الموضوع: عوض الله .
عرض مشاركة واحدة
قديم 22-10-2012, 09:16 AM   #[15]
بله محمد الفاضل
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية بله محمد الفاضل
 
افتراضي

سلامٌ ومحبة

حسناً مها

إليكِ بعض اشتغالٍ على النص
وعسى أن يمر علينا النطاسيون في اللغة
فيستقيم أكثر

...
وكلي أمل أن يُقبل مني ذلك

تحياتي واحترامي

عوض الله ..
في البدء كان عوض وبعد عشرين حزنٍ صار عوض الله ..
ضاجع امرأة الجيران على عجلٍ ثم لاذ بالسكون إلى أشعاره .
كتبت له حبيبته (عندما أتصل بك يكون شوقي قد وصل مرحلة من الجنون فلا تستخف بجنوني معك)
طوى الورقة برفق وواصل احتفالات إنفصال الجنوب في التلفزيون ..
....
كانت في هوائها الأزرق مزركش لونها ... تنظرمن فتحات نفسها كأنها ملاكٌ ضُبط متلبساً بحب آلهة غير التي صار لها ملاكا .. وأعطته الأجنحة ..
كغزالة بريّة التصقت بنفسها من عيناي، كانت على أهبة الاستعداد للهروب داخل نفسها، لم أعي شكل نظرتي، تخيلت يدي أمتدت ..
أختفت حبيبتي في نفسها .
يا أيتها الفتاة التي لا أصدق صيري واقعاً ألمسه، لا تتطيفي بألوان، وتتسربي بين نظراتي غنجة، نزقة، مشاكسة، ثم تهربين إليك.
إني أخاف عليك.. من الشك المرتد من عيني إليك...
وأعشقك لحظات الكفر المرتد منك.. إليك.
يا امرأة... يا كون خرافي. إني.. أخاف عليك مني..
وأعشقك..
يا طفلة... يا أنثى..
يا كل النساء فيّ..
إني أعلم أني أعشقك وأعشق عشقي لك... كيف لا وهذا طعمك تثيرني رائحة اللبن في ثديئك، وانتصب واقفاً كلما رأيت انسدال خصلتك في الصيف.
كتب لها عوض.
الكتابة هي وصيتي لك إن مت أو فرقتنا الحياة)
وفرقتنا الحياة قبل أن تموت.. ولم أكتب بعدها إلا بعد حين.. أصبحت أسطري ملاذاً لقاطعي الطرق.. الجيدون وغيرهم
ومازلت أكتب..
وأنا أكتب أول نص عنك وجدتني أكتب عن نفسي ..
فمن أنا ؟؟؟
مجرد ورقٍ شفافٍ تآكلت أطرافه.. ورقا... شجرا... ماء ...
أم بعض تراب أنا؟؟؟
الله من بُعدِ المسافة كلما قطعتها في خاطري أجدها في واقعي أقوى.
وكلما قلت وداعاً.. كلما مات جزء مني ببط عميق..
عوض ..
عندما ذهبت لم أبكي، لم أحزن، فقط خفت، خفت من كونك غير موجود، أحسست كم أنا عارية.. كم أنا غير موجوده... كم أنا غير أنا..
وأحببت الموت... وغرت منه..
هل رأيت إنسان يغار من الموت؟؟؟ أنا..
قلت أنه ينعم بصحبتك... بقربك... برائحتك.. وأشتقت إليك..
كان ذلك مؤلماً... يؤلم ببطء خارق، هل أحسست يوماً بشيء يؤلمك ببطء خارق؟؟
لم يعد لدرويش، وبلزاك، وفيروز... معنى..
ولم أعد احتاج إلى أبي العتاهية.. وغيرهم من صعاليك الإنسانية لأرى كم هي قبيحة هذه الدنيا وما آلت إليه..
بأفعالنا وليس غيرنا...
التاريخ نحن من نصنعه... وليس آخرون..
وأذية الإنسان نحن من نفعلها وليس آخرون..
عشقت التفاصيل ..
تفاصيل الأدب .. والذي عشقته قبلك معك بعدك .
تفاصيل الصغار .. كيف يرون .. كيف يكبرون .. كيف يفرحون كيف يرون ما لا نراه ..
تفاصيل الشارع .. الشارع يا عوض ، تهشم ، كما تهشم داخلنا .
في البدء كان عوض وبعد عشرين حزنٍ صار عوض الله ..
عشق عوض الله .... الله ... والنساء .. والألوان ... وأمه .
كان يعشق الألوان ، كان ممتليء بالألوان ، وبالنساء الصغيرات منذ صغره وهو يرى أباه يمتطي أمه مرة ، ومرتين ، ومنذ ذلك الوقت غرق في امتطاء النساء .
ويصلي ..
يصلي .. ركعتين ... ركعة لربه ... وركعة لها ..
وذات ارتواء ..
أخبرها...
بأن ميعاد ذهابه قد حان ...
(تكرفستُ في الأرض باكية ، حتي اختلط دمعي ببولي ، دفنت رأسي بين فخدي ، وشممت رائحته)
الأن علمت أن الرب ، خالق الألم ، وأن الألم هو الشر الذي نهرب منه جميعنا ، ولا نستطيع.
وأن الألم هو النداء الأول للموت ..
والموت لحظة من الإستدعاء ..
نحن من نستدعيه ..بإرادتنا .. بكامل قوانا .. وشغفنا ...نراه وهو قادم لنا .. نفسح له الطريق .. نعطه تلك الشارة الداخلية والتي تقول مرحبا ..
في تلك اللحظة ، فقط ، أحسست بذلك الإحساس.
وأنا احتضنه بين حناياي تاركة له روحي يمرجحها في هواء طلق ..
تقافزت عيونهم حولي ، عيون من أحب ، ومن أحبوني ، كانت عيونهم تتطاير حولي كبالونات ، تخاف الأنفجار،
ارتبك الموت في حضني ..
ارتبكت أنا .
سقطت شهوة الإلتقاء الإلتقاء بالرب ، بالآخر ..
شهوة أن تنتصر علي الحياة .. أليس الموت هو الانتصار الأكبر على الحياة .
ارتبكت عجلة أحلامي في تلك اللحظة ، تثاقل جسدي بعد أن كان خفيفاً .. تثاقل ..
شممت رائحة بولي ..
شممت رائحة دمعي ..
واشتقت إليك، علمت أن المسافة بيننا ..طويلة طويلة .. والموت من يقربها ..
.....
هنالك .. صباح .. وكان صباح ماطر ..
نز عشقك مليئاً من سقف منزلي ، هذا الصباح ، ارتديت ثوبي و(شبشبي)
وخرجت ..
خرجت من نفسي أولاً .. ثم من باب منزلي ... تسكعت في شارع الله أكبر قليلاً قليلا ، تسكعت ، تذكرت أين ذهبت أول مرة هاجمني فيها عشقك ، ركبت ، ثم نزلت ، قبل فترة من الزمان أتيت إلى هنالك ..لكي أسأل نفسي ماذا دهاني ؟؟؟
الآن .. أتي إلى نفس المكان وأنا أعلم ماذا دهاني ..
قابلني صاحب المشتل ، اقترب مني .. اقتربت منه ..
كان وسيماً وحلوا.. وطيب اللسان .
سألته وأجابني ... سألته وأجابني .. سألته وأجابني .
ولما أكثرت في سؤالي، برقت عيناه ، هل راى ما بحالي أم أن عيناي تفضحانني ، راوغته في تفاصيل الأسعار حتي لا يفتضح أمري .. وكان بريئاً .. في إجابته لي ..
لم يعلم إني به أراوغ حالي وأني به أعيد لحظة كان قد مر عليها زمن من الفرح والحزن ، هي المسافة بينك وعوض ..
بعدها رجعت إلى تفاصيلي الباردة ، عبثت بأوراقي ، أضحكني نص لم يكتمل ، كان بعنوان (كيف تبول الحمار في قارعة الطريق)
كيف تبول الحمار في قارعة الطريق؟؟؟
كيف لم يوقفه أحد ؟ كيف أخرج ذكره أمام المارة ولم يخجل أحد تمتم البعض ... أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
ولم يكن غيره في الشارع وبعض الحبشيات الوافدات علي الخرطوم بوابة الثراء بالنسبة لهن ومدخلهن إلى بلاد العم سام والدول المتخمة بالثروة . والخرطوم تغير جلدها بهم ..
الدكاكين مفتوحة بخجل وريبة ، بعضهم قال .. أنه ربما تحدث بعض الأحداث المؤسفة مثلما حدث في أثنين قرنق الأسود .. وبعضهم .. توارى خجلاً وبعضهم كسلاً عن مهامه .
في ذلك الصباح ...
تبول الحمار في قارعة الطريق بمتعة متناهية ، كاشفاً عن ذكره بكل متعه وفجور ، كان أولاد المدارس في منازلهم .. فلم يسمع صوت ضحكهم وسخريتهم على ذكره الكبير ..
وكانت الأمهات يتململن من أعمال المنزل وصراخ الأطفال المتواصل من الجمعة إلى السبت ..
الموظفات ، يقمن هذا اليوم بصبغ شعورهن وقلوبهن .. وكي ما تبقى من ملابس ، تتكاثر المشاوير العائلية ، والزيارات الرسمية، يصبح السبت ثقيلاً ...ثقيلا ..
فحتى الأن لم يألفه الآخرون كيوم إجازة رسمي وجدت النص بتاريخ 9/7/2011....
أخذ مني زمنا غير قصير تذكر هذا التاريخ ، كان شيئاً مثل لا شيء ، كان شيئاً مثل لا شيء ، كان مثل أن تنسي تاريخ ميلادك ، أو تاريخ ميلاد أحد أبنائك، أو تاريخ وفاة أبيك ..
كان شيئاً مثل هذا .. أن تنسى تاريخ وفاة أبيك كان مثل هذا ..
وكتبت إليك ..
لكم نحن كاذبون عندما نعتلي شهوة الحزن المصنوع والصباح المسكون ...
وفي الكتابة نعمل علي إفشاء الأسرار المميته ، ونعلم أنها مميته لأن في ذكرها ذكر للموت .
الأن فقط .. سألت نفسي هل ينهي الموت كل إجابات الأسئلة التي لم تسأل أم يبقى السؤال ما بقينا ..
عند إغماض جفننا للحظة من الزمن لا ندري كم مرّ من الوقت عندها ..
عند الله ..
يكون هذا زمناً كافياً لقبض روح ، أو إخراج روح من روح ، أو شق نهر ، أو شرخ إنسان حتى ..
لقد شرخت نفسي ..
في البدء كان عوض وبعد عشرين حزنٍ صار عوض الله ...
راهن عليها أصدقائه ... كسب الرهان ... خسرها ..
يا الله يا عوض ..
لكم هي بسيطة تلك اللحظة التي يمكن فيها للشخص أن يخسر كل شيء ويكون لا شيء ..
راهن عليها أصدقائه ...
في تلك اللحظة فقط أحس عوض الله بالخوف ، هو الأسد في كل شيء ،
رغم أنها لم تكن بتلك القوة التي تحمي بها الأمهات الأطفال .. ومع ذلك كانت قوسه ، قوس قزحه ، هو القوي الضعيف ، الضعيف أمام نفسه وأمه ... والقوي أمام الأخرين ..
الله والكون .. الشر والخير ..
أشتهاها ..
أحبته ..
تبعثرت هي ..
تمنى أن تتمنع عليه وأبت ..
قالت له أحبك ..
قال لها أشتهيك ..
برق سائل شهوته من عينيه ..
أنكسرت خجلاً وشوقا ...
علمها كيف تكون المرأة أنثى ..
ثم أخمدها ... أخمدها ... أخمدها .. ثم لم تكون .
في تلك اللحظة .. مر شريط سريع تحت بصره ، تعرى ...تعرى تعرى عوض الله.. من مخاوفه كرجل ، من افتقاده للآخر الذي يمدنا بالقوة والأمان ..
مظاهرات الثانوي ، اعتقالات الجامعة ، يد معشوقته ، النساء اللواتي صب فيه جام غضبه، وأرقه ، وارتجافات روحه ، نسائه الصغيرات اللائي يخاف ما يخاف عليهم ..
منذ أمد لم يعد يميز ألوان قوس قزح ..
اختلطت رائحة حليبها برائحة حليب أمه ، أزعجه هذا الأمر في بادي الأمر ثم أراحه بعد ذلك ..
الأن فقط أحس بإنكساره ..
إنكساره تجاه بلاده ... تمنى أن يهرول جارياً في مظاهرة كما كان يفعل أيام زمان ، تمنى أن يجري .. أن يصرخ .. أن يسب العسكر ، أن يرجمهم ، تمنى ،تمنى ،تمنى ..
وأرتجف .. أرتجف من اكتمال فعله ..
وصار غابة ..
صار عوض الله غابة في إنسان ..
في البدء كان عوض وبعد عشرين حزنٍ صار عوض الله ..
كان يرتجف بين يدي عند ممارسة الفعل الجميل ، وعادة لا يرتجف الرجل عند ممارسة الفعل الجميل إلا إن كان عاشقاً
كان يئن أنين طفل لم تكتمل حوجته بعد
كان ملمسه كماء ... ويلمسني كماء
كان ما بيننا ماء من العشق ..
فكيف أخرج منه وكيف أزيح هذا الغطاء ، غطاء القلب واخمده وهذا الغطاء يلسعني ويلسعني..
كيف لا استطيع أن أكرهه وهو العابث بطين أنوثتي وبلدي
كان بين يدي .. طفل ، أحبه ، أحب كونه لي وكوني له
الأن احتاج أن أبكي تحت الشمس عارية لا لشيء سوى أن تغسل دموعي كل أحزاني
قلت ما أحسه هو رجس من عمل الشيطان فيممت قلبي شطر الإيمان ونمت .
في الصباح وجدت مكاناً لقلب اذهر ، فعلمت أنه ملاك .
....
عندما نصاب بالجنون كيف نعلم بذلك هل يخبرنا الأخوان أم نراه في أعينهم ؟؟؟
....
كتب لها عوض ...
لا أخاف عليك إلا مني... وعقلك ..
صالحيه لأشدو..
يا حلوة .. يا غنوة .. ياعصرة (جوه) القلب ..يا عقل واسع ..
اللهفة جارية وراء رغيف العيش وأنا لهفان لرغيف عينيك .
فأه ..من أن تعرف ولا تستطع ..أه ..
أه .. من أن تعرف أن تكن ولا تستطع .أه .
أه ..من أن تعرف أن تكن وتسعى ولا يصبك من مبتغاك إلا القليل ..
تستدعي قوى إرادتك وجيوش المثابرة والجلد ، تموج المشاعر والوجدان بالأمل .. وتعمل من أجل مبتغاك ولا تصب إلا القليل .
يقولون في العقيدة ..
الحلال بينّ والحرام بينّ .. وبينهما أمور متشابهات فأجتنبها ..
أقول الخير مثل الشمس وضوحا ، وأذية الإنسان مثل ليلة ظلماء ظلامها لا يختلف عليه إثنان ..
أنا أعشقك ، وأعشق الخير الذي يحمله عقلك وأنت تفكرين ، تحمله عيناك الجميلتان وأنت تنظرين ، أنت دليلي إني لست مجنونا ، أنت صوت داخلي يؤكد لي خراب هذا العالم الذي يحيط بي.. صباح مساء .. وأنني لست غبيا عندما رفضته بعفنه وعطبه .. أنت حزام إرادتي وجيوش مثابرتي .. وتاج الأمل ..
أنا ما زلت وحيدا ..
أحمل كيسي الفارغ ، أجمع ما تجود به مصادر المعارف وأعبد صنم الخير وحيدا ، حي لا أحد يفهم مرماي ... ضعيفا .. خائفا .. من مجتمعي الذي خاصمته قبل أن يعلن خصامي ... قلائل هم الذين يؤكدون أن المجتمع بأسره في مساره إلى الهاوية .. إليهم أنتمي وبهم أكون ...
كنت بقوقعتي ... منكفي ...زادي كتبي ...زهدت الذي حولي ...
أنبلجتي في حياتي كشمس فجائية ...خفت ...أجهضتك ..حتي لا أوذيك بأفكاري المتطرفة وعجزي عن تحقيقها في زمن الفطريات والبسمات البلاستيك .
قبلك طلقت النساء إلا قليلا ..
نما نبت حبك الشيطاني من موقع إجهاضته الأولى ..عقلي ...
نما ...نما ...نما ...
أحضرت دروعي وتمترست حتي لا يغزوني جمال عقلك أكثر وفشلت ..
الأن أعلم أني مفتون بك من الصفر إلى القلب ... ولا استطع عناقك للأبد لذا ....أه ....
أعلم أني لا أريد أماً لأطفالي غيرك ...ولا استطع ...
ليس كل المواد التي تحت جماجم البشر والوجوه الجميلة بعقول بين آلاف الجماجم نجد عقلاً واحدا.
وقد وجدت عقلاً له أعين براقه ...ينهض كفراشة ...يجلس كحلم .. يقتلني .. يقتلني .. فهل علم السفاح لماذا من كل نساء العالم هو قاتلي ؟؟؟
في البدء كان عوض وبعد عشرين حزنٍ صار عوض الله ...
يؤلمه ذلك الصداع الحاد ..ذلك الصداع الذي يربكه من حين لأخر ...يخرجه من تفاصيله اليومية من تلك السطوة التي يمارسها على الكل يصير صغيراً أمام حبة مهدئة أو حقنة للصداع ...
منذ أمد لم يعد يمتلك تفاصيل السعادة ..رغم ممارسته لها ..
تكرفس عوض الله ..داخل دخان سجارته طويلا ...طويلا ..
كان الدخان كثيفا كثيفا ..راى بلاده وهي قاب قوسين أو أدنى من الجحيم ..
راى حبيبته ..راى عشيقته ..
سأل نفسه ما هو الفرق بين الحب والعشق ؟؟؟؟
في الحب نكون كأجمل ما نكون وفي العشق نكون كما ولدتنا أمهاتنا ..
لا يدري لماذا كلما تذكر حبيبته ..نكزته ، تلك النكزة والتي لا تصيبه إلا عند مروره في شارع بلاده ..
أكتشف أن كل الأحلام التي مُلكت لهم لم تكن سوى أحلام ...
تسربلت الألوان بفعل الزمن ،صارت باهتة ،باهتة .
بكى عوض الله ..
منذ أن ولدته أمه بكى مرتين ،مرة لا يريد ذكرها . ومرة الأن من قال أن الرجال لا يبكون ؟؟؟
بكى عوض الله ..
لم يكن يريد ما يريد ..
ولكنه ..حدث ..وبكى عوض الله ..
بكى برفق ،وهدوء ،بكى بسكون ،أصبحت الدموع تملأ نظارته الطبية .
صار الماء أمامه جميلا جميلا ..وتمايل تمايل..راى قوس قزح على زجاج نظارته الطبية ،راى أمه ..يعشق هو أمه ،عادة يكتسب الفنانون أول عشقهم من عشقهم لأمهم ..
وكان عوض الله يعشق أمه ،يعشقها ،كان بين يديها صغيرا ونحيفا كان هو .
وبكى ..سألته لم تبكي ؟؟؟
قال رأسه يؤلمه ..
قال لها رأسي يؤلمني ..هل تصدق أمه أنه يبكي من وجعٍ في رأسه ؟؟؟
أحتضنته ..
أحتضنته..
شم رائحة عرقها ،رائحة لبنها ،شماها ،ضحكت هي وهي تمسح علي رأسه برفق (،وتقول بقيت كبير يا ولد ) ..
ضحك عوض الله ...هو الذي أنشأ أولاد ونساء صغيرات في لحظة يكون ذلك الولد ؟؟؟
مسحت أمه ،كل تلك السنوات برفق ..برفق شديد ..تمنى لو تمسح بيدها على بلاده بذلك الرفق والحنان ..تمنى ذلك ..تمنى.
ليت الأمهات يمسحن على بلادي ما ألم بها ،ليتهم يفعلون ذلك ..
في تلك اللحظة تمنى أن يعود ذلك الصبي الصغير ،كل لذاذاته في الدنيا إقتناء كتاب،أو اكتشاف لون ،أو امتلاك ثمن سجارة .
تفقد الأشياء دهشتها الأولى بفعل الزمن ،إلا تلك التي تتعلق بالأمهات والأحلام .
فقد عوض الله دهشته الأولى ،إلا بيدي أمه ما زال ذلك السر الإلهي يربطهم ،ما زالت في داخله أقوى الألوان ،يرى في تجاعيد وجهها وفمها الجميل كل الخطوط التي لم ترسم بعد .
لكم تمنى أن يرسم تجاعيد وخطوط أمه لكل خط في وجهها حكوة وفرحة تعني له الكثير ،تدهشه ،تعجبه وكانها خطت بيد فنان ماهر ،لا يدري حتي لم كلما حاول رسم وجهها سالت الألوان؟؟؟
ربما خجلت الألوان من تعابير وجهها ،وربما من حنانها،وربما وربما ربما ...
عشقها ...أمن بها كملاذ ..وكانت.
طلع عوض الله أعلى سقف منزلهم وصرخ ...قال أن المدينة اغتصبت ..
فأغضب صراخه أهل المدينة المغتصب أهلها ..واستغفر الباقون من ما رؤاه عن اغتصاب المدينة ..ورفع النداء لصلاة الاستغفار ..
ولم يتب عوض الله من صراخه ..ونداء المدينة .
قيل أن لونه تحول الي الأزرق ،ربما لأنه كان عاشقا للألوان ،
ضحكت أمه وهي تعرفه ، بكت حبيبته ، خافت عشيقته ،وصرخ ...
إلى أين يذهب ثقب هذا الفضاء ؟؟.
من أين أتى ؟
هل للفضاء مفتاح لأسرقه ؟
هل للفضاء باب لأغلقه علينا ؟
هل للفضاء نافذة لأفتحها للوطن ؟
أم هذا الثقب أكذوبة ؟
تأرجحه خفقة القلب على مهل ..وتقتله على مهل ..ولا أسرع ..ولا قلبي على عجل ..ولا أنت .

عوض الله ...

.في البدء كان عوض وبعد عشرين حزنٍ صار عوض الله ...



التوقيع: [align=center]الراجِلُ في غمامةٍ هارِبةْ[/align]
بله محمد الفاضل غير متصل   رد مع اقتباس