:: كــاتب نشــط::
|
[frame="7 80"][align=center]ماريا الخضرجية[/align]..
[align=right]يومين فى الاسبوع تمر ماريا الخضرجيه ناحيتنا بمقطورتها المحملة بالفاكهة والخضار الطازج..
ماريا تبدأ رحلة يومها من قمة الجبل وتطوف بمقطورتها الشوارع المتعرجة منحدرة للأسفل ,
فتصلنا بفاكهة وخضار أقل جودة,,
لهذا عمدت إلى التعرف عليها وتوصيتها بحفظ بعض الخضار الطازج جانبآ لأجلى...
ماريا طويلة القامة بشكل مذهل على عكس أهل المنطقة
متوسطى القامه أو قصارها فى الغالب والقريبى الملامح من العرب...
ماريا شعرها أسود حالك ,تتركه على كتفها وحول وجهها دون إعتناء فتبدوا غجرية لاتزعجها الريح..
هى دون شك إمرأة شاهقة الجمال باذخته, يطل من أعينها حزن مظللآ لجوف أعين
واسعة,ذات نظرة عميقة تعرف أين تنظر وماذا تود,,شفاهها ذات لون برونزى
..نادرآ ماتبتسم..قليلة الحديث ,وإذا فعلت يخرج منها صوت متهدج إنثوى تشوبه بحة من كثرة التدخين ..
كثيرة الكح..تفوح منها رائحة خمر كلما تحدثت إليها..
نساء القرية لايحببنها فجمالها جعل الكثير من رجال ذلك المجتمع التقليدى يهتمون بشراء الخضر والفاكهة بل وتقضية وقت طويل فى تنقيتها وتناول الأحاديث مع ماريا , لاحقآ وبعد أن توطدت علاقتى بها حكت لى مضايقتهم لها .....
,,,,
البداية كانت فى أمسية دافئة,درجات الحرارة جاوزت 35 -
النجوم إعتنت بتزيين السماء والشاطئ هادئ إلا من أصوات
السياح والعشاق المتناثرين على الرمال , بعضهم أوقد نارآ
وأكتفى البعض بضوء النجوم...
رائحة البحر طازجة وجديدة كأن الموج لتوه يخلق..الرمال
على إمتداد الشاطئ متحدة اللون والهيئة..وريح خفيفة ساخنة
تهب من ناحية البحر , يسمونها (الشروك) ,يقولون أنها تأتى
من أفريقيا والمدارات الساخنة..قوية بحيث تعبر طريقها خلال
المتوسط لتصل هادئة إلى شوطئهم مشحوذة بكامل دفئها....
تعرق مسام الأرض وأشجارها , وأيضآ أجساد البشر وحتى الموج
يعرق والأحجار التى تسفلت الشارع منتظمة بألوان بنية غامضة
وبيضاء ,,المرمر الذى تشتهر بإنتاجة صقلية يعكس أضواء
مصابيح الطرقات..مقاعد حجرية من المرمر
تعكس أضواء منازل فخمة قامت على أطراف الشاطئ....
الكون يعرق بهدوء وأنا ومن حولى نستجير بالماء..الساعة
تقارب الحادية عشر ليلآ..
سبحت نحو منطقة الصخور وأنا أقترب لمحت خيال شخص يجلس
على أطراف صخرة,,أقتربت أكثر فتبينت الشعر الغجرى والقامة
الطويلة,,,جالسة بلباس البحر وعلى كتفها منشفة,,فخمنت أنها
خرجت من الماء قبل قليل..بجانبها وضعت زجاجة شراب أتت على
نصفها..سبحت حتى وصلت قبالتها تمامآ ,,كانت تجلس فى منطقة
المياة تحتها غريقة وضاجة تركت جسدى يطفو على الماء حينآ
بادرتنى قائلة,,
- ماذا تفعل هنا..??
إعتمدت بيدى على أطراف الصخور وصعدت حتى بلغت ناحيتها..
قلت لها,
- ماريا ماذا تفعلين وحيدة هنا ..??
قالت ضاحكة,
- هل من عادتك أن تجيب على السؤال بسؤال..??
,,,,,,,,
ماريا الصامته كانت تنظر نحو جبل (Erice) بشرود,,
تحرك قدميها داخل الماء بتراتب,ودخان سيجارتها يرحل
نحو الموج ويتلاشى..حزنها واضح فى صفاء الليل وشرودها
متحد مع صفو المكان كتؤام..تركتها لصمتها وأستلقيت على
الصرة ألتقط أنفاسى..
سألتها بعد حين,,
- لماذا أنت حزينة هكذا ..??
أرجلها بنفس الرتابة كانت تتحرك فى الماء ..لم تعرنى جوابآ..
أحسست بفداحة سؤالى..سؤال كهذا لايلقى هكذا وفى هذا الوقت..
قررت العودة للشاطئ,,أعتمدت على الصخور مجددآ ونزلت إلى الماء..
ضربت الماء بيدى مبتعدآ عنها..
صوتها جآنى فية بعض رجاء..
- إبق قليلآ...
توقفت عن السباحة وأنا أفكر..
هذه إمرأة تعيسة..ستعكر صفو هذا المساء الحالم......
ولكن عذوبة صمتها وغرابة حزنها يشفعان لعودة وإصغاء..
أعرف أن قصة ما تكمن خلف هذا الصمت الحزين..
جلست حينآ لاأدرى ماأفعل أو أقول..تركتها حينآ ترتب
ذاكرة مرهقه..نظرت نحوها فبدت غاضبة..صفحة وجهها تبدو
واجمة كأنها تصد البحر عن شواطئه..مدت لى ماتبقى من كأسها,
دون أن تنظر نحوى..
بعمق تنظر للماء كأنما تسرب خاطرة أخرى تعبة للموج..
عكفت على صمتها.. وظللت أنا مستلقيآ على الصخرة يفصلنى
عنها نصف متر..أنفاسها تعلو وتهبط,,فجأة أخذت تهتز بقوة
وكأن صاعقة نزلت عليها..أخذت تبكى بحرقة.. بعد حين إستلقت
على الصخرة وهمدت تمامآ حتى ظننت أن الروح فارقتها..
أعدت أنا صلتى بالنجوم وظلت هى على حالتها قرابة نصف الساعة
..فكرت فى معنى الخلق والتكوين وكم هو الوقت الذى تستغرقه إدارة
ساعة الكون وتفاصيله..ترى أيهما أهم ,المسافة التى تحصر النجم فى
مسارة أم حزن إمرأة تعيسة..
هبت نسمة دافئة أخرى فكرت معها بنزع جلدى والعودة للماء..
ماريا كانت تصب لنفسها كأسآ آخر..
صوتها كان هادئآ وكأن بكاؤها بعثها حية مرة أخرى,,
,,,
,,,
,,,
المساء يرف بثوبه من جديد,بهدوء وروية يطوى أطراف الضوء
ويخيط لها لون متسارع التغير... أحمرآ ثم قانى بلون الدم
وربما طعمه..نصل حاد كان ينسل من وسط السحب المتحدة ناحية الجبل
وعندالبحر بقرب أماكن صناعة الموج ,,يشق
النصل أسفل السماء ويرتفع بتمهل غير عابى ببكاء الضوء, ,اللون القانى
يشبع مسام البحر ,هناك حيث يخلق الموج..
من أمام منزل ماريا بدأ لى الغروب شاحبآ كذكرى عديمة المعنى وتافهه..
وهى من المرات القلائل التى أحس فيها بأننى غير مجدى ...
هو ليس منزلآ كما تحمل المعنى بل (كرفانآ) قائم أسفل الجبل وليس بعيد
عن الشاطئ يحيط به سور خشبى متهالك ومتآكل بفعل الرطوبة وعدم الإعتناء
..ليس حوله منازل أو أحياء ..قائم بذاته فى تحدى مثير لمنازل الشاطئ المرمرية الفخمة..
أسبوعان لم تمر ماريا ولم يسمع أحد شيئآ عنها..فجاءة أختفت كما ظهرت..
دعتنى ذات مساء إلى كرفانها ,كانت منسابة وبسيطة ,نفس البحة والصوت المتهدج الحزين فقط كانت تضحك أحيانآ,المكان أكثر نظافة من قبل وهى
أيضآ,أعتنت بالطاولة ,وبشعرها..
بعد كأسها الرابعه أرتنى البومآ حوى صورآ لها وأطفالها, لاحظت أن أغلب الصور التى تجمعها مع أطفالها غير مكتملة ,وكأنما قرأت مايدور برأسى,
- منذ تلك الحادثة قمت بقص جميع صورة..
صوت مغنى الروك (فاسكو روسى) كان ينطلق حزينآ..
أغلقت الألبوم دون أن أكمل بقية الصور ومضت هى تنفث مجددآ من دخان سيجارها..
فجأة قالت,
- لماذا لاتودنى كما الآخرين,,
تحب ماريا الكونياك,تشربه بتلذذ مدهش ,تسرب السائل المحرق خلال أسنانها
ببطء وتخلطه بلعابها وتقفل أعينها وتبقى الخليط حينآ ثم تحركه فى فمها
كمن يلوك طعامآ وبشكل لايخلو من إنوثة ,كانت الزجاجة تمضى نحو نصفها,
لم أجبها,ولم يبدو أنها تتعجل إجابتى,
كل مافى ماريا ينضح بالأنوثة حتى حزنها ,هى تعرف أنها إمرأة لاتقاوم,
- أنت مثاليآ أكثر ممايجب,
أكملت وهى تمر أمامى بطريقة متقنة,
- ليس عيب أن تنالنى,..
بقية حديثها لم يكن واضحآ فقد عجنته بلغه المانيه ..
لاأظن بأن ماريا كانت تودنى حينها,ربما كانت تحاول هزيمة أشياء أخرى..
لست أنا من يأكل الفاكهة لأنها فاكهة..
- أوهامك الشيوعية لن تورثك سوى الجنون...
أدرى ياماريا أننى فى مكان ما متسربل بالبرجوزاية, كآخرين ولكنى
أدرك أيضآ أن الحقيقة لم توجد بعد وأن الوهم طريق مختصر لتقبل الحياة كما نحتها فلاسفة وأدباء إعتنى بهم دود الأرض دون تمايز,
أدرك ياماريا أن المرأة التى تحب العالم نادرة كما الرجل ,وأدرى أنك لست جنتى المشتاه حين يرحل الجسد فى غربته عن الجسد .. ربما صفاؤك هو السبب الأوحد لوجودى هنا..
لاتحب ماريا هذا الحديث ,,تتقبله على مضض ..
..تغير ملابسها لعدة مرات فى مساء واحد ,تغير تسريحتها وشكل الطاولة..
,,,
خرجت من منزل ماريا والسماء يعمها السواد ,,تلتحفه بصمت
ناحب ,ربما الأرض نادمة على فعلها الأخرق اليومى..تستدير وتستدير
,رغبتها ماضية..
فى نفس المساء الذى بكت فيه بحرقة ,كنت على قافية أخرى أتودد
لروحى كى تغفر,أنظر إلى السماء ولاأرى سوى ضوء عادى ,خامد,جسد كونى
آخر يسقط يقرظ الشعر لأجله وتؤجل بقية الأشياء من أجل أمنية حالمة,
ومارية بجوارى ليلتها, كانت تحاكى الأرض , ملتفة على جمال خفى وفى بقية
الكون تسكن سرها...
بعد بكاؤها بعثت حية ..السر الذى تطوية الضلوع لاينفلت إلا من عقل تغيب
,,من قلب لصيق بنبض الأله,حينما تصبح الحياة نجوم وماء وقمر ,,
إرتدت الثوب الأبيض مبكرآ ,حبها للكنيسة جعل الأمر أسهل
,فغاية حياتها كانت زوج وأطفال ,رداء تخيطه لهم ,تطهو أيضآ راضية ,هى أرض متفننة فى فعل التكرار ,اليوم يشابه الغد ,,
قالت..وقالت..
ولم أنطق أنا بحرف,
بعد أسبوعين من غيابها وجدت الكرفان حافيآ وزهوره ميته,بحثت عن المفتاح
فوجدته فى مكانه,متسخآ كعادته وصدئآ ,أن لم تتحايل عليه إستحال لجزيئن فى ثقب الباب..
رائحتها عالقة بالمكان ,رائحة ماريا لاتقاوم (هكذا كنت أتبسم وانا أنظر المكان الخالى),
حين فتحت الباب كان الكرفان مهجورآ ,بائسآ...لاشئ على الجدران ,لاطاولة
حتى الأزهار التى تحبها وتلهى بها نفسها حين يشتد غضبى ,قد أختفت ,,
بحثت عنها دون فائده ..
لم تترك ماريا أثر فى هذا المكان..
كنت فى طريقى للخارج حين لمحت مظروفآ ملصقآ على الباب من الداخل,
أغلقت الباب ووضعت المفتاح الصدئى فى مكانه...
سرت على أرجلى حتى بلغت المكان الذى التقيتها فيه ذات مساء..
جلست على نفس الصخرة ,,
أشياء تأتى وتذهب فى مران عجيب للذاكرة,
-ليس من حقك أن تخاطبنى هكذا..
أرجل حافية على الرمل وإبتسامة تحتفى بالمساء ,,
لم أدرى هل كنت غافيآ أم لا,
لكنى بوضوح أتذكر عربة تمر من خلفى وصوت أعرفة
-مساء الخير,
-هل من عادتك أن تجيب على السؤال بآخر..??
الصوت أعرفه ولكن من الذاكرة لايخرج سوى دخان..دخان
-هربت منه نحو الشرفة ,يده كانت مطبقة على حلقى ,دفعته
بكل قوتى,وحين إلتقط أنفاسى كان يرقد فى الأسفل..
كنت مشدوهآ ربما ..مندهشآ.. ,بقية كأسها الذى مدته
نحوى تحجر ,فلا يدى تمتد نحوها ولاهى قادرة على شربه..
- أين فى الأسفل..!?
غيرت ثوبها للمرة الثانية..أعينها الواسعه خالية من الحياة,
- كان كجرم طائش هوى من السماء لايهاود فى مستقره..
لم تكن تأبه بسؤالى..
-أين فى الأسفل...!!?
قالت وقالت
- كان يضربنى
-أين فى الأسفل...???
وقالت
- قبل تعرفى عليك كنت أعيش فى سلام..
وقالت
- تبآ لك إنى أكرهك...........
يهوى النجم من على متفاخرآ بإنفلاته ,يتأبط صخره والأتربه ..
يحترق
ويحترق
وتصوغ له معادلة الكون ذنبآ لاهبآ,يتناثر على مرأى من شواهد الكون ,
ليس خجلآ أو نادمآ ,
المظروف الذى أخذته من الباب لايذال فى جيبى ,
أتخوف من فتحه ,ذاك سبب كافى (لهرجلة) الذاكرة,,كم أكره هذه المظاريف
غير الأنيقة..عليها إسمك فى المنتصف ,توضع حيث حتمآ ستراها,مغلقه بعناية وكأن كاتبها تخير أجود أوقات صفاؤه لسجنك داخلها,,
Caro Gily
.............................
.................................................. ...
....................................
........................................
.................................................. .
.................................................
..................................................
.................................................. .....
,
.................................................
....................................
.................................................. .
.................................................. ..
ليتنى لم التقيك[/align]
ماريا[/frame]
التعديل الأخير تم بواسطة الفاتح ; 24-05-2009 الساعة 07:46 AM.
|