ماذا سنفعل حين تضع الحرب أوزارها؟ !!! حسيــــن عبد الجليل

دعوة لمشاهدة فلمي ( إبرة و خيط ) !!! ناصر يوسف

قصص من الدنيا؛ وبعض حكاوي !!! عبد المنعم الطيب

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > نــــــوافــــــــــــــذ > أوراق

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 02-11-2008, 11:45 AM   #[1]
عماد عبدالله
:: كــاتب جديـــد ::
 
افتراضي قُصَاصَات

( 1 )
رَقِبتُ ذيله يمخر فوقي السموات ..
قلتُ : و جعلناكِ رجيماً للشياطين .. جعلناك رجيما ..
عدتُ أوسوسُ لي : ماذا لو تراصت الشياطين و الجن و استرقوا حديث السماء ؟ .. ما ضرّ ؟
إرتَدّتْ إليّ الآية : ( قل أوحِيَ إليّ انّه استمعَ نفرٌ مِن الجِنّ فقالوا إنّا سمعنا قرآناً عجبا * يُهدي إلى الرُشدِ فآمنّا بِهِ ) .
تمنيتُ على المُنى أن أستمع عجبا .. حتى رثيتُ لخيبة المسترقين .. حتى رثيتُ لنأي السماء .

( 2 )
صباح الخير يا جسدي ..
يوم آخر تسترني فيه .. !!
كم أنني عورة .

( 3 )
في المسافة بين الحي و المدرسة تلامستُ و زندها .. و أمعنتُ استزادةً في التلامسِ حتى أوجَعَتني روحي .
نزلتُ من الحافلة أحملُ ذنبيَ الجميل .. بينما شيعتني هي ببصرٍ كالحديد ..
بقيتُ و طيفها نتلامس حتى المحاضرة السابعة , و الظهيرة صهدٌ صيفي .. و معلم الفرنسية يرمقني مبرطما : vous écoute sont pour moi ؟

( 4 )
في مكة نَهْنَهتُ من خشيةٍ و أنا أدخل الحرم و تدخلني الرهبة - لمَرّتيَ الاولى – .. فدَمِعتُ .
في ذات المساء في عرفات و حين سكن رهق القوم الحجيج .. تمددتُ من تعبٍ , تفكرتُ وهواء الليلِ ناعمٍ طَلِي :
لو أنني واجدٌ كأساً دِهاقاً في هذا الصمت النسيم .. !!
تلمظتُ طعم الشرابَ في حلقيَ العطِش ..
و كانت معلقةٌ أعيني في ظلمة الليلة و سماء الله الصيفية .
بقيت مراوحاً عُتهيَ حتى استغفرت إسرافي على نفسي و .. الدنيا نسكٌ و أمان .
تفكرتُ فتعبتُ .. فنمتُ .

( 5 )
ظل يرددها في صلواتِه الجَهر ..
: ( صلاة الذين نعم نعمتُ عليهم ) ..
قلتُ – و أنا الولدُ الدارس للمدارس - :
يا جَدي .. هي ( صِراط الذين أنعمتَ عليهم ) .. رددتُها عليه مُحرَجاً من " شوية " العلم الذي اجترأتُ به على سيدي جَدي ..
فرددها هو مِن خلفي مزهواً بـ ( الولد الفالح ) الذي أخرجه الله من صلبه : " صراط الذين أنعمتَ عليهم " .
في أرقي الفجري سمعته يتلوها بذاتِ لسانه القديم .. ذاته : صلاة الذين نعم نعمت عليهم ..
فنمتُ ساخراً مني .
مات جدي .. و رجع إلى ربه داخلاً في عباده : ( نفسٌ مطمئنة ) ..
و بقيتُ معلقٌ من بعده أجاهد إصلاح العالم بـ : " صراط الذين أنعمت عليهم " .
- جسدي مُغطيٍ عورتي - حتّامَ ؟؟

( 6 )
أول ما رأيت من بحارٍ كان بحرُ " سواكن " ..
( قالوا اسمها : سبعة جِن .. حُرّفت و حُرِفَتْ حتى عَجُمَتْ فآلت إلى سباجن .. سواكن ) ..
أظنني كنت ثملاً رؤيتئذٍ .. و لأسبوعين من بعدها ظللتُ و البحر متلازمين ..
تعاطيتُ محاراً مخاطياً مع الخواجية التي تحب " البنقو " و البحر , و تسكن جُحراً مبتنىً من أحجارٍ مُرجانية و قواقع .. و طفلتها السمراء " لوتس " .
قالت أن والد الطفلة الخُلاسية حبشيٌ مجنون .. ركب البحرُ ذاتَ نشوةٍ .. و لم يعد .
فأول ما رأيت من بحارٍ كان بحر" سواكن " ..
كبيرٌ كان و أزرقَ أزرقْ ..
شتاءٌ و بحرٌ .. و " سواكن " .
ثم أن الليل في بحرِ" سواكن " عامرٌ بالإرتطامات ..
البحر يرتطم بأحجار الشاطيء .. يرتطمُ الموجُ بالبحرِ ..
ترتطم المراكب و " السنابيك " العتيقة بعضها ببعض , و بالموجات ..
ترتطم رائحة العفونة البحرية بخياشيم الدنيا ..
الجن السبعة يرتطمون بالحكايا ..
أرتطم أنا برأسي .. و أرسم كمن يستبق شيئا ..
بحرٌ .. و النمش على صدر الخواجية المسطولة.. بعيناها المنكستان كشراعٍ طُوِيَ .
رأيتُ كثير بحارٍ من بعد .. لكنها بلا نمشٍ و لا قواقع مخاطية و لا " لوتس " ..
فالبحرُ سواكن .

( 7 )
رجع من أوروبا مُحنَقاً .. و أشيباً ..
ثم قضىَ مُلازماً لأمي وقته كله .. يصمتُ هو .. و تحكي هي .
غادر بعد سنين - لا أعرف إلى أين -
صَمَتَتْ أمي مُنذها ..
بقِيََتْ حانقةً .. و ابيَضّ شعرها كثيرا .
بعد موتها , تلقينا بطاقة ملونة من " أثينا " ..
شجرة عيد الميلاد على وجه البطاقة الملون .. و على ظهرها الأبيض كَتب :
( أرض الله واسعة يُمّه .. أنا بخير .. أدعي لي , وابقي طيبة ) .


( 8 )
رسمتها في حدائق النيل , و العامُ صِفرُ اليدين ..
جفف السلطانُ الحاكم منابع السماء و الأرض عامئذٍ , فتشارك الناس و النمل القوت ..
عامٌ رمادة ..
رسمتها بالقلم الرصاصي H8 : ( شحّاذةٌ متسولةٌ ) ..
بشلاّخٍ عريضٍ على صفحتي وجهها الكتاب المقدس .
سنين بعدها توالت .. و كثير مياهٍ عَبَرت من تحت الجسر ..
لكن عام الرمادة بقىَ و استطالَ عقوداً .
- في البلاد الأجنبية .. كنتُ أنا الأجنبي -
أخرجتُ رسمي لها من بين أرتال ورقٍ و أحزانٍ .. و وطن ..
لقيتُها شحاذتي تخرج وجهها الكتاب المقدس بورتريهاً .. بلا شلوخ ..!!
بينما .. كنتُ مفصوداً من الأفق حتى الجدار .

( 9 )
تضحكينَ كثيراً ..
فتُمطِرْ .


( 10 )
في جيبته الصغيرة .. وجدتها .
في جيبة الساعة في جلبابه " الأنصاري " ..
وجدتها .. عشرة جنيهات مطوياتٍ بعناية ..
( أتعهد بأن أدفع عند الطلب لحامل هذا السند مبلغ عشرة جنيهات سودانية )
التوقيع : السيد الفيل .. محافظ البنك المركزي .
راتبه - أبي - كان ثماني عشرة جنيهاتٍ : عاملاً ..
و ستة جنيهاتٍ و هو " خفيرٌ " شيخٌ فوق السبعين ..
مات مطوية جنيهاته العشرة في جيبة جلبابه الأنصاري .. و ظلت هناك لعقود ثلاث .
طويتها معيدها لسيرتها الأولى .. معها طويتُ تعهد السيد الفيل المحافظ المركزي .. و وزير ماليته مأمون بحيري .
تأملتُ أوجه ثلاثتنا في المرآة .. ثم بصقتُ .

( 11 )
" جوليانا " الأسترالية الحسناء سكرتيرة المدير ..
رأيتُ جانباً من فخذها البض .. من تحت طاولة مكتبها .
تمَلمَلَتْ هي من وطء أعيني .. فطَلَبتْ لي كوبا من الكابوتشينو ..
فتَمَلمَلتُ أنا واضعاً أوراقي على حِجريَ .. و بِضع لذةٍ خبيثة ..
قلتُ : لا بأس .. سأنتظره .
في المساء حكتْ جوليانا عن كل شيء ..
- وحدنا .. و بيننا أقداحٍ و دخانٍ و كلام -
في الصباح التالي , و في مكتب المدير .. لم أرَ فخذها البض !
رأيتُ ابتسامتها و وجهها الإنسان ..
و .. قابلتُ المدير .



عماد عبدالله غير متصل   رد مع اقتباس
 

تعليقات الفيسبوك

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 01:09 PM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.