ـ (تُرَى عَمَّ تَبْحَثُ المُخَابَرَاتُ البِرِيْطَانِيَّةُ فِى أَوْرَاقِ حَسُّوْن؟)
دُكْتُوْر كَتَكُو : (المُخَابَرَاتُ البِرِيْطَانِيَّةُ كَانَتْ تَعْتَقِدُ أَنَّ بُرُوْفِيسُور حَسُّوْن قَدِ اخْتَرَعَ شَيْئاً سَيُغَيِّرُ خَرِيْطَةَ أَشْيَاءَ كَثِيْرَةٍ فِى أَذْهَانِ العُلَمَاءِ . وَإِنْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّ بُرُوْفِيسُور حَسُّوْن قَدْ أَحْرَزَ دُكْتُوْرَاةً فِى الكِيْمْيَاءِ وَأُخْرَى فِى الفِيْزيَاءِ النَّوَوِيَّةِ ؛ فَيُمْكِنُكَ بِنَفْسِكَ أَنْ تَصِلَ إِلَى ذَاْكَ الشَّىْءِ الكِيْمِى ـ فِيْزيَاِئِى ؛ الَّذِى لاأَقُوْلُ اكْتَشَفَهُ بَلِ اخْتَرَعَهُ بُرُوْفِيسُور حَسُّوْن ؛ وَالَّذِى سَيُغَيِّرُ صُوْرَةَ العَالَمِ أَوْيَأْتِى بِصُوْرَةٍ أُخْرَى لِلعَالَمِ .. صُوْرَةٍ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا مَصِيْرُ الكَوْنِ كُلِّهِ) . وَدّالبَاشْكَاتِب : (إِنْ لَمْ تَكُنِ المُخَابَرَاتُ البِرِيْطَانِيَّةُ تَبْحَثُ عَنْ شَىْءٍ تَوَصَّلَ إِلَيْهِ حَسُّوْنٌ يُطِيْلُ عُمْرَ الإِنْسَانِ ؛ فَلاطَائِلَ مِنْ وَرَاءِ بَحْثِهَا ؛ عَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّ عُمُرَ حَسُّوْنٍ نَفْسِهِ كَانَ قَصِيْراً!)
دُكْتُوْر كَتَكُو : (بِحِسَابِ السِّنِيْنَ عُمْرُ بُرُوْفِيسُور حَسُّوْن كَانَ قَصِيْراً ؛ أَمَّا بِحِسَابِ الاكْتِشَافَاتِ وَالاخْتِرَاعَاتِ فَبُرُوْفِيسُور حَسُّوْن مَازَالَ يَعِيْشُ وَسَيَظَلُّ يَعِيْشُ إِلَى أَنْ يَرْفَعَ اللَّهُ العِلْمَ مِنَ الأَرْضِ) .
وَدّالبَاشْكَاتِب : (وَهَلْ حَدَّثَكَ حَسُّوْنٌ عَنْ أَىِّ اخْتِرَاعٍ لَهُ؟)
دُكْتُوْر كَتَكُو: ( نَعَمْ) .
ثُمَّ حَدَّثَهُ عَنِ العَقَّارِ الَّذِى تَوَصَّلَ حَسُّوْنٌ إِلَى تَرْكِيْبَتِهِ ؛ وَالَّذِى يُحَدِّدُ دَوْرَ الإِنْسَانِ فِى الحَيَاةِ وَهُوَ بَعْدُ فِى رِحِمِ أُمِّهِ ؛ وَالَّذِى جَاءَ ذِكْرُهُ ضِمْنَ شَهَادَتِهِ فِى المَحْكَمَةِ فِيْمَا بَعْدُ .
وَدّ البَاشْكَاتِب : (المُخَابَرَاتُ البِرِيْطَانِيَّةُ كَانَتْ تَعْمَلُ عَلَى مَحْوِعَائِلَةِ حَسُّوْنٍ مِنَ الوُجُوْدِ ؛ حَتَّى لايَظْهَرَ فِيْهَا حَسُّوْنٌ آخَرُ يُهَدِّدُهَا فِى الصَّمِيْمِ ؛ كَمَا فَعَلَ بُرُوْفِيسُور حَسُّوْن وَدّالنُّعْمَان . المُخَابَرَاتُ البِرِيْطَانِيَّةُ كَانَتْ تَعْمَلُ عَلَى مَحْوِ عَائِلَةِ حَسُّوْنٍ مِنَ الوُجُوْدِ بِاخْتِطَافِ أَفْرَادِهَا وَقَتْلِهِمْ ؛ وَتَنْتَهِى القَضِيَّةُ بِادِّعَاءِ انْهِيَارِ أَحَدِ البُيُوْتِ عَلَيْهِمْ مِنْ جَرَّاءِ هَدْمِ النِّيْلِ لِبُيُوْتِ قُوْزْ قُرَافِى .. كَانُوا يَنْوُوْنَ ارْتِكَابَ الجَرِيْمَةِ وَتَحْمِيْلَ النِّيْلِ عَقَابِيْلَهَا ؛ لِذَا أَنَامُوا كُلَّ أَهْلِ قُوْزْ قُرَافِى حَتَّى حَيَوَانَاتِهِمْ . لَكَنَّ اللَّهَ جَعَلَ كَيْدَهُمْ فِى نُحُوْرِهِمْ .. اللَّهُ أَكْبَرُ فَوْقَ كَيْدِهِمْ ؛ سَوْفَ نَثْأَرُ لِحَسُّوْن وَدّالنُّعْمَان وَنَنْتَقِمُ لِقُوْزْ قُرَافِى مِنْ هَؤُلاءِ الَّذِيْنَ قَتَلُوا حَسُّوْناً بِلا ذَنْبٍ ) .
قَالَ وَدّالبَاشْكَاتِب ذَلِكَ وَقَدْ تَهَيَّجَ هِيَاجاً شَدِيْداً حَيَّرَ المَامُوْنَ كَثِيْراً ؛ لِمَا عَرَفَ عَنْ وَدّالبَاشْكَاتِب مِنِ انْضِبَاطٍ فِى الأَعْصَابِ يُثِيْرُ الدَّهْشَةَ فِى أَصْعَبِ المَوَاقِفِ . لَكِنَّهُ رَغْمَ حَيْرَتِهِ سَأَلَ دُكْتُوْر كَتَكُو :
ـ (لِمَاذَا تَكْرَهُ أُوْرُوْبَا وَالغَرْبُ عُمُوْماً حَسُّوْناً إِلَى هَذَا الحَدِّ؟)
دُكْتُوْر كَتَكُو : (بُرُوْفِيسُور حَسُّوْن فِى أُوْرُوْبَا كَمِسْمَارٍ مُحَمَّىً غُرِزَ فِى لَوْحٍ مِنَ الزُّبْدِ .. بُرُوْفِيسُور حَسُّوْن أَوَّلُ عَبْدٍ يَسْتَعْمِرُ بِرِيْطَانْيَا .. بُرُوْفِيسُور حَسُّوْن اسْتَعْمَرَ بِرِيْطَانْيَا بِعَقْلِهِ .. بُرُوْفِيسُور حَسُّوْن إِنْسَانٌ تَآخَى قَلْبُهُ وَعَقْلُهُ ؛ لِذَا وَقَفَ بِصَلابَةٍ فِى وَجْهِ مَنِ اسْتَعْمَرُوا بَلَدَهُ . بُرُوْفِيسُور حَسُّوْن كَانَ دَائِمَ القَوْلِ لِى : <أَعْدَائِى فِى قُوْزْ قُرَافِى يُخْلِصُوْنَ لِى أَكْثَرُ مِمَّا يُخْلِصُ أَصْدِقَاءُ لأَصْدِقَائِهِمْ فِى أُوْرُوْبَا ؛ هَذَا إِنْ كَانَ لِى أَعْدَاءٌ فِى قُوْزْ قُرَافِى> . أُوْرُوْبَا كُلُّهَا تَكْرَهُ بُرُوْفِيسُور حَسُّوْن ؛ لأَنَّهَا تَعْتَقِدُ أَنَّ مِثْلَ عَقْلِهِ لايَجِبُ أَنْ يَكُوْنَ فِى جُمْجُمَةِ عَبْدٍ . هَلْ سَمِعْتَ بِأَوَّلِ قَانُوْنٍ لِلعَبِيْدِ؟)
المَامُوْن : (لا) .
دُكْتُوْر كَتَكُو : (أَوَّلُ قَانُوْنٍ لِلعَبِيْدِ وَضَعَتْهُ مُسْتَعْمَرَةُ (كَارُولينا) سَنَة 1628ميْلادِيَّة ؛ وَجَاءَ فِيْهِ :<إِنَّ العَبْدَ لانَفْسَ لَهُ وَلارُوْحَ ؛وَلَيْسَتْ لَهُ فِطْنَةٌ وَلاذَكَاءٌ وَلاإِرَادَةٌ ؛ وَإِنَّ الحَيَاةَ لاتَدِبُّ إِلاَّ فِى ذِرَاعَيْهِ> ؛ وَلَكِنَّ بُرُوْفِيسُور حَسُّوْن أَثْبَتَ بُطْلانَ هَذَا القَانُوْنِ كَلِمَةً كَلِمَةً؛ لِذَا تَكْرَهُهُ أُوْرُوْبَا . الأُوْرُبِيُّوْنَ كَانُوا يَقُوْلُوْنَ: <إِذَا رَأَيْتَ عَبْداً نَائِماً فَايْقِظْهُ ؛ كَىْ لايَحْلُمَ فِى نَوْمِهِ بِالحُرِّيَّةِ> ؛ لِذَا كَرِهُوا بُرُوْفِيسُور حَسُّوْن ؛ إِذْ أَثْبَتَ لَهُمْ أَنَّ النَّوْمَ لَمْ يَعُدْ شَرْطاً لِلحُلُمِ ؛ وَأَنَّ العَبْدَ أَصْبَحَ يَحْلُمُ وَهُوَ مُسْتَيْقِظٌ ) .
وَالمَامُوْنُ بَيْنَ النَّائِمِ وَالمِسْتَيْقِظِ يُعِيْدُ فِى ذِهْنِهِ هَذا الشَّرِيْطَ الَّذِى رُبَّمَا نَسِىَ فِى هَذِهِ اللَّحْظَةِ بَعْضاً مِنْ أَجْزَائِهِ؛ لَكِنَّهُ قَطْعاً لَمْ يَنْسَ كَلِمَاتِ دُكْتُوْر كَتَكُو لَهُ؛ وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ تَرْتِيْبٍ : (بُرُوْفِيسُور حَسُّوْن كَانَ رَجُلاً قَوِيّاً ؛ تَرَى العَضَلاتِ المَفْتُوْلَةَ حَتَّى فِى أَنْفِهِ وَأُذُنَيْهِ ؛ مِثْلمَا هِىَ فِى عَقْلِهِ وَرُوْحِهِ .. يَرْتَعُ فِى بَشَرَتِهِ لَوْنُ زُنْجَىٍّ وَيَدْفِنُ فِى قَلْبِهِ خَنْجَرَعَرَبِىٍّ. بُرُوْفِيسُور حَسُّوْن مِثْلُ طَلْقَةِ البُنْدُقِيَّةِ ؛ وَطَلْقَةُ البُنْدُقِيَّةِ تَسِيْرُ أَبَداً فِى خَطٍّ مُسْتَقِيْمٍ .. بُرُوْفِيسُور حَسُّوْن ظَاهِرَةٌ لاتَحْدُثُ إِلاَّ مَرَّةً وَاحِدَةً ؛ تَمَاماً كَرَأْسِ عُوْدِ الثِّغَابِ إِذْ لاَيَشْتَعِلُ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ . بُرُوْفِيسُور حَسُّوْن تَغَلْغَلَ فِى أَعْمَاقِ الإِنْسَانِ مِنْ خِلالِ تَعَمُّقِهِ فِى نَفْسِهِ.. بُرُوْفِيسُور حَسُّوْن إِنْسَانٌ لاتَتَّسِعُ الحَيَاةُ لِطُمُوْحَاتِه ِ؛ وَهَذَا هُوَ سِرُّ شَقَائِهِ ؛ فَقَدْ قَالَ لِى مَرَّةً : < خَاتَمِى الضَّيِّقُ عَلَى إِصْبَعِى هَذَا أَوْسَعُ مِنَ الدُّنْيَا> . بُرُوْفِيسُور حَسُّوْن يَبْحَثُ عَنْ شَىْءٍ فِى الدُّنْيَا وَلَيْسَ فِيْهَا .. رُبَّمَا يَبْحَثُ عَنْ نَفْسِهِ لِيُثْبِتَ قُوًى أَكْبَرَ مِنْ إِدْرَاكِهِ) .
فِى ذَاْكَ الوَقْتِ قَالَ المَامُوْنُ فِى نَفْسِهِ :"هَذَا العَالَمُ مُتَّسِعٌ ؛ وَمِنْ شِدَّةِ اتِّسَاعِهِ أَنَّهُ يَضِيْقُ بِأَهْلِهِ ؛ أَوْعَلَى الأَقَلِّ بِأَفْكَارِهِمْ" . وَمَازَالَ المَامُوْنُ بَيْنَ المُسْتَيْقِظِ وَالنَّائِمِ يُعِيْدُ فِى ذِهْنِهِ كَلِمَاتِ دُكْتُوْر كَتَكُو لَهُ : >بُرُوْفِيسُور حَسُّوْن دَيْنٌ وَاجِبُ السَّدَادِ ؛ أَخَذَتْهُ الدُّنْيَا لِتُكْمِلَ بِهِ زِيْنَتَهَا وَمَاطَلَتْ كَثِيْراً فِى سَدَادِهِ . وَلَمَّا أُجْبِرَتْ عَلَى إِرْجَاعِهِ إِلَى عَالَمِهِ فَقَدَتِ الدُّنْيَا زِيْنَتَهَا ؛ لَكِنَّهَا لَمْ تَفْقِدِ الاتِّصَالَ بِذَاْكَ العَالَمِ الَّذِى لايُمْكِنُ تَسْمِيَتُهُ ؛ وَإِنْ كَانَ فِى اسْمِهِ مَعْنَى الخُلُوْدِ . بُرُوْفِيسُور حَسُّوْن وُلِدَ حِيْنَ لَمْ يَكُنْ لِلحَيَاةِ ذِئْبٌ؛ وَفَارَقَهَا حِيْنَ صَارَ لَهَا ذِئْبٌ بِأَلْفِ لَوْنٍ وَأَلْفِ ذَيْلٍ) .
مَرَّ هَذَا الشَّرِيْطُ فِى ذِهْنِ المَامُوْنِ ؛ وَالمُوْسِيْقَى الحَالِمَةُ تُسْرِعُ بِهِ إِلَى النَّوْمِ . رُبَّمَا نَسِىَ بَعْضاً مِمَّا ذَكَرَهُ لَهُ دُكْتُوْر كَتَكُو ؛ رُبَّمَا غَالَبَهُ النَّوْمُ فَلَمْ يَسْتَعْرِضْ فِى ذِهْنِهِ كَلَّ مَاقَالَهُ لَهُ دُكْتُوْر كَتَكُو ؛ فَجَذَبَ الغِطَاءَ الثَّمِيْنَ عَلَى جَسَدِهِ دَاخِلَ غُرْفَةٍ فِى وَاحِدٍ مِنْ قُصُوْرِ لَيْلَى عِبيْد ؛ وَالَّذِى خَصَّصَتْ لَهُ وَلِوَدّالبَاشْكَاتِب جَنَاحاً فِيْهِ . إِنَّهُ وَاحِدٌ مِنْ قُصُوْرِ لَيْلَى عِبيْد فِى قَلْبِ لنْدن ؛ تَزِيْدُ مِسَاحَتُهُ عَنْ نِصْفِ مِسَاحَةِ قُوْزْ قُرَافِى . لَقَدْ كَانَتِ المُوْسِيْقَى حَالِمَةً فِى غُرْفَتِهِ تِلْكَ ؛ لَكِنَّ المَامُوْنَ لَمْ يَكُنْ حَالِماً فِى جَلْسَةِ المَحْكَمَةِ فِى صَبَاحِ اليَوْمِ التَّالِى وَهُوَ يَسْتَمِعُ إِلَى القَاضِى :
ـ تَرْجُو المَحْكَمَةُ مِنَ المُتَّهَمِ بُرُوْفِيسُور مَايْكِلْ هَاوْ أَنْ يَذْكُرَ أَمَامَهَا كُلَّ مَايَعْرِفُ عَنِ اخْتِرَاعِ بُرُوْفِيسُور محَمَّدالحَسَن النُّعْمَان ؛ أَوْحَسُّوْن وَدّالنُّعْمَان كَمَا يَعْرِفُهُ أَهْلُ قَرْيَتِهِ ؛ الَّذِى حَدَّثَهُ عَنْهُ ؛ وَعَنْ مَاتَبْحَثُ عَنْهُ المُخَابَرَاتُ البِرِيْطَانِيَّةُ فِى أَوْرَاقِ بُرُوْفِيسُور محَمَّدالحَسَن النُّعْمَان .
نَظَرَ المَامُوْنُ إِلَى بُرُوْفِيسُور مَايْكِلْ فَرَآهُ يَقِفُ فِى قَفَصِ الاتِّهَامِ كَخُدْعَةِ حَرْبٍ خَاسِرَة ٍ؛ وَهُوَ يَحْكِى لِلمَحْكَمَةِ :
ـ ذَكَرَ لِى بُرُوْفِيسُور حَسُّوْن ذَاتَ مَرَّةٍ أَنَّهُ قَدْ تَوَصَّلَ إِلَى تَرْكِيْبَةِ عَقَّارَيْنِ ؛ إِضَافَةً إِلَى عَقَّارٍ ثَالِثٍ ذَكَرَ دُكْتُوْر كَتَكُو شَيْئاً عَنْهُ أَمَامَ هَذِهِ المَحْكَمَةِ ؛ وَهُوَ الَّذِى يَحَدِّدُ دَوْرَ الإِنْسَانِ فِى الحَيَاةِ وَهُوَ بَعْدُ فِى رَحْمِ أُمِّهِ . أَحَدُ هَذَيْنِ العَقَّارَيْنِ كَمَا ذَكَرَ لِى بُرُوْفِيسُور حَسُّوْن ؛ يُعَالِجُ عِلاجاً فَوْرِيّاً وَأَبَدِيّاً العَجْزَ وَالبُرُوْدَ الجِنْسِيَّيْنِ ؛ وَيَظَلُّ مَنْ تَعَاطَاهُ وَلَوْمَرَّةً وَاحِدَةً فِى حَالَةِ هِيَاجٍ جِنْسِىٍّ مُسْتَمِرٍّ . أَمَّا العَقَّارُ الآخَرُ فَيَتَحَكَّمُ الإِنْسَانُ بِوَاسِطَتِهِ فِى نَوْعِ المَوْلُوْدِ ؛ وَهُوَ عَلَى شِقَّيْنِ : أَحَدُهُمَا يَقْتُلُ كُلَّ الحَيَوَانَاتِ المَنَوِيَّةِ الأُنْثَوِيَّةِ ؛ فَلايَدْخُلُ البُوَيْضَةَ إِلاَّ حَيَوَانٌ مَنَوِىٌّ ذَكَرٌ . وَهُوَ لاَيَقْتُلُ الحَيَوَانَاتِ الأُنْثَوِيَّةَ فَقَط ؛ بَلْ يُضَاعِفُ نَشَاطَ وَخُصُوْبَةَ الحَيَوَانَاتِ المَنَوِيَّةِ الذَّكَرِيَّةِ ؛ وَفِى هَذِهِ الحَالَةِ لايَأْتِى المَوْلُوْدُ إِلاَّ ذَكَراً . وَالشِّقُّ الثَّانِى عَكْسُ ذَلِكَ تَمَاماً ؛ يَقْتُلُ الحَيَوَانَاتِ المَنَوِيَّةَ الذَّكَرِيَّةَ ؛ فَلايَأْتِى المَوْلُوْدُ إِلاَّ أُنْثَى . وَهَذَا الوَضْعُ فِى شِقَىِّ العَقَّارِ يِسْتَمِرُّ لِمُدَّةِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ تَعَاطِى الرَّجُلِ لِلعَقَّارِ ؛ وَلَيْسَتْ لِلعَقَّارِ أَيَّةُ آثَارٍ جَانِبِيَّةٍ ضَارَّةٍ . وَهَكَذَا يُمْكِنُ لِلدُّوَلِ أَنْ تُحَدِّدَ حَاجَتَهَا مِنَ الذُّكُوْرِ وَمِنَ الإِنَاثِ؛ وَتَبْنِى اقْتِصَادَهَا وَبَرَامِجَهَا التَّعْلِيْمِيَّةَ وَسِيَاسَاتِهَا كَافَّةً عَلَى ذَلِكَ . غَيْرَ أَنَّ بُرُوْفِيسُور حَسُّوْن أَخْبَرَنِى أَنَّهُ لَنْ يُعْلِنَ هَذَا الاخْتِرَاعَ إِلاَّ بَعْدَ أَنْ يَتَأَكَّدَ تَمَاماً أَنَّهُ لايَتَعَارَضُ أَدْنَى تَعَارُضٍ مَعَ الإِسْلامِ . أَمَّا أَنَا فَلَمْ أُطْلِعِ المُخَابَرَاتِ البِرِيْطَانِيَّةَ عَلَى ذَلِكَ ؛ لَيْسَ بِسَبَبِ شَرَفِ المِهْنَةِ وَلالأَىِّ سَبَبٍ آخَرَ ؛ سِوَى أَنَّنِى كُنْتُ أَبْحَثُ عَنْ أَوْرَاقِ بُرُوْفِيسُور حَسُّوْن ؛ الَّذِى لاأَشُكُّ فِى أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِيْهَا تَرْكِيْبَةَ هَذَيْنِ العَقَّارَيْنِ ؛ لأُسْنِدَ إِلَى نَفْسِى اخْتِرَاعَ هَذَيْنِ العَقَّارَيْنِ وَالعَقَّارِ الثَّاْلِثِ الَّذِى تَحَدَّثَ عَنْهُ دُكْتُوْر كَتَكُو أَمَامَ هَذِهِ المَحْكَمَةِ . وَلَكِنِّى أَظُنُّ أَنَّ المُخَابَرَاتِ البِرِيْطَانِيَّةَ تَبْحَثُ عَنْ أَوْرَاقِ بُرُوْفِيسُور حَسُّوْن لِشَىْءٍ أَخْطَرَ كَثِيْراً مِمَّا أَبْحَثُ عَنْهُ .. شَىْءٍ يَتَعَلَّقُ بِالأَمْنِ مَثَلاً ؛ إِذِ الأَمْنُ أَحَدُ أَبْرَزِ مَجَالاتِ المُخَابَرَاتِ البِرِيْطَانِيَّةِ ؛ وَلاتَأْتِى الاكْتِشَافَاتُ وَالاخْتِرَاعَاتُ العِلْمِيَّةُ غَيْرُ المُتَعَلِّقَةِ بِالأَمْنِ فِى مُقَدِّمَةِ اهْتِمَامَاتِهَا .
ـ (حَسَناً) قَالَ القَاضِى ؛ وَخَاطَبَ المُتَّهَمَ :
ـ بُرُوْفِيسُور مَايْكِلْ هَاوْ : اسْرُدْ عَلَى هَذِهِ المَحْكَمَةِ قِصَّةَ َقتْلِ بُرُوْفِيسُور محَمَّدالحَسَن النُّعْمَان بِإِيْجَازٍشَدِيْدٍ .
بُرُوْفِيسُور مَايْكِلْ : المُخَابَرَاتُ البِرِيْطَانِيَّةُ اسْتَغَلَّتْ اخْتِرَاعِى وَبِتَدْبِيْرٍ مِنِّى ؛ فِى قَتْلِ بُرُوْفِيسُور حَسُّوْن لَيْلَةَ زَفَافِهِ . فَقَدِ اسْتَخْدَمَتِ الإِشْعَاعَ الضَّوْئِىَّ الَّذِى يُسَبِّبُ لِمَنْ يُسَلَّطُ عَلَى عَيْنَيْهِ نَوْعاً مِنَ الجُنُوْنِ يَدْفَعُهُ إِلَى القَتْلِ وَالعُنْفِ ثُمَّ الانْتِحَارِ سَرِيْعاً ؛ وَذَلِكَ بِأَنْ دَسَّتْ تَحْتَ سَرِيْرِهِ عَلَى عَادَةِ أَهْلِ قُوْزْ قُرَافِى؛ إِذْ يَتَلَصَّصُوْنَ عَلَى الزَّوْجِ لَيْلَةَ زَفَافِهِ؛ دَسَّتْ أَحَدَ رِجَالِهَا مِنْ أَهْلِ قُوْزْ قُرَافِى وَبِيَدِهِ ذَاْكَ المِصْبَاحُ الكَهْرَبَائِىُّ الَّذِى يُصْدِرُ ذَاْكَ الإِشْعَاعَ الضَّوْئِىَّ المُسَبِّبَ لِذَاْكَ النَّوْعِ مِنَ الجُنُوْنِ ؛ وَفِى اللَّحْظَةِ المُنَاسِبَةِ سَلَّطَ العَمِيْلُ الضَّوْءَ عَلَى عَيْنَىِّ بُرُوْفِيسُور حَسُّوْن .
اسْتَمَعَ وَدّالبَاشْكَاتِب إِلَى إِفَادَةِ بُرُوْفِيسُور مَايْكِلْ هَاوْ؛ وَقَالَ فِى نَفْسِه :ِ "كَيْفَ تَأَتَّى لَهَذَا الرَّأْسِ الصَّغِيْرِ أَنْ يَحْمِلَ كَلَّ هَذِهِ الأَفْكَارِ المُتَوَحِشَّةِ؟! بَلْ كَيْفَ صَدَرَتْ كُلُّ هَذِهِ الأَفْكَارِ المُتَوْحِشَّةِ عَنْ هَذَا الرَّأْسِ الصَّغِيْرِ؟! المَعْنَى وَاحِدٌ وَالشَّخْصُ المُفَكِّرُ وَاحِدٌ ؛ إِذَنِ الفِكْرُ غَيْرُ قَابِلٍ لِلانْشِطَارِ ؛ أَوْهُوَ عَلَى الأَقَلِّ لايَقْبَلُهُ . هَذِهِ هِىَ النَّتِيْجَةُ المَنْطِقِيَّةُ لِلفِكْرِ ؛ وَلَكِنْ كُلُّ حَقِيْقَةٍ أَرْضِيَّةٍ هِىَ فِى النِّهَايَةِ نِسْبِيَّة" .
|