يا صلاح .. دي بعض أورورا , مبسوط كده ؟؟؟
صلاح عبدالله ..
سلام يا ابن أمي ..
طيب .. و أنت أدري بها , و بي .. و بالزمان الذي أنبت ضوعها ...
من دخل مناخات أورورا فهو آمن , و من أراد أن تثكله ألحاظ البنت الحمى .. فليلقني يوم لا ظل إلا فيؤها .
المغسة يا صلاح .. المغسة .
أورورا مغسة تفوّر البطن ..
كنتَ أنت ولدٌ حته يوم أن شمينا ريحة أباطاطنا , و ابتدعنا غزو شارع 15 بالعمارات ..
طوال كنا كمن نسابق غدد نمونا ..
لوثت عقولنا القراءات المبكرة , و الممارسات الأشد إبكارا و .. شهوانية .
تلك البقالة في ركن ركين من الشارع , يرتادها القبطة و رجال متمرين في سيارات ثلجية نظيفة , و نساء زرافات لركوب الجن .
الشكشاكة تبلل الليل فتلتمع الأشياء , و يفتح الدم منابت شهواته للدعاش .
نرتكن هناك .. تماما تحت لافتة باللغة الإنقليزية متعامدة بركن البقالة تلك ..
في مساءات نرفل فيها بالشارلستون و التريفيرا .
وسيمون كنا .. كما نشاء ..
و مراهقون كما يشاء الزمان .
تزكمك بأدب الروائح خارجة من فتحة الباب الزجاجي :
فسيخ و جبنة مضفورة و مِشْ و مارتدلا و ..
روائح باردة عطنة حين يدخل الداخلون إلى بقالتنا تلك , و يخرج منها الخارجون محملين باكياسٍ مدردمةٍ و أخرى طويلة .. ألوان لفائف و أوراق مغلفة بعناية .
هذا فتح لنا كان .. أن تُخرج البقالات محناً ما رأيناها في دكان عبدالله علي , و لا عمك مامون ولا شاشوق . إذ نذهب إلى الدكان كنا فيزجرنا أعمامنا أصحابها و يدوك درس في الأخلاق – بلا مناسبة - قبل أن يدوك ما جئت من أجله في قرطاس أو كورية أو صحن .
دكاكين تشبهنا .. قاتمة و بسيطة و حميمة .
ما علينا ..
خرجتُ من جلدي يا ابن امي يوم ان توقفت الفولكسواجن الصفراء القعونجة تماما تحت ضوء اللافتة تلك و نحن نتحلقها كيعاسيب الخريف تحت لمبات الطرقات في ليل الخرطوم .. ثم ..
خرجت أورورا ..
خرجت معها شهقتنا الجماعية ..
البنية المرمر يا صاحبي , البنية البانة مبرومة الحشا ..
شيىء يشبه الزمة في الصدر , يلزمك النحنحة و السعال حتى تستقبل حنجرتك و خياشيمك هواء يأتي من تالاها .. البنت الغجرية بت اللذين .
الليل يا بن أمي باهي الحضور زمانئذٍ , و أنا مفتوح المسام لتلقي الغرز في خاصرة القلب .
مرت بنا أورورا , الوجه ( مصحفٌ يقسم عليه الجياع ) ..
جيدٌ مخروطٌ كأعمدة رومانية فوق عرش القيصر ..
و أعضاء تنبعث فجأة ثم تضمر ثم تتكور ثم .. تغيب وسط ثنايا و محن .
و ... أنا , عيناي مرصدا فلك ( من قال أن ناسا هيئة أمريكية لمراقبة الفضاء ؟؟ ) ..
مسام الروح تلسكوبات تتبعان خطوط الطول و العرض في جسد كونها الغمامي .
يا ربي .. ما أبدعت من لونٍ كما الذي رأيت عليها ..
منذها يا صديقي و أنا أبحث في بليتات اللون عنه .. أخلط ما أخلط .. و أجرب ألوانا ما حاولها مونيه ولا ديقا بحثا عنه , لون حقها براها .. أورورا ..
لون ما أخرجته مصانع ويندسور أند نيوتن بعد , لا قواش ولا أكريلك ولا مائيات ولا زيت ولا أحبار ولا يحزنون , هو فقط خلق لها .. اورورا .
قدل الحمام خطوها الموقّع فوق الرصيف الطيب .. كع .. كع .. كع .. كع ..
و نحن ينبض فينا ما ينبض , شيالين خلف الكعات , حلاقيمنا النبض و أكفنا : كع كع الحي قيوم .. كع كع الحي قيوم .. حي قيوم .. حي قيوم .
و الله يا صاحبي كنت أثمل من عمك يني صاحب السكرة الشهيرة , و بعباطة مراهقة – أفتقد جرأتها الآن – همست لها و هي تعبرني كالنجمة أم ضنب : شديدة إنتي ياخ .. إنعل ميتين أبو عيونك الكبار ديل .
يا صلاح .. جدعت عينها في عيني .. فدفرتني عينها ورا .
تعثرتُ فـ .... ضحكت أورورا ..
ضحكت لي يا ابن أمي .. فدخلت طبلة أذني ترانيم الأقداس في كنيسة الشهيدين , و دخلها العشب و الندى .. دخلها ضحك أورورا كهدوم العيد و قبلة أمي الزلال .. ضحكة أصغر من أن تسمع : ههههيأأ .
قتلتني هذه الـ ( هيهييأأ ) , ( حروف الدلع ) التي لم يعرفها النحويون توجتني بالأمارة ..
أويصنع حرف صوتي فارقا في التاريخ أكبر مما صنعه خطأ كولومبوس حين أكتشف الصعلوكة أمريكا ؟؟ الهيهييأأة أطلقتها أورورا فعلت ذاك .. ( مكي شبيكة زور التاريخ .. أيكون !!!! ) ..
ريحتها يا صلاح عابرتني كالمقالدة , مَن للمسك يا ضوع البنية ..
خدرٌ ولا ألذ يلحقك أمّات طه , كائناً ما تصنع لتفادي جرعةً كاملة الدسم من شحنة عصب يرزم .. و دم مشدود .. و حلقوم سدَّ معدنه الرويحة من الهرولة خلف سفن البخور و العطر الغموض و .. البهارات الطيارة .
دخلت أورورا البقالة , فاستقر الرأس على الكتفين مني .. و عادت المرئيات إلى حالها .
دخل خلفها كائن كهل أبيض الشعر , بمبي اللون .. قصير كما الفأر و بأنف حاد و طويل و .. كسكتة خواجات .
خرج بعدها سريعا .. و انطلق بالفولوكسواجن الصفراء القعونجة .
قلت : فرجك يا رب , أورورا تخرج .. أخطفها و ... جري .
: سرقت المرايه ليه .
: أنا ؟؟ .. أقسم بالله ما سرقت حاجة يا جنابو .
: سرقت مراية الفولوكسواجن بتاعت الراجل ده .. هو شافك و إنت بتقلعها , مراية الجنب اليمين دي .
: و الله العظيم ما أنا ياخ .. فتشني كان داير .
: أمشي قدّامي .. قول كلامك ده في القسم .
الكائن الغجري الإغريقي الفأر , لم تعجبه قلة أدبي ,, و كثيراً لم يعجبه إسباغها الضحكة تلك علي , الكائن القصير اللئيم أبوها , دفعت أربع و عشرون ساعة في الحراسة ثمنا لضحكة .. و مهراً لحرية نتح دمي .
أورورا .. كانت تقف تحت ضوء اللافتة الإنقليزية ..
بللت الشكشاكة شعرها , و غلالة بمبية التصقت بسهولها و جبالها و وهادها , حزمة من جمال قديسة و غنج قرون الأنثى في الأرض .
خيل لي – و انا سيء الخيال .. غالباً - أنها حركت جانب فمها الخاتم شفقةً - و حاجات تانية - , حين كرفسني الشرطي و رزعني داخل المقعد الخلفي للفولوكسواجن .
تلاشت الرؤى من جديد .. إلاّها أورورا ..
هطلت السماء كما الغاضبة .. و الطريق إلى نقطة شرطة العمارات بحر .
و الخرطوم ليلها حنينٌ زمانئذٍ
أنا أتمزمز ضحكة أورورا .. و أبرطم :
إنت يا رب المحاسن
و البراءة و الوداعة ..
بي إشارة من عيونك
قلبي قال سمعاً و طاعة ..
يا أمير ..
و البوليس براحة يزح مني .. متوجساً ..
و يهمهم : حكاية عجيبة .. يا ولد قول بسم الله .
و مضت أورورا ..
|