عرض مشاركة واحدة
قديم 28-02-2015, 07:00 AM   #[10]
معتصم الطاهر
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية معتصم الطاهر
 
افتراضي

اقتباس:
ما أن ڤيروس الإيدز ينتشر عبر القطاعات السكانية المختلفة بمعدلات متفاوتة جدا، فإن أفضل سبل مكافحته في أي مكان تكمن في توجيه جهود برامج التثقيف والوقاية نحو المجموعات المعرضة لخطورة كبيرة، ونعني بذلك الشاذين جنسيا، والمومسات ومن يعاشرهن، ومتعاطي المخدرات زرقا بالوريد، والرجال والنساء الذين لا يقتصرون في علاقاتهم الجنسية على شريك واحد. وقد يشكل الختان وسيلة داعمة للوسائل الوقائية الأخرى في البلدان الإفريقية الواقعة في جنوب الصحراء الكبرى.

إن ختان الذكور جميعهم ـ وهو أمر يرجح ألا يكون مقبولا ـ قد يخفف من نسبة الإصابة بالعدوى في مناطق حزام الإيدز حتى تصل إلى النسبة الأدنى كثيرا والمشاهدة في سائر الأقطار الإفريقية جنوب الصحراء الكبرى. لكن استئصال الداء يتطلب جهودا متعددة التوجهات والمرامي. فمثلا، يجب تشجيع الناس على إنقاص عدد شركائهم الجنسيين وتحاشي الممارسات الجنسية غير الآمنة. كما أن من الأمور المهمة تحسين طرق معالجة الأمراض المنتقلة جنسيا ولاسيما القُرَيْح.

وهناك بوادر تغيرات تظهر في شرق إفريقيا. ومنها ما يبدو من تناقص في متوسط عدد شركاء الجنس. كما أن النساء في أوغندا مثلا يقدمن بدائل من الجماع المهبلي ويرفضن الاتصالات الجنسية غير الآمنة. كذلك أصبح استعمال الرِّفال condom أكثر تقبلا. وقد أدى هذا كله إلى نتيجة مؤكدة تظهر في تناقض انتشار الداء في أوغندا.

ومما يلاحظ في المناطق الريفية الواقعة جنوب غربي تانزانيا وفي مناطق أخرى ضمن حزام الإيدز، أن الرجال غير المختونين لم ينتظروا اتفاق الباحثين على العلاقة بين الختان والإيدز. فقد استندوا إلى ملاحظاتهم عن مجتمعهم والمجتمعات المجاورة واستنتجوا أنهم معرَّضون لخطر الإيدز على نحو أشد من تعرض الرجال المختونين. لذا فإنهم يفدون إلى المستشفيات بأعداد تتزايد كثيرا، طالبين الختان لهم ولأبنائهم. وهناك عيادات يُجرى فيها ختان الذكور كوسيلة وقاية من الإيدز وهي تنشر إعلاناتها عن ذلك في صحف تانزانيا.

ومن حسن الطالع أن قضية الختان لم تؤجج نار الخصومات العرقية. فإنْ قررت السلطات الصحية أن عدم الختان يؤازر في جعل الرجال أكثر عرضة لعدوى الڤيروس HIV، صار من المحتمل أن يُقْدِم بعضهم الآن على طلب إجراء عملية الختان لهم. ومع ذلك، فمن واجب الأطباء في الوقت نفسه أن يؤكدوا لكل فرد أن الختان ليس في حد ذاته وسيلة تقي من الإيدز. ومع أن حدة انتشار الوباء في البلدان الواقعة في جنوب الصحراء الكبرى قد تخف بسبب ازدياد استعمال الرفال، وربما بسبب ارتفاع نسبة المختونين أيضا، يبقى الإفريقيون الذين يقطنون بلدان حزام الإيدز معرضين بشدة لخطر عدوى الڤيروس HIV.

إن وباء الإيدز المنتشر في جنوب الصحراء الكبرى يقدّم درسا مهما لبرامج مكافحة هذا الداء في أرجاء العالم كله. وبما أن بقاء الداء في مجتمع تسوده علاقات جنسية مع الجنس الآخر يتطلب تضافر عدد من الشروط غير الاعتيادية، فمن المستبعد إذًا أن يتجاوز انتشار هذا الوباء نطاق المتعرضين لخطورة شديدة كالشاذين جنسيا ومتعاطي المخدرات حقنا (زرقا) بالوريد. وعلى هذا، يجب أن تتوجه برامج الوقاية من الإيدز ـ ولا سيما في آسيا حيث يمكن للوباء أن يتفاقم ـ تحديدا إلى أولئك الذين ترتفع لديهم أرجحية الإصابة بالڤيروس HIV. ولا بد من أن تؤدي مثل هذه الجهود إلى إبطاء سريان الوباء في إفريقيا ومنع حدوث حالات مشابهة في أماكن أخرى.
المصدر: مجلة العلوم مجلد12



التوقيع:
أنــــا صف الحبايب فيك ..
و كـــــــــــل العاشقين خلفي
معتصم الطاهر غير متصل   رد مع اقتباس