة لشركات الببسى والكوكاكولا وشركات المشروبات الغازية الاخرى. فما كان من الشركات المتضررة من الكوكابولا وإلا رفعت مذكرة إلى الامم المتحدة وامريكا.
فرحت امريكا بهذة المذكرة، مما سهل لها الامر ان تحشر أنفاها فى الموضوع، فامريكا كالعادة تحب ان تحشر نفسها فى كل شئ، حتى لو كان بول رجبية بت شامة فى قرية الغنماية اُم شنب ريفى اباط المجنونة.
بدأت امريكا والامم المتحدة فى إرسال الخطابات التهديدية الى الخزين بعتباره المفوض التجارى لبول رجبية ومدير اعمالها، بأن يكف عن إنتاج الكوكابولا.
أصر الخزين على موقفه وعلى مواصلة إنتاج الكوكابولا، وكتب خطاباً إلى أمريكا يثبت لهم فيه ذلك وان الكوكابولا هى إنتاج وطنى خالص لا دخل لامريكا فيه.
عرفت امريكا ان الخزين زول راسو قوى وناشف، لذلك فضلت معه إسلوب المفاوضات.
إقترحت امريكا والامم المتحدة على الخزين ان تكون المفاوضات فى نيويورك، ولكن رفض واصر الخزين انت تكون المفاوضات فى الغنماية ام شنب او كخيار تانى ان تكون فى اباط المجنونة، وجاء قوله ذلك تحت شعار (القول قولنا والبول بولنا).
وافقت امريكا والامم المتحدة على ان تقام المفاوضات فى اباط المجنونة. فحينها بدأ الإعلام فى تناول الخبر وسُميت المفاوضات بإسم مفاوضات اباط المجنونة ، مثلها ومثل مفاوضات ابوجا ونيفاشا.
بدات المفاوضات هادئة فى اباط المجنونة ولكن سرعان مابدأت تحدد، نسبة لتمسك الحزين واهل الغنماية اُم شنب برأيهم، فخرج اهل الغنماية اُم شنب والقرى المجاورة فى مظاهرات عنيفة ضد امريكا، فخرجوا يرفعون ويرددون الشعارات ضد امريكا...
يا امريكا ياعولاق
الغنماية اُم شنب اخطر من العراق
* * * * * ** *
بالدم بالروح
نفديك يارجبية
* * * * * ** *
يا امريكا ماتتنطنى
الكوكابولا مشروب وطنى
* * * * * ** *
الغنماية اُم شنب تحذر امريكا للمرة الاخيرة
* * * * * ** *
يا امريكا .. الدمار الدمار
بول رجبية حار ونار
* * * * * ** *
الخزين ياصنديد
أضرب امريكا بيد من حديد.
هكذا إحتد الموقف بين امريكا وأهالى الغنماية اُم شنب وإنتهت مفاوضات اباط المجنونة دون الوصل لحل يرضى الطرفين، فسحبت أمريكا مفاوضيها وأرجعتهم إلى نيويورك.
فرح أهالى الغنماية اُم شنب بإنسحاب امريكا من المفاوضات، فكان لهم هذا بمثابة النصر العظيم، فأقاموا الاحتفالات والافراح وسهروا اليالى الطوال فرحين.
وبعد أيام قليلة من إنسحاب امريكا من اباط المجنونة، وفى إحدى ليالى افراح قرية الغنماية اُم شنب هاجمتهم امريكا بالصاوريخ والطائرات قاصدة منزل آل رجبية فدمرت قرية الغنماية اُم شنب دماراً كامل ولم ينجى منهم أحد سوى غريب الراعى الذى كشف إلاعلام فيما بعد انه عميل أمريكا والامم المتحدة وانه لم يهبط على أهالى الغنماية اُم شنب من السماء.
بدأ إلاعلام فى تساؤل أمريكا لماذا تم ضرب وتدمير قرية الغنماية اُم شنب وقتل رجبية وأهلها!؟
فبكل سهولة اقنعت أمريكا العالم كله بأن رجبية بت شامة إرهابية وتتبول مادة كيميائية تساعد فى تخصيب اليورانيوم وصناعة أسلحة الدمار الشامل[/align].
عثمان حمد عثمان حمد[/frame][/align]
|