الاخ العزيز عجب الفيا
سلامات
الغريب ان ما ذكره محمد المكي ابراهيم حول الاتفاق يتعارض تمام مع ما قاله محمد عبد الحي
على انه لم يكن يوما من اعضاء ما يسمى بالغابة والصحراء
في نفيه المذيل لمقال سلمى خضراء الجيوشي..
ثم عضد حديثه الشاعر النور عثمان ابكر في مقابلة اخرى
كتب عبد الحي
اقتباس:
وفي هذا الأمر يقول محمد عبد الحي:
"في وقت واحد تقريباً وقبل أن يعرفوا بعضهم البعض ـ بدأ "محمد المكي إبراهيم" و"النور عثمان أبكر" في ألمانيا و"صلاح أحمد إبراهيم" في غانا و"يوسف عيدابي" من رفاعه بقصيدة (أبو دليق) 1963 و"مصطفى سند" في أم درمان في (أصابع الشمس) 1963، و"محمد عبد الحي" في (العودة إلى سنار) 1963 في الخرطوم. يكتبون شعراً فيه بعض الملامح المشتركة التي لا تخفى الاختلاف العميق في العناصر المكونة لرؤاهم الشعرية وفي التشكيل واللغة الشعرية في قصائدهم".
|
وذكر النور
اقتباس:
وقد تحدث النور عثمان أبكر في صحيفة الأيام بشأن الغابة والصحراء والبدايات مجيباً عن سؤال: في حياتنا الفكرية كانت مدرسة الغابة والصحراء إلى أي مدى تركت هذه المدرسة بصماتها؟
أتت إجابة النور عثمان أبكر على هذا السؤال:
"إن أول قصيدة كررت لفظ الغابة والصحراء وحاولت الغابة والصحراء هي قصيدة (صحو الكلمات المنسية) كتبت 1963 ـ وهي منطلقة من مقالة سجلت في شكل مذكرات نهاية 1962 ونشرت بالصحافة عام 1967 عنوانها (ليس عربياً ... ولكن) أيامها كان محمد المكي إبراهيم معي بألمانيا الاتحادية".
ثم بعد ذلك تحدث عن محمد عبد الحي وعلي عبد القيوم ومن هو واضع اللبنات الأولى لهذه المدرسة قائلاً:
"كان محمد عبد الحي وعلي عبد القيوم في بداية دراستهما. يمكن أن تسجل هنا أنني تخرجت من الجامعة سنة 1962 جامعة الخرطوم. وأريد أن أسجل شيئاً يخصني ويهمني حتى لا يتهمني أحدهم مستقبلاً بأنني زميل "محمد عبد الحي" أو "علي عبد القيوم" أو "النصيري" أو أنني شاركت في مسألة الغابة والصحراء، أود أن أسجل مقطع واحد* له دلالته بالنسبة لشعر كثير واهتمام ببعض المدن السودانية المداخل والمخارج".
من كاهن هذا المعبد أوصده
في وجه العابر والساعي؟
غرت على "سنار" رفعت ندائي غضبي
أشهر من مصباح اللؤلؤ "سنغانيب":
خزيت أرحام الموتى شبعاً، عافية، راحة بال ووساد
حتى يرفع إنسان رأسه
يرعب، يجرف اطمئنان الموت على "مروي"
الغرس الطيب يعطي الغصن الأخضر والمرعى
من يصعد جبل الرب يبيع حشاه الأوحد كي نعطي
غرساً يرجى؟
من يضرب بعصاه الصخر، فتنبجس الأعين،
يعلم كلّ مشربه
نسقي، نرعى
مولود الغابة والصحراء.
من هذا الطافر كالجبل الأسمر
كمنارة ساحلنا الأزرق،
رجل أوقظ؟ غاب؟ مرآة الأعمار الأولى؟
ذهبٌ ألق الجبهة، قضب الزيتون، عواميد اللَّهب
الممتد الأعراف إلى قمم الآفاق العاليه
هذا صحو الكلمات المنسيه.
يتابع إجابته عن السؤال قائلاً:
"لا أدري كيف بلور الأصدقاء أعضاء رابطة أدباء الجامعة على أيام علي عبد القيوم ومحمد عبد الحي مفهوم الغابة والصحراء؟".
ثم ربط هذه المدرسة فيما بعد بمدرسة الخرطوم التشكيلية. ولكنه يؤكد ادعاءه على أنه أول من فكر في مسألة الغابة والصحراء قائلاً:
"ما أدركه يقيناً أن الإفصاح الفكري والسلوك الإبداعي في مسألة الغابة والصحراء مسؤولية النور عثمان أبكر".
|
اذن لا يوجد اتفاق حيث كتبت هذه القصائد في آن واحد ربما للاجواء السياسية والثقافية في ذلك الوقت كان سؤال الهوية ملحا..
ولقد قمت انا بدراسة تاريخ المدرسة وادبياتها في اطروحة الدكتوراه وكتبت الاتي
ومما سبق نخلص إلى أن الغابة والصحراء لم تكن مدرسة ذات أبعاد فكرية موحدة، أو التزام بخط فكري موحد. إذ نجد أن كل من هؤلاء الأدباء يحمل فكره الخاص به وإن كانت الهوية السودانية هي شغل شاغل لهم. ولكن نجد أن كل واحد منهم ولج إليها من مرتكزه الخاص. وقد اختلفت هذه المرتكزات بينما نجد محمد المكي إبراهيم وصلاح أحمد إبراهيم ينتميان إلى اليسار. نجد مصطفى سند ومحمد عبد الحي لا ينتميان إلى خط فكري موحد ولكن في داخلهما يؤمنان بالوجود الديني عند الإنسان ثم نجد "النور عثمان أبكر" كان ينتمي إلى الفكر الوجودي.
ولكن إذا كان الخط الفكري هو علامة فارقة بين هؤلاء الأدباء، غير أن هناك أشياء كثيرة متشابهة بينهم وهذا هو الذي جعل النقاد* يدرجونهم تحت ما يسمى بمدرسة الغابة والصحراء فنجد أن الإطار الجوهري (الشكل والمضمون) يحفل بكثير من العوامل المشتركة وهي:
1 ـ مفهوم البعث الحضاري السوداني القديم (مروي).
2 ـ هموم الهوية السودانية.
3 ـ بعث العنصر الزنجي في الشخصية السودانية.
4 ـ استخدام سنار كرمز للسوداني الخلاصي (بداية التكوين).
5 ـ استخدام مفردات سودانية.
6 ـ إيراد رمزية الغابة والصحراء في شعرهم.
7 ـ قضية الموت والبعث بالمفهوم الإفريقي.
8 ـ ظاهرة العرافة والكجور.
وعلى الرغم من أن الشكل عندهم كان شكلاً "حداثياً" التزموا فيه بأوزان الشعر الحر، وكما ذكرنا سابقاً في الفصل الأول في معرض حديثنا عن الشعر عند محمد عبد الحي أن هناك موقفين من استخدام اللغة وتوظيفها، الأول يميل إلى وضوح الأسلوب والتقريرية والثاني هو استخدام اللغة بتكثيف للصور وملئها بالإشارات والغموض وفي هذا تقول سلمى خضراء الجيوشي في معرض حديثها عن الشعر السوداني في سنوات الستين:
"الأول يميل إلى وضوح الأسلوب، بسط الحدود الخارجية للصورة وشيء من الهلهلة في تركيب العبارة أحياناً وزعماؤه شعراء كعبد الوهاب البياتي، وصلاح عبد الصبور أما التيار الثاني فهو تيار الشعر الخاطف المكتنز بالمعاني والصور الذي كسر منطق التركيب القديم في العبارة وجزاء الصورة أبرز شعرائه أدونيس".
ومن هذا المنطلق نجد أن صلاح أحمد إبراهيم ومحمد المكي إبراهيم يكتبان تحت التيار الأول لعل ذلك لارتباطهم بمدرسة الواقعية الاشتراكية، بينما يكتب محمد عبد الحي والنور عثمان أبكر ومصطفى سند تحت التيار الثاني هذا من ناحية شكل القصائد عند جماعة الغابة والصحراء.
ومن هنا نخلص إلى أن الغابة والصحراء هي حركة بعثية للعنصر الزنجي، والاعتراف به كمكون أساسي، في الإنسان السوداني وثقافته وكما ذكرنا على الرغم أنه لم يكن هناك خطاب تأسيسي، إلا أن لهذه الجماعة قاسماً مشتركاً، ألا وهو فكرة الهوية السودانية وهمومها التي كانت ضرورة في سنوات الستين، وأن يحدد السوداني موقفه من حركة النضال الإفريقية أو العربية*. وكذلك لحسم الحرب الدائرة في الجنوب التي يراها البعض أنها حرب عرقية بين زنوج وعرب، فلذلك فكرة الغابة والصحراء وانصهار العنصرين الزنجي والعربي قد يقرب شقة الخلاف بين الجنوب والشمال.
ولقد قمت بتحليل المقالين
مقال النور عثمان ابكر الذي اصلا كتب سنة 1962 ونشر 1967
لست عربيا.. ولكن
ورد عليه صلاح احمد ابر اهيم بمقال
نحن عرب العرب.
كتبت في اطروحتي الاتي عن المقالين
وعن فلسفة الفكرة نجد أنه عندما تحدث عن العنصر الزنجي في مكون السوداني، قام بنشر مقال أثار ضجة كبيرة وردود فعل متباينة في عام 1967، وفي ذلك المقال نوه أنه كتب هذه المقالات في شكل مذكرات عام 1962 وهي بعنوان (لست عربياً ... ولكن).
ومضمون هذا المقال الذي يعد من بدايات الغابة والصحراء، يحوم حول تمجيد العنصر الإفريقي في مكوّن الإنسان السوداني، وكذلك تمجيد للثقافة الإفريقية، كما إنه أرجع بعض الظواهر في الثقافة السودانية إلى العنصر الإفريقي، مثل الانفعالات الدينية التي تحدث عن حالة الجذب الصوفي، وقد افتتح النور عثمان أبكر مقاله الشهير قائلاً:
"كل ما هو غيبي وعميق في السودان إنما هو عطاء الغاب .. تجريدية الفكر الإسلامي استحالت إلى ليونة المدنية البدائية التي تأخذ فكرها على حاجتها المباشرة الخيط الأساسي في وجودنا ليس هو الصوفية الشرقية بل هو الحركة الرخيمة لرقصات الغاب، وللطبل وللبوق". كما نجده أرجع حلقات الذكر وإيقاعاتها ولغة الجسد و(النوبة) والحالة الأخيرة للتقمص (الجذب والفناء) إلى
البدائية الإفريقية وليس الإسلام، كما أضاف أن نبضنا وإيقاعنا إفريقي بدائي قائلاً:
"إيقاع عمرنا سماحه وتبذيراً وخمراً واستهتاراً وحباً* للَّهو والمرح، إيقاع نبض عمرنا إفريقي بدائي أما الأمور التي تقدمه له فهي ما يحتاجه هذا الإيقاع ليعبر هوة الاتصال بينه وبين (جلابته)**". ويقول موضحاً: "التردد حقيقة في انطلاق جرس هذا الإيقاع بعيداً عن جذوره ومصادره الهامة الأصلية".
كما نلاحظ أن النور عثمان أبكر يرى أن العلاقة بين الغابة والصحراء ليس علاقة مترابطة بل هناك نزاع وصراع ولكنه يلطف الأمر قائلاً:
"نزاع الغاب والصحراء في عمرنا هو لونية هذه السماحة في علاقتنا مع إخواننا العرب وإخواننا الزنج". ويمضي في مقاله متحدثاً عن موضوع في غاية الحساسية وهو الرق ويحمل مسؤوليته للعرب الجلابة قائلاً:
"الخروج من الغاب إلى الصحراء والوادي المحدد بها تم عن طريق (الجلابة) أو المارق الذي في بطن ذاكرته أفراح لم ينعم بها عاد يسترق منها مقاطع يبيعها إن لم يحتفظ بها (أبو لكيلك)*** وأيامه مرقه من الغاب وعوده إلى الغاب".
ثم يتحدث عن كيفية تكوينه قائلاً: "يتم التقاء بخيت آخر بمرجانه ويكون المارق (نوراً) كيف له إذن أن يدعي أنه عربي؟" . ثم يتساءل النور عثمان أبكر باللسان؟**** أي هل هو عربي لأنه فقط يتحدث باللغة العربية. فهو يرى أن "عربيته تطويع لاحتياجات إيقاع الرعب والفرح الوجودي الأولي في التعبير بعد أن فقد شكل كلمة القبيلة". ثم يستطرد ليدلل عدم أهمية اللسان أو اللغة في بينونة أصول الإنسان. "إذن مثل الجزائري الناطق بالفرنسية الصدور عن الغاب، عن الأوراس عبر لغة مكتسبة".
ثم بعد أن أورد هذه الحجة الخطيرة أراد أن يبعد سوء الظن عنه قائلاً: "الكاتب لا يضمر أي تلميح لاستعمار العربي لأرض الزنج". ويجد أن ما قاله هو الذي جعل الكثيرين يشككون في نواياه ويتهمونه بالشعوبية وبأنه ضد الإسلام والعروبة، وفي ذلك نجده يتحدث في مقابلة معه: "إن الإفصاح الفكري والسلوك الإبداعي من مسألة الغابة والصحراء هي مسؤولية النور عثمان أبكر وقد ذاق الأمرين متهماً في إسلامه وفي عروبة لا يدعيها وفي مواقفه السياسية في قضية النضال العربي".
ونجد أن التوقيت الذي اختاره "النور عثمان أبكر" لنشر مقالاته، التي سجلها في شكل مذكرات في نهاية 1962، وقام بنشرها في 19/9/1967، هي التي أدت إلى اتهامه في مواقفه السياسية، تجاه قضية النضال العربي إذ نشرت في وقت غير مناسب البتة. إذ نشرت بعد نكسة 1967 مباشرة، وكانت العروبة آنذاك جرحاً نازفاً، والسودان استضاف مؤتمر قمة عربي شاركت فيه كل الفعاليات العربية. وقرُبت الآراء وسُميت الخرطوم بعاصمة "اللاءات" الثلاثة، واستقبل عبد الناصر في الخرطوم استقبال الفاتحين، على الرغم من الهزيمة، إذن في هذا الوقت بالذات كانت مقالة "النور عثمان أبكر" تعد خطأ لا يغتفر في حق العروبة، وخيانة للأمة العربية، نجد أنه قد احتفظ بهذه المذكرات منذ 1962 لينشرها في ذلك الوقت، بالتحديد مع سبق الإصرار والترصد. ولكن نرجع إلى أن حرية الرأي هي
جوهر الديمقراطية، وحق لكل مبدع لينشر ما يريد وقتما يريد. ولذلك اتهمه الكثيرون بالخيانة، والعداء للعروبة وبالتالي الإسلام، وها هو صديقه "صلاح أحمد إبراهيم" ينبري للرد عليه في ذات المنبر الذي انطلق منه بمقال عنوانه (بل نحن عرب العرب) في جريدة الصحافة في 25/10/1967م، حيث سنعرضه لبلورة فكرة الغابة والصحراء.
ابتدأ "صلاح أحمد إبراهيم" مقاله منتقداً التوقيت الذي اختاره "النور عثمان أبكر" لنشر مقاله، قائلاً: "في رأيي أن المقال غير موفق من حيث توقيته على الأقل ـ فجنودنا الذين في خط النار قد اختاروا مصيرهم هناك في مواجهة المعتدين الصهاينة، المصريون على شمالهم والجزائريون على يمينهم وقلوب العرب ـ كل العرب ـ ترف عليهم لا تفكر أصابعهم القابضة على الرشاش إذا كانت أصابع عربي أو زنجية أو بين بين".
ثم بعد هذه المقدمة دلف معلقاً على مقال النور عثمان أبكر حيث يصف سؤاله (لست عربياً ... ولكن؟) بالعنصرية، وإنه سؤال لا معنى له قائلاً:
"السؤال مطروح على صعيد عنصري لا معنى له ولا يمكن أن تكون له إجابة نهائية أو قيمة حقيقية ولكن قد يكون تساؤلاً سياسياً ومراجعة لمواقعنا الرائعة أو التشكيك فيها".
ثم احتج على استخدام النور عثمان أبكر لكلمة "نزاع" متسائلاً:
"نزاع الغابة والصحراء ـ أي نزاع بين الغاب والصحراء" ثم عرض بالنور عثمان أبكر قائلاً: "الزنجي بأكثر من النور عثمان أبكر، والمناضل بأكثر من النور عثمان أبكر (كوامي نكروما) أوقف حياته لأن يحث ويؤكد بأن الصحراء لم تكن في يوم من الأيام حاجزاً بين عرب الشمال وزنج الجنوب بل ظلت حتى قدم الرجل الأبيض طريق القوافل حاملة الملح إلى
الأشانتي وقافلة بالذهب من كوماسي".
كما يرد على قول النور عن السوداني "في قاعة الجامعة العربية يلهج الابن بعروبته وفي كوناكري يصر على إفريقيته".
فيعلق صلاح على ذلك بأنه في وضعه للعروبة في مقابلة للإفريقية خبث قائلاً:
"إن وضع العروبة مقابلاً للإفريقية هو مفهوم خبيث فالعروبة قد تكون إفريقية في الواقع وأكثر من سبعين بالمائة من العرب إفريقيون".
ثم يتهم مقال النور بالشعوبية "وإن قال الكاتب إنه لا يضمر أي تلميح لاستعمار عربي لأرض الزنج".
كما يعلق صلاح قائلاً:
"لأن هذه الأفكار ليست جديدة ومهما كانت دوافع النور في قول مثل هذا القول فهو لا يقول جديداً .. أعداء العرب الذي يدرسون عوره العرب في المعاهد الخاصة ويحاولون طعن العرب في كعب أخيلهم يثيرونها بطريقة النور هذه من المحيط إلى الخليج".
ثم يمضي في مقاله معدداً للفتن في الوطن العربي آنذاك، في مصر الدعوة الفرعونية وفي سوريا الدعوة الفينيقية الخ ... الخ .. ثم ذهب إلى أن توحد السودانيون لطرد المستعمر كان بسبب العروبة قائلاً:
"بل إن كل ما هو عزيز لدينا شعورنا بالكرامة ونهضتنا القومية وحركتنا الوطنية سببها العروبة".
ثم يوضح قائلاً: "سؤال الهوية من نحن؟ وهل نحن عرب أم إفريقيون؟ وهل نحن عرب؟
أسئلة تطلق أحياناً في براءة وأحياناً في خبث .. أسئلة تنبع من جهل صادق أحياناً وأحياناً من خطة ماكرة".
ثم يسترسل متهما النور بعدم الاطلاع الكافي، الذي يؤهله لخوض هذا الموضوع الشائك، بعد أن يؤكد أننا "عرب العرب" لما فينا من أخلاق العرب وكرمهم وشجاعتهم الخ ... الخ.
وبعد كل هذا الحماس والتأكيد على عروبتنا. يراجع صلاح أحمد إبراهيم نفسه في خاتمة مقاله قائلاً:
"لا يا نور بل نحن عرب العرب جمعنا ما في العرب من نبل وكرم وخير ما في الزنج من شدة وحمية".
ثم يحضر صلاح شاهداً من الشعر السوداني. وأحسب أن التوفيق قد جانبه في الاختيار إذ أن فيه تنميط لشخصية الإفريقي، والشاهد للشاعر صالح عبد القادر.
"أنا ابن وادي النيل لو فتشتني
لوجدت في بردى بطش أسود
وأنا ابن وادي النيل لو فتشتتني
تجدين مجموع الكرامة والنهى
تجدين حلم البيض جهل السود".
ومن هذا العرض للمقالين اللذين يرى غالبية مؤرخو* الأدب السوداني،
أنهما بذرة الغابة والصحراء. فهذين المقالين يفتقدان إلى العقلانية والموضوعية، ودوافع كتابتهما دوافع عاطفية ولحظية. استخدم النور لغة زئبقية شاعرية كما وصفها صلاح أحمد إبراهيم، الذي بدوره استخدم خط دفاعي وتقريري وعاطفي. وبما أن هذين المقالين نشرا في عام 1967 فإذن كيف تكون هي بداية لمدرسة الغابة والصحراء
يتبع