حبٌّ يخشى النور!
[frame="7 80"][align=right]
[align=center]حبً يخشى النور![/align]
تقابلا من بعد عقدين منذ افتراقهما!
رآها تحمل رضيعا في حضنها
لم يصدق عينيه في البدئ...
-السلام عليكم يااستاذ أسامة
-وعليكم السلام...
أنتي سلمى؟!
-أيوة
لكأنه في حلم!
...
يومها كان قد بقي له عام واحد ليكمل دراسته الجامعية
وهي كانت في الصف الثاني من المرحلة الثانوية
لقد أعتاد بأن يحوِّم على مدارس المنطقة (معلما مساعدا) بلا أجر خلال أجازاته الدراسية...
وكلها مدارس للبنين...
في عصر يوم جمعة
زار بيتهم مدير مدرسة البنات الثانوية في معية عم له:
-نريد عونك يااسامة لتدريس أخواتك في مدرسة البنات الثانوية
حاول الأعتذار
اذ جُبل بطبعه على تحاشي (عوالم) الجنس الآخر...
فألحّ عليه عمه...
وأضاف مدير المدرسة :
لقد قصدناك دون غيرك لما يعلمه الجميع عنك من دماثة خلق واستمساك بأهداب دينك...
لم يكن هناك بدٌّ من رضوخ وقبول...
أشرقت شمس يوم جديد
فانتقى من ملابسه أجملها
وزاد من (بخات) العطر
ولمّع حذاءه
وأدى (الحصة) الأولى بنجاح
)سلمى) كانت تجلس في الصف الثاني
جميلة كما يود
ذكية الى ابعد الحدود
مرتبة الدفاتر والأفكار
لكن...
شدّه حزن دفين يكسو وجهها وعينيها!
وبقايا دموع في عينيها الدعجاوين كل صباح...
سأل عنها زميلتها(وقريبته) فقالت:
-دي غريبة...
شكلها من الخرطوم
تصدق مافي واحدة فينا بتعرف عنها حاجة!
سألها
فأطرقت ولم تجبه!
شرع يسأل عنها هنا وهناك
علم أنها تقيم مع أخت لها على أطراف المدينة
ذهب الى حيث يعمل زوج أختها (بائعا) في أحد المحال التجارية
وحاول جاهدا التقرب اليه ومصادقته دون جدوى
لقد بدا له بأنه يحمل سرا (ما) لا يود البوح به...
أنتهت فترة أجازته وعاد الى جامعته
وبقيت صورتها طوال عامه الدراسي تجّمل لياليه...
أضحت كزهرة تنفح هدَآته بأريج معتق فواح...
فلا يملك الاّ أن تنسرب دون ارادته آهة حرى تربتُ بيد من مخمل على قلبه وأحاسيسه...
لقد أيقن بأنه قد أحبها...
فما كان منه الاّ أن أرسل اليها رسالة من خلال قريبته تلك (اذ الأتصالات الهاتفية حينها لم تكن كما هو حالها في يومنا الذي نعيش).
بثها فيها لواعج نفسه
وختمها بعشم في أن تبادله حبا بحب
ولكن...
لم يصله منها رد!
وانقضى العام الدراسي
وجاء الى أهله يحتقب غراما قضّ عليه مضجعه
جاء وقد عاهد نفسه بأن تكون هي -دون غيرها- له زوجا!
لم يستطع صبرا فانطلق في ذات صباح الخميس الذي وصل فيه الى مدرستها
دخل الى تالتة أحياء يسبقه (الشوق قبل العينين)...
فالتقت نظراتهما
يا لأئتلاق الفرح في عينيها الدعجاوين
ويالماء الشباب في خديها النضيرين
ماكان منها الاّ أن أطرقت
وماكان منه الاّ أن حول ناظريه الى الحائط
ألقى التحية على طالباته فرددنها عليه بأحسن منها
خشي أن تفضحه عيناه فقال لهن:
-اللية جيت بس أسلم عليكم ومن بكرة باذن الله نبدا
والتقاها عند الانصراف وانبأها بأنه ينوي زيارتها في منزل أختها مساء
ترددت في البدئ ثم هزت راسها بالايجاب...
أخرج من دولابه هديتين سبق أن أبتاعهما لها ولأختها ثم يمم شطر البيت على أطراف المدينة
ولج الى البيت فهاله الحال الذي يكتنف حياتهم
لم يكن هناك سوى غرفة واحدة و(ثلاث عناقريب) ودولاب قديم!
والمطبخ لم يكن سوى (راكوبة) بها بعض أواني قليلة!
ألتقه (سلمى) بكل ترحاب وعرفته بأختها
-دة أستاذ أسامة ياسوسن
-أهلا بيك يااستاذ شرفت كتييييير والله
وأضافت سلمى
-معليش البيت ما قدر المقام
تفاجأ ولم يدر كيف يجيب...ثم رأى بأن يعمد الى شيئ من مرح ليغير أجواء اللقاء
-والله بختي الليلة ...لقيت ليك مقام تمام يااسامة
وأردفها بضحكة فلم يجد منهما الاّ أبتسامة حزينة
سأل صاحبة البيت عن زوجها فقالت بأنه يتأخر عادة الى العاشرة ليلا
أخرج الهدايا فتمنعتا في البدئ ولكنهما رضختا وقبلتاهما من بعد الحاحه الشديد
ذهبت صاحبة البيت لعمل الشاي فالتفت اسامة الى سلمى قائلا:
-شوفي ياسلمى
أنا راجل بحب أن أجي للبيوت من أبوابا
بكرة باذن الله عاوز أجيب الوالدة وأجي أتكلم معا أختك وزوجها وأخطبك قلتي شنو؟
أطرقت مليا ثم قالت
-أشكرك والله على مشاعرك دي تجاهي
بس أرجوك تديني فرصة أفكر وارد عليك
-بصراحة في حاجة بتمنع؟
-مافي حاجة والله لكن في تفاصيل كدة حأتكلم معاك فيها في وكت تاني
بس رجاء ماتجيب خبر للموضوع دة هسي قدام أختي!
أحس بانقباض نتاج ردها
أكمل جلسته ثم انصرف الى البيت
وانفرط اسبوع وهو يراها كل يوم في المدرسة ولا يجد منها سوى أبتسامتها الحزينة كلما التقت نظراتهما
وفي ختام يوم الخميس
جاءته بدفترها -كغيرها من زميلاتها -فاذا برسالة في ثناياه.
أخذها -بلهفة -ودسها في جيبه...
لم يستطع صبرا ففض غلافها وشرع يقرأها وهو يسير عائدا الى بيته
(أستاذي العزي أسامة
يعلم الله كم أحببتك
وأعلم يقينا بأني لن أجد لي زوجا مثلك
لكني أستحلفك بالله أن تنساني
سعيدة هي من تكون أنت زوجا لها
أذ يندر أن يوجد أنسان في نبلك وطيب معدنك
محبت سلمى)
شلّت الدهشة تفكيره
وهال عينيه الدمعُ فلم يعد يبصر شيئا
وصل الى داره فارتمى على فراشه .
وفي صباح السبت
لم يجد لها اثرا في المدرسة
سأل عنها وكيل المدرسة فعلم بأنها قد سحبت ملفها منذ يوم الخميس
خرج مهرولا الى حيث يعمل زوج أختها فأخبروه بأنه قد غادر المدينة
وانقطعت أخبارها...
أكمل أسامة عامه الأخير في الجامعة
لم تبارح صورة سلمى خياله صحوا أو مناما
وظل يبحث عنها في كل مدينة يتوقع وجودها فيها دون جدوى
ولم يلبث أن غادر السودان ليعمل في أحدى دول الخليج
نأى بنفسه تماما عن عوالم النساء
واحتار أهله في أمره وهم يتلمسون تمنعه عن الزواج عاما وراء عام!
لقد كان يحدوه أمل في أن يراها مرة أخرى
ولكن...
هاهي السنوات تنسرب واحدة خلف الأخرى
وألحت عليه أمه في أحدى سني قدومه الى السودان
-ياولدي لو داير رضاي بس تشوف ليك بت حلال قبل ما أموت...
فما كان منه الاّ أن رضخ لرغبتها وهو المعهود عنه بره بها
تزوج ممن أرتأوها له...
وأنجب البنين والبنات
الى أن كان ذاك اليوم!
...
لم يتمالك نفسه عند رؤيتها فشرع يلومها
-بالله ماحرام عليكي ياسلمى....
-أكون شاكرة لو قعدنا في الكرسي البي هناك دا واتكلمنا
تنحيا جانبا وجلست تهدهد رضيعها وتتحدث وهي تكفكف دموعها بين الفينة والأخرى
-خليك واثق من حاجة واحدة يااسامة
أنا والله ما حصل نسيتك لحظة ولا يمكن أنساك يوم طالما أنا حية في الدنيا دي.
-طيب ...
-معليش خليني أكمل يااسامة الله يخليك
بأختصار كدة أنا (لقيطة)...
والأخت الكنت قاعدة معاها دي صديقتي وهي برضو (لقيطة)...
قررت أجي معاهم بلدكم دي ونبدا فيها كلنا حياة جديدة...
ولمن ظهرت أنت في حياتي فرحت كتيييير وحسيت أنو ربنا رسلك لي عشان تنتشلني من عذاب الأحساس العايشاهو من طفولتي
لكن صاحبتي نصحتني ووقفت في طريقي
أصلو هي كانت متزوجة واحد قبل زوجها الحالي ماكان ورتو انها لقيطة
الراجل الأولاني أهلو عرفو وجو وروها الويل وفي النهاية رماها الراجل رمي الكلاب
طبعا أنا كان ممكن أقول ليك أي كلام وأكسبك كزوج
لكني عارفة طبايع أهلكم أنهم لازم يسألوا عن اصلي وفصلي...
عشان كدة رجعت مع صاحبتي وزوجها للخرطوم وبالمناسبة (هو برضو لقيط زينا)!
وأنا الآن متزوجة من زول هو برضو (لقيط)!
ودعته وغاصت في لجة الحياة
فودعها وعاد الى حياته...
بلا قلب[/align]![/frame]
التعديل الأخير تم بواسطة الفاتح ; 12-05-2009 الساعة 06:19 PM.
سبب آخر: للتنسيق
|