ماذا سنفعل حين تضع الحرب أوزارها؟ !!! حسيــــن عبد الجليل

دعوة لمشاهدة فلمي ( إبرة و خيط ) !!! ناصر يوسف

قصص من الدنيا؛ وبعض حكاوي !!! عبد المنعم الطيب

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > نــــــوافــــــــــــــذ > مسابقة القصة القصيرة 2009

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-05-2009, 08:51 AM   #[1]
الفاتح
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية الفاتح
 
افتراضي الأعمال المرشًحة لمسابقة القصة القصيرة

هنا نتلقى النصوص التي سيتقدًم بها المتسابقون وفق الشروط التالية :

1-بإمكان المتسابق أن يتقدًم بعملين مختلفين ، على ألا تكون هذه الأعمال نالت الفوز فى مسابقات أخرى.
2- أن لا يزيد العمل على 1500 كلمة – حد أعلى.
3- لا ترد الأعمال المشاركة إلى أصحابها.
4- يسجل المتسابق بياناته على النحو التالى:
أ‌- اسم المتسابق الثلاثى ب ـ العنوان كاملا ، البريد الإلكترونى.
5- على أن تكون المسابقة مفتوحة لجميع المبدعين السودانين بالداخل والخارج دون التقيد بالسن أو النوع/ الجنس.


* سيقرر السادة / مجلس إدارة سودانيات بخصوص الجوائز التي ستقدًم للأعمال الفائزة والمميزة.



التوقيع:

There r 3 types of ppl in this world
those who makes things happen, those who watch things happen,
and those who wonder wt happened
الفاتح غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-05-2009, 11:45 AM   #[2]
أمير الأمين
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي بنت ... ال...

[frame="7 80"][align=center]بنت ... ال...[/align]
[align=right]
هند زميلة.. سنوات الدارسة الجامعية .. ابنة وزير سابق ..مدللة.. مفتونة بنشوة تفوقها ...وإرثها الاجتماعى..تحاش الكل الاقتراب منها .. الا انا ..!! رغم فوارق الطبقات و وزيف الانا التى تميزها .. الا أننى لمست هشاشة ما وضعفا فى دواخلها ... وجدت فيه منفذا للاقتراب منها و خلق نوع من الارتياح بيننا..!!
لم تحس منى بهواجس غيرى نحوها او سعيهم للابتعاد عنها او صبرهم على وجودها فى وسطهم .. كان لى تكتيكى الخاص بى .. كثيرا ما كنت استخدمه للايقاع بزميلاتى وحتى اخوات اصدقائى .. يبداء عادة بحوار متعدد الوجوه.. مختلف و متباين القسمات..اساسه قد يكون الدين .. الفلسفة .. او البرا فيزيكس ..حديثا عن سيمون دوبوفار او بوب مارى او ديكارت او ادونيس …ويمر سريعا على السياسة و الاجتماعيات ويتبسط كثيراً عند الجسد واحواله و تبعات تعرجاته...وينتهى الحديث .... ولا تخرج منه هى بشىء .. الا .. الارباك...و الحيرة!!! وتقليل رايها فى اى شئ مهما كان صدقه...!! هذا التكتيك يعريها تماما ويجعلها فى حيرة منى ..!! ومن اهدافى تجاهها..!! و بعدها تبداء مرحلة الاستمالة و التقرب البعيد الذى لا يثير الشكوك او الظنون...وهدفه هو ابعاد الاخرين من حولها.. ليس بتقليل شأنهم او تلويث سمعتهم بل بتكبيرهم فى نظرها واعطاؤهم اكثر مما يستحقون حتى تحس انها بالنسبة اليهم لا شئ و اقل من حتى ان تفكر فى الاقتراب..منهم ..!! فتكتمل هواجس عزلتها .. الا منى .. ومن مدارات انتظارى...!!
حيل شيطانية ماكرة .. اجيدها واتفنن فى نسجها وحبك مداخلها و استداراتها .. و اجد فيها لذة لا تشبهها حتى لذة جسد فتاة مدود امامى متعريا الا من بعض حياءٍ و خجلٍ ..و شئُُ من ظنون
لم تستعصى على فتاة قط .. الكل سواسية.. جدرانً أيلة الى السقوط تحت مظلة رحمتى.. !! لا فرق عندى ..بين امرأة سوية الملامح و الانحاء والنتوءات .. او اخرى ..حديثة عهد باستدارة صدر و تمدد عجز..!!
اذكر اول التقاء لى بها فى الجامعة ...امام مدخل احدى القاعات ....
وجدتها تتحدث مع بعض الزميلات ..و الزملاء تم تقديمها بهند ابنة " فلان الوزير السابق" .. لحظتها تهلل وجهها .. اعتزازا وفخرا..كعادتها ..لم اكترث له كثيرا ووجهت عينى بنظرة فاحصة الى مفرق صدرها وتنورتها.. و اطلت النظر والبحلقة بتحدٍ وخجلٍ فى انٍ واحد .. و حين لمحت تلك الارتعاشة الدافئة فى عينيها احسست ان "قوقل" بحثى قد وجد منفذ هواه...!! و ان هواتف ندائى تقترب من ملامسة ..شغب حواسها..!! ومر اللقاء الاول .. سريعا... و تكررت بعده اللقاءات.. خلال جلسات الاستماع او حفلات الروابط ورحلاتها المثيرة.. او اركان النقاش ..كنت امارس دورى الذى رسمته لنفسى بمهارة.. حيرة وارباك.. و تمهيد للانقضاض فى لحظة ضعف ما او تحفيذ بواطن شهوتها حتى تشتعل رغباتها..ثم الانسحاب البطئ الذى يتركها اكثر حيرة واقرب الى النفور..!!
سالتها ذات لحظة شبق.. ما " اتتوق لتواصل جسد وورح" ؟
قالت " الاله لا ُيرى ..!!"
قلت لها " و لكن نوره يخطف الابصار ..و روحه تتسلل الى الدواخل"
قالت "كيف بخطف نوره وهو لايرى ؟ "
قلت " من قال اننا نحتاج الى اعين لنرى ...!؟ ارايتِ ظلام يشع؟ او اعمى بصيرة يرى ..؟ "
قالت " القدسية امتهان ..!"
قلت لها " القدسية امتهان للذات لانها ترفع النفس الى مصاف الاله.. واصلها نطفة ..فكيف تساوى هى مع الاله..؟"
قالت " او هي تعبير مبالغ عن زهو الذات و جمال فحواها "
قلت لها " الجمال هو إختبار لقدرة الحواس على الإنفعال
و رمز للتعبير ليس له مقياس محدد... وهو مراتب وقيم ومدارج....
انا ابحث دوما عن جمال الجسد يحركنى اكثر من اى جمالٍ اخر..!!"
قالت " وحين يشبخ االجمال الخارجى ماذا تفعل بالجسد ؟؟"
قلت لها " الجمال لا يشيخ ...انما يتنفس فقط...!!"
هكذا كنت اتسلى بفكفكة دفاعاتها و زيادة حيرتها وإرباكها..وهى مثلها مثل غيرها من أبناء وبنات طبقتها..!!لا تخلو من ضحالة فى الفكر وسهولة فى الانقياد والتبعية...!! لا قبل لهم ..و لا لها... بهواجس تدبيرى ..ولا طولة صبرى و انتظارى...!!
حتى جاء اليومُ الموعود .. حينُ أحسستُ ان مراكب شبقى .. تدنو من حفيف شواطئ لذتها ..و ان شقى وسهر حواسى .. يقترب من راحة موعودة .. تنتهى بارتعاشة جسد وتمدٍد..
وإنفراجٍ..وأشياءً أخرى..!
فقد ادمنت هى عشقُ التفافى حول نواصى مداراتها ومحورُ أحلامها
فاصبحتُ لها .. مزاراً تؤمه صباح ..مساء.
جهزت مكان اللقاء او" متعة الحصاد" كما كنت اسميه.. بكل تفاصيله
الدقيقة... عبق عطره .. خفوت ضؤوه.. قليل ضجيجه..
صوت شرحبيل هادئا يهذى باشواقه وأحلامه .....
" لو تعرف الشوق كنت يا المحبوب ...ترم ترلم"......
فالاهم ان تبقى فى دوخلها ذكرى اللقاء .. تلفح حواسها .. تثير رغباتها..و تكبح بوادر تمردها.. حتى تبقى أسيرة حاجتى و رهن هوى تقلباتى... وأتت كدعاشة عطر.. معطونة فى حاجة جسدها... تجر وراها حيرة لم تفارقها منذ لقاؤنا الاول.. و قلق فى انتظار نهايات لم تحسب فيها ... متعة بداياتها...!! لحظة دخولها "متعة الحصاد"... اطلقت ضحكة صارخة التفاصيل و العناد.. توقف الدم لحظتها فى مفاصل نشوتى و حدقات رغبتى..وقالت فى استهزاء واضح... " من أجل هذا فقط انفقت كل هذه الشهور والايام.. !! لو طلبت جسدى من اول لقاء لكنت منحته لك .. كما اقدمه للاخرين دون كبيرعناء.. و لكن أنتم الرجال هكذا... تريدون دوماً أن تصنعوا من أنفسكم أبطالاُ.. لا تستمعون إلا بارضاء غرور صلفكم وأوهام تكبركم..!!"[/align]

أمير الأمين
[/frame]



التعديل الأخير تم بواسطة أمير الأمين ; 23-05-2009 الساعة 03:17 PM.
أمير الأمين غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-05-2009, 03:00 PM   #[3]
طارق صديق كانديك
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية طارق صديق كانديك
 
Exclamation خارج الإيقاع ... !!!

[frame="10 80"]

خارج الإيقاع ... !!!


ماردٌ يغشاهم في جلال ٍ وأزليةٍ مدهشة ، يحمل إليهم سر الحياة في مكنونها الأبدي ويستمد بهاء بقائه من الملكوت ! يرقد ذاك الأزرق المهيب بجانبهم يشاطرهم فرح السنين ويفعل فعلته التي فعل ساعة أن يحيض مهيئاً رحماً ولوداً في دلال ، ثم يفيض فينثني الزهر الجميل يطأطئ خده فيصبح معبراً لفراشة الأفراح ودنيا الحالمين ! وساعة أن يقيض يصرع الأغصان في عبثيةٍ ثكلى فتمسح أرضهم سحب الزوال بلا ضجيج إلا من التسبيح والتحميد ! فكم أغدق عليهم في ثبات سرمدي منذ الأزل ويؤرخون قديمهم بمولده الذي لا يعلمون متى ابتدأ وكيف كان ، فيهزجون : ـ

(من وقت حفرو البحر) !!!

كانوا به يتفاءلون ويمرحون وتأتيهم حيتانهم فيه فيولمون ويزرعون ! هو الحياة عندهم وتدور دنياهم به ومنه دون كلٍ أو لجاجة ، فصغارهم يغمرهم بالفرح الطفولي الكبير مثل الكبار على السواء !!

تقفز ( هناء ) من هناك ومن هنا وترقد بعض خصلاتها على خديها الصغيرين تمسح ما لحق بهما من بقايا للطعام وشيئاً من الزيت العتيق وتحمل قدماها مسحةً من غبار لا يكدر صفوها شيئاً إلا السؤال المستمر عن اللبن الزبادي ..!!

: ـ من الذي اخترع اللبن الزبادي ؟

فلا يجيب شقيقها ( مصعب ) ويكتفي بالإبتسام في وجهها حتى يلامس خدها ثم يهجم فيضع أسنانه عليه فتولول وهي باكيةً تهمهم ( خلاس خلاس ناس بعيديييييييين عملوا الزبادي ) ..!! فكني ..!

كان شقيقها حجةً في البخل !! لا يدرون لذلك سبباً كان يبخل في كل شئ !! ولم يجاوز سنيه السبع بعد وهي لا تكبره إلا بمدة بقائها في جوف أمها فقط .. !!

: ـ يمه كبي الشاي خلينا ناكل -عيشتنا- (رغيفتنا) دي ..!!

كانت تتظاهر بالنوم وفور سماعها ذلك رفعت رأسها لتشاركه الوليمة ! عندها أردف موجهاً حديثه لها : ـ ( عيش حب حب .. نومي نومك ) ..!!

لا يتسلل اليهم تعقيد الحياة في شئ إلا وقت المسلسل العربي .. ثلاثة فقط من أجهزة التلفاز عندهم يتحلقون حولها ويتركون لبعض العاشقين منهم فسحةً من أمل اللقاء بمن يحبون !!

وتتسابق إناثهم للجلوس على تلك - الحفرة – الصغيرة المنزوية عارياتٍ إلا من ذلك الصوف الذي ما أن لامس أجسادهن الملتهبة حتى تبرّج وتعرّج وتضرّج بالجمال ..!
ولسان حالهن يردد في فرحٍ لذيذ -

: ـ غايتو يا ختي الطلح دا سرّو باتع ...!!!

هو الذي لا يجدون بداً من مجالسته في أي وقت ، ينسيهم كثيراً من الأحزان ويطعمهم حب الحياة بلا رياء فأحبوه طوعاً !

: ـ والله النسوان ديل زي البطيخ تعزل لمن تفتر حتن تلقى لقيك وااااحدة – حلا وحمار !!!

: ـ والله انت قلة أدبك دي لمن تموت ما تخليها !!

يضحك ( الشفيع ) ومن معه ويقهقهون لا يؤرقهم غزو العراق أو ثقب الأوزون بقدرما يتسامرون في النساء ومعهن !! وكان صوت ( ماجد سرحان ) محطةٌ لا يتجاوزونها يومياً حينما يقرأ تقريره ذاك العجيب بصوته المميز :ـ

الخرطوم .....

وحيثما لم تذكر معضلة بشأن (الجاز .. الجازولين ) بالخرطوم لا يعنيهم من يحكم فيها !! بل لا زال منهم من يرى أن ساحة القصر التي تحتضن روح – نصّار - يحرسها ( الفريق عبود) وإن بدرت منك مسحةٌ من غرابة أو إستهجان بادرك أحسنهم طريقة الى القول : ـ

يا أخوي كلهم عساكر بس الجاز دا ما يهبشوا لينا ..!!

يحدثونك عن علومٍ للدراسة لا نبوغ لدارسيها ، تاركين ما تواضع عليه أفذاذ البلاد في زمانٍ كان فيه للأفذاذ دارٌ وقرار !! ثم تعالت صيحات التكبير وجاءوا عليها بدمٍ كذب محاطين بفقهاء الحيض والنفاس وتقدم منهم الذين يشاركون - أوديب – رؤيته للحياة ! فكان نتاج ما اقترفت أيديهم هجيناً نشازاً في كل شئ ! نبوغاً في التعري وملذات الحياة وتطاولٌ في كل شئ إلا من العلا وآمال الرجال !! فتراهم يجرون منصوبهم وضح النهار ، وكم مسكونٍٍ لديهم ضموه في حنوٍ بلا حياء وكان فاعلهم دوماً من المكسورين ..!!

تسلل جلّ صغارهم من الدراسة تاركين وراءهم أحلامهم وأحلام الذين أتوا بهم لهذه الدنيا (أم قدود ) كما يحلو لهم ! لم تبدأ رحلة صغارهم من فيلادفستك وارتستك وملدوفيا طمست معالم الإدارك في المدارس في جغرافيا الكون كما طمسوا هنالك التاريخ أيضاً .. فلا يتحدثون عن العلامات التي ما فتئت تلهم بعض الثائرين وتحزن منهم من تبقى على اليقين !! ساعتها فقط أدركوا أن الفرق الذي بين الذين يعلمون منهم والذين لا يعلمون أخذ في التلاشي حد الزوال ! وأنا الذي وحدي أردد الى متى نظل نجأر بقديمنا في كل شئ ...؟ !

طارق صديق كانديك
[/frame]



التعديل الأخير تم بواسطة طارق صديق كانديك ; 31-05-2009 الساعة 10:34 AM.
التوقيع: الشمس زهرتنا التي انسكبت على جسد الجنوب
وأنت زهرتنا التي انسكبت على أرواحنا
فادفع شراعك صوبنا
كي لا تضيع .. !
وافرد جناحك في قوافلنا
اذا اشتد الصقيع
واحذر بكاء الراكعين الساجدين لديك
إن الله في فرح الجموع



الفيتوري .. !!
طارق صديق كانديك غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-05-2009, 03:09 PM   #[4]
طارق صديق كانديك
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية طارق صديق كانديك
 
Exclamation فوضى السكون ... !!!

[frame="10 80"]فوضى السكون ... !!!


الشمس تميل في إصفرارها الذهبي معلنةً دخول السكون في هدؤٍ دون فوضى بينما ثغاء الأغنام في فوضاها المعهودة يأتينك من كل فجٍ عميق .. ويعم المكان غبارها المشحون بما فاضت به من بولٍ وروث وصبيةٌ يلهون ويتقافزون في خفةٍ ورشاقةٍ بسيقانٍ نحيلةٍ هزيلة لا تنفك توجعهم وتعمل أمهاتهم على صيانتها لهم بما تبقى من زيت السمسم وقتما يهجعون في خلودهم المسكون باحلامٍ ساذجةٍ بريئة !

: ـ يا ولد أفتح الزريبة !

: ـ سمح !!!

يسترد عافيته حين يكمل يومه في نمطيةٍ دقيقة يوزع فيها جهده وبعض إبتساماتٍ خجولة هنا وهناك ثم يأوي لمخدعه محاطاً بالبنين والأحفاد ! لم يألف إبنه (سيف الدين) حياتهم منذ الصغر ووصفوه بأنه شيوعي ملحد !!! وضحكت من كل أعماقي فأنا الذي يعرف أنه لا ينفك كونه برجوازياً صغيراً متخماً بالتناقضات والأحلام الكبيرة ويرغب في بعض المتعة متسلياً بوقته العريض بعدما تصدر اسمه كشوفات الصالح العام الأولى !! وهو في تسليه العريض لا يفوته المرور على بيت ( الله معانا ) وهي تعينه بما تصنعه يداها من شراب ( موت أحمر عديييل !!!) كما يحب أن يصفه لرفيق دربــه ( المامون ) !!

جمعتهما الدنيا في الزمان والمكان والإنسان .. وربطتهما أواصر صداقة ٍ قوية لم يعكر صفوها يوماً سوى بقيةٍ من شك يساور المأمون حينما تتورد وجنتيّ أخته ( إقبال ) كلما مر صديقه أو ذكر !!!

حملته أقدامه متثاقلاً بعد ساعاتٍ قضاها ينهل من ذلك الشراب بين أزقةٍ ثعبانيةٍ في التوائها يستند عليها بين الفينة والأخرى متجشئاً وهو يمسح بيمينه ما لحق بجبهته من عرقٍ لا يكاد يختلف كثيراً عما تصنعه ( الله معانا ) !! مدندناً : ـ

المالك .. - هق !
المااااالك شعوووووري - هق !!
المااالك شعوووري أنا لي - هق !!!
فيه آمااااااااال آآآآل !! ربّ الجماااال !!!

كانت (محاسن) قد فارقها بعلها من شهورٍ معدودات بعد أن كثرت عنها الأقاويل وهمس الهامسين ولا يعرف الحزن طريقاً لها، فقد كانت مقبلةٌ على الدنيا بأجنحةٍ مشرعة ! مترعةٌ بالأنوثة حد التخمة وتقتحمك أنوثتها وضح النهار فسرعان ماتهزم وقارك شرّ هزيمة ! وهي مقبلةٌ عليك (شايلة الفاتحة!) لا تنفك تنظرإليها في بلاهةٍ محمومةٍ مشحونةٍ برغبة الدنيا كلها
.. وحين تدبر راحلة لا يغشاك الأدب والوقار في تفصحها !

تدعوك في حالتيها لمصادقة ملائكة المتعة أو شياطينها !! والحال كذلك يشتهيها الكثيرون في دواخلهم ويختبئون خلف سحابةٍ مثقوبةٍ حذر الناس ! ومن بين الذين يمطرونها بنظرةٍ تفضح ما يريد (ود الصافي) كان مستعداً للتنازل عن ملحمته العتيقة قرباناً لرضاها ولو ليومٍ واحد !

: ـ ما بلقى لي فد عصريّة معاك ؟؟

: ـ نجوم السماء اقرب ليك !! تجيبه في تحدٍ ! وقد تترك ما اشترته منه أمامه وتولي الأدبار !!!

وحينها فقط يعض يده اليمنى في ألمٍ لذيذ ثم يرسل صبيه بما تريد وزيادة ! كانت لا تطيقه من بين خلق الله الذين عرفتهم أجمعين.

وقفت ذلك الليل تلاصق الحوش الخلفي وتدفعها ثمارٌ لم تكن حصاناً من أكف اللامسين رويداً عنه وهي في محاولتها أن تهمس همساً : ـ

: ـ سيف !! لكن ما.. بت .. باااالغ ؟؟

: ـ هه هه هها أنا .. ود .. باااالغ !!!

وحين هدأآ من ضحكتيهما المكبوتتين تسوّرعليها فكانت رجفة اليديّن والشفتّين والقدميّن وصدق هنالك الهامسون !! ساعتان من الفحيح الملتهب المحموم دون نقصان لم تكن فيه من الزاهدات !!

مات والدها وهو يصارع السيل مع الرجال في الخريف المشئوم منذ عشرة أعوام وأقعد المرض أمها بعد زواج إبنيها الكبيرين وحين طلقها زوجها عقب دخوله بشهرٍ واحد لم يذق فيه كل عسيلتها تنفست الصعداء .. وكان غيابه عن الديار فيه الشفاء له فحمل أمتعته وولى دون عنوان ! والحديث عن النساء عندهم مثل أكل ( الموليته ) حارق ومر لكنه لذيذ- كما يذكرعبدالعزيز ساكن- ولعله يشدهم دوماً الى (محاسن) وصويحباتها..!!

غادرها مأسوفاً على الزمن الذي هرب من بين أصابعه كالبرق ! كانت تميزه عن الباقين دوماً فهو الوحيد الذي تعلّم كثيراً عندهم واحتضنته (الخرتوم) أربعة أعوام كاملة قضاها في دراسته ثم مسترزقاً في ذلك البنك العتيق حتى تدخل الوزير البهلول وأقاله مع الكثيرين ! لذا كان إحساسها دوماً بأنه لا ينتمى لهذا المكان وهولا تنقصه الوقاحة معها أحياناً حينما يختلي بها وتسعد هي بما يقول !!!


تحسس طريقه جيداً في ذلك السكون المشحون بكل شئ ونسى ما تجرعه من كؤوس في بيت ( الله معانا) ثم استعاد وعيه بالأشياء من حوله ! لم تتجاوز الساعة عندهم التاسعة مساءاً ويرجع الصدى بعض النداءات البعيدة من هناك ومن هنا !! توجه قاصداً (مأمون) قابله منفعلاً يسب ويلعن في ّ حظه العاثر هذه الليلة وضحكات اللاعبين للورق تتبعه بعد خسرانه جولتين بالتمام والكمال !!

: ـ أبت تمشي معاي الليلة !!!

: ـ منو دي ؟؟

: ـ الكشتينة يا خي قايلة بت ؟؟ ( إنت جاي من وين ؟)

زفر بعضاً مما يحتبسه صدره المتخم بالأسرار ثم سرت فيهما قشعريرة البوح الشفيف فكان الذي كان بعد أن سكبوا النبيذ على النبيذ !! أتتهم ( إقبال ) بالعشاء وشيئٍ من ماءٍ قليل !! كانت تتحين فرصتها ثم تتورد وجنتيها المنتفختين بنونيتين ساحرتين !! لا مكان عندها لمغامراتٍ لا تحمد عواقبها !! فهي وإن كانت تهيم به عشقاً يشدّها دوماً خوفها الميمون من القيل والقال وكثرة السؤال ! فوضعت ما بيديها المرتجفتين وأشاحت بوجهها المتورد بماء الحياء !!

في محياه قسوةٌ لا تقودك مطلقاً لما في دواخله ، يسارع ( ود الصافي ) دوماً قبيل بزوغ الفجرعندهم يتبعه صبيه (فال النبي) ممسكاً بكل أدواته بيدٍ واحدة وهو الذي وهبه الله بسطةً في الجسم والصوت دون العلم ! يبتاعه الناس بعض ذبائحه حين تضيق بهم الدنيا وكم كانت تضيق ! فيأتونه بالمتردية والنطيحة ولا يفوتهم أن يرتلوا أمامه- إلاماذكيتم- !! فيضجعها وترى الودق يخرج من خلال الوريد الى الوريد !! يمازحهم دون كلفة ويؤثر بعضهم حد الفضيحة : ـ

: ـ سيف آآخوي صاحبك لا تناسبو ولا تديّن منو ؟؟؟

يبادله الحب بالحب كما الآخرين وكم يستهويه المرور عليه ثم يحمل ما تبقى من عظام تبشرهم بليلٍ ذي شجون يهيئون له البدايات الندية في وجل ثم ينسرب الضياء ويلفهم ليل السكون ولا يعلمون متى انتهى ولمَ انتهى ثم كيف !!!

طارق صديق كانديك
[/frame]



التعديل الأخير تم بواسطة طارق صديق كانديك ; 31-05-2009 الساعة 10:42 AM.
التوقيع: الشمس زهرتنا التي انسكبت على جسد الجنوب
وأنت زهرتنا التي انسكبت على أرواحنا
فادفع شراعك صوبنا
كي لا تضيع .. !
وافرد جناحك في قوافلنا
اذا اشتد الصقيع
واحذر بكاء الراكعين الساجدين لديك
إن الله في فرح الجموع



الفيتوري .. !!
طارق صديق كانديك غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-05-2009, 03:25 PM   #[5]
عادل عسوم
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية عادل عسوم
 
افتراضي حبٌّ يخشى النور!

[frame="7 80"][align=right]

[align=center]حبً يخشى النور![/align]

تقابلا من بعد عقدين منذ افتراقهما!
رآها تحمل رضيعا في حضنها
لم يصدق عينيه في البدئ...
-السلام عليكم يااستاذ أسامة
-وعليكم السلام...
أنتي سلمى؟!
-أيوة
لكأنه في حلم!
...
يومها كان قد بقي له عام واحد ليكمل دراسته الجامعية
وهي كانت في الصف الثاني من المرحلة الثانوية
لقد أعتاد بأن يحوِّم على مدارس المنطقة (معلما مساعدا) بلا أجر خلال أجازاته الدراسية...
وكلها مدارس للبنين...
في عصر يوم جمعة
زار بيتهم مدير مدرسة البنات الثانوية في معية عم له:
-نريد عونك يااسامة لتدريس أخواتك في مدرسة البنات الثانوية
حاول الأعتذار
اذ جُبل بطبعه على تحاشي (عوالم) الجنس الآخر...
فألحّ عليه عمه...
وأضاف مدير المدرسة :
لقد قصدناك دون غيرك لما يعلمه الجميع عنك من دماثة خلق واستمساك بأهداب دينك...
لم يكن هناك بدٌّ من رضوخ وقبول...
أشرقت شمس يوم جديد
فانتقى من ملابسه أجملها
وزاد من (بخات) العطر
ولمّع حذاءه
وأدى (الحصة) الأولى بنجاح
)سلمى) كانت تجلس في الصف الثاني
جميلة كما يود
ذكية الى ابعد الحدود
مرتبة الدفاتر والأفكار
لكن...
شدّه حزن دفين يكسو وجهها وعينيها!
وبقايا دموع في عينيها الدعجاوين كل صباح...
سأل عنها زميلتها(وقريبته) فقالت:
-دي غريبة...
شكلها من الخرطوم
تصدق مافي واحدة فينا بتعرف عنها حاجة!
سألها
فأطرقت ولم تجبه!
شرع يسأل عنها هنا وهناك
علم أنها تقيم مع أخت لها على أطراف المدينة
ذهب الى حيث يعمل زوج أختها (بائعا) في أحد المحال التجارية
وحاول جاهدا التقرب اليه ومصادقته دون جدوى
لقد بدا له بأنه يحمل سرا (ما) لا يود البوح به...
أنتهت فترة أجازته وعاد الى جامعته
وبقيت صورتها طوال عامه الدراسي تجّمل لياليه...
أضحت كزهرة تنفح هدَآته بأريج معتق فواح...
فلا يملك الاّ أن تنسرب دون ارادته آهة حرى تربتُ بيد من مخمل على قلبه وأحاسيسه...
لقد أيقن بأنه قد أحبها...
فما كان منه الاّ أن أرسل اليها رسالة من خلال قريبته تلك (اذ الأتصالات الهاتفية حينها لم تكن كما هو حالها في يومنا الذي نعيش).
بثها فيها لواعج نفسه
وختمها بعشم في أن تبادله حبا بحب
ولكن...
لم يصله منها رد!
وانقضى العام الدراسي
وجاء الى أهله يحتقب غراما قضّ عليه مضجعه
جاء وقد عاهد نفسه بأن تكون هي -دون غيرها- له زوجا!
لم يستطع صبرا فانطلق في ذات صباح الخميس الذي وصل فيه الى مدرستها
دخل الى تالتة أحياء يسبقه (الشوق قبل العينين)...
فالتقت نظراتهما
يا لأئتلاق الفرح في عينيها الدعجاوين
ويالماء الشباب في خديها النضيرين
ماكان منها الاّ أن أطرقت
وماكان منه الاّ أن حول ناظريه الى الحائط
ألقى التحية على طالباته فرددنها عليه بأحسن منها
خشي أن تفضحه عيناه فقال لهن:
-اللية جيت بس أسلم عليكم ومن بكرة باذن الله نبدا
والتقاها عند الانصراف وانبأها بأنه ينوي زيارتها في منزل أختها مساء
ترددت في البدئ ثم هزت راسها بالايجاب...
أخرج من دولابه هديتين سبق أن أبتاعهما لها ولأختها ثم يمم شطر البيت على أطراف المدينة
ولج الى البيت فهاله الحال الذي يكتنف حياتهم
لم يكن هناك سوى غرفة واحدة و(ثلاث عناقريب) ودولاب قديم!
والمطبخ لم يكن سوى (راكوبة) بها بعض أواني قليلة!
ألتقه (سلمى) بكل ترحاب وعرفته بأختها
-دة أستاذ أسامة ياسوسن
-أهلا بيك يااستاذ شرفت كتييييير والله
وأضافت سلمى
-معليش البيت ما قدر المقام
تفاجأ ولم يدر كيف يجيب...ثم رأى بأن يعمد الى شيئ من مرح ليغير أجواء اللقاء
-والله بختي الليلة ...لقيت ليك مقام تمام يااسامة
وأردفها بضحكة فلم يجد منهما الاّ أبتسامة حزينة
سأل صاحبة البيت عن زوجها فقالت بأنه يتأخر عادة الى العاشرة ليلا
أخرج الهدايا فتمنعتا في البدئ ولكنهما رضختا وقبلتاهما من بعد الحاحه الشديد
ذهبت صاحبة البيت لعمل الشاي فالتفت اسامة الى سلمى قائلا:
-شوفي ياسلمى
أنا راجل بحب أن أجي للبيوت من أبوابا
بكرة باذن الله عاوز أجيب الوالدة وأجي أتكلم معا أختك وزوجها وأخطبك قلتي شنو؟
أطرقت مليا ثم قالت
-أشكرك والله على مشاعرك دي تجاهي
بس أرجوك تديني فرصة أفكر وارد عليك
-بصراحة في حاجة بتمنع؟
-مافي حاجة والله لكن في تفاصيل كدة حأتكلم معاك فيها في وكت تاني
بس رجاء ماتجيب خبر للموضوع دة هسي قدام أختي!
أحس بانقباض نتاج ردها
أكمل جلسته ثم انصرف الى البيت
وانفرط اسبوع وهو يراها كل يوم في المدرسة ولا يجد منها سوى أبتسامتها الحزينة كلما التقت نظراتهما
وفي ختام يوم الخميس
جاءته بدفترها -كغيرها من زميلاتها -فاذا برسالة في ثناياه.
أخذها -بلهفة -ودسها في جيبه...
لم يستطع صبرا ففض غلافها وشرع يقرأها وهو يسير عائدا الى بيته
(أستاذي العزي أسامة
يعلم الله كم أحببتك
وأعلم يقينا بأني لن أجد لي زوجا مثلك
لكني أستحلفك بالله أن تنساني
سعيدة هي من تكون أنت زوجا لها
أذ يندر أن يوجد أنسان في نبلك وطيب معدنك
محبت سلمى)
شلّت الدهشة تفكيره
وهال عينيه الدمعُ فلم يعد يبصر شيئا
وصل الى داره فارتمى على فراشه .
وفي صباح السبت
لم يجد لها اثرا في المدرسة
سأل عنها وكيل المدرسة فعلم بأنها قد سحبت ملفها منذ يوم الخميس
خرج مهرولا الى حيث يعمل زوج أختها فأخبروه بأنه قد غادر المدينة
وانقطعت أخبارها...
أكمل أسامة عامه الأخير في الجامعة
لم تبارح صورة سلمى خياله صحوا أو مناما
وظل يبحث عنها في كل مدينة يتوقع وجودها فيها دون جدوى
ولم يلبث أن غادر السودان ليعمل في أحدى دول الخليج
نأى بنفسه تماما عن عوالم النساء
واحتار أهله في أمره وهم يتلمسون تمنعه عن الزواج عاما وراء عام!
لقد كان يحدوه أمل في أن يراها مرة أخرى
ولكن...
هاهي السنوات تنسرب واحدة خلف الأخرى
وألحت عليه أمه في أحدى سني قدومه الى السودان
-ياولدي لو داير رضاي بس تشوف ليك بت حلال قبل ما أموت...
فما كان منه الاّ أن رضخ لرغبتها وهو المعهود عنه بره بها
تزوج ممن أرتأوها له...
وأنجب البنين والبنات
الى أن كان ذاك اليوم!
...
لم يتمالك نفسه عند رؤيتها فشرع يلومها
-بالله ماحرام عليكي ياسلمى....
-أكون شاكرة لو قعدنا في الكرسي البي هناك دا واتكلمنا
تنحيا جانبا وجلست تهدهد رضيعها وتتحدث وهي تكفكف دموعها بين الفينة والأخرى
-خليك واثق من حاجة واحدة يااسامة
أنا والله ما حصل نسيتك لحظة ولا يمكن أنساك يوم طالما أنا حية في الدنيا دي.
-طيب ...
-معليش خليني أكمل يااسامة الله يخليك
بأختصار كدة أنا (لقيطة)...
والأخت الكنت قاعدة معاها دي صديقتي وهي برضو (لقيطة)...
قررت أجي معاهم بلدكم دي ونبدا فيها كلنا حياة جديدة...
ولمن ظهرت أنت في حياتي فرحت كتيييير وحسيت أنو ربنا رسلك لي عشان تنتشلني من عذاب الأحساس العايشاهو من طفولتي
لكن صاحبتي نصحتني ووقفت في طريقي
أصلو هي كانت متزوجة واحد قبل زوجها الحالي ماكان ورتو انها لقيطة
الراجل الأولاني أهلو عرفو وجو وروها الويل وفي النهاية رماها الراجل رمي الكلاب
طبعا أنا كان ممكن أقول ليك أي كلام وأكسبك كزوج
لكني عارفة طبايع أهلكم أنهم لازم يسألوا عن اصلي وفصلي...
عشان كدة رجعت مع صاحبتي وزوجها للخرطوم وبالمناسبة (هو برضو لقيط زينا)!
وأنا الآن متزوجة من زول هو برضو (لقيط)!
ودعته وغاصت في لجة الحياة
فودعها وعاد الى حياته...
بلا قلب[/align]!
[/frame]



التعديل الأخير تم بواسطة الفاتح ; 12-05-2009 الساعة 06:19 PM. سبب آخر: للتنسيق
التوقيع: المرء أن كان مخبوءا في لسانه فإنه - في عوالم هذه الأسافير - لمخبوء في (كيبورده)
عادل عسوم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 20-05-2009, 10:24 AM   #[6]
Osman Hamad
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية Osman Hamad
 
افتراضي

[align=right][frame="7 80"][align=center]الكـوكابــــولا والغنمـــــاية اُم شنــب[/align]
[align=right]وصار الطبيب يقلب كفيه على ماحدث، ليس نادماً ولكن حائراً مندهش لما يدور حوله وكذلك عاجزاً لعجز امكانيات ذاك المركز الصحى المتواضع الذى يعمل فيه، فأهالى قرية الغنماية اُم شنب لا يعرفون الامراض كثيراً وإن عرفوا فهى امراض بسيطة وعادية، لان غذائهم الذرة والدخن والقمح واللبن ومشتقاته، فكان ذلك الغذاء هو حصناً لهم ضد الامراض، فأهالى الغنماية ام شنب لم تدخل فى ثقافتهم بعد مصطلاحات الهامبيرجر والهوت دوك وللا الماكدونلز، اما الكوكاكولا فهى حُلم كل واحد منهم انا يراها، ناهيك عن ان يبركوا بها حلقهم الناشف، فهم قد سمعوا عنها الكثير المثير من حكاوى معاوية العوير الذى ذهب الى العُمرة ثم زاغ وذاق الكوكاكولا.
كان البكاء قد أعيى الحاجة شامة فى غرفة الطبيب، لما اصاب بنتها رجبية من مرضٍ غريب ادهش كل من سمع به، فتجمع الأهالى فى سرعة غريبة كغرابة مرض رجبية بت شامة، فهذة حاجة مُسنة جاءت والعجين يتقطر من يدها واخرى توبها نصفه على رأسها ونصفه الاخر يتشبث بتراب القرية وهذة صبية جاءت وفى يديها عروسها التى لم يكتمل صنعها من الطين بعد وهذا سرب من الشيوخ جاءوا من مزارعهم منهم من يحمل منجله ومنهم من يحمل سبحته، جاءوا من كل فجٍ عميق، فضاق بهم ذلك المركز الصحى الصغير.
إنتشر الخبر مخلوطاً بالشمار الناعم فى كل القرى المجاورة، أن رجبية بت شامة أصبحت تتبول شيئاً اسود داكن السواد، وساعد فى دق الشمار ونشره غريب الراعى فغريب له إمكانيات هائلة فى الشمشرة، فسُمى غريب لانه غريب على اهل القرية، هبط عليهم من السماء فعاش بينهم يرعى لهم الاغنام والمواشى وينقل لهم الشمارات.
نصح الطبيب ان تحول رجبية بت شامة الى طبيب المحلية، فقرية الغنماية اُم شنب تقع ريفى محلية اباط المجنونة.
عجز الطبيب فى اباط المجنونة من معرفة مرض رجبية بت شامة، فحُولت رجية الى البندر.
كانت هى المرة الاولى التى يرى فيها اهل رجبية البندر، ولكن لم تصبهم الدهشة فى البندر، ربما لأنشغالهم بمرض رجبية ، او كما قال الكاتب بشرى الفاضل (القروى تدهشه المدينة فى المرة الثانية). فى البندر انضم الى اهل رجبية ابنهم الخزين الذى يدرس فى الجامعة، فهو لم يرى اهله منذ ان دخلها.
طلب الطبيب من اهل رجبية ان يعودوا له فى اليوم التالى، حتى يتمكن من تحليل بول رجبية بت شامة. بعدها ذهب اهل رجبية الى احدى اللكوندات التى حجز لهم فيها الخزين بعد ان صار شفت وتفتيحة فى مداخل ومخارج البندر.
جاء آل رجبية فى اليوم التالى ووجدوا أن الطبيب لقد حضر لهم مشروب الكوكاكولا البارد، كانت فرحتهم بالمشروب اكبر من الحدث نفسه. فبعد ان فرغ آل رجبية من تناول الكوكاكولا، سألهم الطبيب عن رأيهم فى هذا المشروب، اجابت والدة رجبية: دى ياها ياسعادة الحكيم الشئ البقولولو الكولالولا، الكوكوكو......(هى مالا مادايرة تنطق لى مصيبة السجم والرماد دى!!!) هكذا كان تعليق الحاجة شامة، فاخرج الطبيب الحاجة شامة من هذا المأذق مجيباً: نعم ياحاجة ياها ذاتها واضاف الطبيب تعليق فى نفسه بخبثٍ لطيف (ح تنطيقيها كيف ياحاجة وانت جاية من الغنماية اُم شنب)، فعلق والد رجبية بأن الكوكاكولا حلوة بالحيل عِلا حارة فى النخرة والتِتشى والتِترع فى حلقو يبقالو متل حش البرسيم بالمنجل.
فحديثئذن فاجئهم الطبيب بأن ماشربوهوا هو ليس بمشروب الكوكاكولا وإنما هو بول رجبية.
فأصابت الدهشة والحيرة الجميع، فإندهاشئذن وضح لهم الطبيب بان بول رجبية ماهو إلا مشروب غازى أشبه بالكوكاكولا وليس خطر على رجبية، وبه نسبة عالية جداً من التركيز، فمقدار واحد لتر من بول رجبية يكفى لعمل نصف برميل من هذا المشروب إذا خلط بالماء.

عاد آل رجبية الى مسقط رأسهم الغنماية اُم شنب بعد أن أصرو على ان معاودة التحاليل مرات ومرات وكانت فى كل مرة تؤكد التحاليل نفس الشئ، الشئ الذى بدأ يدخل السعادة فى قلوب اهل رجبية.
وصل الشمار الى أهالى قرية الغنماية ام شنب قبل ان تصل لها رجبية وأهلها، فأعدوا فرحاً كبير لإستقبالها. لم يستقبلوها بالورود والزهور بل استقبل الجميع رجبية بالجُكاكا والكبابى والكوارى، فكل واحد كان يحلم بالحصول على بعضِ من قطرات بول رجبية.
تجمع الجميع فرحين ومباركين للحاجة شامة بول رجبية، بعد ان كانوا حزينين لذلك الشئ الذى جهلوهوا فى بداية الامر وندموا على كل نقطة أهدرتها رجبية من بولها المُعتق.
صارت رجبية تجد إهتماماً بالغاً من جميع اهل القرية، وكذلك زاد إهتمام أهلها بها، فبعد ان كانت تنهرها امها : يابت اوعِك تطلعى برة البيت!! فتغيرت النغمة إلى : يابت اوعِك تبولى برة البيت!!
حتى لما كانت تخرج رجبية تتجول فى القرية، كانت تجد إهتمام ونداء الجميع لها، منهم من يناديها من فوق الحائط ومنهم من يناديها من الشباك ومنهم من ترجها سحباً ان تدخل عندهم، فالكل، رجال ونساء كان يناديها ويسألها: رجبية عليك الله مامزنوقة بول!! تعالى النبى بولى عندنا، والله حضرنا ليك حلات كورة بايركس، تستاهل قعدتك فيها. كانت تستجيب أحياناً وترفض أحياناً.
ففى الصباح الباكر كان كل اهل الغنماية اُم شنب يتجهون صوب بيت الحاجة شامة، فالحاجة شامة لم تكن تبيع اللبن ولكن الكل كان يريد شيئاً من بولة الصباح حقت رجبية، لم تكن ترفض الحاجة شامة فى بدء الامر ولكن عندما زاد الطلب وكثر الناس، إتطرت الحاجة شامة يوم ان كوركت فى اهل القرية: ياجماعة والله البت بتكم وبولها خيره ليكم، عِلا كل شئ وللا بولة الصباح دى ، لانها الوحيدة القاعدين نضوقها وتركيزها عالى والباقى تراهو البت اليوم كلو بايلة فوق الحلة. ثم تعللت الحاجة شامة معتذرة لأهالى القرية قائلة: والله ياجماعة اعذرونى لانى اتفقت اليومين دى مع الحاجة فطين لانو عرس بتها قرب وقالوا نسيبتها الجديدة مرة شنافة والكركدى والعدريب مابنفعو معاها واهو نحن شوية شوية بنجمع ليها من بول رجبية، عشان المراة تستر مع نسيبتها.
فاحداثـئذن وصل الشمار الى الخزين فى البندر، أن بول اخته رجبية يوزع على اهل القرية مجاناً.
ففى اليوم التالى مباشرة هبط الخزين على أهل الغنماية اُم شنب من اللورى، وفوراً بدأ الخزين مع أبناء عمومته فى التخطيط لإستثمار خيرات بول رجبية بشكل تجارى، فيبدو ان الخزين تشبع بافكار أهل البندر، فاقنع أهله أن بول رجبية هو هبة من الله تخرج من بين الصُلب والترائب ويجب إستثمارها.
وبعد فترة قصيرة وبعد اقتنع أهل رجبية بالفكرة، تم تجميع كمية من بول رجبية وشراء الزجاج، وبدأ المشروب فى غزو سوق القرية كمرحلة اولى، فالخزين يبدو ذو عقل تجارى ماهر.
أفلح الخزين كذلك فى إختيار الاسم للمشروب، فإختار له إسم الكوكابولا، لان المشروب أصلاً بول رجبية ويحمل خصائص الكوكاكولا وبما ان الخزين يعلم بالحقوق القانونية للاسم والماركات المسجلة ولايريد ان يدخل مع شركة الكوكاكولا فى جدل، تفادى كل ذلك وإختار بكل مهارة إسم الكوكابولا.
بدأ إنتاج الكوكابولا فى التوسع ومن ثم غزو اسواق القرى المجاورة ، وبدأ ذلك التوسع يزداد شيئاً فشيئا الى ان وصل إنتاج الكوكابولا الى البندر.
كانت رجبية قبل الكوكابولا تحلم بالزواج من إى شخص، ولكن الان صارت ترفض اعظم الرجال، لانها تعتقد بان الكل يريد منها الزواج لطمعهم فى بولها.
فبعد ان توسع وزاد الانتاج بفضل الفحوصات الشهرية التى كان يجريها الخزين لرجبية فى البندر لتأكد من سلامة جهازها البولى ومدى كمية المخزون الإحتياطى فى مثانة رجبية، بداء الخزين بالتفكير فى غزو الاسواق العالمية.
وبعد فترة و ليست بالطويلة تحقق للخزين وأهله ماكانو يرنون له، فهاهى الكوكابولا تغزو الاسواق العالمية، مما سبب خسارة كبيرة لشركات الببسى والكوكاكولا وشركات المشروبات الغازية الاخرى. فما كان من الشركات المتضررة من الكوكابولا وإلا رفعت مذكرة إلى الامم المتحدة وامريكا.
فرحت امريكا بهذة المذكرة، مما سهل لها الامر ان تحشر أنفاها فى الموضوع، فامريكا كالعادة تحب ان تحشر نفسها فى كل شئ، حتى لو كان بول رجبية بت شامة فى قرية الغنماية اُم شنب ريفى اباط المجنونة.
بدأت امريكا والامم المتحدة فى إرسال الخطابات التهديدية الى الخزين بعتباره المفوض التجارى لبول رجبية ومدير اعمالها، بأن يكف عن إنتاج الكوكابولا.
أصر الخزين على موقفه وعلى مواصلة إنتاج الكوكابولا، وكتب خطاباً إلى أمريكا يثبت لهم فيه ذلك وان الكوكابولا هى إنتاج وطنى خالص لا دخل لامريكا فيه.
عرفت امريكا ان الخزين زول راسو قوى وناشف، لذلك فضلت معه إسلوب المفاوضات.
إقترحت امريكا والامم المتحدة على الخزين ان تكون المفاوضات فى نيويورك، ولكن رفض واصر الخزين انت تكون المفاوضات فى الغنماية ام شنب او كخيار تانى ان تكون فى اباط المجنونة، وجاء قوله ذلك تحت شعار (القول قولنا والبول بولنا).
وافقت امريكا والامم المتحدة على ان تقام المفاوضات فى اباط المجنونة. فحينها بدأ الإعلام فى تناول الخبر وسُميت المفاوضات بإسم مفاوضات اباط المجنونة ، مثلها ومثل مفاوضات ابوجا ونيفاشا.
بدات المفاوضات هادئة فى اباط المجنونة ولكن سرعان مابدأت تحدد، نسبة لتمسك الحزين واهل الغنماية اُم شنب برأيهم، فخرج اهل الغنماية اُم شنب والقرى المجاورة فى مظاهرات عنيفة ضد امريكا، فخرجوا يرفعون ويرددون الشعارات ضد امريكا...

يا امريكا ياعولاق
الغنماية اُم شنب اخطر من العراق
* * * * * ** *
بالدم بالروح
نفديك يارجبية
* * * * * ** *
يا امريكا ماتتنطنى
الكوكابولا مشروب وطنى
* * * * * ** *
الغنماية اُم شنب تحذر امريكا للمرة الاخيرة
* * * * * ** *
يا امريكا .. الدمار الدمار
بول رجبية حار ونار
* * * * * ** *
الخزين ياصنديد
أضرب امريكا بيد من حديد.

هكذا إحتد الموقف بين امريكا وأهالى الغنماية اُم شنب وإنتهت مفاوضات اباط المجنونة دون الوصل لحل يرضى الطرفين، فسحبت أمريكا مفاوضيها وأرجعتهم إلى نيويورك.

فرح أهالى الغنماية اُم شنب بإنسحاب امريكا من المفاوضات، فكان لهم هذا بمثابة النصر العظيم، فأقاموا الاحتفالات والافراح وسهروا اليالى الطوال فرحين.
وبعد أيام قليلة من إنسحاب امريكا من اباط المجنونة، وفى إحدى ليالى افراح قرية الغنماية اُم شنب هاجمتهم امريكا بالصاوريخ والطائرات قاصدة منزل آل رجبية فدمرت قرية الغنماية اُم شنب دماراً كامل ولم ينجى منهم أحد سوى غريب الراعى الذى كشف إلاعلام فيما بعد انه عميل أمريكا والامم المتحدة وانه لم يهبط على أهالى الغنماية اُم شنب من السماء.
بدأ إلاعلام فى تساؤل أمريكا لماذا تم ضرب وتدمير قرية الغنماية اُم شنب وقتل رجبية وأهلها!؟
فبكل سهولة اقنعت أمريكا العالم كله بأن رجبية بت شامة إرهابية وتتبول مادة كيميائية تساعد فى تخصيب اليورانيوم وصناعة أسلحة الدمار الشامل[/align].

عثمان حمد عثمان حمد
[/frame][/align]



التوقيع: عثمـان حمــد عثمـان حمــد
alhasahisa@hotmail.com
Osman Hamad غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 23-05-2009, 08:56 AM   #[7]
azzam_farah
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية azzam_farah
 
افتراضي الحالة

[frame="1 80"][align=right][align=center]الحاله[/align]

- طَيِب قُبال ما يحصل الحادِث بِتشوف شِنو ؟
- ما بتذكر في كُل مرة إلا صوت واحِد بِينادي واحِد إسمو عبدالجبار وبعد ده بلقاني مَيِت وبعايِن لِروحي وأنا مَيِت ... مَيِت يا دِكتور مَيِت ...
- طَيِب إهدا ... إهدا ... الحالة دي يا سَيِد الكجر مفهومة جِداُ في الطِب ... إنو الواحِد يِشوف نفسو مَيِت أو في وضع مُختلِف عن حقيقتو ... أو يشوف الناس البِحِبهُم والبِعرِفُم في وضع مأساوي ... ده مفهمو مفهمو ... عاوزك ما تقلق أبداً ...
- لكِن يا دِكتور الحِلم ده يوماتي بِجيني يوماتي ... وأنا مُصدِقو ...
- ليه ما بِتعتبِروا حِلم ... مُش إنت مُتذكِر إنك مشيت تنوم ... أكيد نُمت وحِلِمت ...
- في زول ... في زول ... بِيحلم بِبُكره ... وبُكره يحصل ليهو نفس الحِلم بيهو ...
- إهدا ... إهدا ... هاك أبلع الحبه دي ...
- يا دِكتور أنا ما شفت روحي بس المَيِت !
- شُفت مِنو تاني يا سيدي ؟
- بعد ما شُفت روحي مَيِت ... بعد كم يَوم كِده شُفتك إنت في حِله إسِما درب النمِل برضو مَيِت !
- درب النمِل ... عِرفت إسم حِلتي كيف ... مِن وين ... إتكلم ... إتكلم ... إتكلم
- سعد ... سعد صباح الخير ... حتأخر على العِيادة ... قوم يا كسلان ...
- صباح الخير ...
- بابا ... بابا الليلة مُش عيد ميلادي ؟
- ما في صباح الخير يا نانا يا حبيبتي ؟
- طَيِب صباح الخير ... الليلة مُش عيد ميلادي ؟
- الليلة عيد ميلادِك يا أجمل نانا في الدُنيا ، حأعمل ليك حفلة كبيرة
- ما تنسى يا سعد تجيب معاك زِيادة كيك وزينة
درس الطِب النفسي بعد تخرجِهِ إفتتح عِيادة أمراض نفِسية في شارِع الدِكاترة بِأُم دُرمان ... عِيادة أمراض نفسِية سعدالدين الفاضِل عبدالله ... والِدهُ الشيخ الفاضِل عبدالله يس مِن قرِية درب النمِل ريفي القضارِف ، فقيه القرِية وإمامِها ومُعالِجُها ... كان جُل وقتِهِ يُقضيهِ في حُجرتِهِ المُظلِمة مع كُتُبِهِ الصفراء وارِد الفجالة بِمِصر ، خافهُ بعض الناس وإحترمهُ بعضِهِم ...

- أزِيك يا عم علي ... كيف حالك ؟
- بِخير يا دِكتور ... نحْمِدوهو
-أها في زبائِن ... ولا أقرا لي كِتاب كالعادة ؟
- في واحِد إسمو الكجر عثُمان عبدالسَيِد
[/align][/frame]



التعديل الأخير تم بواسطة الفاتح ; 23-05-2009 الساعة 11:34 AM. سبب آخر: تنسيق
azzam_farah غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 23-05-2009, 07:00 PM   #[8]
مجدي عوض صديق
:: كــاتب جديـــد ::
 
افتراضي السواد الأعظم منها كان من الجمال

[frame="7 80"][align=center]السواد الأعظم منها كان من الجمال[/align]


[align=right]كان اليوم هاديء وهي لا يسمع لها صوت متجه نحو الغرب على شارع النيل، كانت بين الأشجار الكبيرة الحجم تظهر أشعة الشمس بين الحين والآخر وجوانب الأوراق لكن الصوت لا يسمع حتى للمارة رغم انهم قليلون جداً في ذلك الوقت. الزمان كان في إحدى الايام الخريفية، الوقت عصراً شارف على المغيب.
لكن تلك العربة كانت تشابه السايح الذي يجوب شوارع الخرطوم في ذلك الجو المنعش وبه دعاش ورائحة الطين والمطر.
اتجهت تلك العربة نحو النيل على الرصيف الشمالي للفندق الكبير الخرطوم رغم أن شجر اللبخ الضخم كانت تغازله الرياح بنوع من الحب النبيل إلا ان تلك العربة توقفت فجأة في هذا المكان وهي سوداء تسر الناظرين وهنالك نوع من الوهج واللمعان رغم السواد الأعظم منها كان من الجمال.
إنفتح الباب الأمامي للعربة وخرج منها صوتاً موسيقياً لا تسمع وهي تائهة بين العربة ولون المغيب وضخامة اشجار اللبخ، ونزل على الأرض جزء من أقدام رجل بحذاء أسود لامع وظهر جزء من الجوارب الرمادية اللون والبنطال الاسود في نفس السياق، كانت تفاصيل الرجال (الكلاسيكية) وهو ضخم الجثة، وترجل من على العربة وكان ذو شيب كثيف على جانبي الرأس وسواد كاحل في ما تبقى له من شعر، وهو ذو عينان واسعة ولكنها عميقة بقدر الاتساع، اتجه الى مؤخرة العربة وفتح الحافظة وأخرج منها مقعد مطبق خاص بالرحلات واتجه الي المنصة الخاصة على النيل وهي تشرف على ضفاف النيل الأزرق وتراقب ملتقى النيلين عن كثب، وضع المقعد واتجه نحو العربة وانفتح الباب الأيمن للعربة دون أن يمسه بيديه ولكنه أخذ شابة مقعدة في ريعان الشباب وهي جليسة لا تستطيع الحركة، كانت الفتاة بشعر اقرب الى اللون البني والذهبي وهو يتصاعد مع الرياح يميناً ويسارا وهي تحاول ان تبعده عن وجهها، وهو يحاول أن يداري الوجه من المارة، وهي تمتلك عيونا يمكن أن ترى بها أشياء لا تستطيع أن تراها العين المجردة، ولكن الرجل كان لا يتأثر بما يدور حوله من الصراع بين الشعر والعيون والرياح فهو ليس طرفا في ذلك الصراع.
وهو له مبرراته الموضوعية، كان منشغل باشعال نار الغيلون الذي اخرجه من الجاكيت ومن الجانب الآخر أخرج التبغ ومن داخل الجاكيت علبة الكبريت وهو يحاول أن يشعل الدخان الي ان نجح وأخرج من فمه دخانا كثيفا، وكان الدخان متصاعدا إلى أعلى ووجه الفتاة من الجانب الغربي للدخان، والشمس في الغروب، وهي قرص ذهبي في داخله وجه الفتاة وشكل الدخان يرسم تفاصيل مبهمة على ذلك الوجه والقرص، في تكوين يلتقي بتدرج اللون الذهبي على أمواج النيل.
أعلن الغروب الكامل موعد الرحيل تحرك الرجل في نفس الهدوء متجهاً إلى الفتاة وهي لم تحرك ساكناً وفي تجانس غير منظور حملها إلى داخل العربة وحمل المقعد الي الحافظة في الخلف واتجه الي المقعد الامامي في العربة وتحركت بصوت هاديء في ذاك الطريق واللون الأزرق منسجم مع لون الغروب على السماء والإنارة بدأت تشعل نفسها على أعمدة الطرقات ولم نعرف إلى أين ولكن كانت أناقة كاملة وجمال صامت.
حتى وصلنا مكان اشبه بالقلعة وله ابواب على شكل الدائري وهي من الحجر القديم ولكن بها لمعان الحداثة وكانت صالة العرض وهي لفنان تشكيلي يعرض لوحات لم أر مثلها من قبل، كانت الواحدة منها بطول ستة أمتار وعرض ثلاثة، وهي لوحات وعدد من الجداريات ،وكانت تحمل بداخلها صالونات لملوك قدماء، مملكة الفونج، وحروب في ذلك الوقت، ورقصات، ومادحين، وخيول، وتلك المرقوعة والمجذوبين من الدراويش بالأوان البهيجة والغارقين في حلقات الذكر من يحملون أعلام الصوفية والملامتية، وكل كان في داخل لوحته يحكي لي تلك الحياة.
دخل الرجل ومعه الفتاة الى الصالة وهي تجلس على ذلك الكرسي وهو يدفعها إلى الأمام وما كانت إلا لحظات وكانت الفتاة امام لوحة بها تتويج أحد الملوك في دولة الفونج، ويظهر الككر والطاقية أم قرينات والدفوف والطبول. رأيت كما يرى النائم ان تلك الفتاة ترجلت على أرجلها واتجهت نحو اللوحة، ولم أر شيئا بعد ذلك، سوى أنني إنتبهت إلي أن الرجل كان ملكاً في دولة الفونج والفتاة أميرة في ذلك الزمان، ولها شعر طويل ممشط تلبس الدمور الأبيض والألوان الخضراء، الطبول والخيول متحركة ورجل يطير من الارض إلى أعلى ولم أشاهده ثانية ولكني بدأت كالآتي: كان اليوم هاديء وهي لا يسمع لها صوت...[/align]color]
[/frame]



التعديل الأخير تم بواسطة الفاتح ; 24-05-2009 الساعة 07:41 AM.
مجدي عوض صديق غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 27-05-2009, 05:09 PM   #[9]
مالك معاذ سليمان
:: كــاتب جديـــد ::
 
افتراضي رأس السنة

[frame="7 80"][align=center]رأس السنة [/align]


[align=right]

بخطوات منهكة وصدر لاهث يعود الى البيت بعد يوم حافل بالجهد والحركة . دقات قلبه المتسارعة تتزامن مع دقات عقارب الساعة وتسابقها حيناً آخر كدقات درويش على دفٍ ممزق . تساءل في حيرة عن سبب ذلك . فتذكر بعد مشقة بالغة بأنه في آخر ليالي السنة ؛ سنة الفين وثلاث في ولاية كولورادو!

مدينة دينفر تشهد برداً قارصاً لم تفلح حرارة احتفالات اهلها في الحد منه . هاهي سنة الفين وثلاث تتأهب للانسحاب بهدوء وخجل مخلفة وراءها تجاعيد لاتخفى على وجهه الشاحب وشعيرات بيضاء نبتت بلا انتظام في ثنايا لحيته وشعر رأسه وشموع أمل تنطفئ في دواخله لا تحصى ولا تعد !!

لم يجد سبباً لخلع معطفه الجلدي وحذائه الشتوي الثقيل . فارتمى على اريكة الجلوس مصوباً نظراته نحو سقف غرفته المتواضعة .. غارقاً في تفكير عميق قاده الى محطات عده وجد نفسه في اغلبها غريب الوجه واليد واللسان . استغرق في دوامة من التفكير لبرهة من الزمان رغم ضجيج المكان . فقد كان وقتها خارج اطاري الزمان والمكان اذ تحسبه موجوداً . لكن بجسمه فقط . اما قلبه وفكره فقد حلقا في الافق البعيد حيث لا امنيات تطير ولا كائنات تمر !!

التقط قلمه ليدون آخر انطباعاته قبل ان تهرب منه لحظة الالهام . لكنه لم يجد ما يدونه . فترك الورقة بيضاء . ثم اسلم قياده لاغفاءة لم يدر كم استغرقت من الوقت . وحينما افاق كانت سنة الفين واربع قد ارخت سدولها مقتحمة عليه خلوته دونما استئذان . فأخفق حينها في استقبال سنته الجديدة وفي وداع الماضية بصورة لائقة .

لم يندهش بطبيعة الحال لاختفاء سنة وظهور اخرى بتلك السرعة لأن الدهشة في حد ذاتها قد ماتت في نفسه منذ امد بعيد ! لم يعد شريط اعوامه المنصرمة هذه المرة لأنه لم يجد مادة تستحق الاعادة والتأمل عدا ما اخترعه لنفسه مؤخراً من اوهام واحلام وردية عاش تحت ظل سحابتها احايين كثيرة املاً في في الحفاظ على على توازنه النفسي وتفادياً من الانزلاق في مستنقع الاحباط والجنون . السنون تمضي امام ناظريه رتيبة كحبات سبحة بين انامل عجوز مل الحياة وملته . فكر ملياً في الاحتفاء بالسنة الجديدة رغم اخفاقاته المتوالية . فتذكر في الحال دعوة صديقه بيل . فلم يجد مانعاً من تلبيتها رغم انه كان يعلم ان الاحتفاء بحلول السنة الجديدة لن يخفف من وطأة الاحباط التي تعتريه .

كان جو الحفل يدعوه بإلحاح للمشاركة لأن صمته الجليدي ذاك كان نشازاً واضحاً في خضم ذلك الصخب العنيف . اما نظراته الشاردة تلك فقد كانت معكرة لصفو تلكم العيون المغسولة بماء الفرحة والمسرة . وبينما هو يقلب فكرة الانسحاب من ذلك الحفل استرعى انتباهه صوت تلك المغنية الشابة المنتصبة كشجرة نخيل وهي تداعب بأناملها المموسقة قيثارتها المستلقية على صدرها الناهد . الح عليه حضورها المميز على طرد فكرة الانسحاب . فتوجه اليها بكل حواسه متابعاً اداءها الرائع وهي تردد : عش حياتك سعيدا مهما يكون فالدنيا بريق خاطف محالة ان يدوم !!

يأتي هذا اللحن الرائع لتتلقفه قلوب الحاضرين قبل آذانهم ولتردده خلجاتهم قبل حناجرهم . فتسري في نفسه نشوة رقيقة وتشع في روحه بارقة امل و تفاؤل يعقب ذلك احساس جميل بصدق تلك القلوب والحناجر في تجاوبها المنقطع النظير . وعندما يغوص عميقاً في عيني تلك المغنية يكتشف ذلك البحر الزاخر بلآلئ الفرح المتشبث بالحياة . لكن لايفوته ما تخبئه عيناها من لمحة حزن طالما حاولت مواراتها وسط ذلك الزخم من الموسيقى والغناء .

التفت الى الحضور يتفحصهم فوجد عيونهم لا تخلو من شارة الحزن تلك . واسقط بين يديه حينما لاحظ اتساع دائرة الحزن في بؤبؤ عيني المغنية .

في الوقت الذي كان يبحث فيه عن اجابة لتساؤلاته استرعى انتباهه نبرة الحزن المفاجئة التي تلبست صوتها واهتزاز قيثارتها بين اناملها المضطربة . فشرع يكذب ما رأته عيناه لكنه لم يستطع تكذيب ما سمعته اذناه او تكذيب حقيقة ما احس به قلبه !!

كان عليه ان يتشبث بتلك الغمامة من اللحظة السعيدة التي مرت عليه للتو قبل ان تتبخر في سماء احزانه وشجونه . تمنى حينها لو كان في نوبة من احلام يقظته التي طالما توارى خلف اطارها الزائف . احتدمت في دواخله معارك لا اول لها ولا آخر . وبدأت علامات استفهام متعددة تكبر وتتسع وتكاد تحتل كل حيز من رأسه . شعر بانفاسه تتقطع فلمح اشعة الشمس تحاول جاهدة اختراق زجاج النافذة . احس برغبة عنيدة في الخروج فاندفع كالقذيفة خارجاً .

استقبلته نفحات سنة الفين واربع الباردة . التقط نفساًً عميقاً وعندما هم بالرجوع وقعت عيناه ولأول مرة على لافتة عند المدخل تقول : نادي مرضى السرطان !!

تقلصت علامات الاستفهام في رأسه بل ذابت في ثوان . استدار نحو الشمس مرسلا اليها نظراته الملتاعة .. حاثاً خطاه المثقلة بالجليد صوب البيت ... وصوت تلك المغنية ما انفك يداعب اذنيه ... وشارة الحزن البليغ حول مقلتيها تزداد اتساعاً[/align] !!
[/frame]



التعديل الأخير تم بواسطة الفاتح ; 29-05-2009 الساعة 05:15 PM. سبب آخر: تنسيق
مالك معاذ سليمان غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 09-05-2009, 02:23 PM   #[10]
الفاتح
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية الفاتح
 
افتراضي

[frame="1 80"]السادة الأعزاء..
وجب التنويه إلى أن هذا البوست مخصص فقط للنصوص المرشًحة ،
نرحًب بكل الأسئلة التي تتعلق بالمسابقة في البوست المعنون ب " مسابقة القصة القصيرة "..
أعتذر عن الإزعاج.. لكن هذا مالزم توضيحه
شليل/مشرف منتدى نوافذ
[/frame]



الفاتح غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 10:44 PM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.