عزيزنا الشقليني
ما زلت أقتفي أثر حبرك , و أعقاب أقصاب أقلامك التي تتشبع من "الدواية"
و شاعرية كلماتك , وسحر نفسك , و ما زلت أريد اللحاق بقطار وجدك و لم أصل
دائما ما تذكرني بأهلي العركيين في قريتي "الطلحة ود الطريفي" طلحة الشيخ أحمد ود الطريفي (خصيم السَعَر) في قلب الجزيرة النابض بالسنادس الخضراء قبابا ً و عبابا ً و طبولا ً و سرابيل و مروج. قد اكتنزت هذه القرية بالناس من شتى بقاع السودان , ينشدون البركة و الدواء من شيخ شيوخ العركيين (داواي السَعر) وهو عم الشيخ يوسف ابو شراء في ابي حراز و هذا هو جدنا الذي انحدرنا منه.
الشيخ أحمد ود الطريفي من كراماته انه مشهور ب (الطينة) التي يتداوى بها الناس من جميع انحاء السودان و لا يكاد يخلو بيت منها في السودان. له حفره كبيرة يأخذ منها الناس الطين حينما يصاب الشخص بالسعر أو عضة كلب (فيجلط) بها أثر العض قبل استفحال الأمر فيطيب باذن الله.
تلك القرية المبروكة لها ليالي جميلة غالبية أهلها من العركيين و لكنهم كلهم يعشقون الشيخ أحمد ود الطريفي , ليلة الخميس و ما أدراك ما ليلة الخميس , تحس بانك في متنزه كبير في وسطه بركة كبيرة مليئة بالماء , و من العجب ان مياه الخريف التي تملأها لا تنقضي عنها حتى فصل الشتاء و بعد ذلك تصبح في شكل طين لمدة طويلة يلعقة الناس و يداوون به مرضى (السَعَر). ترى السيارات من جميع بقاع السودان , كل أصناف الناس الوجهاء والفقراء و الاغنياء و الوزراء. يزورها الرئيس البشير ليلا ً و ألوية الجيش و جنرالاته , لأنه هو (كبانية) الفقراء و الشيوخ العركيين . هذه القرية تتعدد فيها (الزوايا) ففيها زوايا القادرية و الشاذلية و التيجانية و لذلك يوم الخميس هو يوم عجيب من أيام القرية , حينما ارقد في سريري و القمر يسقط عليّ اشعته في ساحات القرية البديعة , يأتي صوت الطبول و الدفوف و النسيم يمارس كرمه فتغشى أذني طيوف الصوفية فارحل دون حركة ما بين سنا القمر و أصوات الطبول في هزيع الليل وتلك أحوال لا أعرف أن اصفها كتابة ولكنني أراها حية أمامي الآن , فيا لها من لحظات بديعة و جميلة . كتب عن الشيخ أحمد ود الطريفي كل من الشيخ البرعي رحمه الله , والشيخ ود يونس , و شيخ عركي شاعر العركيين و قاضي محكمة الاستئناف بمدني , و كثير من الشعراء الذين لا اذكرهم الآن و الدكتور سيد ابو دريس ابوعاقلة و هو ابن عمنا , هو رجل شفيف و صوفي لدرجة الوله , يعمل محاضرا لللغة العربية بجامعة الجزيرة , بيته (تكية) للطلاب و يوم الخميس يفتحه للطلاب للذكر وما ادراك ما الذكر الدفوف و اللقيمات ثم الغياب. له كتاب في شكل بحث اسمه (العركيون) يسرد فيه تاريخهم و شيوخهم.و كتاب آخر عن شيوخ طيبة و الخلافة العركية . و كان يوم ان نال درجة الدكتوراه كان الشيخ عبد الله أصر أن يقيم له ليلة من ليالي العركيين فجاء فيها كل الفقراءو المريدين و كان ان جاءه الشيخ عبد الله في بيته بكل زمرته.
الشيخ عبد الله الشيخ أحمد الريح وهو الخليفة الحالي بطيبه خريج كليه الهندسة جامعة الخرطوم فجمع بين العلوم الدينية والعلوم الدنيوية مما ميزه عن بقية أقرانه وفي ذلك قال الشيخ الشايقي:
علم الشرع معروف بيحتويـك *** علم الدهر ماجستير OK وأكيكا
من قال يغيركNO لاجهل فيك *** محروس غفر كردون جلم جميكا
فهو السائر علي نهج سلفه فأعاد تجديد خلاوي القرآن الكريم وزاد رقعة المسيد بطيبه أما المسجد الذي كانت مساحته 1000 متر مربع عمل علي زيادة مساحته من الجهة الغربية لمساحة 330 متر مربع . امتدت يد الشيخ عبد الله إلي أبي حراز فأعاد بناء مسيد آبائه وسوّر المسجد وزاد من مساحته وأسس المدرسة الثانوية بطيبه ويسعى لإنشاء مستشفي ريفي وصيانة شارع طيبه مدني .
أقام مجمعا إسلاميا بمدينة كوستي وزوايا للقادرية بالمسلميه والكريبه وسنار والقضارف وكسلا والرصيرص وحلفا وبورتسودان وشندي وغيرها كما له تلاميذ في السعودية ومصر والشام وتركيا وألمانيا واندونيسيا ودول غرب أفريقيا وغيرها كما له خلاوي بمناطق التمرد بجنوب السودان .كما له إسهامات واضحة في المشاريع القومية منها نداء ازرق طيبه للسلام والوحدة الوطنية .
احترم الشيخ عبد الله دور الشيب وعمل علي تفعيل الشباب وتنظيمهم لخدمة المسلمين فأسس روابط أبناء الطريق القادري للجنسين كل علي حدا بالمدن والأحياء والجامعات والمصالح الحكومية روابط تتنافس فيما بعضها لخدمة الطريقة والمؤسسات التي تنتمي إليها وتجتمع بطيبه علي حب شيخهم وللتناصح والتفاكر والتدارس ، فقد جعل لهم الشيخ عبد الله العلم وطلبه أو العمل الصالح أساسا للطريقة القادرية فتدافع عليه أساتذة الجامعات وطلابها والأطباء وأهل العلم والمعرة والسياسة فيجدونه في تواضع جم يجلس بينهم علي الثرى ومقامه الثريا وينصحهم : ( بمراقبة الله ومجالسة الكرماء ومخالطة الحكماء ومساءلة العلماء وان الخير في العقل الدال وإخوان الطريق المرشدون وعليكم بالعلم فانه أساس طريقتنا هذه فان تعلُّمه حسنه وطلبه عباده ومذاكرته تسبيح والبحث عنه جهاد وتعليمه صدقه ) .
فهو الخليفة للعركيين و رئيس السجادة العركية على الطريقة القادرية بالسودان.
وقيل في الشيخ عبد الله (أزرق طيبة) و هو أزرق زرقة العركيين يلبس الثوب والعراقي و له نظارة مشهور بها يحدق من فوقها,كثير الصمت قليل الكلام.
حين مـا يحرك النظارة *** يمين الدولــة ينفي قرارا
الأســد المِربعن غارا *** مـن شوفتو الألوف تتضارا
و أيضا ً
عبد الله الوارث السلفا *** عن شرع الله مـا انحرفـــا
علم قرآن به إتصـفا *** يا لساني خلاص من بعدو كفى
ـــــــــــ
الياباك وا أسفــا *** ضيّع عمـره تلِفــا
تابع قلبه أب غلفا *** كل اعمالو رايحه جُفا
و لنا لقاء صديقي الشقليني.
أحمد يوسف حمد النيل.
التعديل الأخير تم بواسطة أحمد يوسف حمد النيل ; 07-07-2007 الساعة 11:12 AM.
|