صور من الدنيا
(1)
في ام 1992 ظهر أحمد الفكي في منزلي بقامته النحيلة ولم نكن قد تعارفنا من قبل بصورة شخصية. وكان يكتب كشيوعي في صحيفة الميدان ويشارك الحاج وراق في إصدار صفحة كاملة، كانت تربطه صداقة بشقيقي الشنقيطي رحمة الله عليه وبقية العقد الفريد من الزملاء لذا صار السكن مع بعض سالكآ. إنضم إلينا مجموعة من المناضلين الآخرين بعد مدة.
في أحد الأمسيات أتي أحمد مبتسمآ بل منتشيآ بالرغم من أنه كان محبطآ في الصباح وربما بسبب البعد عن الأولاد والزوجة والتي هي صيدلية وشيوعية . أحمد قال ضاحكآ والله البلد دي أحسن بلد، أنا من صغير أي زول حاقر بي، في المدرسة ، في الحلة ، أول مرة في حياتي زول يخاف مني! السويديين في الليل يخلوا لي الشارع؟ .
في الستينات سمعنا عن مجموعة السودانين الكبيرة التي سبقتنا إلي ألمانيا وأحد هؤلاء السودانين كان ضعيف البنية ولكن قلبه حار. تعرض للضرب عدة مرات بواسطة الألمان وصار يجد الإستفزاز والإستخفاف. والكثير من الألمان يميلون للعنف خاصة بعد الشراب وبعضهم لا يزال يعيش إحباط هذيمة الحرب.
صديقنا السوداني بعد أن وجد الإحتقار والإستفزاز والضرب خاصة أمام صديقته حل الإشكال بطريقة عملية، فقد إبتاع "سكينين" بنفس الشكل والحجم. وعند أول إستفزاز قام بكل بساطة بإخراج السكينين وطلب من الخواجة بكل بساطة من الخواجة أن يوقف الكلام ويحسم الأمر بمعركة رجولية. إنصرف الخواجة مزعورآ وسط ضحك الجميع وإرتاح صاحبنا وعرف بالرجل الذي علي إستعداد للقتل أو الموت.
الألبان عادة يستقوون علي الآخرين ويعتمدون مثل الإخوة الصوماليين علي كثرتهم العددية وعصبيتهم ووقوفهم كمجموعة متحدة ضد الآخرين. إثنين من الشباب السودانيين طالبي اللجوء في التسعينات تعرضوا لمعاملة سيئة وإحتقارآ وتغولآ علي حقوقهم في أحد معسكرات اللاجئين من الألبان. تفتقت أخيلة أحدهم عن حيلة جميلة إذ قام بشراء كمية كبيرة من الكبدة وهي عادة رخيصة جدآ في أوروبا علي عكس السودان وبعض الدول. وطلب الشاب من صديقه أن يقوم بنفس حركاته ، وضعوا الكبدة علي طاولة وقلب عيونه وأصدر زمجرة وكأنه مصاب بنوبة سعر وهجم علي الكبدة قضمآ ونهشآ والدماء تسيل من فمه وعيونه تذيد إتساعآ وحركة ، وبدأ زميله ينازعه في الكبدة ويصدر زمجرة أعلي وعندما خلصت الكبدة حاول أن ينازع صديقه علي ما بين أسنانه. تدافع الألبان نحو الباب وسقط بعضهم وصرخت سيدة ألبانية وخطفت طفلها وهربت. وإستلقي السودانيين وكأنهم فهود ترتاح بعد حفلة صيد. وإلي أن تركوا المعسكر لم يقترب الألبان منهم.
|