اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عايد عبد الحفيظ
كنا قد قرأنا له ، من ضمن قراءتنا
لشعراء تلك الفترة فى حياتنا .
تساءلت بعد موته ، هل توجد فى
أشعاره رسالة مخفية بين سطورها
عن أسباب موته بهذه الطريقة .
|
...
... الحبيب .. عابد ..
.. بالتاكيد .. ..ان في نصوص اشعاره ... رسالة موجهه للعالم .. تضم بين سطورها حثيات انتحاره ....
وان كل ماكتبه ..كان يعبر .. ويرمز .. الي مكوناته النفسية.. !!
وفي خطابه لصديقه كمال الجزولي يقول ...
..( .. انه لا يشعر باي سعادة .. في هذا العالم .. لا .. في النساء .. ولا ..في الضحكات الصافية .. ولا في الصداقة .. ولا .. حتي في الكتب ..!!
ولكني اشعر الحياة نفسها ترهقني .. رغم انها يجب ان تمنحني السعادة .. والروعه فما العمل ..؟... )
و كطبيعة كل الشعراء والمبدعين ... فهو مرهف الحس... شديد التاثر... تجاه القضايا العامة .. وطموح .. طموح ... وان خيبات الامل الشخصية .. والوطنية .. حطمته ..
وفقد الانسجام مع الاخرين ... ومع العالم .. ومع النفس .. !! لم يكن ثمة طريق اخر لانهاء علاقته بالحياة ..
سوي ان يغادرها ...
في اعلان يائس ...
وهو ...
يقكر في الزمان المر ..
وفي .. طنه الحزين ...
الدامع العينين ...!!
اليس هو القائل ....
.. لحظتها قلت ...
اموت هنا ...
عيناك لدي كفن ...!!
و ...
....وهنا نموت ..
.علي الرصيف ...
بلا صديق..
من غير دار ...
.من غير نار ...
.غير السماء ..!!
..
رسالة الشاعر عبدالرحيم ابو ذكري لصديقه كمال الجزولي .................................................. .........
منتصف يونيو 1970م.
كييف 101
شارع لومونوصوفا 32
المسكن الطلابى 10 الغرفة 55
الأخ كمال:
رغم المشاكل الكثيرة التى تواجهها ورغم الامتحانات الا أننى أكتب لك هذا الخطاب لعله يخفف عنى قليلا. أنا الآن بالمستشفى بجامعة الصداقة مريض أخرج إن شاء الله بعد اسبوعين والمرض ليس مرضا خطيرا ولكنه مجرد ارهاق عصبى ولكن القصة مش هنا. القصة أن هذا المرض اللعين المسمى بالارهاق العصبى كان فى الاول نادرا ثم اصبح يكثر الزيارت "وينشك على روحى أوتاد وأخيرا لازمنى لا يبرحنى الا ساعات الميلاد" ......
المصيبة أن السبب هو أنا فاننى اما لضعف فى الاعصاب واما لnepravelnoe عن العالم ..(كلمتان مشطوبتان) ...لا أشعر بأى سعادة فى هذا العالم لا فى النساء ولا فى الضحكات الصافية ولا فى الصداقة ولا حتى فى الكتب. أجلس مع الناس فأشعر بالضيق أجلس وحدى فأشعر بالتعب أقرأ الكتب فأموت من الضجر والارهاق حالتى حالة دبشليم الذى "ينام مهموماً ويصحو متعباً" ....
إن كل شىء تصور يؤلمنى. أفكر... (جدياً ـ مشطوبة) ...أحياناً فى ذلك الشىء المخيف الذى تحدث عنه مايكوفسكى فى وصيته فقال "لا أنصح أحدا باتباعه ولكن لا مخرج ...(غيره ـ مشطوبه)... لى سواه" .....
المشكلة يا كمال هكذ ا: إننى شخص طموح جدا وأشعر بقوة بأن لى مكانا خاليا فى الحياة ينتظرنى وأن هذا المكان لن يملأه أحـد غيرى فى الشعر.... (كلمة مشطوبة).... والترجمة ولكن مع ذلك أغرق كل يوم فى تفاصيل الحياة التافهة... أمرض فى اليوم عشرة مرات كأنما خلقت هكذا وكأنما أنا مجبر أن أكون هكذا رغم ارادتى... أهرم واشيخ كل لحظة... أعصابى كأنها عاملة كبانية مجبرة أن... (توصل ـ مشطوبة) ..."تستلم" كل الاشارات "وتوصلها" الى امكنتها دون أن يكون لها الخيار فى الرفض.
جسمى لست ادرى لاى حد أنا مخطىء ولكن الحالة مع ذلك seryoznoe ( الان والـ facti astyoutsa factami ليس عندى أى مخرج من هذا الحائط المغلق الاصم هل تتصور شخصاً يضيق بالحياة حتى أنه يفضل أن يكون وحيدا بلا أحد حوله؟ تلك هى حالتى خاصة أيام الارهاق العصبى هذه فزيادة عليها تأتى زوبعة الامتحانات وأكون أنا "كغردون" حين حاصر ....(هاء ـ مشطوبة).... الدارويش قصره .....
وقد حدث قبل يومين أن كنت فى أمتحان اللغة الروسية وأنا من خيرة الطلاب فى الفصل وقد كتبت suchinenya (10) قالت عنها الاستاذة أنها precrasnoe (....وقد ـ مشطوبة)..... ودخلت الامتحان الشفوى وهنالك هل تدرى ماذا حدث؟ لقد اضطربت وأخذت ارتجف وعرقت كلى حتى أن الاستاذة تعجبت واستلمت 4 رغم أن الـ 5 كانت بين يدى أصل أحيانا ...(الى ـ مشطوبة) ...
كما فى حالة الامتحانات ـ الى درجة لا استطيع فيها السيطرة على نفسى مطلقاً. وذلك حين اريد أن استجمع قواى للكلام أو للخطابة أو للامتحانات أو حتى لقول نكتة كأنما هناك شخصين : شخص اسمه أبو ذكرى هو الذى يراه الناس ... وشخص آخر اسمه أبو ذكرى هو الذى يسير الاول دون أن يراه احد ...وهو الحاكم بأمر الله فى تلك المنطقة التى تسمى "أنا" يفعل ما يشاء وأنا أطيعه .....(فقط ـ مشطوبة)... كالخادم.
إننى بقليل من الجهد استطيع أن أفهم الكثير أن أساعد فى حل مشاكل السودان ... أن أبيعه دمى .. وكل ما عندى ولكننى بهذه الطريقة "أموت فطيسة"... دون أن أحقق شيئا موتا شبها بموت أبطال ....(كلمة مشطوبة) ...."شكسبير" العظماء الذين كانوا النحيل قد يتحمل لسنوات ولكن لكم من السنوات؟!
يحاربون (....) والشياطين أنفسهم ولكن كانت فيهم خصلة واحدة رديئة هى السبب فى هزيمتهم ...
عطيل : الغيرة ...
هاملت : التردد....
لير : الطيبة الزائدة....
ماكبث : الشك الخ.....
كان فيهم حصان طروادة الذى جلب لها الخراب.... (أن ـ مشطوبة)... والحل كما يقول الاطباء ، فى أن أمارس الرياضة الصباحية.. وأن أتنزه كثيرا وأن أصادق فتاة وأن اكون دائما وسط الناس وأن أجيئهم الى... (كلمة روسية مشطوبة)... المستشفى بانتظام لاخذ المسكنات وأن أبدأ الدراسة من أول السنة وكل هذه أشياء بغيضة الى نفسى أهرب منها كما هرب سكان المدن من الطاعون لانها تزيد من ارهاقى ...
.... أننى واقع فى مطب!.. والحل فى أنا ولن يجدى الطبيب المداوى شيئاً ـ ولكننى أشعر بالعار لان الحياة نفسها ترهقنى رغم أنها يجب أن تمنحنى السعادة والروعة . فما العمل؟
الحلول ثلاثة أو أربعة :
1 - أن أنفذ كل ما قاله الاطباء
2- أن أعيش كما أنا واستمر فى هذا المطب
3- أن أرجع الى السودان
4-أن أترك القراءة والكتابة وأمارس حياة سهلة لا ترهق.. . فأرفت وأعود خالى الوفاض
.. كل الحب ..