القوة والضعف فى شخصيات الطيب صالح الروائية !!! عايد عبد الحفيظ

هايكو لا للحرب - للشاعر عبدالله جعفر !!! نصار الحاج

مصطلحات عامية سودانية !!! المرحوم فيصل سعد

آخر 5 مواضيع
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   سودانيات .. تواصل ومحبة > منتـديات سودانيات > نــــــوافــــــــــــــذ > مسابقة القصة القصيرة 2009

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-10-2009, 01:26 PM   #[1]
الفاتح
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية الفاتح
 
افتراضي الأعمال العشر الفائزة بمسابقة القصة القصيرة

[frame="7 80"][align=right][align=right][align=justify][align=right][frame="7 80"]طابت أيامكم بكل خير
الشكر كل الشكر لكل من ساهم في ولادة هذا السبق الثقافي
الشكر للسادة الكتاب/ات الذين ولدت أقلامهم من رحم خيالهم الخصب وأنتجوا هذا العمل
يطيب لي أن أحني قبعتي إكراماً لكل من رمى حصاه على سقف ذهني وأثار في حمًى التعطش للقراءة والكتابة.
الشكر كل الشكر للسادة لجنة مسابقة سودانيات
وأعتذر عن طول الإنتظار الذي لاحق هذا العمل لظروف فنية كانت خارجة عن إرادة الجميع
يطيب لي أن أعلن أسماء الأعمال العشر الفائزة بمسابقة سودانيات وهي بالترتيب :


1/الباب السري للمدينة /للكاتب أسامة معاوية الطيب والذي أحرز 43.5 نقطة من مجموع 50
2/انبثاق أشواق اليوم الموعود أو..بنت الألفاي/ للكاتب لسان الدين الخطيب والذي أحرز 43 نقطة
3/مقامات الشتاء الدافي /للكاتب الجيلي أحمد والذي أحرز41.5 نقطه
4/ ( مشترك ) :ومات حين رعشة الجبل/ للكاتب أسامة معاوية الطيب والذي أحرز 41 نقطة
5/(( سكينة )) و (( جمال )) / للكاتب لؤي شمت والذي أحرز 41 نقطة
6/ ( مشترك ) :النمل يغزو المدينة/ للكاتب محمد الطيب يوسف والذي أحرز 40نقطة
7/ أصبح قلبي قابلآ لكل صورة / الكاتب علي ماجداب والذي أحرز 40 نقطة
8/رُعب حيث الدّار أمان / للكاتب لؤي شمًت والذي أحرز 39.5 نقطه
9/ دماء علي سفح جبل ليريا / للكاتب محمد الطيب يوسف والذي أحرز 39 نقطة
10/ماريا الخضرجيه/ للكاتب الجيلي أحمد والذي أحرز 37 نقطة
[/frame][/align][/align][/align][/align][/frame]



التعديل الأخير تم بواسطة الفاتح ; 24-10-2009 الساعة 02:14 PM.
الفاتح غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 21-10-2009, 01:36 PM   #[2]
الفاتح
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية الفاتح
 
افتراضي

[frame="7 80"][align=right]11/ جو سوي أباس"لعنة عباس تطاردني / خالد الحاج
12/ جدار ... / عبد الرحمن عبد الله أحمد
13/كولاج بملامح المكان أو السجن بمظاهر السؤال / لسان الدين الخطيب
14/ فوضى السكون/طارق صديق كانديك
15/ كوة ضوء /ميما
16/ الجدارية /علي محمد أحمد حاج علي
17/ في صالة المغادرة /نهى أحمد
18/ الدخول من الخلف /علي محمد احمد حاج علي
19/ هذيان /امال حسين الزين
20/ كيمو الشيوعي /خالد الحاج
21/نشوة...حيرة...!! /أمير الأمين
22/ رأس السنة /مالك معاذ
23/ إستشهاد أمجاد /مالك معاذ
24/ ِمتل التقول رامي الجمل /حسين عبدالجليل
25/ حبيبتي كانت تغني لي .. /عبد الرحمن عبد الله
26/ لعنة الرجل الأبيض /ميما
27/ الحالة /عزام فرح
28/ حكايات البعث والنشور /فتحي مسعد حنفي
29/ عندما نهرتني النمله /عمر عبد الكريم
30/ دنيـا ضيقة /أحمد عبد الوهاب الأحمدي
31/ والتقيته مرة أخرى في مفترق الطرق .. /احلام اسماعيل حسن
32/ أخي .. صاحب الحمار !! /أبوبكر حسن خليفة
33/ تحت المطر /أحلام إسماعيل حسن
34/ البنت التي عبرت الفرناغة دفعة واحدة /صديق رحمة النور
35/ إمرأة .. سقط منها العشق /رأفت ميلاد
36/ عندما يموت الكاهن /أبوبكر حسن خليفة
37/ بنت.. ال.. /أمير الأمين
38/ الكـوكابــــولا والغنمـــــاية اُم شنــب /عثمان حمد
39/ خارج الإيقاع /طارق صديق كانديك
40/ إنفلات /ناصر يوسف
41/ نوال /عادل حسن
42/ السواد الأعظم منها كان من الجمال /مجدي عوض صديق
43/ حب يخشى النور /عادل حسن علي
44/ إدريس وجيوش الهزائم – محاولة لتوثيق كوارث الألغام بكسلا /صديق رحمة
[/align][/frame]



التعديل الأخير تم بواسطة الفاتح ; 24-10-2009 الساعة 02:14 PM.
الفاتح غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 21-10-2009, 01:39 PM   #[3]
الفاتح
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية الفاتح
 
افتراضي

كل التحايا للجميع ، الكل فائز في تقديري
إذ أن كل الأعمال التي وردت لا يستهان بها وهي تشي بحرفية كاتبها/ كاتبتها



الفاتح غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 21-10-2009, 01:46 PM   #[4]
الفاتح
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية الفاتح
 
افتراضي

قام مجلس إدارة سودانيات بالتنسيق مع مكتبة مدبولي في نشر الأعمال الفائزة لتنشر في كتيب خاص بسودانيات ، وقد تلقينا رداً إيجابياً من قبلهم
فقط تعوزني موافقة الإخوة الفائزين
وببعض التنسيق سنرى إن كانوا سيكتفوا بعشر أعمال أم مزيداً منها.



الفاتح غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 21-10-2009, 01:48 PM   #[5]
الفاتح
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية الفاتح
 
افتراضي

كما أورد العزيز / أسامة مقترح تشريح أعمال وتفكيكها نقدياً.. ، أرى أنه من اللائق الإحتفاء بتشريح العشر نصوص الفائزة الأولى لتنزل كملحق في مجلة سودانيات القادمة ، وإن كنتم تؤيدونني في ذلك فسنقوم بدعوة الجميع لفتح بوست يتناول الأعمال العشر الفائزة وتفكيكها ونقدها نقدا بناء ، وإن كنتم ترون مقترحاً خلافاً لذلك فرأيكم على العين والرأس



الفاتح غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 21-10-2009, 01:54 PM   #[6]
الفاتح
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية الفاتح
 
افتراضي

في بوست العزيز/ محمد الطيب يوسف ، أورد العزيز أمير الأمين مقترح جمع الأعمال في كتيب على أن تكون أرباحها ريعاً من أجل " نداء إيمان "..
ثمنت على مقترحه ، وبإنتظار موافقة وآراء الإخوة الفائزون
(يمكنني إستلام رسائل داخلية : حال أحرج أحدهم من هذا المقترح )



التعديل الأخير تم بواسطة الفاتح ; 21-10-2009 الساعة 02:50 PM.
الفاتح غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 21-10-2009, 03:46 PM   #[7]
معتصم الطاهر
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية معتصم الطاهر
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شليل مشاهدة المشاركة
قام مجلس إدارة سودانيات بالتنسيق مع مكتبة مدبولي في نشر الأعمال الفائزة لتنشر في كتيب خاص بسودانيات ، وقد تلقينا رداً إيجابياً من قبلهم
فقط تعوزني موافقة الإخوة الفائزين
وببعض التنسيق سنرى إن كانوا سيكتفوا بعشر أعمال أم مزيداً منها.
تحية للجميع

هذا عمل جبار و مجهود خارق من الأخ شليل ..

فالتحية له ..

عدد القصص بعد تعديلهاو تحريرها فى أوراق ( 5 A) يعنى ( 15×21 سم) للكتاب فى خمسون صفحة يمكن أن تكون (12 أو 15 قصة ) .. ..



التوقيع:
أنــــا صف الحبايب فيك ..
و كـــــــــــل العاشقين خلفي
معتصم الطاهر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 21-10-2009, 03:59 PM   #[8]
قمر دورين
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية قمر دورين
 
افتراضي

[align=center]ألف مبروك للجميع وكما قال الأخ شليل فالكلّ هنا فائز بتقديري....
سودانيات عامة والقائمين على هذا العمل الكبير والمشتركين جميعاً
ونحن .....
إذ كان لنا شرف وفرصة قراءة ومتابعة مثل هذا الأعمال الجميلة

لكم كل التحايا العطرة مع مزيد من الأفكار النيّرة والتفوّق
والإبداع وإلى الأمام دوماً....

تحيّاتي أخ شليل



من القلب شكراً لكم جميعاً....


[/align]



قمر دورين غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 24-10-2009, 09:21 AM   #[9]
أمير الأمين
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

الف مبرووك لكل الفائزين فى المسابقة..
و مبروك ايضا للاخ شليل على اخراجه لهذا العمل
و كذلك للجنة التحكيم و ل " سودانيات"
على رعاية هذا العمل..
وأثنى اقتراح البعض ..بتحليل نصى ونقدى للاعمال الفائزة
من ذوى الاختصاص..



أمير الأمين غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 24-10-2009, 02:20 PM   #[10]
الفاتح
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية الفاتح
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة معتصم الطاهر مشاهدة المشاركة
تحية للجميع

هذا عمل جبار و مجهود خارق من الأخ شليل ..

فالتحية له ..

عدد القصص بعد تعديلهاو تحريرها فى أوراق ( 5 A) يعنى ( 15×21 سم) للكتاب فى خمسون صفحة يمكن أن تكون (12 أو 15 قصة ) .. ..
ولك ، ولأعضاء مجلس الإدارة كل التحايا
إقتراح جيد ، وبإنتظار تنويرنا حال توصلتم إلى إتفاق حول ذلك



الفاتح غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 25-10-2009, 12:32 PM   #[11]
الفاتح
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية الفاتح
 
افتراضي

[frame="7 80"][align=right]النصوص الفائزة بالمسابقة بالترتيب :

1/
اقتباس:
الباب السري للمدينة




القهوة تضج بزبائنها وروائح الشيشة تغسل الرواد بعطن كيفها فتبدو العيون في نوم صاح وصحو نائم ... الساعة أقرب للثانية ولكن المآذن لم تنتهي بعد من واجب رفع الآذان ... تظل هكذا تتناوب في رفعه لحين اقتراب العصر ... الآذان دائما لا يضر فالأفضل ألا ينقطع عن المدينة وهي تخطو صوب شيخوختها الكبری تبحث عن حسن الختام ...
حسن الختام لا يعني مطلقا إعادة رصف الطرق وتأهيل المجاري وتجميل واجهات المحال التجارية وتزيين الحدائق بالعشب الاخضر والزهور الملونة ...
لا يعني مطلقا الخروج والدخول دون تلصص وخوف ... دون رقابة ما ...
لا يعني مطلقا التفكير بحرية حتی دونما صوت ...
لا يعني مطلقا حسن النية بالناس والحكومة ... وسوء الظن بالظن
حسن الختام ؟
حسن الختام لا يعني شيء مطلقاولكنها فقط تبحث عنه.
المدينة منذ زمن بعيد ترتدي ضجيجها الصاخب لتخفي همس أحزانها ... منذ زمان بعيد كان بها مسجد يمتليء علی سعته وبار يفيض برواده ... كان بها بنات ليل باهيات وأخريات يملأن أعين النهارات الجميلة ... كانت مقاعد الرجال بها تتحول تلقائيا للنساء قبل أن يدهمها فرمان يخصص مقاعد للنساء فيضيع تلقائية الرجال ويذهب بالحب ... كان بها مآذن تنشد القرآن والمديح وآذان تتسمعه وهي تغسل قلبها بحلو الذكری ولا تخشی الغد... كانت هذه القهوة ... قهوة (الحال) ... حاجة (الحال) هي من أوقفها علی أرجل كيفها ... استغرقت سنين عمرها السبعون وهي تعد الشاي والقهوة والحلبة والشيشة لعامة روادها والخمر البلدي الحارق والبنات الوارفات وأكباد الإبل لخاصتهم ... كانت تفرش المناضد بقطع القماش الأصفر الخفيف وترش الرمل بماء معطر يخفي لهب الظهيرة بثوب من النسيم الحلو ... كانت حاجة (الحال) إمرأة فارعة الطول تملأ فمها بابتسامتها المستديمة ... وأحيانا ... بالصعوط الممتاز ...كانت تسف نادرا ولكنه كان يساند ابتسامتها بإيجابية لأنه يخرج بشفتها السفلی لعوالم أكثر رحابة ... مكتنزة الصدر ... مفضوحة الأرداف حتی لكأن الكون يرقص عليها... لا تعبأ بثوبها دائما فقط تتركه علی كتفها لتبيء عن فساتينها الجميلة ذات القصر الواضح ... كان دخان سجايرها يلعن كل روائح البخور التي تطلقها في القهوة ويغرقها بنفاذه الغاتم ... لم تكن تدخن البنقو كثيرا لإعتقادها بأنه ( بتاع ناس ما عندهم شغلة) فيما كانت تنصح بناتها
- يابنات اعملن اي شي الا البنقو دا يلخبط ليكن صورة الدنيا البراها ملخبطة دي
... ولكن البنات فيما يبدو كن يردن أن يلخبطن صورة الدنيا خصوصا أنهن كن يتحصلن عليه مجانا ... فقط بضحكات وتأوهات لا تنقص كاملا ... الحال كانت تعرف ذلك وتقول
- شقاوة بنات ... نحن والله وكت كنا قدرن كدي العرقي دا نسمعبو سمع خليك من البنقو ... لكن بنات الزمن دا بقن مفتحات
كن مفتحات جدا ...
لا أبواب ولا نوافذ ولا جدران ...
يتنشقن كل الأنفاس ...
يشربن في أنين خافت كل أنواع السوائل ...
يغسلن السكون بضحك مفضوح‌
كانت تقسم ايراد قهوتها اليومي مع طلبة كلية ضباط الجيش ... تمر علی داخليتهم ليلا وهم ينتظرونها علی حواف شوقهم ... لأن (اسماعيل) ابنها الأكبر والوحيد ... جاءت بعده ست بنات ... مات بذات الداخلية قبل أن يستوي ضابطا في جيش المدينة خاليا من الأوسمة التي يتبادلها الضباط فيما بعد ... كانت تمر عليهم وهي تغسل عينيها بطيفه يحلق في الكاكي ويستر ما يشذ عن ساقيها من نظرات المارة ويسكنها فسيح رعايته ... رحل وترك لها اثنتا عشر ساقا جديدة تبيع الستر بالستر ... اثنتا عشر ساقا ناعمة وملساء ولامعة تخفي تحت زيت النارجين آثار ألسنة وأسنان ونظرات حادة وبقايا شبق منفلت ... اثنتا عشر ساقا تظلل سقوفا كثيرة حين ترفع في المساء وأطراف الصباحات الجميلة علی قواعد من أنين خفيض ... اثنتا عشر ساقا سمراء بعضها رشيق درجة الغناء وبعضها يغوص في رمل بدانته الحبيبة ولكنها تتفق في إغرائها اللذيذ ... والقهوة في صخبها يمر الكون كله علی مناضدها وينثر ما تيسر من حياة ويمضي ... ولكن في ركنها الداخلي ... في الزقاق المؤدي للمكان المعد لغسل الأواني ... زقاق صغير غير مسقوف ... جداره قصير نسبيا يمكن مراهقي المدينة من قرص بنات حاجة (الحال) بمساعدة فقط طوبتين بالخارج واقترابهن المتواطيء بالداخل وأيادي النشوة اللاحقة... متسخ جدا وربما لم يسمع مطلقا بالمكانس ... ضيق جدا علی اتساع بناتها الست ... مظلم جدا ... وهذه الظلمة كانت تضيء للكثيرين شمعات أوقاتهم ... المنضدة التي تقبع عند مدخله بلا أدنی اهتمام ... الوحيدة التي لم تنعم بقطعة قماش صفراء كالأخريات ... ولم تبلل الماء ذرات الرمل المتسخ تحتها ... كان يرتادها (علي حميدة) و(حسن البوم) ... كانا من أشهر دراويش المدينة ... يتسامران بها دونما رشفة شاي واحدة ... كانت (منی) أصغر بنات الحال تبرهما أحيانا ببقايا الشاي من المناضد الأخری ... وكان أيضا يحمل طعم الشاي الذي تذوقه الرواد وتركوه ... كان يحمل أيضا جزءا من مزاج ولو أنه ابرد قليلا من صورته في ذاكرتهما ... وكانا يعلمانها أولی خطوات طريق حاجة (الحال) ... كل بثمنه ...
(علي حميدة)
جاء للمدينة بلا سابق إنذار ولم يؤثر فيها كثيرا ... ينام حيثما اتفق ... وحيثما لم يتفق ... لم تر منه المدينة سوی جلبابه الوحيد القذر ... وضحكاته الصاهلة ... وونسته البذيئة ... يوزع بذاءته علی كل شبر من المدينة ويسترق ابتسامات بنات المدارس الحيية ... وقهقهات (الحال) وبناتها ... يغمز بعينه للمارة ولا يعبأ بسيل الشتائم والركل والضرب ... كاد يموت مرة حينما صادفه (عبدالحميد الرباط) يغمز لزوجته... علقه علی باب منزله ثلاث أيام بلياليها وكان كل صباح يحضر سلمه الصغير ويصعد عليه حتی يصبح مساويا لدكة السروال الذي أحضره معه خصيصا لهذه المهمة ويفرغ قرطاسا من نمل السكر اللئيم ثم يربطه وهو يصفر أغنية ساقطة وينزل ... يتركه لصراخه البذيء ... أصبح يتبول بصعوبة لسنة لاحقة ولكنه مستمرفي غمزه لها في غفلة زوجها الرباط ... هي أصلا من علمه الغمز ... كان حين يعود من الجزيرة مع خيوط المغرب بادية الحمرة يرفع جلبابه حتی المنتصف ويمسك نعليه بيديه وهو يخوض ماء النهر ... كان الماء يكفي فقط لرفع الجلباب مستوی الفخذين ... ولكنه بدا يتجاوز ذلك كثيرا فيما علمته ...
- يا بوم آحسن ترفع جلابيتك لغاية صدرك عشان ما تجيك نزلة
- وانت طيب ما ترفعي توبك لغاية صدرك
- لا انا لابسة تقيل لكن انت جلابيتك خفيفة ... بعدين ذاتو الهوا ينضفك شوية يا وسخان …
وتضحك ضحكتها التي تدفعه لتقافز مؤشرات تيرمومتري ثيابه وأعصابه
بدأ يرفع جلبابه حتی نهايات الصدر خوفا من النزلة وطمعا في النظافة ... وتغرق منطقته الوسطی في النسيم البارد ونظرات النساء الحارقة ... لأنه وربما علمته إمرأة أخری في محاولة لتجنب مرض آخر ... كان لا يلبس سروالا ... ومضی لا يعلم شيئا سوی أنه يحمي نفسه شر النزلة ... ولكن وبعد أن بدأت بعض النسوة في مداعباته ... وضربه في المناطق ذات الكثافة الإنسانية العالية ... بدأ ينتظرهن بفارق العري ... وكثيرا ماكان يرفع جلبابه بعيدا عن النهر
- أرفعا ؟ ويرسل ابتسامة بلا معنی ...
- والله أسع أرفعا ... لكن ان رفعتها ماتضربيني شديد
- خلاص خلي قلة الأدب دي وارفعا ما يجي زول
- اها رفعتها ...
- شايف أسع ياهو دا البقيت نضييييييف ...
تمرر يدها علی مواطن ضعفه فيقوی ...
العيون مشرعة تراقب الشوارع ... والأيدي مشغولة بتضاريس المرتفعات ... والقلب غارق في خفقانه اللذيذ .
ضاقت به لاحقا ... كان لا يصمت عن خفقان قلبه ... يحكي وهو يغمض عينا ويفتح أخری ويبرع في التمثيل ... للحقيقة لم يكن يذكر اسمها ولكن اشاراته الذكية في الوصف لم تكن تحتاج هطلا أكثر من هطله لفهمها ... أصبح الرباط يفرض عليها حصارا كاملا ... احتملت كل ذلك حتی أكملت تربية الجرو الذي احضرته من عرب الخلاء ... كلب بري ولكنه أليف ... يحتفظ لنفسه ببعض صفات الخلاء ... جرأته التي تصل حد الجلافة من أهم ما يميزه... ولكن أهم ميزاته إطلاقا أنه لا يحدث بمغامراته ... صار الأن في أكمل الفحولة ... ما عادت تخرج من المنزل ... فقط تهتم بكلبها ... ويهتم الكلب بلسانه ... يصونه تماما ... وليس أحسن من كلب في وضع مثل الذي يفرضه الرباط عليها ... إن تحمل عليه يلحس وإن تتركه يلحس .
(حسن البوم) ...
رجل صامت ... وسخ الملابس جدا ... يميزه أنفه الضخم ... الأطفال يسمونه (حسن اب نخرة) ... يرسم ضحكته الصفراء علی طول وجهه نابت الشعر بعشوائية بالغة ... أسنانه الصفراء تقدم رائحة فمه بكثير من الصدق ... يقرأ شعرا غريبا بأوزان أغرب ... كان يغني
البنات السمحات خربن قلبي ومشن
البنات السمحات سماحة السنين
وانا ذاتي البيقعدني ليهن شنو؟
انا بس اقوم امشي القيامة
مع السلامة
مع السلامة
ويهتز وهو يرددها ويضغط علی لحنها المسكين حتی يطاير رذاذ التمباك من بين أسنانه البالية ... كان يعمل حارسا ليليا في طلمبة المياه العامة علی ضفة النهر ... لأن حارس النهار يجب أن يكون عاقلا كما صرخ في وجهه (عبدالكريم) مدير المشروع ... وبقي يسهر قرب النهر طوال الليل يناجي أشباح الظلمة ويردد أغانيه وحين تسري رعشة خوف في جسده النحيل يصفر صفيرا صارخا ويلف وجهه بشاله الرث ردئ القماش الذي يتخاصم مع شاربه القذر ... صنعت القذارة من شعره دبابيسا ومسامير
- لكن (عبدالكريم) الـ........... دا أنا بلاقيهو برا
- هو قايلنا ما عارفنو؟
- هو قايلنا ما عارفنو ؟
كاد يزهق روح (عبدالكريم) حين خرج وحيدا من حفل افتتاح المشروع مزهوا بعباءته السوداء ذهبية الحواشي ... خرج ليتحلل من البرتوكول قليلا ويعود بعدها للكراسي الأمامية الوثيرة يتقاسم نظرات الإعجاب مع رجال الحكومة ... كان (حسن البوم) قد جلس وحيدا تحت شجرة نيم يابسة ولكنها متمسكة بالحياة ... ممسكا بعود طلح غير منتظم الحواف وثقيل بدرجة تكفي لقتل ثور ... كان يتوقع خروج (عبدالكريم) بين لحظة وأخری وكانت أي لحظة تكفيه لغسل إساءته أمام الناس
- (حسن البوم) دا خلوهو في وردية الليل يصاقر البحر دا لامن تصبح وشوفو ليكم واحد عاقل لوردية الصباح لانو بيجو مسؤولين
وسكت حينها (حسن البوم) لأنه يحتاج لوردية الهطلی هذه ... وكم بكی وهو يطالع النهر ساكن التيار وحفيف الظلمة يتسرب لأضلاعه فيشرخ جزءا من قلبه وثباته ... خرج (عبدالكريم) من الحفل ... وخرج (حسن البوم) من جلده ... رفع عود الطلح الثقيل وهوی به عليه ... مال (عبدالكريم) للخلف فجاء العود علی بطنه وصرخ صراخا عاليا
- تبكي يا ............ ؟
- ما قت راجل؟
وجری (حسن البوم)... عبدالكريم كان قد أخبر بعض الذين تجمعوا علی شرفات صراخه الواسعة - من بين لهاثه - أن هذه مشكلته وسيحلها علی طريقته ... وتبسم للمسؤولين بين خفقان قلبه واستمر الحفل ... ... كانت فقط أوهام (حسن البوم) من يجري خلفه ... ظل يجري طوال الليل ... طوال ورديته وهو يجري ... عاد للمدينة بعد أسبوع يزرع التلفت في الطرقات ويجني حصاد عوده الثقيل ... ظل (عبدالكريم) يتحاشاه ولكنه فصله من عمله المظلم .
منضدة (علي حميدة) و(حسن البوم) المنعزلة في قهوة الحال تقف علی ثلاثة أرجل ودرويشين ... تحتها تنام قطة مائلة البخت ... ولكنها تبدو سعيدة في وهدتها تلك .
(حسن البوم) يضحك فجأة علی غير حال طبيعته الصامته
- لكن يا (علي) عليك الله النمل الكان في سروالك دا كان قعد يسويلك شنو؟
ضحك (علي حميدة) وهو يرشف رشفة طويلة جدا من شايه البارد
- علي اليمين الأكولة الدخلتني تاني ما تمرق لا يوم الله ... لكن عندك خبر بقيت خبرة ... أسع انا من طرف الشارع اشم ريحة النمل ... عارف من اشوف لي مرة جعابا غلاد النمل دا براهو يجي يدخل في سروالي دا ... سروالي ياتو ؟ هو أنا عندي سروال ... داك ما جابو لي الـ ........ داك ... النمل ؟ الله لا تاجر النمل يخلي ايدك ترجف السنة كلها
- انت ذاتك ان كان ماك خايب (عبدالحميد الرباط) يسويلك كدي هو (عبدالحميد) دا راجل ؟ والله كان يجي علي أنا إلا أبول ليهو في جلابيتو الصفرا السمحة ديك
مرت (منی) علی جلستهما فغمز لها (علي) وقرصها (حسن) وتركاها بين ضحكتها السايفة ... كان فستانها ضيقا ... ازرق في خطوط صفراء رفيقة ... وكانت يديها تنبت في أكمامه كوردة وهي تمسح بقطعة قماش قديمة منضدتهما وتمازحهما ... تحك بمؤخرتها علی صدر (حسن البوم) وهي تغرق في ضحكاتها الناعمة ... وكان (حسن) حين الاحتكاك هذا وكأنه جزء من المنضدة اتساخا وسكونا وأرجلا ثلاث ... كان مطر الكون كله يتقاسم رأسه ...
- عارف (عبدالحميد) دا العمل ليك فيها راجل دا جيت لقيت (خالد) ولد عمك (الحسين) ... (خالد) الجنا اللاسع ما بلغ سمح داك ... لقيتو مع مرتو في فد سرير ومقلعين حوت بس ... (خالد) ختف جلابيتو ومرق وانا دخلت علی المرة ... قت ليها أمشي يا مرة يا ما عندك أدب أسع الجنا دا ما قدر ولادك ... انت مابتخجلي؟ ... ضحكت علي ... ومرقت ... جريت أكوس في الخايب دا لامن لقيتو وكلمتو قال لي ( إن جاءكم فاسق بنبأ) بللاهي شوف الـ......... دا ...
- اي بس شقي الحال يقع في القيد ... هو (عبدالكريم) ذاتو قايلنا ما عارفين مرتو ... والله قالو هي الشغلتو ... اسع في قعادنا دا تجي (للحال) دي هنا توديها بيت الضباط
صرخت (الحال) من طاولتها المرتفعة قليلا في صدر القهوة
- دا منو الجاب سيرتي دا؟
- يازول قوم امرق والله المرة دي تلم فيك الا تختلك عقارب في سروالك دا ... دي مرة شر
اثنتا عشر عينا كانت تغسل الوقت بالمساسقة علی خطوط نظر الرواد ... التفتت مرة واحدة صوب (الحال) وهي تفارق مقعدها العالي وتتوجه صوب أقذر مناضدها بثبات يستفز الأرداف ... فتغني أغنياتها العجيبة ... وترقص رقيصها الأغرب ... حمحم (حسن) كثيرا وقال (لعلي)
- الله لا كسبك والله المرة تصلنا هنا الا تفجخنا بي صلبا الكبير دا قوم نمشي نشوف لينا محل
قالها وهو يقف مستندا علي المنضدة ويهم بالجري
- انا ما قت شي والله
- قت واللا ما قت قوم امرق رقبتك دي
- مالكم بتوسوسو؟ انا قت اجي اتونس معاكم ... يا (منی) جيبي ليك حجر شيشة (تفاحة) وتلاتة شاي ... والتفت نحوهم وهي تواصل حديثها سندوتشات طعمية كيف ؟
بلعا ريقهما وتوزعت عيناهما في المكان تقرأن هذه النعمة المفاجئة ... احضرت (زينب) كبری بنات (الحال) المقعد العالي ووضعته قربهما ... نفضته (الحال) بيدها وجلست .... بدت وكأنها من كوكب آخر قرب نجميهما المتلاشيان المظلمان المتسخان ... قامت من مقعدها وسحبته للخلف وجرت احد كراسي المنضدة وجلست عليه ... لم تثر انتباه الكثيرين لكون أن المنضدة أصلا خارج نطاق التركيز والانتباه
- جبتو سيرة بيت الضباط ؟
- لا والله بس السيرة جات ... لكن ... تمام والله
- انا ماشي ياخوانا ... خلاص بجيك بعدين يا (علي)
- اقعد
... قالتها بلهجة آمرة تماما ... جلس (حسن) واستدعي كل عرق عرفه وكل رهبة ... مر شريط من دخول وخروج الرجال من زقاق غسل الأواني ... ولفحته ضحكتين متأوهتين ... ولكنه كان يفكر في كتائب الحشرات السامة التي تعسكر علی مقربة من سرواليهم في انتظار أمر الحرب
- أنا الليلة دايرا اتونس معاكم ... اها خبركم شنو ؟ ... (عبدالحميد) تاني سألك يا (علي) ؟
- لا والله ... بس بيحمر لي من بعيد وخلاص
- انت ما مسكين ساكت انت عارف انو (عبدالحميد) دا ذاتو ما راجل ؟
كان (حسن) قد وضع السندوتش جانبا بعد أن وقفت لقمتين في حلقه الناشف ... وشعر (علي) بإهانة مباشرة لكرامته ولكنه آثر الصمت
- اي والله ما راجل ...
جرت نفسا عميقا من الشيشة وصلت كركرته لآخر نقطة دم في رجل (حسن) وهو يكاد يتلاشي من هذه المرة الشر ... وكان (علي) يتوقع العقارب في سرواله في أي لحظة ... حتی بات يشتهي لؤم النمل
- (عبدالحميد) العلقك قدام بيتو دا ... ضحكت وهي تسعل سعالا خفيفا ... وملی ليك سروالك نمل ... شفتو ... براهو جاب مرتو لي هنا وقال لي علميها الدلكة ... قت ليهو سجم خشمي دلكة شنو البعلما ليها انت معرسا ليك يبقی سبعة سنوات لا اسع ... قال لي أنا ما محتاج للدلكة بس هي لازم تتعلما ... عرفت بعد داك انها بتدلك الضباط ديل من طرف بالقروش ... كمان بالقروش حتی ماها هواية
- انا (عبد الحميد) عارفو راجل .......... ساكت لكن انت صح (عبدالكريم) مرتو هي السوتو مدير المشروع ؟
- اي هي السوتو مدير المشروع ... وانا حاضرة الكلام دا ... لكن نحن ناس في حالنا ما بنجيب سيرة الناس ... انت قايل ولادو الداخلين ومارقين ديل ولادو ؟ اسع امشوا من محلكم دا وشوفوهم ما قعد يشبهو (عادل) ضابط المجلس ؟
ارتسمت ملامح (عادل) أمامهم ... نفس الصغر في عينه اليسری ... نفس الكلام السريع المتقطع ... نفس ... نفس ... الخالق الناطق ... اثنتا عشر ساقا حينها غسلت الجهر بالسر وحفظت عن المدينة بابها السري ومضت ... برد الشاي ... وانطفأت الشيشة ... ولكن أرجل (علي) و(حسن) بدأت تقرأ نملا آخرا ... غير نمل السروايل اللئيم ... تمنوا للحظة لو أنهم عقلاء حتی يدروشوا مجددا ... كانت المدينة التي علمتهم الكثير قبلا أوقدت حلوقهم بهتاف نائم ومسيرة مليونية الرعشة تمشي بينهم ... الصور تتقافز أمامهم ... وصوت الطلمبة الليلي يخترق مخيلة (حسن البوم) وهو يحرس وردية الليل حتی يأتي الصبح بوردية العقلاء ... كان (علي حميدة) معلق بين السماء والأرض ... تتخاطفه الأيام برغباتها المجنونة ... وتغرقه الدنيا في بحار الهلوسة ... يرن في ذاكرته جرس أبيه الراحل
- (إنت يا (علي) يا ولدي ماك درويش ... إنت راجل نضيف ... شوف أي زول زيك كدي دا بس الله حافظو من وسخ الدنيا دي ... والله يا ولدي أخيرلك كدي
صوت (الحال) يأتي من أقصی المدينة يفتح كتابها أمامهم ... يفتح بابها السري عن صفحاتها الداخلية ... وهم يتطلوحون بين صراخ وصمت ... كانت (الحال) وكأنها تتمنی منذ زمان طويل أن تفتح الباب السري حتی تری المدينة نفسها ... ظلت تحكي وتحكي ... مر الإمام وبعض أساتذة المدارس ... مر (محمد صالح الفقير) ببخراته وسرواله الذي تحفظ رائحته النساء ... مرت إمرأة العمدة ... مر العمدة ذاته .. وبناتها يتوزعن علی المناضد والبيوت يكشفن ويسترن ... يكتبن في الأبواب الرئيسية ... حضرنا ولم نجدكم ... كانت الأبواب السرية تأخذهم كل مأخذ ... المدينة المغسولة بفضيحتها تغلق باب سرها عليها وتخشی فقط (الحال) علی حالها ... ولأن المفتاح أثقل من أن تحمله وحدها وزعته علی هولاء الهطلی فزادوا هطلا وظل العقلاء في عقلهم البائس يلوكون (إن جاءكم فاسق بنبأ) مع (عبدالكريم)...
كانت الحال تحكي وتحكي و تحكي ...
وكان (علي) و(حسن) يتوزعان غيما علی سهول العقل ...
كانا نغما هاربا من آلة قديمة عزفت ألحانها وضاعت ...
اثنتا عشر ساقا أسبغت عليها (الحال) جهر المدينة وأغلقت بابها السري لأن (اسماعيل) إبنها الوحيد مات قبل أن يتبادل النياشين والأوسمة وصدور البنات الممتلئة مع بقية الضباط ومضت هي لترسم سيرتها من علی مقعدها العالي ...
وتدفن مفتاح باب سر المدينة في قلب (علي حميدة) الذي جاء إليها دون أن يترك أثر وغادرها دون أن يعقل حالها ...
وفي قلب (حسن البوم) الذي قاطع وردية الهطلی ومضی دون يترك عنوانا لعود الطلح الثقيل الذي يكفي لقتل ثور وما قتل (عبدالكريم).
جاء أذان العصر علی المدينة باردا ... في نفس برودته المعتادة ... وظل يتردد حتی لاحت خيوط المغارب الحمراء ... ولكن خطوات (علي حميدة) و(حسن البوم) كانت تسمع أذانا آخرا ... وعادت (الحال) بمقعدها لمكانه وبدأت تردد صياحها المعتاد ... وعاود زقاق غسل الأواني مهمته الشبقة بمساعدة الطوبتين والإقتراب المتواطيء وأيادي النشوة اللاحقة.

أسامة معاوية الطيب
طهران 8/11/2004م


2/

اقتباس:
2/

انبثاق أشواق اليوم الموعود
أو
بنت الألفاي *



واقــتـــــــــــــــــــــــــــرب
وعــــد وضـــــع بذرتــــها تلك الحـــــــــرام , لعنت حظهــــــــــا في جلستــــــها تــــلك عـــلى رصيــــــف الانتظـــــــار وذلك كونها بنت (الألــــفـــاي) , ذلــك الرجــــــل مهـــــــــاب الطلعــــــــة مـــــن وحـــــي هالـــــة قداســــــة المهنـــة وبوادر الاحترام , و ما هو باحترام , فهو ليس رجل وحسب بل دين من ساحق الأزمان , دين وفكرة توارثــتها القبيلة أجيال عبر حركة الزمان ومع اعتناق القبيلة وعن بكرة أبيها دين الإســلام ألا أن المترسب في أعماق قناعات السابق انساقت تفرض نفسها عادات وتقاليد لتدير حياة القبيلة وتتحوصل مظاهر وطقوس دينية تختلط عند التقاء طرق التقرب وســائل في مخاطبة الرب طلب الرزق و الرحـــــمــة عندمــا تلوح معالم البداء موسم الأمـــطـــار وموعــده المحدد . كـل عــــام تتجه أنظــار القبيلة إليه ( الألفاي) راس القبيلة وإمامها في الذهاب إلى قمم الجبال متخــيرا أعلاها ليقيم طــقوس الطلب المعتاد توسلا ً دعــاء ً واستسقاء , فان هطل المطر بحجــــم الحـــوجة فهــو من مقــدرات ( الألــفاي )في جــد الطلب الــدعاء وإن واصل البداء تغامزت أعين القبيلة التقاء حزين بفشله أداء مهمته أي عجز التواصل مع الرب وبالضرورة شح الماء .
تقف القبيلة مترصدة عن بعد أحــداث التغــير المرتقب بفعل الـعــجـز وتواصل البداء .. ( فالألفاي) لا يرثه إلا ابنه الذي يقتله ليتنصب من بعده إلى موقعه و المصير المحتوم .
تحسست (هي) مواقع اللذة فيها جسداً .. أطالت عند أسفل بطنها ممتنع البروز , حلمت أن تنالها أشواق نصيبها حــــــلال أو حــــــرام , غــشــت بفكرها إرث الأســرة منذ عهــد قــدماء الأجــداد كدور تلعبه الأسرة في حياة القبيلة ويكسبها رزقاً حلال , فلها من جراء دور جلب المطر دعاء نصيب من كلاء الزرع وامتلاء الضرع لباء إضافة إلي لحــوم وشحــوم نشاءت شــطائرها من وفــــــرة الهطــول , لعنت حـظها ألف مرة كونها بنت ( الالفاي) الذي لاتزوجه القبيلة ولا أبناءه إلا خوفاً ...!!
آما بنات الألفاي فلا ولــن يقـترب منهـن أحـد طـلب الارتـباط , خـوف اخـتلاط الســلالات وخـوف أن يخرج من صـلب أحـدهم قــاتل أبيه أو هــكذا عادات , مـــــوعــدها دنا حـــدوثه من أقــواس الاحتمال وفيه ..أمنيات تقاطرت جزله أن يكون مولـــودها ذكراً رجلاً ولأن الرجل ليس كــالأنثى فالقبيلة تعــطيه حـظ حـقـوق الاقــتران ولــو خـوفاً من لـــــعـنة الأجــداد .. فإن ابن الألفاي الفاي من افتراض ما سيكون .
وهكذا جلست قرفصاء الحيرة على ركن شرقي من فــناء دارها عـامر الطــول ترقــب أحلامها المتعرية بخلاعة أمامها على عتبة الدار.
مولود ذكر يكون الحظ حليفه أن يكون أبا شرعيا لمولود قادم يأخذ اسمه حتى لو اختلفت ملامح الفطرة والسحنات .
تذكرت أن مولودها القادم مجهول الجنس والقسمات و من شابه أباه فقد ظـــــــلم , فهو على كل حال ابن أبيها اسما وتبنى لأنه و من ملامح تقاليد الألفاي أن ينجب من بناته بفعل ألا نابة الجماعي ولكن وا ويلها أن تكون أنثى تشاركها الاســــم وفـــــراش الاخــــــوة هـــذا ولــعنه المصير ..
هكذا و من الغوص في نهر التفكر وشواطئ الانتماء كتبت في جلســتها تلك مشروع حمل توطن أحشائها ليس كنفخ الروح ذلك المعلوم.. مخــــلصاً يسوع.. بل هو من نفخ الجماعة فـي ذلك اليوم المشهود , المرتقب الموعود ، ويومــئذ وكما اعتادت القبيلة أو شبابها في تفريق دم الانتساب بالفعل الجــمــاعـي ليفقد القـادم الموعـود شـبه الأب المحدد رسم وهيئة ومثال .
هكذا تواجه بنت الالفاي واقعها المحتوم لا فرصة لها في حياتها لآي نـوع مـن الارتـباط مـهما تعدى جمالها مـوصوف الشـعراء .. وحتى شفيف الغزل الذي تمارسه استمناء ذاتي فكرةً وخيال محرم عليها إعلانه والإعلام , حتى لا يفر منها مرجــو الــوعــد اختلاء , فرار الحمر المستنفرة لينجي بجلده وأسرته من قسورة شرور هذا الاختلاء , و من محنتها يكفي فــقط ظهور طلعتها على باحة القرية وقت الزوال حتى تخلو الباحة تماما من ملامح الذكــورة هــربا من احــتمالات أن تعجب بأحدهم وتضعـه على مخيلتها لتمارس معه فكرة الارتباط ، تذكرت من جلستها تلك طفولتها وبراءه أزمان اليفاع , وفي بداية ريعان الأنوثة وتفتق الرغبات .. تذكــرت أمــسـيات تجمعهن صويحبات الندادة علي صـحن القرية شرقي التوجه والاستدارة وهن يتسامرن إفصاحاً بينهن إعجابا بهذا الشاب وذاك .. في مجتمع يكره أن تعلن الفتاة إعجابها ملأ الإنشاء وجمع مرصود .. فلذا و خوف الإفصاح ومنه ينزوين إلى خصوصية أعمارهن وتحـلقات جليساتهن يتسلين همساً عن ما بداخلهن بعيدا عن سطوات تقاليد القبيلة والعادات فيحلو الحديث ويتعالى ضحكات عقب همس التصريح والقمر على قعر السماء خلفهن يسجل حركات انتشائهن أجساداً ظلا ًعلى أرض الساحة .. توثيق ضوءه الفضي ينثر شهاداته عبر الليالي وأحاديث الصفاء , ضحكت دامعةً اختلاط المشاعر عندما تذكرت تصريحها ذلك الأول بعفوية الطفولة اسم من عشقت شوقاً ورغبةً ملأ المراهقات , كـحديث تهــواه النفس وتحـبه حـتى أخـتفي وللتو ذلك الاسم والرسم شخـصها المعلوم في لمح من بصــر الانطلاق وكأن ارض القرية شق سطحها وابتلعت ما عليها من لحم ودم وكل ملامح شوقها والإعجاب . وفي الثالثة من إبتلآعات الأرض المتكرر لاعجاباتها المعلنة على ساحات الخصوصية تلك نهضت مرتبكة ومدركة في لحظتها همسات و أقوال البلدة عن أســـرتها من وحــي المحكي المعاش و تاريخ يماثل الأساطـــير و أدركت إن بقعة حزن كثيف جثمت على صدرها جوار القلب تلفه إحساس , وكما أدركت كل أسرار الحزن الدفين في عيون والدتها مر السنين ومن يومها بداءت في أعــــاده التفكــر كــرات ومــرات وانقطعت عن الساحة لحفظ ماء وجه البوح الشفيف . وان غشتها بإلحاح صويحباتها والمكان صامت نزراً عليها كــصوم مريم أم اليسوع أن لا تكلم الناس شوق الإعلان . أحزنها أن كل نديداتها وهــن الأقـل جمالا وتفتقاً قـــد لفهن حــظ الاقــتران ، إلا هي ناهده الصدر نفورا وإعلان بجــذوة الأنوثة وخاصرة أضرمت النحول أحكام الاتساق والتناسق قصيد علامات الامتشاق وامتلاء ردف الساق بالساق انتصاب , وهكذا ارتسمت هي تكوين جمعت به كل ذلك واستدارة الوجه والطلعة بدراً .. واسترسال شعرها سواداً دعوة إغراء ولكن لا أحد يعــــير ذلك أدنى اهتمـــــــام ...!!
سال على خدها دمع ســخين من كون الكائن مصير وهي تراقب نضـــوج أعضائها وجسدها الراغب في الإشباع وجموح الرغبة تكور على أحشائها مؤكداً تواجده من خلال بريق عينيها رغبات ومعاني , انعكست أمنيات وأحلام لفض عذريتها تلك وطلب الارتواء وعندما تلبستها الرغبة فعل التلاقح واعتصار ثمار نضجها ذلك المشهود وتملكتها صــورة هياج الجماع والاجتماع أجساداً ترتجف لتسكب رعشتها ماءً على موقع الفتنه والحريق ، إنسربت تحت بصر المراهقين مبتعدة تبحث عن مكان قصي عــســى أن يداهـمها فيه شباب القرية ليكون الأمر المكتوب ’ المرغوب وسـعت خطاها في بادئ الأمر تلهفاً بفعل دعــوتها الجماعية المرسل لفض إوار هذه العلاقة المتوجسة بينها وبين شباب القرية وكسر صليب تعارضها .. وهكذا شباب القرية يرجون وقوع المعـلوم لكسر صــليب الخوف معها لأن اســه مرتبط بعــذرية الرباط ،لمحت عينها ترصُد الفحولة خلفها من حيث المسير. ثم أثقلت الخطى إمعانا في الغواية وعادية الأشياء و خوف لفــت الانتباه وقبل أن تنتبذ لها من القرية و أهلها مكان غربيا والليل يعالج خــطوها المتغنج ويعاجلها مرخيا سدوله ليكسب الجــو روائح المغامرة وفعل التهتك المحظور ولسان حالهم يردد معاني ( التستر عند الابتلاء) .
تابعتها أعين رصاد الواقعة وليس لوقعتها تالية ، تنتصب خلفها أعين الجمع المراهق ، كل يمني نفسه فضل تبركات الضربة الأولى واجتياز فعل الفحــولة ....وهكذا تحركت قوافل الفحولة تقودهم الرغبة وتقودها في آن معا ، بحثا عن موقع قصي .. وعندما اتخذت منهم حجابا عتيا وانزوت خلف جبل المجهول جلست لتقضي حاجتها .. ولا حاجة بها ولها غير انتظار شد وثاقها ووقوع الفعل المعلوم .. جلست تنصت إرهافا وقع صوت خطوهم اشد من شوق النار لفعل الحريق ، وهم تفرقوا خلفها حذرا وشوقا وخوف فشل مهمة التنصيب القــــــادم ، تأخروا عنها وعن تصورها ، ووقع خطوهم غادر طبل أذنها مبتعداً .. أحست برعشة الخيبة إحساس مر.. وبينما همت هي خوف التفاته قد تجعل أمر هروبهم هرولة أمر محتوم داهموها في حين غرة من فكرتها تلك المترصد , فشدو وثاق عينيها وجردوها عنوة من ملابس وثياب ادعاء العــفة والستر فبانت عورات تسترت طويلا والتهابا من شوق التلاقح ، فخاطبتهم حينها بصوت متهدج علي نمط واحساس يتمنعن وهن الراغبات .
فقالت :
أعوذ بالله منكم إني مازلت بكرا ولم يمسني بشرا ولا جنيا..فقالوا لها صوت متقطع أنا رسل الطقوس إليك من ربنا لنهبك زرعا غلاما جماعيا قالت إذا فالتقم الحقوق و العادات مجراها وأنا كما تعلمون لن يفض إوار عذريتي وبكارة اللذة عندي إلا القوي الممتحن .. فعم الصمت ساعات بحساب الشوق وسرعة تحرك خلجات التفكير .. ثم واصلت صوت غائر من جوف التوقع إذا عليكم بالتباري لنصف صفوف اللعبة .. فرز الأول الأقوى..ومن بعده فليأت التالون من واقع الهزيمة حتى يقع فعل الجمعية الشرط .. وفي لحظتها .. أقاموا حركة الرقص والمصارعة التقليدية , ثم اصعدوها موصدة العينين وثاقا واليدين وعلى صخرة مسطحة اختاروها يصعد إليها وعليها المتصارعون بعد أداء طقوس التحدي و الرغبة فيها رقصا ليرتشفوا من جمال التكوين سحرا يلهمهم إصرار الغلبة والانتصار لتحديد صاحب الضربة الأولى في فتق الرتق المعتاد وعندما أذنت لهم بإشارة من رأسها حسب العرف المنقول عن كتب الأولين والمسجلة على أذهان الأجداد من وحي التجربة الطويلة والمتكرر اندفعوا نحوها مغازلين ومشبعين لواحظهم وكل واحد منهم مشهرا سيف التحدي يحاول إخافة الآخرين وتحذيرهم الابتعاد عنها كونها حق له مصون وفي حال من بداية العنف المرتقب ينسحب من تجلجلت ثقتهم في أنفسهم مخليين صخره التسامي تلك إلى ساحات الفرجة وقبول فتات المــوائد الأرضية تلك المرصودة على ساحات التنافس ومشاركة الارتواء , ويبقى أدعياء القــوة والقــوي في مـثل هــذا الــيوم واحد.
فتبداء طقوس اللعبة بمداعبة مفاتنها وكلما أشتد انهيارها رغبةً ازدادت فتنةً وجمالا شبقا يشعل في نفوس المتصارعين مواقع الغيرة نارا , تنعكس فيهم فعلا وبالدفاع عنها من مداعبات الآخرين تبداء معركة الفرز لمعرفة الأقوى المتوج على ملكة النحل تلك .. مبادرة بفعل ألا ولية في رشف العســـــــــــــــل و رحيقها المختوم
المتأهب أصلا بفعل الشوق ورغبة الالتحام ثم يأت التالون من الأقوى ثم الأضعف والكل هنا يشارك في نهل بقايا المائدة الجسدية المطروحة على ساحات الرقص تبارك يكمل مفهوم الجمعية والاجتماع وعندما قضى الأمر من وطر كلهم وفيها تركوها منهكة ، مشبعة ، ملقية ، متهالكةً على أرض الوحدة والابتعاد في حالة من خدر الارتواء وفروا هربا خوفا أن تراهم لحظتها وتميز فاعلي فعلتها وتقع كارثة لعنة الألفاي..
وفي لحظتها انهمرت الأمطار مدرارة ، في غير زمانها حتى أيقنت كل القرية .. شــيبا وشــباب .. رجــال ونســاء .. أن هناك ألفاي قادم قد زُرع في أحشاء إحدى بناته .. فهمت كل أسرة نداءً بحثاً عن شبابها لتحتضنهم كبد منازلهم خوفا من إصابة اللعنات ..
انتفضت هي مفزوعة بلل الهطول عن خدر الارتواءِ العظيم ..أسرعت فك وثاقها وبحــثت موقع ستر حجابها والثياب ..ارتدت منهم تبرجا عكسي وتأكدت جازمة حتما مقضيا أن هناك حملا تريع على ذاكرتها من فعل هذا الاستمناء الذاتي .. وكما هي جالسة صحن الدار ترصد يومها الموعود لتخرج به من دائرة .. ليس لــهم طــعاما إلا من ضــريع لا يســـمن ولا يغــني مــن جوع .. لان جوع الرغبة لا تشبعه الأحلام وزويا التأمل والتفكر الطويل ولتصل من بعد إلى معاني يقين اصل التأويل في القول المؤكد... اليوم الموعود وشاهد ومشهود...
عندها جففت دمعها المنهر بكثافة المطر النازل على ساحة الحلم والتفكير

تمت


لسان الدين الخطيب

3/ مقامات الشتاء الدافي / للكاتب : الجيلي أحمد

اقتباس:
مقامات الشتاء الدافئ



في الصباح .. كانت مشرقة .. تبدو
بمعرفة طيبة تنتقى ثوبها،
أمُر أمامها .. أحييها بنقاء .
أمام غرفتها تقف بزيها البسيط .. دائما تصيح " انتظرني .. لماذا تسرع "!
نهبط الدرجات دون انتظام
أمامها أسرع ..
أخاف السحر ولعنة الجمال
أن تعبر أمامي !!!
تحتضن حزمة من الكتب و الأوراق .. تتدلى من كتفها حقيبة
نسائيه جلديه - أراها فى مخيلتي وفى زجاج النوافذ -
وقد احتوت اشياءها لسنوات دون ملل ..لم يهزمها الجليد،
ولم يخترق المطر المتسائل سر الخصوصية
فقط -هى الشمس - أحالت لونها إلى مزيج من الأخضر والأحمر

اعبر أمامها الممر الضيق
" - )النساء أولاً"
"محال معها
كيف تشكى لليل المعافى
مرورها
الألق ،
العطر الخفى
وسر تواجدها "

تجابهنا ساحة الثرثرة الطلابية ..
المنتديات تفصح عن خطبائها
....
....
كنا نحتفي بالشتاء ، نعبر الحديقة و الثلج بمودة يعانق الغصون،
نجد طاولة، نزيح الثلج عن المقاعد العتيقة
ولوحة الشطرنج ...
نصُف الجند ضد الجند والوزير جانب الحاكم
نبدأ بالجنود
نحاصر الملوك
نجمع أشياءنا قبل النصر.. نرسم البقية على الورق
ونعود للمدرج ..
كانت تسميه "المتسمر" , يقف أمام البورد .. بنفس الهيئة..
يمسح غبارا وهميا عن عدساته بنفس المنديل
والحذاء ذاته
والنحنحة
++
++
+|+
تعود مساء بعد عطلة نهاية الاسبوع
محمله بالكارتوشكه )البطاطس)
والصاله (شحم اللحم المملح) .. وحكاوي عن الدادشه
"جدتى تستغرب استهلاككم للقاروخ (العدس ) .. تود رؤيتك ، لكنها
تكره المدن دون ثوار "

إلتقيتها في الصيف ، الليالي البيض .. الفرح يتودد للمساء
يغلق للحزن بابا .. أنا و أصدقائي
رأيناها فى الرصيف المقابل تحادث صديقاتها ....

"توقف عن الدراسة قليلا, سأذهب إلى غرفتي
أراك في الصباح .. التاسعة "
,,,
,,,

عبرت الرصيف ..قلت لأصدقائي :" هذه هي، أراكم لاحقاً"

الكلمات تتواثب .." أي الجمل اختار?? "
اقترب اكثر ..الضجيج يزداد..الهواء يقل
نظري يعتم
سائق عربة يلوح بإشارة بذيئة
يتوقف الزمن
أمامها.. أقف

" قل شيئآ...قل شيئآ "

"-(بريفيت) مرحبآ "

-هل اعرفك?
- آه كنت أخالها تعرفني منذ ميلادي -..

" -ليس تماماً رأيتك في الجامعة
+ " حسناً، أراك مره أخري. "
وذهبت
الطوفان ..البحر..اللهيب
العَرَق في أرجلي..مخلوقات تطل
من السماء..تقافز أمامي..
في حوجة لجرعة ماء..ابتعت زجاجه كاملة
#######
تصنع قهوتي، ترتب الفوضى وأوراقي المنثورة
في كل مكان
"أغيب يومين وأنت تستهلك الغرفة لسنوات..يا للفوضى!!"
,,,
,,,

بهدوء العارفين وضعَت قهوتها علي الطاولة..

ترتشفها بتلذذ
أراقبها من بعيد..الذاكرة
لا تكُف عن أحداث الأيام الفائتة..
لاحقتها وكأن حواء عجزت عن غيرها..

بنطلون القماش المحاك بعناية وبلوزه
قطنية تمتهن البساطة وتسرد قصة تعلقها بالخاصرة

كنت في الركن المقابل..جاهداً أحاول
حل معضلة هندسية..
تشتّت ذهني

نهر الفولغا يفيض في رأسي
لا فرار من لعنة الجمال
شددت الخطى نحوها..
لن ارتضي الهزيمة..وصلتها في عامين
القاعة صامتة تراءت لي..الكل ينظر نحوي

يدركون ما برأسي..

قبالتها وقفت
"-مره أخري أنت !! "

####

درجات الحرارة .. جاوزت (-20)
كانت تلصق القطن والورق علي
إفريز النوافذ..والفتحات الصغيرة
ثم تُعمل عليها الشريط اللاصق..
البرد يتسلل هناك..حتى عبر الصوت..

ضحِكَت بأريحية وهي تلتفت نحوي
-"هل تذكر ذاك اليوم.. ؟"
مع كتاب الدون الهادئ كنت ..اعبر
وشولوخوف قمم القوقاز..
نظرت نحوها مبتسماً .

- " كنت في الركن المقابل تدرس.. نفس
الطاولة..أحس بنظراتك..وأتمنى أن
تأتي وتتلعثم..
كنت أحب عنادك..رغم انك لا تجيد
الغزل.. "

..ضحِكَت بصفو ..وجزل
,,,
,,,

تصنع قهوتي برغبة..
لا تضع عليها الحليب
أقول لها "إنّ الحليب يشوه لون القهوة
ويستدرجها نحو المذاق الأوسط"

هي تحبها سوداء بغير سكر أو كريم
ترشفها بتمهل..لا تكف عن الكتب حتى في الصباح
مزعجة..
سريعة
وكسولة حين تود
,,,
,,,

مؤشر الحرارة يشير الى (-15)
الثلج لم يتوقف ليومين عن الهطول
في شكل رقائق صغيرة ، يتماوج ،
ليلبس الأرصفة ثوباً ابيضاً ناصعاً..
رن جرس الهاتف،
جدتها في الطرف الآخر كانت تصرخ بهستيرية

" تعال حالا...المستشفى "
رجوتها أن تعطى السماعة لشخص آخر
الممرضة أخبرتني بعنوان المستشفى
::::::::::
كانت فى طريقها إلى الداتشه بعربتها
الصغيرة و"اولغا" إلى جانبها
تغنى مع الراديو وتشاطرها حلم عنك
الجليد اللعين كان يغطى الطرق الصاعدة إلى الجبل
تعرف قيادتها حين تكون على سجيتها..

هكذا كانت جدتها تحكى من خلال دموعها
ونحن ننتظر فى الممر

سائق الشاحنة كان ثملاً..
..لم تستطع تفاديه ، اصطدمت عربتها بالحاجز..
وانقلبت ثلاث مرات

اولغا بحالة أفضل..
خطت نحونا الطبيبة و بالكاد تحملها أرجلها
قالت كأنها تهمس:
-آسفة..لم يكن بوسعنا فعل شيء.

ما حدث بعد ذلك ليس واضحا تماماً في ذهني
صراخ جدتها
طنين في أذني
اذكر أنني مشيت.. مشيت
حتى أعياني البرد
واذكر أنني كنت ممداً على سريري بكامل هيئتي
عند الفجر أبحلق في السقف ..

واذكر أنني بعد أسبوع من ذلك التاريخ

كنت من الطائرة
أودع تلك المدينة..و إلى الأبد
4/
اقتباس:
ومات حين رعشة الجبل




وقف على قمة الجبل ..
كان ومنذ طفولته يقف عندها ..
ساهماً غارقاً في كون دهشته المترامية .. يحفر مع الأطفال اسمه على القمة ويرص عليه الحجارة ..
الاسم يبدو بمقدار ما اجتهد صاحبه في الحفر والرص .. تطالعه آلاف الأسماء .. وآلاف الحجارة .. وآلاف الذكريات ..
كانت القرية كلها تحته ..
كأن قبضة يده تطالها جميعاً ..
- عجيب أمر هذه الدنيا كلما صعدتَ عنها صغُرتْ .. وكلما نزلتَ إليها كبرتَ أنت فلم تحتملك الأشياء
النيل .. خيط ماء يذكره بخياطة أمه حين (ينفتق) قميصه الوحيد ذات عراكٍ أو عناق ما .. تميل الإبرة حتى تبدو آثار الخيط بلا اتزان وبلا تنسيق ... اللون الأبيض هو لون الخيط الوحيد في دكان القرية .. كان يداوي أوجاع جميع الألوان .. بلا اتزان أمه وبلا تنسيقها .. والإبرة ذاتها هي ما يخيط القميص .. وجوالات البلح حين الحصاد .. وما يخرج الشوك من الكعوب الدامية أثناء الليل .. وما (يضفر) الطبق لأعراس ربما تجئ .. تظل تطعن في جسد الجدار إلى أن تدعى للطعن في جسدٍ آخر .. النيل يذكره بأشياء كثيرة .. كانت أمه وهي تعود مساءً إلى المنزل .. تنتعل حذاء البلاستيك الأسود ذي الوردة العريضة على مقدمته .. يحمل الشوك كله في كعبه الذي يستعيد كل تواريخ حقده حين اتحاده مع حجارة الطريق القاسية .. على رأسها (رأس) القش .. يطلي ثوبها بخضرته النفَّاذة .. العشب الرطب ظلَّ يسبب لها الحساسية طوال عمرها .. تسعل حتى تغيب عيناها .. وتعودان أكثر حنيناً ودموعاً وصلابة .. النيل يفترق عند بداية القرية افتراقاً خفيفاً .. يكوّن جزيرةً صغيرة ويلتئم ثانية ليواصل تواطؤه ضد الجروف ينهكها بالهدم والغمر ولكنه يحييها بعد ذلك .. يذكِّره منظر افتراقه والتقائه هذا بنطاله المدرسي الشاحب ، غائر الجيوب وسوستته (المحلوجة) .. أحواض البرسيم متناسقة الرسم رائعة الهندسة وكأنها ليست التي اعتاد أن يمشى بينها دوماً ..
- - تحتاج هذه الدنيا أن تُرى من أعلى .. تحتاج أكثر أن تُمارس من أسفلها حتى تتصعد هي إلينا بذات الأناقة ..
كان المنزل الذي شهد شقاوة طفولته وبؤسها يبدو ناصع البياض .. تستقيم أركانه وكأن الزاوية القائمة تبدأ عندها .. بابه الأخضر نظيفٌ .. جميلٌ .. كامل الوسامة لا تُرى شخبطات الفحم عليه .. لا أثر لقفله المخلوع ولا للحبل الذي حلّ محله .. (الجردل ) المملوء بالحجارة .. يجرح الجدار منذ سنين لتثبيت حبل الغسيل بالداخل يبدو كأثرٍ منقوشٍ على الجدار الأبيض الزاهي ..
- ريشة الجبل لا ترسم التفاصيل التي تنقص اللوحة بريقها..
تذكر فجأة .. وهو يغادر الوطن متخفياً تحت اسمٍ جديدٍ ووثائق جديدة .. والطائرة تحلّق فوق مطار المدينة .. كانت ترتسم كلوحةٍ رائعةٍ ومبتسمةٍ ووديعة .. تتحرك السيارات برشاقة .. متزينة بصمتٍ طويل الابتسامة .. وكأن سباب السائقين والأبواق التي لا تهدأ حين الذروة سافرت لعالمٍ آخر .. والشوارع مغسولة .. فقط بارتفاع الطائرة عنها .. لا أثر للتراب تغطي أطرافها .. لا عرق يغيِّر ملامح المارة .. وفي نفس اللحظة التي ترسم ريشة العلو أناقتها كانت الأيادي المختفية خلف القفازات والبطاقات تلملم أوراقه وصوره وكل قصاصات كتاباته وتحرقها .. لم ير من نافذته دخان روحه المتصاعد .. ولكن رجفة قلبه ساعتها ذكرته بتفسيرات أمه ..
- - الروح يا ولدي تحلّق فوق الأشياء وتسترها ببياضها وتخفق حين يقوى عليها الزمن ..
تعاتبه أو تلومه أو تخيفه بانقباضة فتحدث تلك الرعشة .. كانت تقول له باسمة .. وقلبه يرفُّ رفيفاً متواصلاً .. خلف ابتسامتها أسئلةٌ وأجوبةٌ وبحارٌ من الحيرة.
- - ستصادف من تحبه ويحبك يا ولدي
لم تكن لتقول له :
- - ستفارق جزءاً منك وإلى الأبد
لكنها كانت تعلم ذلك .. كانت تعلم أكثر من ذلك ..
- - الأم عالمةٌ ومتحققة العلم .. ولكنها تدفنه في الدمع متقد الصبر.
بقىَ عشر سنين بالمنفى .. جاء الآن فقط ليزور قبر أمه .. جاء بشعرٍ مستعار .. واسمٍ مستعار .. وعمرٍ مستعار .. ووثائق جديدة .. ولكنه يفضح نفسه بحنينه الأصيل ودموعه الصادقة ونشيجه المميت .. قبر والدته كان قبراً استثنائياً جدا … ضمّ أمه بذكرياتها .. وألوان العشب تطبع ثوبها بالخضرة والحساسية .. وحذائها البلاستيك الذي يوقد أصابعها بهجير الصيف ويباس الشتاء .. ضمّ ابتسامتها له وهي تعدّ له العشاء .. وتمضي لتصلي .. ضمّ أحاديثها عن أبيه
- - كان شاعراً .. حاول إصلاح الكون .. فأفسده الحلم .. ومشى وحيداً نحو القبور .. لم ترافقه جموع المعزين والشامتين .. القبور يا بنّي ليست تلك المدن المأسورة بعصي الحراس وأزاميلهم .. كثيرة الشواهد وجريد النخل .. لكنها السجون التي نخلقها لأنفسنا ولا نبرحها ..
- - مضى يصلح الحال بالشعر فاستسلم لطارق الجنون
ضمّ ذكرياتها معه .. استيقاظه منتصف الليل ليغني أغنيته الحبيبة .. الغناء للأصدقاء فقط .. والليل صديقه الوحيد..
- - لأن كل أشباح الناس تمضي لهروبها المشروع .. النوم .. والغناء تفسده الآذان الهاربة
- كان يجلس عند الباب طوال اليوم .. يطالع الفراغ .. يحادث الصمت .. وحين أفاجئه بابتسامة .. يفاجئني بالحياة كلها يدسّها تحت قبلته على يديّ ويمضي .. كان لا يتحدث إلا معي .. لا يفهم إلا لغتي .. لأني كنت أتحدث إليه بعينيّ ( أبوك كان ممكن يغيّر الدنيا كلها بعيوني ديل .. ) لكنه أراد أن يغيِّرها بعينيه وهو ينظر للفراغ .. آهٍ عليه .. ضلَّ .. آهٍ عليه.
الجبل الذي شهد قبل ربع قرن حفر اسمه ورص الحجارة عليه .. يشهد الآن حفر قلبه على كل حجر .. كل كهف .. كل شجرةٍ تقاوم العطش بالتماوت .. وتقهر الموت بالصبر .. وكل ذرة رملٍ ترهقها الريح بأسفار قاتلة .. الآن وهو ينظر منه ناحية داره ويركّز حيث كان أبوه يطيل الجلوس .. يبدو كمعنىً جديد للروح تحمل الإنسان على كفّها حتى يقرأ أوراقه جيداً … المقابر وسيمة منتظمة .. على عكس حالتها وهو يقف فيها أمام قبر أمه .. كانت أمه حين تمرّ بها تتمتم بأورادٍ وآياتٍ وتنهداتٍ طويلة .. ودمعاتٍ تكسر طوق ثباتها المنهك وتطل على وجهها المملوء بالحياة موتاً ناعماً .. ترقد فيها الآن تصمت عن كل ذلك .. فقط تورثه كل اهتزازها تجاه قبر أبيه .. حيث تنبت شجيرات (السنمكة) وتحدث صفيراً رفيقاً مع صوت الريح وترسل بذورها لدنيا أخرى ..
- يا للجبل .. يصغّر الأجساد .. ويكبّر الأرواح حد الرهق.
تسلل في تلك الليلة فقيرة الضوء.. ومضى يكتب بالفرشاة على جدران المدينة ..كان يطالع نظرات أبيه نحو عالمٍ لن يأتي .. هكذا كما أراد .. وحساسية أمه وسعالها القاتل .. وشوارع القرية الغارقة في اللا شئ .. ذهب ليقضي ليلته في منزل صديقه متخفياً.. ولكن دمعتها وهي تصلي طوال الليل كانت تبلل وسادته .. فقد إحدى عينيه تحت التعذيب .. وكثيراً من عمره وأبنائه القادمين .. أصاب الشلل نصفه الأيمن .. لكن أوراقه وقصاصات كتاباته ودموع أمه ورعشتها ظلّت كما هي .. ومضى ساحباً عزمه للمنفى .. رحل معه كل شئ .. وغاب عن كل شئ .. بقى هناك .. حيث مات
- - الموت هو موت الذات .. ليس للجسد حياةٌ فيه وليس للروح خروجٌ بعده ..
ماتت أمه .. بين خضرة العشب على ثوبها .. وابتسامة أبيه .. ودمعتها الدائمة عليه .. احترقت قصائده وأحرقت قصاصاته ونامت رعشات قلبه .. عاد .. بلا أمٍ وبلا قصاصات وبلا قصائد وبلا وطن .. عاد .. بالجرح الذي عمّ كل الجسد فأهلك الروح.
قفل نازلاً عن الجبل .. كلما انخفض عن ارتفاعه تكبر القرية .. وشيئاً فشيئاً كبرت إلى مستوى نزيفه .. التفت وراءه .. رأى اسمه المنحوت في حجارة الجبل يتصاغر درجة التلاشي يكاد يرجمه بتواريخه كلها.. ولكن اسمه المنقوش في ذاكرة أمه كان يكبر درجة الخلود .. هل يبقى على القمة للحفاظ على اسمه كبيراً وصورة القرية وسيمةً ونظيفة .. أم ينزل لنقوش أمه في جدار الخلود .. وواقع القرية النازف واسمه المتصاغر .. حينها كانت القصائد تسيل من عينيه ويده المشلولة وشفته الراعشة .. تحمّل قسوة الصعود على عكازه .. وقسوة الهبوط على روحه .. ولكن صورة أبيه يبتسم للفراغ قرب الباب المتسخ بالفقر والقهر وخذلان الجميع .. كانت تحوّم حول قدرته .. ولون العشب يطلي ثوب أمه ويرهق صدرها بسعالٍ دائم وهي توقد النار لشاي المغرب .. والجدار الباهت المسحوق بتذكارات الصبية ووخز الجردل الدامي .. كانت أقسى من وهدات الجبل على رجله الثقيلة .. وروحه المثقلة .. وقصائده كسيرة القوافي .. فسقط ..
الطيور التي حلّقت حوله وهو ينزف حتى آخر حرفٍ منه كانت تعدّ العدة لموسم هجرةٍ جديد .. وتعرف أنها لن تعود أبداً.
أسامة معاوية الطيب
5/ للكاتب : لؤي شمًت
اقتباس:
(( سكينة )) و (( جمال ))




رفضت ( سكينة ) كُلّ أفواج العرسان
قرّرت أن تخرج عن المألوف
فصارحت ( جمال ) بمشاعرها نحوهُ
وبرغبتها في أن تقضي بقيّة عمرها زوجةً له
منحته بذلك روحها
سنوات مضت بهما حتّى الآن
ولم يزالا ، هو ( جماد ) وهي ( سجينة )

6/


اقتباس:
النمل يغزو المدينة/ محمد الطيب يوسف




بدأ الأمر برمته يوم الأمس صباحاً عندما انتبهت إلي صفوف النمل وهي تعبر بمحاذاة الصنبور الذي كان يهرب نقاط الماء بانتظام ثم تابعتها وهي تمر بجوار حوض صباح الخير بأزهاره الحمراء الصغيرة وتستمر في نفس خط سيرها مروراً بأزهار دوار الشمس حتي أنني استطعت رؤيتها وهي تتجاوز شجرة دقن الباشا وصولاَ إلي السيسبانة فقررت أن أهتم بإبادتها بعد الانتهاء من الطبخ ونظافة البيت الداخلية .

دهشت عندما وجدتها قد تسللت إلي داخل المطبخ بنفس صفوفها الطويلة التي لا تدرك من أين تبدأ وانتشرت خلف الدولاب و حول حوض الغسيل ولم تنج منها حتى الثلاجة وهي تغزو بياضها الناصع فبدت كالنمش علي الوجه فقررت أن أبدأ بالإبادة فوراً وألا أرجئ الأمر لحين الانتهاء من الطبخ , فتحت دولاب النظافة بحثاً عن مبيد مناسب ولكني لم أجد شيئاَ يرضيني فنويت أن اشتري واحداَ حين خروجي للتبضع بعد الظهر ثم انهمكت في العمل متجاهلة انتشارها البطيء في كل مكان غير أني تفاجأت عندما وجدت أرتال منها خلف كراسي الجلوس وما أثار فزعي هو وجود ثقوب صغيرة في القماش الذي يغطي خلفية المقاعد وكنت متأكدة من أنها لم تكن موجودة صباح الأمس

خرجت مسرعة إلي السوق القريبة وعندما وصلت إلي هناك لمحت جارتي أم أحمد تسد المدخل بمؤخرتها الضخمة فدخلت في حرص حتى لا أحتك بها , حييتها بصوت خافت ودون أن أنظر اتجاهها فقد كنت أخشي ثرثرتها المملة والتفت إلي عم سعيد وأنا أساله عن مبيد جيد للنمل , بدا الأسف علي وجهه وهو يعتذر بأن كل الكميات التي كانت عنده قد نفذت ,ولم يتبق إلا الذي انتهت صلاحيته إن كنت راغبة فيه وهنا وجدت أم أحمد فرصتها وهي تدنو مني قائلة :

- إن النمل يجتاح المدينة

كنت قد اعتدت علي تضخيمها للأمور فاعتبرت هذه واحدة منها ثم غادرت المحل وأنا أودعها في عجلة ولكن عندما وصلت للبيت أدركت أنها لم تكن تبالغ كثيراً وأنا أبصر جيوش النمل تغزو البيت من كل الاتجاهات , أصابني الهلع عندما ولجت للداخل فقد تحول لون الجدار إلي الأسود القاتم , الطاولة ذات اللون البني المحروق بدت وكأني قد فرشت عليها مفرشاً أسود , طفح النمل من ماء المزهرية التي وضعت علي الطاولة ولكن ذلك لم يثن البقية وهي تحاول الوصول إلي الحافة في عناد غريب ¸ركضت إلي المطبخ في فزع كانت جحافل النمل قد اجتاحت مطبخي , شفاط الهواء كان معطلاً والمئات من النمل قد ملأ لفراغات التي فيه , جوال السكر مرمياً في الوسط والنمل يتدفق منه كالسيل , من دون وعي مني أمسكت بخرطوم المياه وبدأت حربي ضد النمل وعندما انتهيت كان بيتي قد تحول إلي بحيرة صغيرة ذات سطح أسود لامع وقد طفت فوقه العشرات من الأشياء , كرة البنق البيضاء الصغيرة كانت تتقافز علي السطح وكأنها قد جنت ,أوراق من صحيفة قديمة , فستان بنتي الأبيض بوروده الحمراء الفاقعة بدا وكأنه يطير علي سطح الماء وهو منتفخ كبالون ضخم , بيت النظارة التي يستخدمها زوجي كان يطفو وهو مفتوح وكأنه يقهقه , أفلتت مني ضحكة صغيرة وأنا أشاهد الفوضى التي صنعتها .
جلست علي الكرسي المبتل وأشعلت المرئي أمامي , تابعت الأخبار اليومية بنصف عقلي وأنا أفكر في كيفية إعادة تنظيف البيت وترتيب الفوضى التي صنعتها ولكن شد انتباهي مذيع النشرة وهو يقرأ خبراً متعلقاً بالنمل ثم ظهر المحافظ وهو يتحدث عن اجتياح النمل للمدينة مبرراَ ذلك بسبب السيول الأخيرة ولأن المدينة تقع في مكان مرتفع فقد فر إليها النمل هرباً من كوارث الطبيعة , اعتصرت ذاكرتي ولكني لم أتذكر سيول اجتاحت منطقتنا في التأريخ القريب بل ومنذ أكثر من عشرين عاماً كما أنها تقع في وادي بين جبلين فتبسمت ساخرة من تبريراته وأنا أعود لحديثه وهو يطمئن الشعب بأن الوضع تحت السيطرة وأنهم قد نظفوا الجزء الشرقي من المدينة تماماً وستتوالي حملات النظافة حتى تعود المدينة كما عهدها أهلها .

انتقلت الكاميرا إلي عمال النظافة بستراتهم الزرقاء وأقنعتهم الواقية والنظارات التي تغطي نصف الوجه فبدو لي وكأنهم رواد فضاء وليس عمال للنظافة وعندما عادت الكاميرا إلي المحافظ وهو يواصل في ثرثرته غير المجدية كانت هنالك نملة صغيرة تتنزه في زرقة سترته وكأنها تمد لسانها ساخرة من حديثه الممجوج



حاولت الاتصال بأمي عدة مرات ولكن هاتفها كان مشغولاً علي الدوام ثم أخيراً عبرصوتها المعتق الأسلاك إلي أذني ممزوجاً بالغضب وهي تشكو من النمل الذي تكدس في غرفة نومها وهو يطأ ذكرياتها بأقدامه ذات النهايات الشعرية .. أنهيت المكالمة ثم هاتفت أختي التي كانت أيضاً في أوج غضبها وحزنها والنمل قد أتلف عيد ميلاد ابنها وهو يدمر ترتيباتها التي أنفقت نهاية الأسبوع في إعدادها خاصة وأنه أعجب بطعم التورتة التي ظلت تعدها طوال ليلة أمس .

وضعت سماعة الهاتف مقررة إعادة تنظيف البيت وترتيبه علي أن ابدأ بغرفة النوم , كانت المياه قد وصلت إلي هناك رغم حرصي علي إغلاق باب الغرفة جيداً , شرعت في العمل بهمة ونشاط , وأنا غارقة في النظافة لفت انتباهي شيء غريب , ألقيت بالمكنسة من يدي وأنا أقترب في تعجب من دمية بنتي الصغيرة المرمية عند الركن في إهمال فبنتي لم تحبها أبداً بلونها البني وشعرها الغزير وفمها الذي فشل في أن يكون خرطوماً ولم يقنع بمكان الفم فتمدد إلي الخارج بطريقة كاريكاتيرية , الغريب في الأمر أن النمل قد صنع نصف دائرة حولها وكأنه ينظر إليها في ترقب دون أن يقترب منها وهي مرمية علي جانبها في إهمال , حملت آكل النمل في حرص وأصلحت من وضعه بحيث أصبح مواجهاً للنمل وأنا أراقب الموقف من كثب ..

تراجع النمل في ذعر وهو يتدافع نحو منافذ الغرفة في جنون .. غمرني إحساس بالسعادة وأنا أركض به نحو الفناء ثم وضعته في مواجهة النمل مرة أخري ولم تمض سوي دقائق معدودة إلا وكان الفناء خالياً من النمل تماماً

حملته في عناية وأنا مدركة لما سأفعله جيداَ , لففته بورق صحيفة قديمة ثم خرجت من البيت في عجلة , عند بداية الطريق لمحت أم أحمد جارتي (العزيزة ) وهي تتهادي في مشيتها ,حاولت تجاهلها وأنا أتظاهر بقراءة اللافتات من حولي ولكنها لم تمنحني الفرصة وهي تقطع علي الطريق لاهثة , وضعت اللفافة خلف ظهري وأنا أتظاهر بالبراءة بيد أنها لم تنتبه وهي تشرع في الحديث مباشرة

- ألم تسمعي بما حدث لعوض جارنا ؟؟

عقدت حاجبي متسائلة دون أن أتفوه بكلمة

أشرقت أساريرها وهي تسترسل قائلة

لقد حاول أن يستدرج النمل للخروج من بيته فحمل جوالاًمن الذرة وهو يلقي بقدر ضئيل منه كل مرة في طريقه والنمل يتبعه في صف طويل كل نملة تأخذ حبة ذرة ثم تولي مدبرة من حيث أتت وعندما وصل إلي خارج البيت كانت تتبعه نملة واحدة فأطلقوا عليه اسم عوض أبو نملة

ثم انطلقت تقهقه بصوتها الحاد الذي يشبه طنين البعوض غير أني لم أتجاوب معها ووقفت في بلاهة وكأنني انتظر باقي القصة

قطعت ضحكتها فجأة وهي تسأل في فضول

- لكن إلي أين أنت ذاهبة ؟؟

تملصت من بين براثنها قائلة

- ذاهبة لشراء بعض الأغراض الضرورية

(لابد أنني كنت أخشى من مصير عوض أبو نملة )

كان مكتب المحافظ يغص بالصحفيين ورجال الاعلام ولكنني لم ابال وأنا اقترب من طاولة مدير مكتبه ثم أدنو منه براسي قائلة
- أريد مقابلة المحافظ

- هل هناك موعد سابق

- لدي حل لمشكلة النمل

ثم اكملت العبارة بصوت خافت ولكنه واثق

- حل جذري

تراجع بمقعده للخلف عاقداً أصابعه أمام وجهه , تجاهلت الشك الذي ينبض من عينيه وأنا أتلفت حولي ثم عثرت علي تجمع من النمل في أحد الأركان ,أخرجت دمية آكل النمل في حرص من اللفافة ثم وبحركة مسرحية وضعتها أمام النمل

خفت الضجيج من حولي والكل يتابع في اهتمام ما يجري أمامهم
توقف النمل عن الحركة تماماً وهو يقف في مواجهة آكل النمل ثم بدا الانسحاب الفوضوي في هلع واضح وجن جنون الكاميرات وهي تلتقط العشرات من الصور ثم انتشرت الفرحة بين الجميع وعلا الصراخ وآخر فلول النمل تغادر الغرفة في هلع ..

خرج المحافظ من مكتبه يبدو عليه الانزعاج ولكن حمى الفرح اجتاحته مع الجمع وأجابت علي التساؤل الذي كان يطل من عينيه .

عندما عدت للبيت كنت منهكة حتى النخاع جوقة الصراخ التي ارتفعت حال دخولي للصالة أفزعتني وأنا أتفاجأ بأقاربي مجتمعين حول التلفاز يتابعون لقاءً أجرته معي إحدى القنوات , نظرت إلي زوجي في ترقب فلمحت في عينيه نظرة زهو وتقدير أكبرتهما فيه كثيراً


***


كان المحافظ قد وعد بتجهيز دمية ضخمة بإطارات لتسهيل حركتها علي أن تكون انطلاقتها من ميدان التحرير غداً صباحاً وقد شرع المهندسون والمصممون في تجهيزها علي أن ينتهوا منها تصميمها مساء اليوم .

أخبرني زوجي بإعلانات التوعية للمواطنين التي أغرقت التلفاز بكيفية جذب النمل إلي هناك عن طريق ماء السكر وفتافيت الخبز وإغلاق المنافذ جيداً بعد مغادرته حتى لا يستطيع العودة إلي البيوت مرة أخري

كان صباحاً مختلفاً وقد تحلق أفراد أسرتي حول التلفاز , لم تذهب بنتي للمدرسة كما لم يغادر زوجي للعمل , انتشرت في المدينة حمى شراء الدمية فارتفعت أسعارها إلي مبالغ خيالية , كانت القنوات الفضائية تتنقل ما بين ميدان التحرير لمتابعة آخر التجهيزات ومابين الجمهور مستطلعة آراء الكل حول مدى فعالية الخطة , قمت بعمل الخلطة المطلوبة ونشرتها حتى الباب الخارجي وتابعت النمل وهو يخرج في صفوف طويلة من مخابئ لم أكن منتبهة لها داخل بيتي ثم تأكدت من إغلاق النوافذ والأبواب جيداً وجلست أتابع مع عائلتي آخر التطورات , كانت الدمية عملاقة بطولها الذي يتجاوز العشرة أمتار وخرطومها الذي يقارب المتران , بدت لي اقرب للفيل منها لآكل النمل ولكني لم أعلق , المحافظ كان منتشياً والملايين من النمل يتدفق عبر الشوارع الخالية في اتجاه الميدان , سيل من النمل الأسود كان يفترش ساحات المدينة الفارغة ويتحرك بعقل واحد من شتي الاتجاهات ويقترب رويداً رويداً من الميدان مشكلاً دائرة واسعة القطر حوله , المهندس المختص كان يستعرض الدمية بزهو واضح والتقنيات التي تمت إضافتها لها مثل الصوت الذي كان حسب رأيي الشخصي مرعباً للنا نحن ولكني لم أدرك حجم أثره علي النمل بعد .

ثبتت الكاميرات حول الدمية من عدة زوايا لضمان عملية البث الدقيق ثم غادر الكل ووقفت وحدها كهضبة صغيرة عند المنتصف في انتظار الجيوش الجرارة.

بدأت بوادر النمل في الظهور حول الميدان من كل الاتجاهات والدائرة تضيق حول الدمية التي بدأت في إصدار أصواتها الغريبة , عند ما اقترب النمل بدرجة معينة توقف تماماً وهو يحيط بها إحاطة السور بالمعصم , كان الكل يترقب في قلق , تراجع النمل بسرعة حتى اتسعت الدائرة من جديد , عمت صيحات الفرح في فضاء المدينة , تحركت الدمية عدة أمتار للأمام ثم للخلف مستخدمة إطاراتها المطاطية , فتراجع النمل تبعاً لذلك من دون انتظام ولكنه لم يغادر الميدان بعد .

لوهلة كان المشهد يبدو جامداً والنمل يحيط بالدمية ثم وفي لحظة واحدة بدا الهجوم , تدفق سيل النمل من كل الجهات نحوها ثم شرع في الصعود علي جسدها مغطياً إياها من كل الجهات , عبر من أذن وخرج من الأخرى , ولج إلي جوفها من كل الجهات , اهتزت الدمية قليلاً وهي تخرج أصواتها التي كانت تبدو فزعة أكثر من كونها مفزعة ثم تهاوت كجبل ضخم بدوي هائل إلي الأرض

واشتعلت الحرب من جديد
7/ للكاتب : علي ماجداب
اقتباس:
أصبح قلبي قابلآ لكل صورة


( لتنتعل فينا الفوضي ملايين الشوارع الرئيسية وتأخذ لها منتجعات من السكون والجهل الهزيل والوجوم المريع .. سبعيني الميلاد
جميل ويتعارك مع الأشياء .. إذ لا زالت المسميات تأخذ أشكالها السبعينية الميلاد ولا تستأذننا النعرات علي ما نناله من ضرر .. في مشاعرنا .. من جوارحنا .. وفي جوانحنا مستغلة فينا احتياجنا للحياة ونستغل في الحياة إنسانيتها )
يتحدث إلينا وبلا ترتيب ..
ولا نفهم ..
وهو إن قيل له ذات الحديث لن يفهم .
الصورة علي الجدار ..
ودعنا لا نؤسس للرزيلة.. كي لانعصي الله عنوة
و.. يجيب نفسه … أن لا سعادة مع إتيان هذا المنكر ويا لشقائك إن كنت تأتيه وأنت من ذوي الدواخل الشفافة .. الجميلة .
يجلس .. ويجلسون .. ولا يؤسس للرزيلة .. يعمهم إحساس بالضآلة صباحآ ..
وما هذا قصد الحديث ..والصورة أمامهم علي الجدار يمارسون الشفاهة .. لا يستطيعون الكتابة لأنها وكما يقول هى حالة تصالح مع الذات .
كنت أعرف أنه ينضح بمحفوظات لإبن عربي رحمه الله .. صاحب المكان لن يكتب إذآ .. فهو لايتصالح مع نفسه حين يعصي الله ..
ولا أحد يتصالح مع نفسه حين يعصي الله .
الحديث .. يتجاذبه أصحابه وهو لا يفكر بل يتحدث ويتحدث .. ليته يتحدث عن الصورة ..
هو يشرب هنا معهم لأكثر من شهر .. إذ هم لا يؤسسون للرزيلة فلا أحد يسأل عن الصورة التي علي الجدار .
وإن سألت أنا .. فالإجابة التي لا أريد هي أنها صورة لفتاه .. جميلة ربما .. جميلة قصتها ..
القصة هي الإجابة التي أريد ولكن صاحب المكان .. هو مالك للإجابة .. وهو الذي يتحدث لنا بما لا نفهم .. وينهكنا ليلآ بشعر محي الدين ابن عربي .
سبعيني الميلاد من حدثه عن ابن عربي ؟ .. من حمله ما لايطاق ؟ أنا أريد السؤال في الصحو .. لأني أريد الإجابة في الصحو .. لأنه ومهما كانوا يفتعلون بما يأتونه ليلآ .. اتقاد في الذاكرة والهاج للتعبير وجراءة تجعل من الأمر كله حفنة تراب يزرونها علي مجلسهم .. هم عنده بضع عاصين .. غير متصالحين مع ذواتهم ..
احتكاك الأجساد مع بعضها البعض في قاعة الدرس العملي تثير فيهم ماهو غير سوي .. وكانت تقف في المقدمة .. الرؤية تتعذر علي قصار القامة ..
واذ لم يكونوا يؤسسوا للرزيلة .. كان أصحابه إذ ذاك يقولون ( الزحمة فيها الرحمة ) .. فهم أخيرآ ما يقصدون .
أراد أن يجرب و.. كانت في المقدمة .. وكانت قصيرة ..
أصرعلي الحديث برغم الصراخ والضحك , فالكل قد فارق إلى منطقته الخاصة ..
كان خجولآ وقحآ في خياله أو هكذا ظن .. مهذب إلا أن خياله فعل ما يفعلون .. وقاعة الدرس العملي .. تضج بسبعينيو الميلاد مثله وقوفآ ..
ما كان الأمر حينها يوزن بأي ميزان .. رغم وفرة الموازين عنده .. ميزان الحلال والحرام .. ميزان الأخلاق .. ميزان الذات الخفي من ممكن وغير ممكن .
الأمر كان غريبآ وكان خجلآ فقط مما يحفظه لشيخنا محي الدين بن عربي .. لا يدري لماذا هو فقط بل أنه كثيرآ ما كان يقول أن أصلح من سيلقننا الدين نحن سبعينيو الميلاد هو ابن عربي هذا ..
ما كان أحد سيعرف له من إبن عربي هذا …
دهشة وسعادة إذ لم يواجه بكف وسط الزحام .. بل ولا حركة جموح أو رفض ..
أصبح يأتي مبكرآ
وكانت قصيرة
وتمادي .. وتمادي
والمدى قد رصف أمامه بشبق مستحيل وزروة ما..
عمرها أياما
أراد ان يري المتعة في ذلك الوجه الوضئ



دموع

من القرف

.. والألم .. والإحباط ..
وأحس أنه نقطة متعفنة في ادني أرضية حذاء لشخص خرج توآ من الحمام
خرجت من قاعة الدرس العملي وغير العملي …
ولم تأت .. إذ ما كان هناك منطق في الدنيا سيقنعها بأن البشر خارج البيت عادة لا يلتصقون بهذا الشكل..بل ولا يمارسون الجنس فى القاعات
ليتها انتظرت ليوضح .. ماذا تنتظر؟ ..
.. إنه فنان .. إنه يحس ..إنه أجمل من ذلك .. خرجت كلماته كثيفه بلا جدوى
يابت العم انا ما كدا .. لكنه كان كدا وزياده
ويقرأ لأبن عربي .. وكيف سيقرأ له بعد الآن ؟
انتصرت لتكوينها السوي .. واهدته الذنب في أعلي إحتمالاته ..
تري كيف الذنب عند سيدي ابن عربي ؟
وأين مني ذلك الرجل ؟
إما هو .. أولا تنسيني ذلك الذنب ألف جلسة فى الوعي الغائب ..
وتتعالي الضحكات .. هكذا يقول ( لا تؤسسوا للرزيلة )
وهكذا قالوا له ( الزحمة فيها الرحمة )
من منكم يستطيع تلحينها .. هاتوا العود
أحسست أنا به ..
ألم تأت؟
حتي الآن ؟
ولن تأتي أبدآ ولم يأت هو إلي ذلك المكان أبدآ
أصبحت لعنته ..
تري من أضاع من ؟
ضاعت معها إنسانيته ..
وضاع تصالحه مع ذاته .. وضاع معها شعرسيدي ابن عربي
تري من حدث سبعيني الميلاد عن ابن عربي ؟
غرق..
كان يريد أن يغرق مثل ابن عربي في أعماق الرحابة والنقاء والفكرة فغرق في ….
أكان يستحق لحية كثة .. ووجوم .. وحديث دون توقف ليلآ ..
إذ لا يعلم أحدآ مابه .. الصورة كانت مكانها .. منذ أن حصل عليها ..كيف ؟..لا أدرى
ولا أحد يعلم ما حدث ولا صوت يقول نعم في قائمة الحضور وتمر السنين ..
لا أحد يسألني عن الصورة .. فقد أضعت ما تريدون من إجابة ولا أحد يسألني عن ابن عربي فقد أضعته .. قبل أن أجده .. هما أكبر هزائمي ولن أعبر ذات النهر مرتين .. وليست كل الطرق دائرية …
ياجماعه الزول سكر شديد ما كفانا بعد دا
يصرخ بنا ..

نديمي غير محمول علي شئ من الحيف
دعاني ثم حياني كفعل الضيف للضيف
فلما دارت الكأس دعا بالنطع والسيف
كذا من يشرب الراح مع التنين في الصيف

تركناه .. وهو لا يتصالح مع ذاته ..دائمآ
ويصرخ .. أخرجوا جميعآ
لا تؤسسوا للرزيلة
كان الحديث يعلو
وهو يعصي الله خجلا .. وطلبآ لعفوه
وكنت أريد الإجابة في الصحو ..
هو لا يتحدث في الصحو ..
وما بحث عنها لتغفر له ..
وما ذا يعنى الغفران هنا ياترى ؟
ولن يفعل ..
يريد أن يبحث عن ذاته ليتصالح معها ..كانوا جليلي الذنوب .. وكان ..
قال ذات صفاء ( إن الرذائل تحتاج لقلب قاس لتقترف ونحن لا نقوي عليها .. سيدي ابن عربي قال ...)
تركته مسرعآ .. وما كنت لأحتمل أكثرمن ذلك .. وما بي قوة لسماع شعر ابن عربي .. أعطيته ظهري وسمعته ينشد :

أدين بدين الحب أني توجهت
ركائبه فالحب ديني وايماني



حاشية :

1/ نديمي غير محمول علي شئ من الحيف
الحلاج
2/ أدين بدين الحب أني توجهت
الشيخ محي الدين ابن عربي

8/ للكاتب : لؤي شمت

اقتباس:
رُعب حيث الدّار أمان




أراد لها الأمان
فأدخلها إلى غرفةٍ يراها آمنة
أصابها الرُّعب
فقد وجدتها غُرفة ضيّقة ومظلمة
غُرفة مليئة بالدّماء في كُلّ مكان
جُدران الغُرفة تهتز إهتزازات عنيفة
وتصدر منها أصوات مُزعجة وضربات قويّة كُلّ ثانية
إرتعبت
وخرجت مُسرعة دون صبر

مات هو
فقد كانت هذه الغُرفة قلبه


9/
اقتباس:
دماء علي سفح جبل ليريا
قصة قصيرة بقلم / محمد الطيب يوسف

حبيبتي ماريا


شوقي لك و لخالد يكاد يدفعني نحو الجنون , فأنتم معي في حلي و ترحالي , أسترق اللحظات فأخرج صوركم من محفظتي وأرحل إليكم بروحي ويظل جسدي هنا مقيد بقانون المادة المجحف و قانون العسكرية الأكثر إجحافاً .
أكتب إليك رسالتي الأولي منذ رحيلي عنكم وها نحن الآن قد أكملنا ثلاثة أشهر في هذه الأرض الحمراء التي تدعي الجنوب.

بعد أن أتوا بنا إلي جوبا , لم يمهلونا سوي ثلاث ليالي ثم أتوا بنا إلي هذا الجحيم الذي يدعي جبل ليريا, نقتات علي الكوجة والويكة شيء مذاقه مثل مذاق الأحذية القديمة وقد نتبعه في بعض الأحيان بكوب من الشاي الأسود حسب التشوينات .

نقطن بين القطاطي والخنادق في سفح جبل ليريا وأنا أكتب لك في هذه الرسالة أسمع أصوات العساكر وهم يلعبون الورق ويرتشفون الشاي يقتلون الوقت في انتظار أوبة للوطن تبدو مثل حلم بعيد المنال أو الموت بسبب رصاصة طائشة لم تجد لها مستقر سوى في جسد أحدهم أو دانة لا تفرق بين العدو والصديق , بعضهم يتسلل إلى القرية القريبة من هنا ويأتون مع تباشير الصباح ورائحتهم مزيج من رائحة الخمر والنساء , يتبادلون أسرار الليلة الماضية وهم يتضاحكون فهكذا يجابهون الموت بلامبالاة تثير فيّ الدهشة .

أظن أن الضباط يعلمون بهذا ولكنهم يغضون الطرف لعلمهم بانعدام وسائل الترفيه في هذه الأحراش , أضف إلي ذلك قنينات العرقي جيد الصنع التي يبتلعها ميس الضباط كل يوم يأتي بها بعض العساكر ثم لا يفرج عنها إلا وهي فارغة.
عم عبد الخالق صول له في الجنوب حوالي العشرون عاماً .. يدفن هنا قصة زواجه الفاشلة وزوجة خائنة وابن ينتمي إليه وليس من صلبه ينسي ألمه وحزنه بين أحضان المومسات والدخان الأزرق وكأسات العرقي وعندما يدور(الكوماج ) يقاتل في بسالة أقرب للانتحار ولكن الموت لا يأتي إليه أبداً وبعد أن يثمل تماماً يبكي مثل طفل صغير ثم ينام بين دموعه
.
كم أصبح طول خالد الآن , لقد أكمل عامه الأول ولابد أنه خطا خطواته الأولي وأنا بعيد عنه , إجازات المدارس قد اقتربت وسترتاحين من الحصص وغبار الطباشير , هل تزورين أمي بانتظام , أوصيها أن تكثر لي من الدعاء فالموت هنا قريب جداً قد يأتي من خطأ صغير وأنت تنظف سلاحك دعك من المتمردين الآن , لست جباناً ولكني لا أريد أن أموت قبل أن أضمك إلي صدري مرة أخري فالليالي هنا باردة من دون عينيك و مداعبات خالد البريئة , ليتك تدركين كم افتقدكما .

هل تعلمين أن الموت هنا سهل جداً يا ماريا , قد يختبئ بين دخان سيجار فقط !
دعيني أحكي لكي قصة حدثت لنا هنا بسب سيجارة وغباء ملازم جديد فرح بنجمتين تزينان كتفيه.
التدخين ممنوع منعاَ باتاً في المعسكر ليلاً لان المتمردين يوجدون في مجموعات صغيرة بالقرب منا لذلك فإن إشعال عود ثقاب بالليل يعتبر مجازفة كبيرة دعك من تدخين سيجار كامل قد يستغرق ثلاث دقائق علي أحسن الفروض , أصر هذا الملازم علي التدخين ليلاً في عناد طفولي , فأشعلها ولكنهم لم يمنحوه فرصة أن يدخنها كاملة اصطادوه كعصفور غبي وذهب ضحية مغامرته هذه ستة من الجنود كانوا يقفون بالقرب منه .. حينها أدركت أن الموت يمكن أن يختفي وراء نجوم ليس لها بريق!!

قبل فترة قصيرة حدثت لنا حادثة غريبة سأحاول أن أحكيها لكي في هذه الرسالة فلا أدري هل سأستطيع أن أكتب لكي رسالة أخري أم لا أما الآن فسأفارقك قليلاً كي أقابل الضابط في أمر ما وسأعود إليك لاحقا

أحبك !!


حسناً ها أنا ذا أعود إليك مرة أخري كنت قد أخبرتك عن حادثة غريبة قد حدثت لنا هنا , معسكرنا يوجد عند سفح الجبل ومن الجهة الأخرى يوجد المتمردون , لا أدري من أين قد أتتهم الفكرة ولكنّا أصبحنا ذات صباح فوجدنا أحدهم قد احتل أعلي الجبل وبدا في اصطيادنا بانتظام , تحول معسكرنا إلي ساحة تنشينه الخاصة فأصبحت الحركة داخل المعسكر ضرباً من المخاطرة وما يغيظ في الأمر أننا لا نستطيع أن نرد له الجميل فهو يوجد في اعلي الجبل وعملية التصويب عليه ليست دقيقة بالتأكيد , طابت له اللعبة فأصبح يلعب معنا لعبة القط والفأر فقد يظل طول النهار يترقبنا فقط دون أن يطلق النار ثم فجأة وعند العصر يقتنص أحدنا ثم يعقب ذلك بضحكة عالية ممزوجة بالشماتة.
وعند الليل يصلنا صوت غناؤه وهو ثمل ثم يبدأ في توجيه إساءات بذيئة إلينا , في أسبوع واحد قتل منا ثلاثة عشرة رجلاً فأصدر قائد المعسكر أمراً باقتحام وكره الإتيان به حياً أو ميتاً , تحرك ثمانية منا لتنفيذ العملية ولكن لم يعد منهم أحد وعند الصباح وجدنا جثثهم مرمية عند سفح الجبل وقد زينت جبهة كل منهم برصاصة مقيتة فارتفع عدد ضحاياه إلي واحد وعشرون رجلاً , لم ييأس قائد المعسكر فأرسل فصيلة كاملة مكونة من ثلاثة وثلاثون رجلاً كنت من بينهم , كنا نقترب منه في حذر بالغ وصوت غناؤه يصلنا واضحاً .

أعتقد أنا باغتناه فلم تند منه سوي صرخ صغيرة ونحن نغرقه بنيراننا , ولكننا تفاجأنا بوجود ثلاثة معه لم نرصدهم من قبل , كان وقع المفاجأة ثقيلاً عليهم ولكنهم قاتلونا كالليوث الجريحة مما يدفعني لأن أتساءل هل لهؤلا الرجال قضية عادلة يقاتلون من أجلها في نظرهم علي الأقل؟؟ .
بعد أن توقف إطلاق النار من جانبهم اقتربنا منهم في حذر كان أحدهم مازال حياً لن تصدقي حين أقول لك من هو
العم جورج .. جارنا في الحي.... له ولد في مثل عمري اسمه وليام لا أظن أنك تعرفينه فقد ترك البيت منذ أكثر من عشرة أعوام وقتها كنت أنت دون العاشرة وكنت أنا في بداية الثانوي و كنا أنا ووليام ندرس في مدرسة واحدة وكنت أردفه معي في دراجتي في مشوار المدرسة اليومي , كان صديقي الأثير, نأتي من المدرسة فتجمعنا طرقات الحي مابين اللعب والأنس
, نشأنا معاً وعندما بلغنا مبلغ الرجال أحب وليام واحدة من فتيات حينا وهنا بدأت المأساة في
الظهور , لم يتفهم أهلها ولا أهله هذه العلاقة وبدءوا في وضع المتاريس ليحولوا دون نموها ولكن إصرار وليام علي حبه كان يكسر كل الحواجز فقاتل من أجل حبه وذهب بعيداً في هذا الأمر حتى أقنع الفتاة بالهرب معه وحين انكشف أمره كانت الطامة الكبرى , اجتمع عليه أهل الفتاة وأوباش الحي فضربوه ضرباً مبرحاً حتى شارف علي الموت وتركوه مرمياً علي قارعة الطريق بين الموت والحياة .

ما يؤلمني وقتها أنني جبنت عن نصرة صديقي الوحيد و أنا اتخذ دور المتفرج حتى حينما ضرب لم أحل بينه وبين ضاربيه , ولأن المصائب لا تأتي فرادى فقد أصر والده علي مغادرته للبيت وتبرأ من فعله حتى لا يخسر سمعته وصلاته الطيبة بأهل الحي بسبب ولد طائش علي حد تعبيره , فغادر الحي مهزوماَ مدحوراً وانقطع ذكره منذ تلك الحادثة .
وبمرور الأيام خفت الحديث عن تلك الحادثة وتناساها الجميع حتى إنا قل حضور وليام في ذاكرتي بسبب انغماسي في مشاغل الحياة والدراسة فبهتت صورته في خيالي ولم اعد أذكره إلا حين أرى العم جورج فيضمني إلى صدره في حنو وكأنه يشتم في رائحة الحبيب الغائب والندم يطل من عينيه علي فعلته فقد كان يحتاج لابنه الوحيد وهو مقبل علي كبر وعجز ولازالت عبارته التي يعزي بها نفسه تطرق ذاكرتي وكأنه قالها الآن وهو يرددها ا بعربية مكسرة

- لا يصح إلا الصحيح يا ولدي وصديقك كان خطأه كبيراً ولكنه لم يدفع الثمن وحده
ثم يودعني بقامته المديدة وأسمعه يتمتم بصوت خفيض

- ليتك نصحته يا ولدي , ليتك منعته يا ولدي

وقتها اشعر بانقباض في صدري وضميري يؤنبني لان وليام لم يجدني حين احتاجني حقاً
وما يزيد في ألمي أنني لم اجتهد حتى في البحث عنه رغم ادعائي بأنه صديقي

حسناً كان هذا الرجل الذي يلفظ أنفاسه أمامي هو وليام .. نظر إلي بصورة غريبة لابد أنه قد عرفني ولكنه لم يتكلم فقط مات في هدوء وترك لي عيناه تؤرقان نومي .
لابد أن أنبهك ألا تخبري جورج أن ولده قد مات فهو يعيش علي أمل أن يراه مرة أخري ..ولازالت أمه تصر علي ترتيب غرفته كأنه لم يغادر البيت ترى كيف سيكون وقع الأمر عليهما إذا أدركا أن ولدهما قد مات بل وربما كنت قاتله فمن يدرك أي رصاصة قد أصابته في ظل الوابل الذي أغرقنا به المكان , أي حرب هذه التي يقتل فيها الصديق صديقه تحت مسمي الواجب يا ماريا يا لوطأة الجرح وألمه و أنا أضم إلي وليام في عجز وهو ينزف حياته بين يدي قطرة قطرة , كنت أتمنى أن يتكلم , فقط عبارة واحدة تعزيني فيه ولكنه آثر الصمت الذي يقتلني ألف مرة في اليوم , كيف سأسامح نفسي وأقابل العم جورج مرة أخرى وأصافحه بيدي التي تلوثت بدم وليام , كيف لي أن أزرع الأمل في نفسه بعودة ابنه وأنا من قتل هذا الأمل لم أكن أظن أن قصة وليام ستنتهي هذه النهاية المأساوية .. ربما نكون غير محقين في حربنا هذه .. آه لا أستطيع أن أنسي عيني وليام يا ماريا.

أظن أنه ينبغي أن أختم هذه الرسالة , لا أدري كيف أوصلها إليك فقد تظل معي حتى أعود إليكم ثم أقرأها لكما أنت وخالد ونحن نجلس تحت ظل النيمة الكبيرة , وقد ييسر لي الله من يحملها لكم, لست أعلم انتبهي لصحتك ولخالد وأغرقيه بالقبلات وغطيه بالليل

أحبك بجنون

عماد خالدالطيب



طوي الضابط الرسالة في هدوء وأدخلها داخل الدرج ثم سأل الرقيب الذي يقف أمامه

- هل هذا كل ما عثرتم عليه في المعسكر ؟؟
بدت ملامح الرقيب جامدة وهو يرد في آلية
- نعم سيدي ستجد في هذا الملف أسماء الجنود جميعاً ومعه بطاقاتهم العسكرية وقد انتهينا الآن من دفنهم جميعاً في نفس المعسكر الذي تم الهجوم عليه

فتح الضابط الملف وقرأ القائمة في اهتمام

1-

2-

.
.
.

19- عماد خالد الطيب

طوي الملف وهو يتنهد في أسف
10/ للكاتب الجيلي أحمد
اقتباس:
ماريا الخضرجية
..



يومين فى الاسبوع تمر ماريا الخضرجيه ناحيتنا بمقطورتها المحملة بالفاكهة والخضار الطازج..
ماريا تبدأ رحلة يومها من قمة الجبل وتطوف بمقطورتها الشوارع المتعرجة منحدرة للأسفل ,
فتصلنا بفاكهة وخضار أقل جودة,,
لهذا عمدت إلى التعرف عليها وتوصيتها بحفظ بعض الخضار الطازج جانبآ لأجلى...
ماريا طويلة القامة بشكل مذهل على عكس أهل المنطقة
متوسطى القامه أو قصارها فى الغالب والقريبى الملامح من العرب...
ماريا شعرها أسود حالك ,تتركه على كتفها وحول وجهها دون إعتناء فتبدوا غجرية لاتزعجها الريح..
هى دون شك إمرأة شاهقة الجمال باذخته, يطل من أعينها حزن مظللآ لجوف أعين
واسعة,ذات نظرة عميقة تعرف أين تنظر وماذا تود,,شفاهها ذات لون برونزى
..نادرآ ماتبتسم..قليلة الحديث ,وإذا فعلت يخرج منها صوت متهدج إنثوى تشوبه بحة من كثرة التدخين ..
كثيرة الكح..تفوح منها رائحة خمر كلما تحدثت إليها..
نساء القرية لايحببنها فجمالها جعل الكثير من رجال ذلك المجتمع التقليدى يهتمون بشراء الخضر والفاكهة بل وتقضية وقت طويل فى تنقيتها وتناول الأحاديث مع ماريا , لاحقآ وبعد أن توطدت علاقتى بها حكت لى مضايقتهم لها .....
,,,,
البداية كانت فى أمسية دافئة,درجات الحرارة جاوزت 35 -
النجوم إعتنت بتزيين السماء والشاطئ هادئ إلا من أصوات
السياح والعشاق المتناثرين على الرمال , بعضهم أوقد نارآ
وأكتفى البعض بضوء النجوم...
رائحة البحر طازجة وجديدة كأن الموج لتوه يخلق..الرمال
على إمتداد الشاطئ متحدة اللون والهيئة..وريح خفيفة ساخنة
تهب من ناحية البحر , يسمونها (الشروك) ,يقولون أنها تأتى
من أفريقيا والمدارات الساخنة..قوية بحيث تعبر طريقها خلال
المتوسط لتصل هادئة إلى شوطئهم مشحوذة بكامل دفئها....
تعرق مسام الأرض وأشجارها , وأيضآ أجساد البشر وحتى الموج
يعرق والأحجار التى تسفلت الشارع منتظمة بألوان بنية غامضة
وبيضاء ,,المرمر الذى تشتهر بإنتاجة صقلية يعكس أضواء
مصابيح الطرقات..مقاعد حجرية من المرمر
تعكس أضواء منازل فخمة قامت على أطراف الشاطئ....
الكون يعرق بهدوء وأنا ومن حولى نستجير بالماء..الساعة
تقارب الحادية عشر ليلآ..
سبحت نحو منطقة الصخور وأنا أقترب لمحت خيال شخص يجلس
على أطراف صخرة,,أقتربت أكثر فتبينت الشعر الغجرى والقامة
الطويلة,,,جالسة بلباس البحر وعلى كتفها منشفة,,فخمنت أنها
خرجت من الماء قبل قليل..بجانبها وضعت زجاجة شراب أتت على
نصفها..سبحت حتى وصلت قبالتها تمامآ ,,كانت تجلس فى منطقة
المياة تحتها غريقة وضاجة تركت جسدى يطفو على الماء حينآ
بادرتنى قائلة,,
- ماذا تفعل هنا..??
إعتمدت بيدى على أطراف الصخور وصعدت حتى بلغت ناحيتها..
قلت لها,
- ماريا ماذا تفعلين وحيدة هنا ..??

قالت ضاحكة,
- هل من عادتك أن تجيب على السؤال بسؤال..??
,,,,,,,,

ماريا الصامته كانت تنظر نحو جبل (Erice) بشرود,,
تحرك قدميها داخل الماء بتراتب,ودخان سيجارتها يرحل
نحو الموج ويتلاشى..حزنها واضح فى صفاء الليل وشرودها
متحد مع صفو المكان كتؤام..تركتها لصمتها وأستلقيت على
الصرة ألتقط أنفاسى..
سألتها بعد حين,,
- لماذا أنت حزينة هكذا ..??

أرجلها بنفس الرتابة كانت تتحرك فى الماء ..لم تعرنى جوابآ..
أحسست بفداحة سؤالى..سؤال كهذا لايلقى هكذا وفى هذا الوقت..
قررت العودة للشاطئ,,أعتمدت على الصخور مجددآ ونزلت إلى الماء..
ضربت الماء بيدى مبتعدآ عنها..
صوتها جآنى فية بعض رجاء..
- إبق قليلآ...
توقفت عن السباحة وأنا أفكر..
هذه إمرأة تعيسة..ستعكر صفو هذا المساء الحالم......
ولكن عذوبة صمتها وغرابة حزنها يشفعان لعودة وإصغاء..
أعرف أن قصة ما تكمن خلف هذا الصمت الحزين..
جلست حينآ لاأدرى ماأفعل أو أقول..تركتها حينآ ترتب
ذاكرة مرهقه..نظرت نحوها فبدت غاضبة..صفحة وجهها تبدو
واجمة كأنها تصد البحر عن شواطئه..مدت لى ماتبقى من كأسها,
دون أن تنظر نحوى..
بعمق تنظر للماء كأنما تسرب خاطرة أخرى تعبة للموج..
عكفت على صمتها.. وظللت أنا مستلقيآ على الصخرة يفصلنى
عنها نصف متر..أنفاسها تعلو وتهبط,,فجأة أخذت تهتز بقوة
وكأن صاعقة نزلت عليها..أخذت تبكى بحرقة.. بعد حين إستلقت
على الصخرة وهمدت تمامآ حتى ظننت أن الروح فارقتها..
أعدت أنا صلتى بالنجوم وظلت هى على حالتها قرابة نصف الساعة
..فكرت فى معنى الخلق والتكوين وكم هو الوقت الذى تستغرقه إدارة
ساعة الكون وتفاصيله..ترى أيهما أهم ,المسافة التى تحصر النجم فى
مسارة أم حزن إمرأة تعيسة..

هبت نسمة دافئة أخرى فكرت معها بنزع جلدى والعودة للماء..
ماريا كانت تصب لنفسها كأسآ آخر..
صوتها كان هادئآ وكأن بكاؤها بعثها حية مرة أخرى,,
,,,
,,,
,,,
المساء يرف بثوبه من جديد,بهدوء وروية يطوى أطراف الضوء
ويخيط لها لون متسارع التغير... أحمرآ ثم قانى بلون الدم
وربما طعمه..نصل حاد كان ينسل من وسط السحب المتحدة ناحية الجبل
وعندالبحر بقرب أماكن صناعة الموج ,,يشق
النصل أسفل السماء ويرتفع بتمهل غير عابى ببكاء الضوء, ,اللون القانى
يشبع مسام البحر ,هناك حيث يخلق الموج..
من أمام منزل ماريا بدأ لى الغروب شاحبآ كذكرى عديمة المعنى وتافهه..
وهى من المرات القلائل التى أحس فيها بأننى غير مجدى ...
هو ليس منزلآ كما تحمل المعنى بل (كرفانآ) قائم أسفل الجبل وليس بعيد
عن الشاطئ يحيط به سور خشبى متهالك ومتآكل بفعل الرطوبة وعدم الإعتناء
..ليس حوله منازل أو أحياء ..قائم بذاته فى تحدى مثير لمنازل الشاطئ المرمرية الفخمة..
أسبوعان لم تمر ماريا ولم يسمع أحد شيئآ عنها..فجاءة أختفت كما ظهرت..

دعتنى ذات مساء إلى كرفانها ,كانت منسابة وبسيطة ,نفس البحة والصوت المتهدج الحزين فقط كانت تضحك أحيانآ,المكان أكثر نظافة من قبل وهى
أيضآ,أعتنت بالطاولة ,وبشعرها..
بعد كأسها الرابعه أرتنى البومآ حوى صورآ لها وأطفالها, لاحظت أن أغلب الصور التى تجمعها مع أطفالها غير مكتملة ,وكأنما قرأت مايدور برأسى,
- منذ تلك الحادثة قمت بقص جميع صورة..
صوت مغنى الروك (فاسكو روسى) كان ينطلق حزينآ..
أغلقت الألبوم دون أن أكمل بقية الصور ومضت هى تنفث مجددآ من دخان سيجارها..
فجأة قالت,
- لماذا لاتودنى كما الآخرين,,
تحب ماريا الكونياك,تشربه بتلذذ مدهش ,تسرب السائل المحرق خلال أسنانها
ببطء وتخلطه بلعابها وتقفل أعينها وتبقى الخليط حينآ ثم تحركه فى فمها
كمن يلوك طعامآ وبشكل لايخلو من إنوثة ,كانت الزجاجة تمضى نحو نصفها,
لم أجبها,ولم يبدو أنها تتعجل إجابتى,
كل مافى ماريا ينضح بالأنوثة حتى حزنها ,هى تعرف أنها إمرأة لاتقاوم,
- أنت مثاليآ أكثر ممايجب,
أكملت وهى تمر أمامى بطريقة متقنة,
- ليس عيب أن تنالنى,..
بقية حديثها لم يكن واضحآ فقد عجنته بلغه المانيه ..
لاأظن بأن ماريا كانت تودنى حينها,ربما كانت تحاول هزيمة أشياء أخرى..
لست أنا من يأكل الفاكهة لأنها فاكهة..
- أوهامك الشيوعية لن تورثك سوى الجنون...

أدرى ياماريا أننى فى مكان ما متسربل بالبرجوزاية, كآخرين ولكنى
أدرك أيضآ أن الحقيقة لم توجد بعد وأن الوهم طريق مختصر لتقبل الحياة كما نحتها فلاسفة وأدباء إعتنى بهم دود الأرض دون تمايز,
أدرك ياماريا أن المرأة التى تحب العالم نادرة كما الرجل ,وأدرى أنك لست جنتى المشتاه حين يرحل الجسد فى غربته عن الجسد .. ربما صفاؤك هو السبب الأوحد لوجودى هنا..
لاتحب ماريا هذا الحديث ,,تتقبله على مضض ..
..تغير ملابسها لعدة مرات فى مساء واحد ,تغير تسريحتها وشكل الطاولة..
,,,

خرجت من منزل ماريا والسماء يعمها السواد ,,تلتحفه بصمت
ناحب ,ربما الأرض نادمة على فعلها الأخرق اليومى..تستدير وتستدير
,رغبتها ماضية..
فى نفس المساء الذى بكت فيه بحرقة ,كنت على قافية أخرى أتودد
لروحى كى تغفر,أنظر إلى السماء ولاأرى سوى ضوء عادى ,خامد,جسد كونى
آخر يسقط يقرظ الشعر لأجله وتؤجل بقية الأشياء من أجل أمنية حالمة,

ومارية بجوارى ليلتها, كانت تحاكى الأرض , ملتفة على جمال خفى وفى بقية
الكون تسكن سرها...
بعد بكاؤها بعثت حية ..السر الذى تطوية الضلوع لاينفلت إلا من عقل تغيب
,,من قلب لصيق بنبض الأله,حينما تصبح الحياة نجوم وماء وقمر ,,
إرتدت الثوب الأبيض مبكرآ ,حبها للكنيسة جعل الأمر أسهل
,فغاية حياتها كانت زوج وأطفال ,رداء تخيطه لهم ,تطهو أيضآ راضية ,هى أرض متفننة فى فعل التكرار ,اليوم يشابه الغد ,,

قالت..وقالت..
ولم أنطق أنا بحرف,

بعد أسبوعين من غيابها وجدت الكرفان حافيآ وزهوره ميته,بحثت عن المفتاح
فوجدته فى مكانه,متسخآ كعادته وصدئآ ,أن لم تتحايل عليه إستحال لجزيئن فى ثقب الباب..
رائحتها عالقة بالمكان ,رائحة ماريا لاتقاوم (هكذا كنت أتبسم وانا أنظر المكان الخالى),
حين فتحت الباب كان الكرفان مهجورآ ,بائسآ...لاشئ على الجدران ,لاطاولة
حتى الأزهار التى تحبها وتلهى بها نفسها حين يشتد غضبى ,قد أختفت ,,
بحثت عنها دون فائده ..

لم تترك ماريا أثر فى هذا المكان..

كنت فى طريقى للخارج حين لمحت مظروفآ ملصقآ على الباب من الداخل,
أغلقت الباب ووضعت المفتاح الصدئى فى مكانه...
سرت على أرجلى حتى بلغت المكان الذى التقيتها فيه ذات مساء..
جلست على نفس الصخرة ,,
أشياء تأتى وتذهب فى مران عجيب للذاكرة,
-ليس من حقك أن تخاطبنى هكذا..
أرجل حافية على الرمل وإبتسامة تحتفى بالمساء ,,
لم أدرى هل كنت غافيآ أم لا,
لكنى بوضوح أتذكر عربة تمر من خلفى وصوت أعرفة
-مساء الخير,
-هل من عادتك أن تجيب على السؤال بآخر..??
الصوت أعرفه ولكن من الذاكرة لايخرج سوى دخان..دخان
-هربت منه نحو الشرفة ,يده كانت مطبقة على حلقى ,دفعته
بكل قوتى,وحين إلتقط أنفاسى كان يرقد فى الأسفل..
كنت مشدوهآ ربما ..مندهشآ.. ,بقية كأسها الذى مدته
نحوى تحجر ,فلا يدى تمتد نحوها ولاهى قادرة على شربه..
- أين فى الأسفل..!?
غيرت ثوبها للمرة الثانية..أعينها الواسعه خالية من الحياة,
- كان كجرم طائش هوى من السماء لايهاود فى مستقره..
لم تكن تأبه بسؤالى..
-أين فى الأسفل...!!?

قالت وقالت
- كان يضربنى

-أين فى الأسفل...???



وقالت
- قبل تعرفى عليك كنت أعيش فى سلام..
وقالت
- تبآ لك إنى أكرهك...........


يهوى النجم من على متفاخرآ بإنفلاته ,يتأبط صخره والأتربه ..
يحترق
ويحترق
وتصوغ له معادلة الكون ذنبآ لاهبآ,يتناثر على مرأى من شواهد الكون ,
ليس خجلآ أو نادمآ ,
المظروف الذى أخذته من الباب لايذال فى جيبى ,
أتخوف من فتحه ,ذاك سبب كافى (لهرجلة) الذاكرة,,كم أكره هذه المظاريف
غير الأنيقة..عليها إسمك فى المنتصف ,توضع حيث حتمآ ستراها,مغلقه بعناية وكأن كاتبها تخير أجود أوقات صفاؤه لسجنك داخلها,,


Caro Gily

.............................
.................................................. ...
....................................
........................................
.................................................. .
.................................................
..................................................
.................................................. .....

,
.................................................
....................................
.................................................. .
.................................................. ..


ليتنى لم التقيك



ماريا
[/align][/frame]



الفاتح غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 21-10-2009, 01:48 PM   #[12]
فتحي مسعد حنفي
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية فتحي مسعد حنفي
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شليل مشاهدة المشاركة
كل التحايا للجميع ، الكل فائز في تقديري
إذ أن كل الأعمال التي وردت لا يستهان بها وهي تشي بحرفية كاتبها/ كاتبتها


ما كنت تعلن نتيجتك دي قبل ما نتقابل في معرض أماني عشان كنت تكون مكسر في المنشية لي يوم الليلة
مبروك لكل الفائزين وشدو حيلكم قالو المسابقة الجاية فيها جوائز بالروبية الهندية



التوقيع: شيخ البلد خلف ولد..
سماهو قال عبد الصمد..
كبر الولد ولامن كبر نهب البلد..
ما خلي زول ما قشطو..
وآخر المطاف بقي شيخ بلد..
عجبي..
فتحي..
فتحي مسعد حنفي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 21-10-2009, 02:19 PM   #[13]
الفاتح
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية الفاتح
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فتحي مسعد حنفي مشاهدة المشاركة

ما كنت تعلن نتيجتك دي قبل ما نتقابل في معرض أماني عشان كنت تكون مكسر في المنشية لي يوم الليلة
مبروك لكل الفائزين وشدو حيلكم قالو المسابقة الجاية فيها جوائز بالروبية الهندية
أبو الفتوح يا وجيه مشتاقين
ياخ شرفت البوست والله ،
الدور الجايي في المسابقة بتاعة الروبية الهندية ، إصلو طولت ما إتكسرت
العرب ديل ما بيدونا فرقة تكسر..



الفاتح غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 21-10-2009, 04:21 PM   #[14]
منال
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية منال
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شليل مشاهدة المشاركة
[frame="4 90"]
1/الباب السري للمدينة /للكاتب أسامة معاوية الطيب والذي أحرز 43.5 نقطة من مجموع 50
2/انبثاق أشواق اليوم الموعود أو..بنت الألفاي/ للكاتب لسان الدين الخطيب والذي أحرز 43 نقطة
3/مقامات الشتاء الدافي /للكاتب الجيلي أحمد والذي أحرز41.5 نقطه
4/ ( مشترك ) :ومات حين رعشة الجبل/ للكاتب أسامة معاوية الطيب والذي أحرز 41 نقطة
5/(( سكينة )) و (( جمال )) / للكاتب لؤي شمت والذي أحرز 41 نقطة
6/ ( مشترك ) :النمل يغزو المدينة/ للكاتب محمد الطيب يوسف والذي أحرز 40نقطة
7/ أصبح قلبي قابلآ لكل صورة / الكاتب علي ماجداب والذي أحرز 40 نقطة
8/رُعب حيث الدّار أمان / للكاتب لؤي شمًت والذي أحرز 39.5 نقطه
9/دماء علي سفح جبل ليريا / للكاتب محمد الطيب يوسف والذي أحرز 39 نقطة
10/ماريا الخضرجيه/ للكاتب الجيلي أحمد والذي أحرز 37 نقطة[/frame]
قلادة فى جيد سودانيات
مبرووووووووك لكم جميعا عضوية سودانيات

فلنجعله معينا لا ينضب
لكل من شارك و اتحفنا بألق كتاباته
عمل محفز لتواصل الابداع

بكم و معكم ولكم
نبحر فى ضروب الجمال

ضربة البداية ندعمها للاستمراريه
ســــــــــــويـــــــــــــــا



منال غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 22-10-2009, 07:37 AM   #[15]
محمد الطيب يوسف
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية محمد الطيب يوسف
 
افتراضي

التحية لكل من وضع لبنة في هذا البناء العظيم .. أشد علي أيديكم جميعا وأهنئكم بهذا الصرح الراسخ في الارض المعانق عنان السماء

أؤيد طباعة المجموعة القصصية للأعمال الغشرين الاولي وفي ورق أي 5 وليس اي 4 ختي نقتني كتابا محترما من حيث المحتوي والحجم

بالنسبة للعملين الخاصين بي سيخرجان في مجموعة قصصية في يناير باذن الله سأراجع دار النشر المختصة حتي لا أقع معها في خلاف و\استشيرها في الامر مع التأكيد أنه ليس لدي مانع أبدا في وجودهما في وسط هذا الزخم الادبي الانساني الجميل

تحياتي وودي واحترامي



التوقيع: وما لدي سوي الذي تدريه انت..
ولا سواك
ذنبي وعفوك..
بعض فضلك سوف يكفي..
كي ترجح كفتي ميزان عدلك


عبد الله جعفر
محمد الطيب يوسف غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليقات الفيسبوك

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التصميم

Mohammed Abuagla

الساعة الآن 12:02 AM.


زوار سودانيات من تاريخ 2011/7/11
free counters

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.